انتفاضة أساتذة الثانوي على روابطهم: “الأمر لنا”


2023-04-13    |   

انتفاضة أساتذة الثانوي على روابطهم: “الأمر لنا”
من تظاهرة السادس من آذار رفًضا لقرار العودة من دون تحقيق المطالب

بداية العام الماضي، وعلى الرغم من الأجواء التغيريّة التي وُلدت بعد انتفاضة 17 تشرين، لم تستطع القوى المعارضة والمستقلّة استرداد رابطة أساتذة التعليم الرسمي التي تسيطر عليها الأحزاب منذ العام 2015، ففازت لائحة أحزاب السلطة في انتخابات الرابطة مستفيدة من عدم توحّد القوى المعارضة والمستقلة.

ولكن مؤخرًا ومع تخاذل هذه الرابطة في تمثيل الأساتذة، عادت كلمة انتفاضة إلى الشارع، انتفاضة بدأت عفويّة ومن ثمّ أخذت شكلًا تنظيميًّا تمثّل بإعلان لجنة تنسيقيّة لها. لجنة نجحت وبخطاب مطلبي بعيد من الطائفيّة والزبائنيّة أن تجمع 80% من أساتذة الثانوي أقلّه على قرار عدم العودة إلى التعليم الذي اتخذته الرابطة من دون الرجوع إليهم ومن دون تحصيل أدنى حقوقهم.

لا تدّعي الانتفاضة ومن خلفها لجنة التنسيق أنّها بديل عن الرابطة، ولكنّها تعتبر أنّها أصبحت مرجعية نقابية بحكم الأمر الواقع، لأنّ الشرعية لا تستمد من السلطة بل من القواعد التي رفضت العودة ولم تمتثل لقرار الرابطة. فهي أي اللجنة تحاول حاليًا حماية الأساتذة المنتفضين وتوحيد الخطاب المطلبي وتحديد الأولويات لعودة العام الدراسي وانتظام العام المقبل، من دون استبعاد التحوّل وبعد انتهاء المعركة الحالية  إلى مشروع نقابي حقيقي، إذ إنّه يمكن توسعتها لتشمل أساتذة التعليم الأساسي، وربما لتعيد المجد إلى رابطة التعليم الثانوي التي كان لها التأثير الأكبر والقيادة في “هيئة التنسيق النقابيّة”.   

ومع اقتراب العام الدراسي من نهايته واستمرار الإضراب للشهر الرابع على التوالي من دون حصول أيّ تطوّر يوحي بأنّ وزارة التربية، ومن خلفها الحكومة، متجّهة نحو اتخاذ أي إجراءات أو خطوات تنقذ العام الدراسي، ومع انتقال حراك الأساتذة إلى مستوى آخر مع إعلان “لجنة تنسيق الانتفاضة”، تحاول “المفكرة القانونية” عرض المراحل التي قطعها الأساتذة سواء في التفاوض مع الوزارة أو في تحرّكاتهم وصولًا إلى إعلان لجنة التنسيق التي انبثقت عن انتفاضتهم، وتوثيق هذا الحراك الذي يعتبره الأساتذة بداية معركتهم في تحصيل حقوقهم لاستئناف العام الدراسي ومن ثمّ استرداد رابطتهم ربما في الانتخابات المقبلة. 

من حراك للأهالي والطلاب مطالبة باستئناف العام الدراسي

تخاذل رابطة الثانوي مهّد لتأسيس لجنة الانتفاضة

يُخال لمن يسمع تصاريح المعنيين في وزارة التربية أنّها أمّنت أقلّه الحدّ الأدنى الكافي والضامن لعودة الأساتذة إلى مدارسهم، كما يُخال له أيضًا أنّ الأساتذة يرفضون “التضحية” قليلًا، إذ لطالما تحدّث وزير التربية والتعليم عبّاس الحلبي صراحة أو تلميحًا عن التعليم كرسالة تستوجب “التضحية” من الأساتذة.

أمّا على أرض الواقع فالمشهد مختلف كليًّا، فما قُدّم للأساتذة وبعملية حسابية صغيرة لا يؤمّن الاحتياجات الأساسيّة، لا سيّما أنّ بعض ما أُعلن عنه لم يصل إليهم أصلًا، وبقي في إطار الوعود مثل بدل النقل والحوافز التي استحقّت هذا الشهر والمحدّدة بـ 125 دولارًا شهريًا، فضلًا عن الـ 300 دولار التي لم تصل إلى نسبة كبيرة من الأساتذة، ليكون الأستاذ تقاضى راتبه المضاعف والذي يصل بالحد الأعلى إلى 10 ملايين ليرة أي أقلّ من 100 دولار على سعر السوق السوداء و150 دولارًا على سعر صيرفة إضافة إلى 100 دولار إذا كان من المحظوظين الذين وصلتهم الحوافز.

لم ينطلق العام الدراسي هذا العام في موعده بسبب إضراب الأساتذة الذي انتهى بعدما وعدت وزارة التربية الأساتذة في التعليم الرسمي بـ  130 دولارًا شهريا كحوافز و3 رواتب أقرّت في الموازنة العامة وبدل نقل يساوي تقريبًا 120 ألف ليرة يوميًا. لم يرض الأساتذة بهذه الوعود وصوّتوا بجمعيّات عموميّة على عدم العودة، إلّا أنّ الروابط أعلنت العودة في 11 تشرين الثاني في قرار يكرّر الأساتذة وصفه بـ “تزوير موصوف لإرادتهم في الجمعيات العمومية”.

يوم 11 تشرين الثاني عاد الأساتذة إلى التعليم باستثناء ثانوية واحدة هي ثانوية نبيل أديب سليمان في بعلبك الهرمل التي استمرّت بالإضراب، وأعلنت الانتفاضة على رابطة التعليم الثانوي. “البداية كانت فردية” يقول أستاذ اللغة العربيّة والناظر في الثانوية النقابي حسن مظلوم الذي يروي لـ “المفكرة”: “بعدها بأسبوع واحد اتخذ فرع بعلبك الهرمل قرارًا في جمعيات عمومية بالتوقّف عن التعليم، فوصلت نسبة عدم الالتزام بقرار الرابطة العودة، أي نسبة الإضراب أو التوقّف القسري عن التعليم إلى 90% في مدارس بعلبك الهرمل، وبالتزامن بدأت الأقضية تتحرّك فانضمّ إلى ما بدأ يُطلق عليه “انتفاضة الأساتذة” فرع عالية وعكّار والنبطية وتوسّع ليشمل جميع المحافظات والأقضية.

بدأت رقعة الإضراب والخروج عن قرار الرابطة بالاتساع تحديدًا مع عدم وفاء الوزارة بوعودها التي عاد على أساسها الأساتذة، واكتفت بإعطاء بدل النقل المتراكم عن العام الماضي، فضلًا عن مساعدة اجتماعية عن شهر واحد من العام الماضي أيضًا، وكانت تقسّط الراتب الذي كان يخسر قيمته بسبب ارتفاع سعر منصّة صيرفة المستمر، في وقت أعلنت فيه صراحة عدم توفّر أموال لتغطية الحوافز، ملقية باللائمة على الجهات المانحة التي لم تغطّ تمويل الحوافز.

ومع اتساع رقعة الإضراب والتمرّد على قرار الرابطة وشعور الوزارة بأنّ الأمور تخرج من يدها، لجأت الأخيرة إلى الضغط على الأساتذة  من خلال رفع وتيرة الاستدعاءات والتنبيهات والمناقلات الكيديّة، “وكلّ تلك الإجراءات كانت تستهدف تحديدًا الأساتذة الذين كانوا يرفعون الصوت، فثانوية أديب سليمان وحدها كان نصيبها 40 تنبيهًا”.

نتيجة عدم وفاء الوزارة بوعودها وتمرّد الأساتذة وإعلانهم التوقّف القسري عن التعليم، اضطّرت روابط التعليم الرسمي إلى إعلان الإضراب لمدة أسبوع في 9 كانون الثاني الماضي، وعملت على تمديده غير مرّة حتى استمرّ إلى آذار الماضي.

 كما كان التخبّط دفع رئيسة رابطة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان ملوك محرز إلى الاستقالة من الرابطة، متحدّثة عن “سلوك سياسي أقلّ ما يقال فيه إنّه عهر معطوف على شبكة محاصصات ومؤامرات مصحوبة بنكايات ونكد أودى بالبلاد الى شفير جهنّم، وعن انشغال المسؤولين السياسيين فيه بحصصهم ومكاسبهم من دون أن يرفّ لهم جفن إزاء انهيار كل البلد ومعه قطاع التربية والمعلمين”. ووصف عدد من الأساتذة الاستقالة حينها بالـ “فقاعة ومحاولة لغسل اليدّ من تخلّي الرابطة عن دورها النقابي لصالح خدمة أجندات السلطة والأحزاب السياسيّة”.

وأمام هذا الواقع أيضًا، أعلنت وزارة التربية توقّف التعليم بعد الظهر في المدارس الرسمية لغير اللبنانيين، وذلك إلى حين التوصّل إلى حلّ لمسالة التعليم قبل الظهر، في محاولة منها للضغط على الدول المانحة لتأمين أموال الحوافز.

ومع استمرار الإضراب، أعلن وزير التربية ما اعتبره “بشرى سّارة” معزّزة للإنتاجية أتت، حسب قوله، بالتنسيق مع الجهات المانحة، وكانت عبارة عن 5 دولارات باقتراح من المكاتب التربوية، حسب الأساتذة، عن كلّ يوم حضور وتدريس، الأمر الذي رفضه الأساتذة معتبرين الخطوة بمثابة إهانة لهم واستخفاف بحجم الأزمة التي يعانون منها.

استمرّ الإضراب تحت “عباءة” روابط التعليم ولو شكليًا إذ كان إعلانها للإضراب “محاولة للإيحاء بأنّها لا تزال تملك القرار” حسب مظلوم، إلى أن أعلنت في الخامس من آذار العودة التي وصفتها بـ “المشروطة” إلى التدريس وأيضًا من دون العودة إلى جمعيات عموميّة، متذرّعة بأنّها طرحت مبادرة على الوزير ووافق عليها تقضي بإعطاء 125 دولاراً بدل إنتاجية و5 ليترات بنزين يوميًا. فكان الردّ في اليوم التالي تظاهرة حاشدة للأساتذة أمام وزارة التربيّة أعلن خلالها أساتذة الثانوي استمرارهم في الإضراب، فلم ينجح قرار الروابط بإعادة فتح الثانويّات فيما التزم أساتذة الأساسي بالقرار وعادوا بمعظمهم إلى صفوفهم.

وكانت لجنة التنسيق أجرت استبيانًا أوّل من أمس، 11 نيسان 2023، لإحصاء عدد الأساتذة الممتنعين عن التعليم شارك فيه 2667 أستاذًا بيّن أنّ عدد الأساتذة الممتنعين كليًّا كان 2382 بينما الباقون ممتنوعون جزئيًا.

من تظاهرة السادس من آذار رفضا لقرار العودة من دون تحقيق المطالب

إعلان لجنة انتفاضة الأساتذة

شكّل يوم السادس من آذار نقطة مفصلية، فتواجُد الأساتذة لا سيّما أساتذة الثانوي في الشارع بدلًا من صفوفهم وإقفال الثانويات بنسبة تتجاوز 80% في مختلف المناطق على الرغم من قرار الروابط العودة “كانا بمثابة تأكيد علني بأنّ هذه الرابطة ما عادت تمثّل الأساتذة، فهي لم تمُن على أكثر من 20% من الأساتذة الثانويين” كما يقول مظلوم. ويشير إلى أنّه كان لا بدّ من أجل استكمال الانتفاضة الانتقال من العفوية إلى التنظيم، فولد ما سُميّ “لجنة انتفاضة الأساتذة” المكوّنة من 13 عضوًا من نقابيين يمثلون مختلف المحافظات بعيدًا من المحاصصات الطائفية والحزبية ولتشكّل بديلًا نقابيًا بحكم الأمر الواقع.

ويعتبر الأستاذ الثانوي هلال فتال، أحد أعضاء “لجنة الأساتذة المنتفضين” في منطقة عكّار، تشكيل اللجنة نتيجة حتميّة للفراغ الذي تركته رابطة التعليم الثانوي بعد تقاعسها عن الدفاع عن حقوق الأساتذة وفشلها في أن تكون كما من المفترض أداة نقابيّة. ويضيف في حديث مع “المفكرة”: “كانت الانتفاضة عفوية ولم يكن لها قيادة، إنما مجموعة من الأساتذة تحاول أن تنسق ما وراء الكواليس، وعندما تراجعت الرابطة وأعلنت العودة ولم يستجب لها إلّا القليل، علت أصوات بعض الزملاء بضرورة  وجود لجنة واضحة، أعضاؤها معروفون ومتوفّرون، يكون لها شرعية وإن كانت غير منتخبة كما الرابطة، تفاوض باسمهم”.

وبالتأكيد، لم يحصل إعلان اللجنة بين ليلة وضحاها بل نتيجة تراكم مجهود وعمل على مدار سنة كاملة، إذ يقول فراس حريري الأستاذ الثانوي في صور والعضو في اللجنة، في حديث مع “المفكرة” أنّ الأمر بدأ العام الماضي بتشكيل مجموعات حسب المناطق وبدأ الأساتذة الانضمام إليها على نطاق واسع لا سيّما مع الاتفاق الضمني بأن يكون الخطاب مطلبيًا فقط بعيدًا من أي تصنيفات سياسيّة. بعدها كان هناك حاجة لإيجاد رأس ناظم في كلّ منطقة لتقريب وجهات النظر. ويقول: “بما أنّنا سنفاوض في النهاية مع المعنيين، كان لا بدّ من توحّد الجهود وصياغة المطالب والاتفاق على السقوف العليا والدنيا والآلية حتى لا يتمّ اختراقنا، وهكذا شكّلنا لجنة من 15 عضوًا من نقابيين موثوقين وبدأنا نحضّر لخطوات لاحقة”.

تعمل اللجنة حاليًا على مسارات ثلاث حسب حريري، أوّلها التواصل مع الأساتذة من أجل توحيد اللغة المطلبية والرد على تساؤلاتهم، والمسار الثاني قانوني عبر التواصل مع قانونيين ومؤسسات تعنى بالقانون لإيجاد سبل لحماية الأساتذة الذين يتعرّضون لإجراءات تعسّفية عبر استخدام مواد العقوبات الواردة في نظام الموظفين في غير مكانها.

وفي هذا الإطار يعمل الأساتذة وبعد حصولهم على استشارات قانونيّة على الطلب من مديري المدارس التوقيع على عدم اعتبار الأستاذ الحاضر الممتنع عن التعليم متغيّبًا، وهذا كان سلاحًا يستخدم من قبل بعض المديرين لترهيب الأساتذة.

أمّا المسار الثالث الذي يتحدّث عنه حريري فهو التفاوض وإحداث خرق للحديث مع المعنيين عن الملف التربوي وفي الإطار التقت اللجنة بنوّاب في لجنة التربية النيابيّة، كما حاولوا لقاء وزير التربية الذي أعطاهم موعدًا ثمّ أجّله، “تأجيل بطعم الإلغاء، الوزير استجاب لتدخلات سياسية من الرابطة، لعدم إعطائنا شرعية نقابية” يقول حريري.

عند الحديث عن حراك الأساتذة أو ما يسمّيه هؤلاء انتفاضة وُلدت منها لجنة تنسيق، يعود رئيس التيّار النقابي المستقلّ جورج سعادة إلى ما قبل الانتخابات الأخيرة لرابطة الأساتذة الثانويين حين كانت هناك محاولة لتوحيد جهود القوى المعارضة والمستقلّة في وجه أحزاب السلطة بخاصّة أنّ الظروف كانت مؤاتية حينها ولكنّ الأمر لم يحصل. ويعتبر في حديث مع “المفكرة” أنّ اللجنة خطوة أولى للتنسيق بين قوى المعارضة وأنّ الرابطة بما تمثله من أحزاب السلطة ربحت انتخابيًا وأخذت الشرعية، ولكنها لم تعد إلى الجمعيات العمومية وإذا عادت فلم تلتزم بقراراتها لذلك ولدت لجنة التنسيق لتسعى بكل ما أوتيت من قوّة كي تكون إطارًا يجمع المعارضة وربما تُعيد مجد “هيئة التنسيق النقابي” قبل العام 2014.

ويشرح سعادة أنّ دور اللجنة حاليًا هو تنسيقي للانتفاضة بهدف تعزيزها وتفعيلها قائلًا: “إذا استطعنا أن نؤسّس لقيادة معارضة جديّة، سنكون أحرزنا ما كنّا نطمح له قبل الانتخابات”.

من تظاهرة السادس من آذار رفضا لقرار العودة من دون تحقيق المطالب

العقبات وأوراق الضغط

صحيح أنّ الانتفاضة ومن خلفها اللجنة استطاعت حتّى اللحظة الحفاظ على موقف موحّد وجمع 80% من أساتذة الثانوي حول خطاب مطلبي موحّد إلّا أنّه ليس من السّهل “تقبّل السلطة أو الرابطة ممثلة السلطة حركة نقابيّة حقيقيّة مرجعيتها الأساتذة وليس أحزاب السلطة” كما تقول الأستاذة عذراء قانصوه عضو اللجنة في النبطيّة. ويشير في حديث مع “المفكرة” إلى أنّ التحدّي الأساسي في هذه المرحلة هو حماية الأساتذة المنتفضين، فالغطاء القانوني للتحرّكات من المفترض أن تؤمّنه الروابط إذا ما كانت تقوم بدورها، “نحن كلجنة لا نملك هذا الغطاء، ونعمل على تأمينه” تقول قانصوه.

تتحدّث قانصوه عن ضغوطات تُمارس من قبل أعضاء الرابطة الذين يحاولون التواصل مع أعضاء اللجنة والأساتذة المنتفضين “فرادى” ومحاولة بثّ الشائعات والتهويل عليهم بهدف تفريقهم.

وكانت اللجنة اجتمعت مع الرابطة بعدما طالب عدد من الأساتذة المنتفضين بذلك مع علمهم المسبق بأنّ الرابطة ليست صاحبة قرار بل المكاتب التربويّة فكانت النتيجة “طلاقًا كاملًا مع الرابطة” حسب عدد من الأساتذة إذ أصرّ أعضاء الرابطة على عدم العودة إلى جمعيات عمومية، الأمر الذي دفع الأساتذة إلى التمسّك أكثر بخيار الانتفاضة واللجنة.

 ومن أساليب الضغط التي تحاول الوزارة العمل عليها أيضًا إلى جانب الاستدعاءات والتنبيهات والمناقلات الكيديّة، محاولة استبدال الأساتذة الممتنعين عن التدريس بأساتذة من المتعاقدين هذا فضلًا عن محاولة دمج طلاب التلامذة في الثانويات التي لم تلتزم بقرار العودة إلّا أنّ الأمر لم ينفع نظرًا إلى عدم كفاية الصفوف ونظرًا إلى العجز عن تأمين الأعداد المطلوبة من الأساتذة.

هذا وتراهن السلطة حسب الأساتذة على عامل التعب حسب ما يقول حريري:” لأول مرة يصمد الأساتذة 4 أشهر بإضراب غير مغطى من الرابطة، وهذا يستنزف الأساتذة فهم يتعرضون لضغوطات غير مسبوقة سياسية ومجتعيّة وإدارية ومادية ونفسية يقول حريري.

ويعتبر حريري أنّ مراهنة السلطة على تعب الأساتذة تقابلها مراهنة من اللجنة على تعنّت الوزارة والسلطة بأكملها في وقت لا يمكن عمليًا للأستاذ أن يعود إلى التعليم، مضيفًا: “لا إمكانية للعودة وإذا عدنا، هل حضّرت الوزارة خطة لاستمرار العام الدراسي المقبل، نحن حريصون على استمرار التعليم الرسمي، ولا بدّ أن نأخذ ما يؤمّن استمراره بالحد الأدنى، فلتبادر الوزارة لتقديم شيء بهذا الخصوص، ونحن لدينا أيضًا اقتراحات لنقدّمها لها”.

ويرفض الأساتذة المنتفضون تصوير معركتهم كمعركة “بدل نقل أو بنزين” كما حاول عدد من الأحزاب الفاعلة عبر تقديمها البنزين أو بدل نقل للأساتذة في محاولة لإعادتهم. وتقول قانصوه: “انتفاضة الأساتذة انتفاضة وطن، التعليم الرسمي يبني وطنًا، وهم لا يريدون بناء وطن، يتبعون سياسة التطفيش للقضاء على التعليم الرسمي، حتى إصرارهم على إجراء الامتحانات ليس انطلاقًا من منظور تربوي بل استجابة لمصالح المدارس الخاصة، نحن نريد إعادة الاعتبار للتعليم الرسمي”.

ويسأل الأساتذة لماذا تركّز الوزارة على صفوف الشهادات من دون الالتفات إلى باقي الصفوف الثانوية الذين لم يتلقوا حقّهم أيضًا من التعليم هذا العام.

ومن هنا يُحدّد الأساتذة المنتفضون مطالبهم حسب الأولويّات بدءًا من تصحيح الرواتب بما يضمن عيشًا كريمًا للأستاذ وتأمين الحد الأدنى للاستشفاء كمدخلين أساسيين للعودة والعمل على خطط تربوية تعيد الاعتبار إلى التعليم الرسمي.

في ظلّ هذه التحدّيات يصبح السؤال الأساسي هو ما هي الأدوات التي تملكها اللجنة. وفي هذا الإطار توضح قانصوه أنّ الوسيلة الأولى للضغط هي استمرار الأساتذة بالإضراب إلى جانب التحرّكات والاعتصامات، مذكّرة بالاعتصامات التي حصلت في المناطق والتي كانت حاشدة وجامعة.

وفي الإطار تحاول اللجنة أيضًا التنسيق مع الطلّاب وأهاليهم وتوحيد جهودهم باعتبار أنّ الموضوع يعنيهم بشكل أساسي، وكان اعتصم أوّل من أمس عدد من تلامذة المدارس الرّسمية أمام وزارة التربية، مطالبين بحقوق الأساتذة حتى يتمكّنوا من العودة وبالتالي إكمال العام الدراسي. ويُشار إلى أنّها المرّة الأولى التي يتحرّك فيها التلامذة إذ كان بعضهم يكتفي بالمشاركة في اعتصامات الأساتذة.

من تظاهرة السادس من آذار رفضا لقرار العودة من دون تحقيق المطالب

وفي إطار التحرّكات أيضًا، قد يلجأ الأساتذة المنتفضين إلى الاعتصام أمام الثانويات التي تفتح أبوابها وحثّ مدرائها وبشكل ديمقراطي على الإقفال.

وفي الحديث عن أوراق الضغط، يعوّل الأساتذة على ورقة الامتحانات الرسميّة التي تصرّ وزارة التربية حتى اللحظة على إجرائها، وفي هذا الإطار يقول مظلوم: “إذا قرّرت الوزارة إجراء الامتحانات من دون عودة الأساتذة، سنطعن بقرارها أمام مجلس شورى الدولة لأنّها تكون بذلك تخالف الدستور الذي ينصّ على العدالة في التعليم فكيف يمكن إجراء امتحانات وهناك تلامذة بالكاد درسوا 30% من المنهج المكرّر”. ويشير إلى أنّ الأساتذة المنتفضين لن يسمحوا لأي ومركز أن يفتح لإجراء الامتحانات، وأنّ امتحانات الشهادة الثانويّة لن تُجرى من دون العودة إلى التدريس.

يعتبر الأساتذة أنّ اللجنة أصبحت مرجعية نقابية بحكم الأمر الواقع، لأنّ الشرعية لا تستمد من السلطة، إلّا أنّها ليست رابطة بل بديل نقابي مؤقت في هذه المعركة، ويمكن بعد انتهاء المعركة الحالية تحويلها إلى مشروع نقابي حقيقي، إذ إنّه يمكن توسعتها لتشمل أساتذة التعليم الأساسي، ولكنّ دورها حاليًا تنسيقي محدّد بخوض معركتهم الآنيّة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني