“الصدور العارية” تدق أبواب المحاكم وتغذي خطاب التطرف في تونس


2013-05-30    |   

“الصدور العارية” تدق أبواب المحاكم وتغذي خطاب التطرف في تونس

تعمدت يوم 29 ماي 2013 ثلاث ناشطات بمنظمة فيمن[1]جميعهن أجنبيات –فرنسيتان والمانية – تعرية صدورهن بمدخل المحكمة الابتدائية بتونس. أتى التحرك في إطار مساندة من الناشطات لزميلة لهن تونسية تم ايقافها واحالتها للمحاكمة[2]بعد أن اتهمت بتعمدها يوم 20 ماي 2013 الاعتداء على مقبرة بجهة القيروان بكتابة عبارات مساندة لفيمن على جدرانها اثناء مواجهات جدت بذات التاريخ بين القوات الامنية ومجموعة سلفية متشددة.
فرضت جمعية فيمن الاوكرانية الأصل نفسها على المشهد التونسي وحاولت من خلال الفتاة أمينة التونسية التي تجاوزت بالكاد ربيعها الثامن عشر أن تجعل من تعرية الصدر موضوع حملة تدافع عن حقوق المرأة. بادرت فيمن الى تعرية صدر ناشطتها دون أن تبين كنه الحقوق التي تدافع عنها، فكان تحرك الجمعية عنوانا لتصور متطرف يحاول أن يفرض نمطا ثقافيا على مجتمع تبدو علاقته بحقوق المرأة جزءا من ثقافته.
حاولت ناشطات فيمن أن تكون أجسادهن أدوات تعبير عن قضايا المرأة فكان الجسد وكانت تعريته. ولكن لم يتضح الحق الذي يطلب أو يتم الدفاع عنه وكان أن تحولت تحركات هذه المجموعة في تونس الى تبرير لظاهرة التطرف ودعاة الانغلاق الحضاري والذين باتوا يصورون الحرية على أنها رديف للتعري، ويستمدون من ظاهرة الفتيات العاريات حجة لمعاداة قيم الحرية.
ففي 20/4/2013، حاولت جماعة أنصار الشريعة ذات العقيدة الجهادية السلفية تحويل مدينة القيروان الى ساحة مواجهة مفتوحة بينها وبين السلطة، بعدما أكدت أنها ستعقد تظاهراتها هناك رغم قرار الحكومة منع ذلك. ورغم أن الجماعة فشلت في عقد مؤتمرها ونصب خيامها الدعوية، فإنها لم تتمكن من تحقيق هدفها في زعزعة الأمن بالمدينة بعدما اختار سكان المدينة عدم مساندتها. ولكن حلول الفتاة أمينة بالقيروان وتصريحها عن عزمها تعرية نفسها وتعمدها كتابة شعارات تمجد المنظمة التي تمثلها أدى الى زعزعة الوضع الأمني، فكان أن تحولت الفتاة التي أشهرت رغبتها بكشف صدرها عامل دعم لمجهود الجماعة السلفية التي نجحت ما كانت فشلت في تحقيقه سابقا.  
وأدت تعرية ناشطات فيمن لأنفسهن في مدخل قصر العدالة دورا سلبيا مماثلا على صعيد الحرية النسوية: فبعد حصول الواقعة وتدخل الأمن للقبض على المتعريات واحالتهن الى وكالة الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس التي أذنت بإصدار بطاقات ايداع ضدهن من أجل المجاهرة عمدا بفحش، تولى عدد من الأنفار الاعتداء لفظيا على من تولت نيابتهن من المحاميات بدعوى مسؤولية الحركة النسوية التقدمية عن الحادثة ومساندتها لها. وقد تزامن ذلك مع محاولة صفحات التواصل الاجتماعي للتيارات السلفية المتشددة اختزال المشهد العام بين مشاريعها فيما يتعلق بالمرأة التونسية ونموذج الفتاة أمينة في رغبة لفرض ثنائية ثقافية يكون الاختيار فيها بين نقيضين لا بديل عنهما: فإما الالتزام بالإسلام في قراءاته السلفية الأكثر تشددا، واما التعري. وعليه، باتت حملة الصدور العارية من حيث لا تدري وسيلة نجح دعاة الانغلاق في استخدامها للدعاية والمغالاة. هذا ما تظهره على الأقل مشاهد الفترة الحاضرة.


[1] هي جماعة  احتجاجية تدافع عن حقوق المرأة  الأوكرانية مقرها في   كييف تأسست في عام 2008. أصبحت المنظمة معروفة دوليا بتنظيم احتجاجات عارية ضد وكالات الزيجات المرتبة (تعرض المرأة نفسها في كتالوجات على الإنترنت أو في غيرها من الوسائل ليتم اختيارها للزواج)والتمييز على أساس الجنس وغيرها من العلل والمشاكل الاجتماعية. بعض أهداف المنظمة ترمي إلى "تطوير الصفة القيادية والفكرية والأخلاقية للشابات الأوكرانيات" و"لبناء صورة لأوكرانيا بانه بلد يقدم فرصا كبيرة للمرأة.
[2] في 30/5/2013، أصدر القاضي بالمحكمة الابتدائية بالقيروان الحكم على الناشطة في منظمة فيمن امينة تيلر المشبوهة بخصوص قضية التعري بالقيروان بغرامة مالية قدرها 200 دينارا وقرر عدم سماع الدعوى في قضية الحق الشخصي التي رفعتها جمعية ائمة. وعاشت اليوم المحكمة الابتدائية بالقيروان حركية غير عادية وذلك على خلفية محاكمة” امينة تيلر” الناشطة في منظمة فيمن على خلفية القبض عليها يوم 19 ماي بالقرب من جامع عقبة ابن نافع في مدينة القيروان. عدد من أعضاء اللجنة التي شكلت للدفاع عن امينة حضروا في المحكمة وتحدثوا لوسائل الاعلام عما اعتبروه تعديا على القانون حيث اعتبروا أن امينة لم تقم بخلع ملابسها ولم تتجاهر بما ينافي الحياء مثلما قامت بنشره وسائل اعلام عديدة وبالتالي من غير القانوني أن يحاكم شخص بسبب تواجده في مكان معين. بعد ذلك تجمع عدد من أهالي مدينة القيروان من بينهم منتسبين للتيار السلفي ومن هنا بدأت المشاحنات بين أعضاء لجنة الدفاع والأهالي وهو ما اضطر رجال الامن الى تهريب أعضاء لجنة الدفاع الي داخل المحكمة بسبب حالة الهيجان التي كان عليها الطرف الآخر ووضعه تحت الحراسة. المحامية ليلى بن دبة هي الأخرى تعرضت لاعتداء لفظي من قبل أحد الحاضرين في المحاكمة حسب ما صرحت به شهود عيان وهو ما تسبب في نقلها الى قاعة المحامين (نقلا عن أخبار وطنية).
 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني