مجزرة مسعفي الهبّارية “بسلاح أميركيّ”: تدمير الأمان الصحيّ والحياتيّ لـ2000 صامد في البلدة


2024-05-07    |   

مجزرة مسعفي الهبّارية “بسلاح أميركيّ”: تدمير الأمان الصحيّ والحياتيّ لـ2000 صامد في البلدة
سوّت الغارة الإسرائيليّة مركز الرعاية الصحيّة من طابقين والوحيد في الهبّاريّة بالأرض

على بعد أقل من كيلومترين من الحدود الجنوبية للبنان، تستقبل الهبارية زوارها بلافتة ترحب بهم وصور  شهدائها المسعفين السبعة بغارة إسرائيلية. القصة هنا لا يملّ الأهل من روايتها. وبين التلال المطلّة على الجولان السوري المحتل شرقًا، وسهول فلسطين المحتلّة جنوبًا، تقع الهبارية نقطة وسط في المثلث اللبناني السوري الفلسطيني على تلة صغيرة في السفح الغربي لجبل الشيخ. على طول طرقاتها الضيّقة تتوالى صور شهداء مجزرة مركز الإسعاف في 27 آذار 2024 الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و25 عامًا: محمد حمود، براء أبو قيس، التوأم حسين وأحمد قاسم الشعار، عبد الله عطوي، عبد الرحمن عطوي، فاروق عطوي.

يسير الصمت أمامك هنا، صخب السكان تراجع إلى داخل البيوت، ليهيمن طنين الطائرات المسيّرة الذي لا يكاد يتفوّق عليه إلّا هدير الطائرة الحربية وهي تنفذ غاراتها في المنطقة، استعد السكّان لغارة مدمّرة يتوقّعون أن تكون في أي مكان. تهتزّ القرية مع أصوات الغارات الآتية من الوديان المحيطة والقرى المنتشرة على طول الحدود، وهي غارات ثقيلة تزلزل بيوت الهبّارية من دون أن تزحزح أهلها. 

بقي في الهبارية اليوم 2000 من السكان، بعد أن نزح 1500 على مدى الأشهر الماضية، ولجأ إليها 400 نسمة من قرى شبعا وكفرشوبا وكفرّحمام المجاورة. كلّ هؤلاء، يعيشون اليوم من دون  الخدمات الصحية الأوّلية، بعد أن دمّرت غارة 27 آذار المركز الصحيّ الوحيد في القرية، وقتلت جميع عمال الإغاثة. 

وفيما تنشر “هيومن رايتس ووتش” اليوم نتائج تحقيقها ليوثق طبيعة الغارة وهوية ضحاياها وهم “مدنيون من عمال الإغاثة الصحية”، تنشر “المفكرة القانونية” تقريرًا ميدانيًّا يوثّق أثر الغارة على السكان ويبيّن كيف لجريمة حرب أن تغرق منطقة بأكملها بشبح الموت المتواصل، مع تدمير موئل الخدمات الصحية الوحيد فيها. ونفرد مساحة لأمهات الشهداء، وهنّ يرسمن بكلماتهنّ مسارات للعدالة لا تتحقّق إلّا بشمولها أرضهنّ وشعبهنّ، ليصبح أولادهنّ بالنسبة لهنّ رمزًا لحقوق شعوب ترزح تحت العدوان من غزّة إلى جنوب لبنان.

وقد خلص تحقيق “هيومن رايتس ووتش” إلى أنّ الغارة “هجوم غير قانوني على المدنيين أخفق في اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية”، كاشفًا عن استخدام أسلحة أميركية فيه. ودعت المنظمة إلى التحقيق في الهجوم باعتباره جريمة حرب “سواء نفّذ عن عمد أو نتيجة الاستهتار”، كما طالبت الولايات المتحدة بوقف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل فورًا. وكشفت المنظمة أنّ الغارة نفّذت بواسطة نظام توجيه مصنوع في الولايات المتحدة يستخدم “ذخائر الهجوم المباشر المشترك” (Joint Direct Attack Munition) الذي تنتجه شركة “بوينغ” الأميركية، وقنبلة إسرائيلية الصنع تزن حوالي 230 كيلوغرامًا، من إنتاج شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية.

صور المسعفين الشهداء فوق ركام مركز الرعاية الصحيّة في الهبّاريّة

الركام يشهد على الجريمة

من الشارع الرئيسي، تلتفّ السيارة إلى اليمين، لتصل إلى حي سكني قد نُكب بالمجزرة فتجد آثار عصف الانفجار قد حطّم البيوت والأبنية المجاورة المأهولة. دمّر ثقل القنبلة المركز الصحيّ من طابقين فسوّاه بالأرض، فيما طاول دمار كبير الأبنية المجاورة وبيوت السكان، “وقد كانت الغارة تعبّر عن قرار إسرائيلي بارتكاب مجزرة”، يقول زكي شبلي، إبن القرية وصديق الشهداء السبعة الذي تربطه بمعظمهم علاقات قربى: “لم نجد جثامين بل أشلاء.. هذه لم تكن رسالة، بل ضربة مخطّطة بهدف القتل الأكيد”. تتلبّد الدمعة في عيون زكي “فنحن أبناء قرية واحدة وبيننا روابط دم وحب وحياة كاملة من المواقف والذكريات”، لكن دمعته لا تنهمر، فهو مصمّم “على نقل حكايات الشهداء وحفظ ذكراهم”.

فوق الركام، يسير طفلان على مهلهما، وهما يعرفان أنهما إنّما يطآن “أثر الشهداء” كما أخبرتهما أمّهما. و”أثر الشهداء” هنا ليس مجرّد حجارة وقضبان حديد تبرز من تحت الركام، بل معدّات طبية، وكفوف بيضاء وكمامات، وبقايا سرير طبّي ولوازم شخصية للمتطوّعين الذين كانوا يقضون لياليهم في المركز الصحيّ منذ بدأت الحرب وبات الوصول إلى أي مستشفى أو مركز صحي مستحيلًا ليلًا، بسبب خطورة الطريق الطويل سواء إلى حاصبيا أو إلى مرجعيون. 

ويلزمك هنا أن تسير عشرات الأمتار لتلتفّ على الحي السكنيّ، ويتكشّف لك مطلّ ازدهرت خضرته، لكن مشهد بدلات الإسعاف نصف المحترقة لا تزال تتدلى من أشجار الوادي بعد 10 أسابيع على الجريمة، يخبرك أنّ السكّان هنا قرّروا أن يبقوا على مسرح الجريمة كما هو، ليكون شاهدًا على الشهادة. 

أشجار الوادي المحاذي لا تزال تحمل ثيابًا ممزّقة ونصف محترقة تعود لطاقم الإسعاف المستهدف في الهبّاريّة

يقول محمد حجّول، وهو عسكريّ متقاعد في الجيش اللبنانيّ، اختار منذ أمد طويل أن يقضي سنين عمره الأخيرة في قريته الأم: “يعرف الناس هنا طبيعة الهدف، وهو مركز صحيّ افتتح بتبرّعات قدّمها أهالي البلدة ذاتهم، وهم يعرفون كذلك أنّ رسالة الجيش الإسرائيلي لهم هي رسالة تخويف وتدمير عبر استهداف المدنيين والمرافق المدنية، وهي رسالة إرهابية بامتياز”، ويتابع: “هذه العيادة كانت موجودة لتقديم الإسعافات الأوّلية لأهالي القرية، وهؤلاء فتيان محلّيون قتلوا وهم يستعدون لامتحاناتهم الجامعية في هذه الغرفة تحديدًا”، ويشير إلى ركام نصبت فوقه صور الشهداء السبعة وعبارة تقول: “شهداء الغدر الصهيونيّ”. 

محمد حجّول متفقداً مكان الغارة

ليس في الهبارية خدمات صحية بعد اليوم

ليلة المجزرة، اخترقت حجارة من المركز الصحيّ منزل محمد الشايب على بعد 400 متر من المكان المستهدف، ومع دويّ صوت القصف الذي لم يغادر بعد أذني الأب لثلاثة أطفال، عرف ابن الـ 30 عامًا أنّ حدثًا جللًا قد وقع في القرية التي تأويه مع أسرته منذ أن لجأ إليها من حرب سوريا قبل 10 سنوات. لم يكن الهدف سوى “أولاد الحلال” الذين أوقفوا نزيفًا من يده قبل أيّام فقط، وضمّدوا له جراحه ولم يقبلوا أن يأخذوا منه بدلًا ماديًا، فمضى شاكرًا لهم. يترحّم محمد اليوم على أولاد الحلال الذين باتوا شهداء: “لقد أنقذت رعايتهم الصحية حياتي خصوصًا أنني دون عمل من 6 أشهر، ولم يكن بحوزتي مال ولا حتى وقود للسيارة للوصول إلى المستشفيات البعيدة من هنا”. 

وحال محمد هو حال كل سكان القرية، يقول رئيس بلديّتها أيمن شقير لـ “المفكرة”: “خلت قريتنا الصغيرة من الخدمات الصحية بتدمير مركز الإسعاف وسيارة الإسعاف التابعة له، وباستشهاد المتطوّعين السبعة، تمّت تصفية الكادر البشريّ الذي كانت تعتمد عليه القرية في حالات الطوارئ، وكانت تستفيد منه حتى القرى المجاورة في منطقة العرقوب”. 

اليوم، وفي حال وقوع عارض صحيّ لأحد السكّان، يحتاج وصول سيارة إسعاف إلى القرية 30 دقيقة على الأقل “وبين السكّان الذين صمدوا هنا أكثر من 700 من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة”، بحسب رئيس البلدية. والخطر متصاعد مع تصاعد العدوان، واحتمال وقوع غارات وإصابات، وبالتالي الحاجة ملحّة إلى ضمان توفّر الإسعافات الأوّلية المنقذة للحياة. يعرف رئيس البلدية كل هذا “لكن قدرات البلدية المادية محدودة، ونحن عاجزون عن تأمين ما خسرناه، لاسيما في ظلّ الحرب واستقبالنا لمئات النازحين”.

وقد كان المركز الصحيّ يخدم أهالي القرى المجاورة التي تشكّل معًا منطقة العرقوب. ومن كفرشوبا، المتاخمة للحدود، نزح أبو محمد مع أسرته إلى الهبارية: “نعرف القرية ونعرف شبّانها، ونعرف مركزها الصحيّ ومتطوّعيه منذ كنا نلجأ إليهم خلال فترة كورونا”. 

يشرح المزارع الخمسينيّ لـ “المفكّرة” أهمّية الهبارية وخدماتها – على تواضعها – بالنسبة لأهالي كلّ منطقة العرقوب، وهي لطالما شكّلت ملجأهم للحصول على الرعاية الصحيّة الأوّلية، أهميّة خدماتيّة شكّلت حافزًا للأهالي للقدوم إليها خلال العدوان الحاليّ “فنبقى بين أهلنا ومن دون أن نبتعد عن أرضنا”. وكفرشوبا الواقعة في قلب المعارك، ليس لأهلها طاقة بالتشرّد بعيدًا عنها، وهم لا يقوون على نفقات النزوح البعيد والطويل، ومشقّاته، ففضّل كثير منهم القدوم إلى هنا، والعمل في البساتين التي تعرف أياديهم جنبًا إلى جنب مع أيادي أهل الهباريّة منذ عقود. ويبدي أبو محمد قلقه من تدمير خدمات الرعاية الصحية، لكنه يستبعد فكرة التهجّر من الهبارية: “فنحن نصمد هنا مع الصامدين”، ويقول: “صحّتنا رهن إرادة الله ومشيئته، تمامًا كما حياتنا تحت نار العدو”. 

ولأهل الأرض ردّهم

وجه الحاجة فاطمة، جارة المركز الصحيّ، يبقى بشوشًا رغم الأحوال، هي التي كان لمنزلها من طابقين النصيب الأكبر من الخسائر بين البيوت المحيطة. قتلت دجاجات الحاجة السبعينيّة في حديقة دارها، ودمّرت ألواح الطاقة الشمسيّة على سطحه، وتكسّرت الشبابيك فوق رأس ابنها الأربعينيّ من ذوي الاحتياجات الخاصّة، لكن: “مش خايفين” تقول بحزم. وتخشى فكرة التغرّب عن الهبّاريّة وعن أرضها التي تأكل ما تعطيه لها منذ أن ولدت هنا، “واللي بيطلع من داره يقلّ مقداره”، تستعين الأمّ بالمثل الشعبيّ لتسأل الله أن يجنّبها “مرّ النزوح وبهدلته”. 

وقد كانت ليلة الغارة قاسية على الأسرة الصغيرة هنا، هي التي يفصلها عن المركز الصحيّ شارع بعرض مترين فقط. تروي الحاجّة فاطمة لـ “المفكرة” اللحظات القاسية حينما كانت تنفض الزجاج عن جسد ابنها، ومن بين ركام الأثاث الذي أحاط بها في غرفة النوم حينها، تقول إنّها لم تكن تعرف ما حصل بعد: “كانوا عيوني عم يشوفوا الدم وكل فكري إلجأ للشباب بالمركز الصحي.. طول عمرهم كانوا ملجئي عند أي عارض صحي يصيبني أو يصيب ابني”. واحتاجت الأم المنخلع قلبها على ولدها، وفقًا لكلماتها، وقتًا طويلًا لا تحصي دقائقه، كي تعرف أنّ الهدف كان هؤلاء الشبان أنفسهم، وأنّهم قضوا كلّهم. 

“ولدت وأموت هنا، والمعادلة واضحة وأنا التي يتجاوز عمري كلّ عمر الاحتلال”، تخبرنا الحاجة فاطمة، والمعادلة هي “إمّا أصحاب الأرض أو الاحتلال، وإذا فلّينا منكون عم نترك الأرض للعدوّ، وهذا لا يمكن يصير”. 

وإلى أمّهات الشهداء، لا تزال سهير حمّود، والدة الشهيد عبدالله عطوي، على حدادها. في صوتها رنّة حزن لا يبدو أنّها ستذهب قريبًا. الأمّ المفجوعة تستذكر ولدها الذي خطفته آلة القتل مع رفاقه المتطوّعين. ومن منزلها في الهبّارية، على بعد بيوت قليلة من مكان الغارة، تقول سهير لـ “المفكرة” اليوم إنّ “إسرائيل تتقصّد ضرب المدنيين والمراكز الصحية لكي تضعف كل مقوّمات الصمود، لكن لن نتخلّى عن أرضنا مهما دفعنا من أثمان”، مؤكّدة وعيها بأنّها في موقف صمود وتمسّك بالأرض “وبحقّنا في العيش والبقاء”.

الحاجّة فاطمة جارة المركز الصحيّ المستهدف في الهبّاريّة

تحقيق “هيومن رايتس” وسؤال العدالة 

خلص التحقيق الذي أجرته منظّمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أنّ الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت منشأة سكنية تضمّ جهاز الطوارئ والإغاثة التابع لجمعية الإسعاف اللبنانية فجر الأربعاء 27 آذار 2024، غير قانونية.

وشرحت أنّه يوم وقوع الغارة، أعلن الجيش الإسرائيلي عبر “تلغرام” مسؤوليّته عن الغارة زاعمًا أنّها طالت “مركزًا عسكريًّا”ـ إلّا أنّها لم تعثر على أي دليل على وجود هدف عسكري، معتبرة أنّ اعتراف إسرائيل بأنّها استهدفت المركز مع العلم أنّه مركز إغاثة يؤشّر على أقلّ تقدير إلى فشلها في اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للتحقّق مما إذا كان الهدف عسكريًا وتفادي وقوع ضحايا مدنيين ودمار لمنشآت مدنية، ما يجعل الغارة غير قانونية. وتضيف أنّ الصور والفيديوهات التي التقطها سكان وصحافيون تظهر المركز وقد سُويّ بالأرض وتظهر سيارة إسعاف مدمّرة مركونة بالقرب منه وتبدو عليها الإشارات الحمراء من الخلف والجوانب.

وأشارت المنظمة إلى أنّه قبل الغارة بأسبوع، ذكرت تقارير أنّ إسرائيل قدّمت ضمانات مكتوبة إلى وزارة الخارجية الأميركية بأنّ استخدامها للأسلحة التي تزوّدها بها الولايات المتحدة لا ينتهك القانون الدولي. إلّا أنّ الباحث في المنظمة رمزي قيس يؤكّد أنّ “الضمانات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة بأنّها تلتزم بقوانين الحرب هي ضمانات جوفاء. وعلى الولايات المتحدة أن تعترف بالواقع وتقطع الأسلحة عن إسرائيل”. ويؤكّد قيس لـ “المفكرة” أنّ حظرًا كاملًا لمبيعات السلاح وقطع المساعدات العسكريّة الأميركيّة عن إسرائيل هو ضرورة “بسبب الخطر الحقيقيّ بأنّ هذه الأسلحة قد تستعمل في انتهاكات للقانون الدوليّ الإنساني وفي جرائم حرب وثّقناها منذ 7 أكتوبر حتى اليوم”.

وخلص تحقيق المنظمة أيضًا إلى أنّ الغارة نفّذت بسلاح أميركي، إذ تبيّن من الصور والفيديوهات التي عاينتها لموقع الاستهداف، بقايا معدنية مكتوب عليها “إم بي آر 500” ما يؤكّد أنّها قنبلة “إم بي آر” الذكية التي تصنّعها شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية، وبقايا تعود إلى نظام توجيه “ذخائر الهجوم المباشر المشترك” (Joint Direct Attack Munition) الذي تنتجه شركة “بوينغ” الأميركية.

وقد وجّهت المنظمة رسالة إلى الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية الأميركية في 19 نيسان، إلّا أنّها لم تلق جوابًا.

وإضافة إلى مطالبتها لواشنطن بحظر السلاح على تل أبيب، طالبت “هيومن رايتس ووتش” وزارة الخارجية في بيروت بالتعجيل في تقديم إعلان إلى “المحكمة الجنائية الدولية” يسمح للمحكمة في التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاصها المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 وملاحقة مرتكبيها. ويؤكّد قيس الحاجة إلى “سبل للمحاسبة وتحقيق العدالة لجرائم الحرب المرتكبة في لبنان منذ 7 أكتوبر حتى اليوم، ومحاسبة مرتكبيها”. 

وقد كلّف مجلس الوزراء اللبنانيّ في 26 آذار الماضي وزارة الخارجية بتقديم هكذا إعلان إلى الجنائيّة الدوليّة سندًا للفقرة 3 من المادة 12 من نظامها الأساسي في قبول اختصاصها للتحقيق والملاحقة القضائيّة لكلّ الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 والتي تدخل في نطاق ولايتها القضائية، بما فيها تلك التي طالتْ الصحافيّين والمُسعفين ومتطوّعي الدفاع المدني.

لوازم طبّيّة أمكن انتشالها من بين ركام الغارة في الهبّاريّة

وفي سؤال العدالة، ومع اختلاف مساراتها القانونيّة، تقول والدة الشهيد عبدالله عطوي إنّ “العدالة هي إنصاف المظلوم وأخذ الحق ومعاقبة الظالم بالطرق الشرعية لعدم تخطّي القانون الدولي”، مطالبة الشعوب بالضغط من أجل “قطع السلاح عن العدو الذي لا يرحم”. بدورها منتهى عطوي، والدة الشهيد فاروق عطوي، تستذكر “حنان” ولدها، وتعدّ جرائم الاحتلال من غزة إلى جنوب لبنان، وتقول إنّها تحفظ على وجه الخصوص أسماء الصحافيّين والمسعفين من الشهداء، ويفزع قلبها لسقوطهم، وهم الذين يستشهدون خلال قيامهم بواجبات تفرضها عليهم إنسانيّتهم ومهنيّتهم، لتؤكّد أنّ العدالة في قاموسها “هي بحفظ حقّ المظلوم وبمعاقبة الظالم”، وكذلك “بتحرّّر الشعوب المضطهدة وعودة الأرض ليعيش الناس عليها بحريّة وكرامة، وهكذا تتحقّق العدالة لابني ولزملائه الشباب”. 

وتقول سهير حمود إنّ الشهيد عبد الله “إنّما كان شابًا فضّل أن يتمسك بحقه وبأرضه ولم يبخل بماله ووقته وصحته ودمه فداءً لهذا الحق”، وهي تستذكر في حديثها حبّ الشهيد لقريته وأهلها، ورفضه السفر والبعد عن أسرته، لتطالب باستنفاذ كلّ السبل عبر المحاكم الدوليّة والمؤسسات والمنظمات الحقوقية “من أجل إظهار الحق ولكي لا تتمادى الولايات المتحدة بأعمالها الإجرامية في مساندة احتلال مستبد لا يعرف الحق”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، منظمات دولية ، الحق في الصحة ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني