قضية سكان جزيرة القرصاية في مصر: محكمة عسكرية على مين؟


2013-01-10    |   

قضية سكان جزيرة القرصاية في مصر: محكمة عسكرية على مين؟

تشهد الآن المحكمة العسكرية محاكمة ستة وعشرين مدنياً أحالتهم النيابة العسكرية اليها بتهمة التعدي على رجال القوات المسلحة المكلفين بتأمين أرض تابعة للقوات المسلحة، وتعديهم على تلك الأرض الواقعة في جزيرة القرصاية ودخولها بغير تصريح. هذا بالنسبة لخمس وعشرين من المتهمين. أما المتهم السادس والعشرين ( رجل الأعمال الهارب ) فقد نسب إليه تحريض هؤلاء ومساعدتهم على ارتكاب الجرائم سالفة البيان.
ترجع أحداث تلك الواقعة إلى فجر يوم 18 نوفمبر 2012 عندما قامت القوات المسلحة والشرطة العسكرية بإقتحام جزيرة القرصاية، وحاولت طرد السكان بالقوة بزعم أن الجزيرة ملك لها، مما أسفر عن مقتل القاصر "محمد عبد الموجود" (وهو أحد الصيادين المقيمين بالقرب من الجزيرة) وقد سقط متأثرا برصاصة اخترقت حوضه وأحدثت تهتكا بالمثانة ونزيفا دمويا. كما أصيب العشرات وتم اقتحام أملاك خاصة من دون إذن من النيابة. وقد تبع ذلك إحالة 26 من سكان هذه الجزيرة الى المحكمة عسكرية، ومنهم من قبض عليه داخل بيته من دون اذن قضائي.
وقد كشفت أوراق القضية أن تلك الارض موثقة بعقد مسجل رقم 1767 لسنة 2010 بمساحة 2 سهم 5 قيراط 25 فدان بجزيرة القرصاية وينص على ملكيتها للقوات المسلحة، وقد تضمن العقد على قرار جمهوري رقم 152 لسنة 2001 عدّ تلك الأرض ذات أهمية استراتيجية من الناحية العسكرية، ومن ثم لايجوز تملكها.
استغرقت المحاكمة تسع جلسات، ما بين إجرائية وموضوعية، وتم الاستماع خلالها لأقوال شهود الاثبات وهم الظباط القائمون بتنفيذ تلك العملية الى جانب الظباط المصابين، ولم تثبت للمحكمة أدلة كافية في الأوراق التي أحالتها النيابة العسكرية اليها، فأمرت بالاستماع إلى شهود جدد للتحقيق في الدعوى من جديد. وقد حدد تاريخ 14 يناير الجاري للنطق بالحكم في القضية.
بدأ محامو المتهمين (المتطوعون) مرافعتهم في 1 يناير 2013، أي بعد مرور أكثر من شهر ونصف من الاحتجاز على ذمة القضية، وقد استغرقت المرافعة ما يزيد عن أربع ساعات، بين خلالها الدفاع عدم تحلي النيابة العسكرية بالحيادية عندما أحالت المتهمين من دون دليل قاطع يثبت اتهامهم بارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم، وقدمت هيئة الدفاع القرارات الوزارية التي منعت التعرض لساكني جزيرتي الوراق والدهب بل وطالبت مكتب الشهر العقاري بتسهيل اجراءات التسجيل. كما قدم أيضاً الدفاع حكمي محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا اللذين ألغيا قرار عدم تجديد عقود الانتفاع لاهالي القرصاية وتمسك الدفاع بطلب البراءة.
ويذكر أن مجلس الوزراء قد أصدر قرارا فى 2007 بإخلاء جزيرة القرصاية من سكانها بدعوى تحويل أرضها الى محمية طبيعية، وحاول إقتحامها عن طريق القوات المسلحة، إلا أن أهالى الجزيرة قد تصدوا لتنفيذ القرار ونجحوا بفضل التضامن الشعبي مع القضية في الحؤول دون ذلك. وقد أصدرت محكمة القضاء الادارى في 6 فبراير 2010 حكمها فى مواجهة كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والزراعة والبيئة ومحافظة الجيزة بعدم إخلاء جزيرة القرصاية وأكدت على أحقية أهالي الجزيرة في البقاء في مساكنهم مع اعتباره حكما نهائيا وملزما. ولم يحل ذلك دون معاودة المحاولة لتنفيذ القرار في مواجهة الأهالي مع ما استتبع ذلك من تعديات واتهامات.
ويلحظ أنه منذ إندلاع الشرارة الأولى للثورة، بدأت جهات القضاء العسكري محاكمة العديد من شباب الثورة وصلت أعدادهم الى ما يقارب اثني عشر الف متهما بحسب ما أعلن عنه السيد اللواء عادل المرسي رئيس هيئة القضاء العسكرى[1]فى سبتمر 2011، ويرجح أن يكون هذا العدد قد تضاعف منذ ذلك الحين. كما تجدر الاشارة الى أن الدستور المصرى الجديد قرر عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى مستثنيا من ذلك "الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة على النحو الوارد بالقانون"[2]. وبذلك يكون فتح الباب لمحاكمة العديد من المتهمين أمام القضاء العسكري الذى مازال ولا يزال قضاء إستثنائيا يفتقر لمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، مصر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني