العطلة القضائية تؤجل الأزمة بين المحامين والقضاة الى حين …


2013-07-18    |   

العطلة القضائية تؤجل الأزمة بين المحامين والقضاة الى حين …

انطلقت يوم 16 جويلية 2013 العطلة القضائية بالمحاكم التونسية والتي تستمر إلى غاية يوم 14 سبتمبر 2013. وحسبما جرى به العمل بمرفق العدالة التونسية فان المحاكم ترجئ النظر في مجمل القضايا خلال العطلة القضائية الى منطلق السنة القضائية القادمة باستثناء تلك التي تتعلق بالمتهمين الموقوفين في المادة الجزائية والقضايا المدنية ذات الصبغة الاستعجالية والمعاشية والأعمال القضائية الولائية وجلسات الصلح في المادة الشخصية والشغلية.
تحول العطلة القضائية الحركة اليومية التي تعرفها المحاكم الى ما يشبه السكون وقد يكون سكون عطلة هذه السنة الاكثر تميزا اذ انه اتى في توقيت سبقته حركة قاتلة أعلنت حربا مفتوحة على كل الاحتمالات بين هياكل المحامين وهياكل القضاة. سكنت مع بداية العطلة حرب كان منطلقها تحرك احتجاجي أتته مجموعة من المحامين بمحكمة الاستئناف بسوسة. انطلقت احتجاجات المحامين على خلفية إصدار الرئيس الأول لمحكمة استئناف سوسة بإيقاف مفعول قرارات تأديبية أصدرها فرع الهيئة الوطنية للمحامين بحق مجموعة من المحامين يتهمون بالسمسرة أي باستعمال أساليب غير قانونية لاستجلاب الحرفاء لمكاتبهم. تولى المحامون تعطيل العمل بمحكمة الاستئناف عنوة واتهموا رئاسة المحكمة بالتعسف في إصدار القرار على اعتبار ان القضية الأصلية في إبطال قرارات الهيئة أجلت المحكمة النظر فيها بذات يوم وذكروا أن الرئيس الأول لم يتول دعوتهم لحضور جلسة النظر في إيقاف التنفيذ.
اعتبرت جمعية القضاة التونسيين ومن بعدها نقابة القضاة التونسيين أن ما أتاه المحامون في تحركاتهم من اعتداء على الهيئات القضائية المنتصبة يشكل تعديا على المؤسسة القضائية والتجأت جمعية القضاة من خلال رئيستها الى عميد المحامين لغاية مطالبته بالتدخل لتطويق الازمة وتصحيح العلاقات. لم تجد دعوات التهدئة آذانا صاغية وعلى نقيض ذلك تتالت بيانات المساندة لتحرك محامي سوسة من مختلف فروع الهيئة الوطنية للمحامين ومن عمادة المحامين. وفي مواجهة التصعيد المتواصل، دعت جمعية القضاة مجلسها الوطني يوم 13 جويلية 2013 للانعقاد وأصدر المجلس الوطني بلاغا أكد على مساندة الجمعية لقضاة سوسة ودعا الى التتبع الجزائي للمحامين الذين اعتدوا على المحكمة.  وقرر المجلس ان يظل في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الازمة. غابت لغة الحوار بين هياكل المحامين والقضاة وحضر بدلا عنها خطاب يؤيد المواجهة.
كشفت أحداث محكمة الاستئناف بسوسة عن أزمة عميقة في العلاقات بين جناحي العدالة وصل مداها الى التأثير سلبا على تاريخ نضالهما المشترك في مواجهة الاستبداد. فبعد أن لفت بيان الهيئة الوطنية للمحامين النظر لكون وقوف جمعية القضاة الى جانب قضاة سوسة فيه تنكر لفضل المحامين على الجمعية، ردت رئيسة جمعية القضاة التونسيين السيدة كلثوم كنو بالتعبير عن استهجانها لحديث عميد المحامين عن الفضل السابق واعتبرت ذلك منا بأداء للواجب يخرج عن قواعد الاحترام المتبادل.
اتت العطلة القضائية لتوقف بشكل جبري طور نزاع تحمس طرفاه لخوضه دون ان يكون لأي منهما تصور لنهايته المحتملة. وقد تكون مدتها مناسبة لعودة الحوار الهادئ بين جناحي العدالة لغاية تصحيح الاسباب العميقة التي ادت للازمة الراهنة وتلك التي تسببت في الازمات السابقة. وبعد أن كشفت أزمة محكمة الاستئناف بسوسة عن غياب آليات تواصل بين المحامين والقضاة تمنع تطور خلافاتهم كما كشفت ذات الازمة على ان احترام حق الدفاع يجب ان ينظر اليه بتلازم مع احترام الهيئات القضائية، وهي امور تستدعي من المحامين والقضاة على السواء الابتعاد عن النظرة القطاعية الضيقة لغاية تأسيس شراكة حقيقية تؤسس لبناء القضاء المستقل الذي يظل الشعار المشترك بين الخصيمين.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني