إعلانات مغرية لتشغيل عاملات منزليات بالمغرب: منظمات حقوقية تدق ناقوس الخطر


2024-06-12    |   

إعلانات مغرية لتشغيل عاملات منزليات بالمغرب: منظمات حقوقية تدق ناقوس الخطر

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بالمغرب تناميا لإعلانات تهم عروض عمل للخادمات المنزليات، وهو ما جعل عددا من الجمعيات النسائية تدخل على الخط وتدق ناقوس الخطر حول الضمانات القانونية والأمنية المكفولة لهذه الفئة، وذلك بعد مرور زهاء 7 سنوات على دخول قانون تشغيل عمال وعاملات المنازل حيّز التنفيذ.

قانون لتشغيل العاملات والعمال المنزليين مع وقف التنفيذ

خلصت دراسة ميدانية تندرج في اطار مشروع تعزيز العمل اللائق  من خلال حماية وتنظيم العمالة المنزلية إلى أن المغرب لا يتوفر على معطيات رسمية دقيقة حول العمالة المنزلية. لكن بعض التقديرات الرسمية تشير إلى وجود 200 ألف عامل وعاملة منزلية، بينما تقدّر مؤسسات نقابية ومدنية العدد بمليون شخص، تشكل النساء 90 بالمائة منهم ، بينما لا يتجاوز عدد عقود العمل المنجزة 5000 عقدا. وأضافت الدراسة التي أعدها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بشراكة مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن العمالة المنزلية، التي غالبا ما تزاولها النساء في المغرب، تبقى قطاعا “مبخّس القيمة” و”غير مهيكل” ، رغم صدور قانون جديد كان من المفروض أن يمنح مئات الآلاف من عاملات وعمال المنازل الحماية الاجتماعية التي حرموا منها لفترة طويلة، لكن يتضح أن تطبيقه بعيد جدا عن الأهداف المتوقعة، لعدة أسباب منها انتشار الأمية، وضعف التوعية والتعريف بالقانون الجديد، وضعف أجهزة التفتيش، فضلا عن هشاشة الفئة العاملة والتي تضطر الى قبول العمل دون التمسك بحقوقها.

وبخصوص تأثير الجائحة على العمالة المنزلية بالمغرب، اعتبرت الدراسة أن مجموعة كبيرة من العاملات وجدن أنفسهن بدون عمل وبدون أجر، إذ استغنت مجموعة من الأسر عن العاملة المنزلية خوفا من العدوى، ولم تستفدْ شريحة كبيرة من العاملات من المساعدة الصحية بسبب عدم توفرهن على “بطاقة راميد“، وهي بطاقة للتأمين الإلزامي على المرض.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد طالبت في وقت سابق السلطات المغربية باتخاذ خطوات لضمان الامتثال لـلقانون الجديد، وأن تكفل للعاملات المنزليات “نفس الحقوق التي يتمتع بها العمال المشمولون بمدونة الشغل”، كما أوصت بضمان “حصول مفتشي الشغل على سلطة وتدريب يؤهّلانهما لتفتيش ظروف العمل، وأن يكونوا قادرين على دخول منازل أصحاب العمل، مع إيلاء الاعتبار الواجب للخصوصية، ومقابلة العاملات المنزليات بعيدا عن أصحاب العمل”.

كما حثت السلطات على اتخاذ “إجراءات تحفيزية لأصحاب العمل لتسجيل العاملات المنزليات، ووضع جداول عمل نموذجية، وقواسم الرواتب، لضمان أن أصحاب العمل يُوفرون وثائق ساعات العمل وقسائم الرواتب”.

إعلانات لتشغيل العمالة المنزلية إغراءات افتراضية في بيئة محفوفة بالمخاطر

برزت بشكل لافت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب إعلانات- مجهولة المصدر- حول عروض عمل للخادمات المنزليات تتم فيها الإشارة فقط إلى رقم هاتفي قد يكون هو رقم المشغل أو الوسيط، ومكان ومدة العمل، من دون إشارة إلى طبيعة عقود العمل.

ويلزم القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين بضرورة إبرام عقد عمل يعدّه المشغل وفق نموذج محدد، يوقعه الطرفان، كما يمنع نفس القانون على الأشخاص الذاتيين أن يقوموا بأعمال الوساطة في تشغيل عاملات أو عمال منزليين بمقابل، حيث يبقى هذا الحق حكرا على وكالات التشغيل الخصوصية.   وفي هذا السياق قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، “إن قانون العاملات والعمال المنزليين يضمن العديد من الحقوق لفائدة هذه الفئة، لكن التساؤل يطرح حول مدى درايتهن بالأمر، ومدى قدرة الدولة على ضمان تطبيقه على أرض الواقع”.

وأضافت أن “بروز عروض العمل في مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد وجود ثغرات في القانون، حيث لم يتطرق لهذه الوسائط التي يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على حياة العاملات، ومن الممكن أن يتعرضن لطرق استغلال عديدة، خاصة وأن لجوءهن إلى مواقع التواصل الاجتماعي مرهون بظروفهن الصعبة، وهن معيلات أسر، ولهن العديد من الالتزامات المالية التي تفوق قدراتهن الاقتصادية المتواضعة. وهو ما يستدعي تدخل السلطات بإجراءات جديدة تمنع استغلال الخادمات المنزليات، من خلال توفير رقم أخضر لهن لتشجيعهن على التبليغ، وضمان وجود عقود الشغل، وغياب للوسطاء الذين يتقاضون المقابل، كما يجب  ضمان توعية هذه الفئة باستيعابهن لوجود قانون يضمن حقوقهن، وأن تعرضهن للاستغلال يمكنهن من اللجوء إلى مفتش الشغل واتخاذ جميع المساطر القانونية”.

من جهته وجه المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، عبد الرحمان الوفا سؤالا كتابيا  إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، حول تحديات حقوق العاملات المنزليات بين تشريعات الحماية وعروض منصّات التواصل الاجتماعي، أوضح فيه أن “ظاهرة تشغيل الفتيات في المنازل ما تزال متفشية، حيث تؤكد تقارير ودراسات وطنية ودولية أن العديد من الفتيات يعملن في ظروف عمل غير معلنة وبدون عقود رسمية، مما يجعل من الصعب عليهن الحصول على حقوقهن وحمايتهن القانونية، كما أن عددا كبيرا من العاملات المنزليات لا يتمّ تسجيلهن في نظام الضمان الاجتماعي”، وأضاف أن “ما فاقم هذا الوضع هو عروض العمل الموجهة لخادمات المنازل والمنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي شهدت زيادة ملحوظة مما أضحى يثير العديد من التساؤلات حول الضمانات القانونية والأمنية المقدمة لهن، خصوصا أن هذه العروض تقدم من دون مراعاة للمساطر القانونية المعمول بها، مما يسهم في خلق بيئة عمل محفوفة بالمخاطر تشمل الاستغلال والاعتداء، وهذا مخالف للقانون المغربي الذي يحظر على الوسطاء تقاضي أموال مقابل توظيفهم”.

حملة التنسيب والتنظيم النقابي دفاعا عن العمالة المنزلية

يعتبر الدكتور علال البصراوي نقيب سابق ورئيس لجنة جهوية لحقوق الانسان سابقا أن معالجة ضمانات تشغيل العمالة المنزلية يستوجب استحضار مداخل حقوقية وقانونية مختلفة أهمها :

– مدخل قانون الشغل: باعتبار العلاقة التي تربط العامل المنزلي بالمشغل هي علاقة شغل كاملة العناصر طبقا لقانون العمال المنزليين الجديد؛

– مدخل قانون مكافحة الإتجار في البشر، باعتبار جموع العمال المنزليين أصبحوا سوقا للسماسرة الذين يجلبونهم من مناطق نائية ” ويتاجرون فيهم” ويعرضونهم على العائلات في المدن مقابل مبالغ مالية و “بأثمنة ” تختلف بحسب وضعية الأجير من حيث الجنس والسن أو معايير أخرى.

– مدخل قانون مكافحة العنف ضد النساء وذلك باعتبار، أن غالبية العمال المنزليين نساء وكثيرات منهن طفلات ويتعرضن لكل أشكال العنف، حيث جرم هذا القانون صورا كثيرة منه من بينها العنف الاقتصادي.

وتعمل عدد من المنظمات الحقوقية والنقابية بالمغرب على تشجيع العمالة المنزلية على التنظيم من خلال تأسيس مكاتب نقابية والانخراط فيها، وفي هذا الصدد، أطلقت  الكونفدرالية الديمقراطية للشغل -وهي منظمة نقابية – الى جانب فعاليات مدنية حقوقية حملة “التنسيب والتنظيم النقابي للعمالة المنزلية”، وقد حددت الحملة ثمانية مطالب أساسية للعاملات والعمال المنزليين تتمثل في الدفاع عن عقد عمل مكتوب قانوني، وأجر لائق للحياة الكريمة، والتصريح في الضمان الاجتماعي، ومدة عمل قانونية، وصحة وسلامة مهنية، والحق في الراحة والعطل والرخص والإجازة، ومنع العمل الجبري والإلزامي وتشغيل الأطفال، وحق التعبير والتنظيم النقابي، وضمان حقوق مماثلة للعمالة المنزلية المهاجرة بالمغرب.

مواضيع ذات صلة

قانون العمال المنزليين يدخل حيز التنفيذ في المغرب

نقاش حول الحد الأدنى لسنّ العمال المنزليين في المغرب

برلمان المغرب يجيز تشغيل الأطفال وسط ‏احتجاج واسع من المجتمع المدني

قراءة في قانون العاملات والعمال المنزليين الجديد بالمغرب

موقع “مخدومين”: تاريخ سماسرة الخدمة المنزلية وغرف العاملات

دخول اتفاقية العاملات في الخدمة المنزلية حيز التنفيذ

سعي الى انشاء نقابة للعاملين في الخدمة المنزلية، ووزارة العمل تواجه المطالب النقابية بالصمت

انشاء أول نقابة لعاملات المنازل في مصر: خطوة أولى في اتجاه الغاء استثناءات قانون العمل

يتعين على لبنان الاعتراف بنقابة العاملات المنزليات

في تونس، عاملات المنازل مغيّبات حتّى عند التشريع لحقوقهنّ

ناشطون يطالبون بالعدالة للعاملة”شاميلا”: أوقفوا ترحيلها الأحد

68%  من العاملات المهاجرات في لبنان تعرّضن للعنف الجنسي و25% فقط أخبرنَ أحداً عن ذلك

محمد زبيب يقرأ نظام الكفالة في ظلّ الانهيار: أخشى تعميم ممارسة استغلال العمّال الأجانب على المقيمين

هكذا فاخر لبنان الرسمي باحترام حقوق الإنسان في جنيف (1): هكذا نكافح الفساد والتعذيب والاتجار بالبشر والتدخل في القضاء

هكذا فاخر لبنان الرسمي باحترام حقوق الإنسان في جنيف (2): التفاخر بعقد عمل موحد عطّله مجلس شورى الدولة

توصيات 23 دولة حول حقوق العمّال المهاجرين: نظام الكفالة تحت المجهر ومطالب بتنفيذ العقد الموحّد

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل منزلي ، فئات مهمشة ، مقالات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني