وجهان لمنشور رئيس النيابة العامة في المغرب: استقلال خارجي مطلوب، وهيبة داخلية مبالغ بها


2018-01-04    |   

وجهان لمنشور رئيس النيابة العامة في المغرب: استقلال خارجي مطلوب، وهيبة داخلية مبالغ بها

أصدر رئيس النيابة العامة في المغرب بشكل مفاجئ منشورا بتاريخ 02-01-2018 إلى كافة مسؤولي النيابة العامة بمختلف درجات المحاكم المغربية[1]، يحثهم في جزء منه على عدم تنفيذ أي تعليمات، كتابية أو شفاهية، من أي جهة كانت باستثناء تلك الصادرة عن رئاسة النيابة العامة، طالما أنها غير مؤشر عليها من طرف هذه الأخيرة. كما دعا نفس المنشور رؤساء النيابات العامة في المحاكم على عدم مغادرة أماكن عملهم للمشاركة في تكوينات أو ندوات أو لجان تلبية لدعوة أي جهة لطالما أن هذه الدعوة لا تحمل تأشيرة رئاسة النيابة العامة. كما دعا نفس المنشور الذي عنون ب “احترام التسلسل الإداري” إلى ضرورة أن تكون جميع المراسلات التي يقوم بها رؤساء النيابات العامة تحت الإشراف التسلسلي الإداري.

هذا ولم يبين المنشور سبب صدوره وأي جهة يقصدها. لكن مصادر قضائية طلبت عدم الكشف عن اسمها رأت أن منشور رئيس النيابة العامة ربما يرد على وزارة العدل المغربية التي تقوم باستدعاء المسؤولين القضائيين لاجتماعات وتكوينات لأيام دون التنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة. وهذا حدث مؤخرا عندما استدعت الوزارة كل المسؤولين القضائيين لتكوين حول الإدارة القضائية في مدن أغادير والجديدة وطنجة[2]. كما أن الوزارة تخاطب المسؤولين القضائيين بشكل مباشر، من دون المرور بقنوات المجلس أو رئاسة النيابة العامة.

وفي تعليقهم على المنشور، رحّب أغلب القضاة به في جانبه المتعلق بضمان استقلال النيابة العامة عن أية جهة أخرى. بالمقابل، تحفظوا على مسألة طالب الإذن لتلبية الدعوات للمشاركة في ندوات أو تكوينات. وفي هذا السياق علق رئيس نادي قضاة المغرب عبداللطيف الشنتوف بالقول: “أما عن موقفي من المنشور، فإنني أنوه به فيما يتعلق بالدفاع عن استقلالية النيابة العامة وعدم جواز تلقيها أي تعليمات من أي جهة كيفما كانت حفاظا على استقلالها …وغير متفق فيما له صلة بضرورة الإذن القبلي لمشاركة مسؤولي النيابة العامة في الندوات والأنشطة من أي جهة كانت… لأن القانون التنظيمي نفسه لا يشترط أي إذن وبالتالي لا يمكن للسلطة التسلسلية أن تتحدث في هذه النقطة إلا من زاوية تبرير الغياب عن العمل إذا كان النشاط أو الندوة داخله. أما الإذن، فلا محل له قانونا …”[3].

وينتظر أن يثير هذا المنشور جدلا في المغرب بين وزارة العدل والنيابة العامة، خاصة أن الطرفين محكومان بضرورة التعاون بينهما اعتبارا لكون وزارة لا زالت مؤثرة في المشهد القضائي حيث يتبع لها موظفو المحاكم كما الجانب المالي.

 


[1] – يتعلق الامر بالوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف العادية والمتخصصة ووكلاء الملك بالمحاكم العادية الابتدائية والمتخصصة .

[2] – وقد سبق لنادي قضاة المغرب ان نبه الى هذا الأمر في بيانه الصادر عن المجلس الوطني للنادي يوم 13-10-2017 –  منشور بالموقع الالكتروني للنادي على الرابط التالي :

http://www.club-magistrats-maroc.com/ar/?p=1599

[3] – آراء معبر عنها في صحفة نادي قضاة المغرب على الفابسبوك .

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني