وزارة الصحة العامة تعلن: الحق بالحياة أولى من حرب الدولة على المخدرات


2016-03-30    |   

وزارة الصحة العامة تعلن: الحق بالحياة أولى من حرب الدولة على المخدرات

صدر بتاريخ 22/03/2016 تعميم بالغ الأهمية عن مدير عام وزارة الصحة العامة الدكتور وليد عمّار[1]، يحث فيه جميع المستشفيات والعاملين الصحيين في لبنان التقيّد بالتعميم رقم 55/1 الصادر سنة 2006 عن وزير الصحة الأسبق، محمد جواد خليفة[2]، والآيل الى إلزام الأطباء وإدارات المستشفيات الخاصة والحكومية بإعلام قوى الأمن الداخلي عن الحوادث الطارئة المتأتية عن فعل الغير، وذلك عملاً بالمادة 400 من قانون العقوبات. ولكن أهمية التعميم الجديد هو أنه حدد أن تعميم سنة 2006 “لا يشمل” (أي لا يطبق على) “حالات الإدمان والجرعة المفرطة” (أي الأوفردوز –Overdose)، مذكراً الجسم الطبي والمستشفيات عموماً موجب تعاطيهم مع الشخص المدمن “كمريض يحق له تلقي العناية الصحية مع إحترام خصوصيته وفقاً لقانون الآداب الطبية وتفادي الوصمة والحرص على عدم التمييز ضده”.
 
إن هذا التعميم يأتي لدرء ممارسة دامت ما يزيد عن 10 سنوات، مفادها قيام إدارات بعض المستشفيات في لبنان بإبلاغ أقرب مركز للشرطة عن أي حالة تعاطي مخدرات يشتبه فيها لديهم. وقد أدى هذا الأمر عملياً الى تفاقم حالات الموت لدى الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات جراء تناولهم جرعة زائدة (أوفردوز). إذ أن الخوف من الملاحقة الجزائية يحول دون توجه شخص تناول جرعة زائدة أو اقتياده من الأفراد المحيطين به الى المستشفى أو على الأقل يسبب ترددهم لساعات قبل القيام بذلك، الأمر الذي غالباً ما يؤدي الى وفاة الشخص المعني. وكان قد سبق للمفكرة القانونية أن أدانت هذه الممارسة المغلوطة لتعميم سنة 2006، مناشدة الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الصحة العامة، بإتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأشخاص المدمنين وتأمين لهم العلاج والعناية اللازمة في المستشفيات[3].
 
وفيما ترحب المفكرة القانونية اليوم بهذا التعميم البالغ الأهمية، فهي تذكر بالمقابل أنه كان قد كُشف خلال الندوة التي نظمتها بالتعاون مع جمعية “سكون” في 26/06/2014 عن ممارسات أكثر خطورة، من شأنها تفريغ هذا التعميم وتالياً موجب السرية المهنية من أي مضمون، إذ أوضح عدد من القيمين على أقسام الطوارئ في مستشفيات عدة تغوّل مخبرين في تلك الأقسام يبلغون قوى الأمن الداخلي المعلومات التي تود الحصول عليها، لا سيما تلك المتعلقة بتعاطي المخدرات[4]. ونظراً لما يرشح عن هذا الأمر من انتهاك للقانون ومن مخاطر، نناشد اليوم النيابة العامة التمييزية بوضع حد فوري لظاهرة المخبرين هذه داخل المستشفيات: فأيهما أبدى إجتماعياً؟ إسعاف حياة من تعرضوا للأوفردوز أم سعي مميت الى ملاحقة كل إدمان قد نعرف به ولو تجسساً؟ وزارة الصحة العامة أقرت الحق بالحياة كأولوية على حرب الدولة على المخدرات، نأمل إلتحاق النيابة العامة التمييزية بهذا التوجه الحيوي.

للاطلاع على التعميم، اضغط/ي على الرابط ادناه


[1] التعميم رقم 46، الصادر بتاريخ 22/03/2016.
[2] التعميم رقم 55، الصادر في الأول من نيسان 2006، “اعلام قوى الأمن الداخلي عن الحوادث المتأتية عن فعل الغير بواسطة الفاكس”، وهو شبيه بالتعميم الصادر عن وزارة الصحة العامة بهذا الشأن سنة 1979.
[3] يراجع كريم نمور، “مأسسة الأوفردوز في حالات الإدمان: عندما يصطدم الحق في الحياة بحرب الدولة على المخدرات“، العدد التاسع عشر من مجلة المفكرة القانونية.
[4] تراجع مداخلة الدكتور أنطوان الزغبي (رئيس قسم الطوارئ في مستشفى أوتيل ديو– Hotel Dieu) في الندوة التي نظمتها جمعيتا “سكون” و”المفكرة القانونية” بتاريخ 26/06/2014 المذكورة أعلاه.
انشر المقال



متوفر من خلال:

سياسات عامة ، قرارات إدارية ، استخدام المخدرات ، فئات مهمشة ، لبنان ، مقالات ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني