هل خرقت الباخرة إسراء مواد الدستور اللبناني؟ محاميان يلجآن إلى القضاء إنصافاً لطرابلس… واستنهاضا للدولة


2018-08-24    |   

هل خرقت الباخرة إسراء مواد الدستور اللبناني؟ محاميان يلجآن إلى القضاء إنصافاً لطرابلس… واستنهاضا للدولة

بتاريخ 14/8/2018  تقدم المحاميان الطرابلسيان أحمد المصري وحسن الخيال، بأمر على عريضة أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، طلبا من خلالها “بوقف مؤقت لعمل الباخرة التركية المسماة “إسراء سلطان” التي تقوم حالياً  بتزويد معمل الزوق الحراري بالطاقة الكهربائية، إلى حين وضع مؤسسة كهرباء لبنان حلا علميا وفعليا، يمكن من خلاله أن يستفيد اللبنانيون من الإنتاج الكهربائي لهذه الباخرة بالتساوي تطبيقاً لمواد الدستور ومبادئ العيش المشترك”.

وتأتي هذه الخطوة، بعدما عانى أهالي طرابلس من أزمة تقنين حادة. فمن جهة لم تخفف من وطأتها اشتراكات المولدات الكهربائية لدى البعض، ذلك أن أصحاب المولدات رفعوا أسعارهم، وأحداً لم يلتزم بقرار وزارة الاقتصاد الصادر في حزيران الفائت بوضع عدادات للمشتركين يحاسبون على أساسها. ومن جهة أخرى، كثر اللغط في شأن الباخرة التركية  “إسراء سلطان”، التي ونتيجة التجاذبات السياسية والخلافات في الآراء  انتقلت من الزهراني  إلى منطقة الجية لتستقر أخيراً في كسروان. ويعتقد أنها ستؤمن لأهالي المنطقة تغذية كهربائية بين 22 و 24 ساعة، علماً أن هناك العديد من التصريحات التي تنفي هذا الأمر. ولكن، وبمعزل عن صحته أو عدمها، وجد أهالي طرابلس أنه من غير العدل أن تستمر معاناتهم من التقنين فيما يحظى غيرهم بالكهرباء طوال النهار.

صاحبا المبادرة يوضحان أسبابها

وعليه، جاءت هذه الخطوة من المحاميين المصري والخيال بمثابة موقف ضد التمييز. وفي اتصال مع المحامي أحمد المصري شرح للمفكرة الدوافع الكامنة وراء هذه الخطوة وقال:

“لقد انتظر اللبنانيون الفرج المتمثل بالباخرة “إسراء سلطان”، حتى يتم على أساسه تخفيض ساعات التقنين الكهربائي. لكن ذلك لم يتحقق بسبب صدور قرار قضى بربط هذه الباخرة بمعمل الذوق الحراري الذي يزود مناطق كسروان والمتن وجبيل فقط بالطاقة الكهربائية- وهذه المناطق تشكل  ما يعادل 5 % من المناطق اللبنانية لتصبح ساعات التغذية الكهربائية فيها بين 22 إلى 24 ساعة.

وهذا القرار أوجد هوة كبيرة بين اللبنانيين في موضوع الاستفادة من الحقوق. فمن جهة، المقيمون في مناطق كسروان سوف يستفيدون وينعمون بالتغطية الكاملة للكهرباء، ولن يدفعوا فاتورة الاشتراك بالمولدات الكهربائية. ومن جهة أخرى، ستبقى المناطق الأخرى رازحة تحت وطأة تقنين كهربائي  متصاعد، أضف إليها أنه سوف يبقى على عاتقهم تحمل كلفة فاتورة الاشتراك بالمولدات الكهربائية.

إن هذا الأمر ساءني مثلما ساء أي شخص في مدينة طرابلس، ذلك أننا نعرف أنه لدينا معامل كهرباء موجودة على امتداد هذا البلد. ونحن إذا لم نتمكن لأي سبب كان من وضع الباخرة في معمل الزهراني نتيجة الحجج التي طرحت في الإعلام من الحديث عن خلافات سياسية إلى ضرورة تجهيز المعمل قبل رسو الباخرة بالقرب منه ومد الكهرباء، لا يمكن أن نقبل بنقل الباخرة وبكل سذاجة إلى معمل آخر لا تستفيد منه إلا منطقة أو منطقتان أو ثلاث”.

وقد استند المصري على عدة مواد من الدستور اللبناني وقانون أصول المحاكمات المدنية لتدعيم دعواه. ومن أبرز مرتكزاته المادة السابعة من الدستور اللبناني التي تنص على أن “كل اللبنانيين سواء لدى القانون، وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية، ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم”. وعن هذا الأمر قال: “لقد قمت بالبحث في الدستور اللبناني ووجدت أن المادة 7 تقول بأن اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات. لكن أنا لا أرى أنني قد تساويت مع أهالي منطقة كسروان في الحقوق. لذا وجدت أنه من حقي الاعتراض، ورفعت دعوى أمام المحكمة ضد مؤسسة كهرباء لبنان صاحبة السلطة في توليد الطاقة الكهربائية”. وأكد المصري أن المطلب هو: “التوقف عن استجرار الكهرباء من الباخرة إلى حين العثور على حل يضمن تأمين الكهرباء لأكبر عدد من اللبنانيين أو ربما لكل اللبنانيين”.

اذاً تم رفع الدعوى أمام قاضي العجلة في بيروت وقد أمهلت القاضية المناوبة رولا جدايل مؤسسة كهرباء لبنان أسبوعاً للرد على الدعوى. وقد قام المحامي المصري بتسليم البلاغ الى المؤسسة نهار الاثنين 20/8/2018 على أن يأتي الجواب مطلع الأسبوع المقبل (أي 27/8/2018).

ومنذ يومين انتشر الخبر على شبكات التواصل الاجتماعية المختلفة، بين مؤيد للفكرة ومتخوف من ألا تصل إلى نتيجة، تبعا لرواج التدخلات السياسية في القضاء.

الطرابلسيون سعداء بهذه الخطوة

الناشط عمر لبابيدي كتب عبر صفحته على فايسبوك: “طرابلس تتحرك قضائيا ضد كهرباء لبنان، بعدما عجز نواب المدينة عن تأمين الكهرباء ومنع الاستئثار بها وتحويلها لمنطقة محددة”. وبعدما تحدث عن مبادرة المحاميين “المصري” و”الخيال”، رأى أن من “واجبنا الآن أن ندعم هذه المبادرة القانونية المستندة للدستور ولمبدأ المساواة وتحويلها لمطلب شعبي عام والاستناد للقانون تصرف راقي في وجه التشبيح الكهربائي”.

وعلق المختار عبد القادر قبوط قائلاً: “لا بد من المواجهة لأن التمييز هو من فجر الأحداث والحرب الأهلية عام 1975″. فيما تخوفت النقابية مهى مقدم من التدخلات القضائية وعلقت قائلة: إنشاء الله يقدر القضاء يطلع عن سلطة السياسيين لأنه لم يعد لنا ثقة لا بالقضاء ولا بغيره”.

وعن تفاعل الناس مع خطوته اعتبر المصري بأن السبب يعود إلى كون “هذا الموضوع يعود بالفائدة على جميع الناس فالكهرباء لن تصل إلى منزلي وحسب أو إلى مكتبي إنما لكل الناس الذين باتوا يعانون من الاختناق نتيجة  التقنين الكهربائي الحاصل لاسيما خلال فترة العيد، فجاءت مثل تطييب لجرح الناس النازف من جراء أزمة الكهرباء”.

قد يعترض الدعوى اشكالات قانونية عدة، أبرزها أن القرار المطلوب وقف تنفيذه هو قرار إداري (وهو أمر يخرج عن صلاحية قاضي الأمور المستعجلة)، إلا أن تقديم الدعوى يشكل بادرة لافتة في اتجاه مكافحة أمرين غالبا ما يكونان متلازمين: الأول، الحرمان من حقوق معيشية أساسية كحق الحصول على كهرباء 24 ساعة، والثاني، وهو غالبا ما يحصل بعد نقض أساس الحق، التوزيع غير العادل للطاقة بين مختلف المناطق، انتصارا لهذا ضد ذاك وفق ما تميل إليه كفة السياسة. هذا ما حصل من خلال تمييز العاصمة عن سائر المناطق من خلال حصر التقنين فيها بثلاث ساعات منذ التسعينيات. وهذا ما يحصل ربما اليوم في مناطق أخرى، تسنى لها مؤخرا أن تضاعف وزنها السياسي. الدولة الحقيقية لا تميز ولا تميل ولا تنحاز.. والهدف من هذه الدعوى هو استنهاضها.

صورة 1

صورة 2

صورة 3

صورة 4

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني