ضحايا الحقبة الاستبدادية يعتصمون احتجاجا ضدّ هيئة الحقيقة والكرامة: برنامج جبر الضرر يولّد أزمة جديدة في مسار العدالة الانتقالية في تونس


2018-11-19    |   

ضحايا الحقبة الاستبدادية يعتصمون احتجاجا ضدّ هيئة الحقيقة والكرامة: برنامج جبر الضرر يولّد أزمة جديدة في مسار العدالة الانتقالية في تونس

يعتبر إعادة تكوين المسار المهني من أهم المطالبات التي يأمل “ضحايا الحقبة الاستبدادية” العاملون بالوظيفة العمومية والقطاع العام[1] ممن لم يبلغوا بعد سنّ التقاعد القانوني، تضمينها في المقرر الشامل لجبر الضرر الذي تعمل هيئة الحقيقة والكرامة عليه ويرتقب أن تعلنه قريبا. وهو إجراء يتمثل في تنقيلهم بترقيات ومدة أقدمية في العمل تماثل تلك التي تحصل عليها من كانوا في مثل سنهم، بما سيجيزهم عند بلوغهم سن التقاعد التمتع بجريات تقارب أجورهم الحالية. كما تعدّ المطالبة باعتبار تفويت فرصة التعليم كذلك من الاستحقاقات التي يطالب من اعتقلوا لما كانوا بالمرحلة التلمذية أو الطلابية بإدراجها بذات المقرر. وردا على هذه المطالب، أعلن نائب رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة محمد بن سالم بتاريخ 10-11-2018 لناشطي اعتصام باردو[2] أن الهيئة وعند تداولها في المقرر الشامل، انتهت إلى رفض الاستجابة للمطلبين فيما تعلق بالضحايا الذين كانوا عند اعتقالهم من غير المشتغلين.

في إثر تداول هذا التصريح، حاولت مجموعة من أبرز الناشطات من ضحايا الحملة الأمنية لسنة 1991 استفسار رئيسة الهيئة سهام بن سدرين بشأن الموضوع. وإذ قدّرت الناشطات أن ما بذلنه من جهد في إنجاح عمل هيئتها وما كان لشهاداتهن العلنية من دور في كشف حقيقة الانتهاكات[3] سيسهل قبول استفساراتهن، فوجئن بأن رئيسة الهيئة سهام بن سدرين رفضت استقبالهن بعدما اتهمتهن بمحاولة التدخل في عمل هيئتها. تبعا لذلك، أعلنّ بتاريخ 10-11-2018 الدخول في اعتصام بمقر الهيئة سمي من قبلهن اعتصام الأمل الأخير وهو التحرك الاحتجاجي الذي تطور لاحقا ليصبح إضراب جوع[4].

اعتبرت المحتجات وهن ممن تم اعتقالهن وسجنهن لما كنا تلميذات بالمعاهد الثانوية أن عدم تمتيعهن وكل من كانوا في مثل وضعهن بالحق في إعادة تكوين المسار، أمر مجحف بحقوقهن وسيفرض عليهن بعد بلوغ سن التقاعد أن يعشن بدخل دون الأجر الأدنى، وهو أمر يديم معاناتهن. كما اعتبرن أن عدم الاعتراف لعموم من حرموا من حق الدراسة سواء اشتغلوا أو ظلوا عاطلين عن العمل بجبر ضرر خصوصي، يعني إنكار حقهم في جبر ضرر مس حياتهم وغير مسارها بالكامل.

وتشكل مشاركة بسمة البلعي، التي تعد في المخيال العام رمزا لضحية التعذيب والاستبداد، في الاعتصام وإضراب الجوع رغم إصابتها بمرض السرطان، عاملا هاما في إحراج هيئة الحقيقة والكرامة تجاه ضحايا الفترة الاستبدادية على أمل أن يدفع هذا الإحراج العهيئة إلى تصويب مسارها في هذا الشأن.

 


[1]  ينقسم هؤلاء إلى صنفين أولهما من أعيد بعد الثورة بموجب قانون العفو العام إدماجهم في أعمالهم التي فصلوا منها وثانيهما فيمن تم انتدابهم وفق أحكام استثنائية في نطاق جبر ضررهم .

[2]     من الفاعليات الممثلة للضحايا

[3]  ثلاث   من المعتصمات هن – بسمة البلعي، حميدة العجنقي وسلمى بن محمد-كن ممن  أدلين بشهادتهن خلال الجلسات العلانية التي نظمتها الهيئة وقد ساهمن بجرأتهن وصراحتهن  في نجاح تلك الجلسات وطنيا ودوليا . كما قامت  بسمة البلعي وخيرة المؤدب بإيداع عديد الملفات في حق الضحايا  و ساندن الهيئة في جميع المحطات التي شهدتها منذ انطلاق عملها وكن داعمات للمسار مدافعات عنه بكل شراسة

  [4]  أطلقت المعتصمات على تحركهن  تسمية “اعتصام الأمل الأخير”وطالبن في بيان صدر عنهن ب:

        1)ضرورة مناقشة مقرر جبر الضرر مع الضحايا مباشرة بشكل رسمي والأخذ بملاحظاتهم بصورة جدية.

  1. الإعلان بصفة رسمية عن هذا المقرر مع قائمة الضحايا قبل عقد الهيئة لمؤتمرها الختامي في منتصف شهر ديسمبر 2018 بما يسمح للضحايا وجمعياتهم وكل المعنيين بمسار العدالة الانتقالية من إبداء ملاحظاتهم والقيام بالتعديلات اللازمة.
  2. الأخذ بكل المقترحات التي وردت خلال جلسات التشاور وخلال ورشات العمل التي نظمتها الهيئة والداعية الى تمتيع التلامذة والطلبة بإجراءات خاصة تضمن لهم الحق في العيش بكرامة.
  3. الإعلان بكل شفافية وبعيدا عن الحسابات الضيقة عن الوحدة الحسابية التي سيتم اعتمادها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني