معوّقو 4 آب المنسيّون: الدولة لا تعرف حتى أعدادهم (1)


2023-08-02    |   

معوّقو 4 آب المنسيّون: الدولة لا تعرف حتى أعدادهم (1)

ثلاث سنوات مرّت على تفجير 4 آب، وعدد كبير من ضحاياه الذين اعتقدنا لمجرّد عدم إدراج أسمائهم بين القتلى أنّهم نجوا، ما زالوا عالقين في تلك اللحظة. منهم من هو حبيس غرفة لا يغادرها إلّا بسيارة للصليب الأحمر تقلّه لمراجعة طبيّة. ومنهنّ من هي حبيسة منزل مهما اتّسع يبقى ضيّقًا. وجميعهم حبيسو إعاقات استجدّت، وحبيسو وطن لم يكلّف حكّامه أنفسهم عناء إحصاء عددهم.

المؤكّد حتى اللحظة أنّ لا جهة رسميّة معنيّة ولا حتى الجيش، أحصت أعداد المصابين الذين أصبح لديهم إعاقات دائمة. فالعدد المتداول أي 250 هو ما توصّلت إليه بعض الجمعيات المعنيّة وتحديدًا الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركيًا، عبر جمع الأرقام من جهات مختلفة ومقارنتها، من ضمنهم 80 شخصًا كان لديهم إعاقات وتسبّب لهم التفجير سواء بإعاقات إضافيّة أو بإصابات زادت وضع إعاقتهم سوءًا.

في الذكرى الثالثة لتفجير مرفأ بيروت، تواصلت “المفكّرة القانونيّة” مع عدد من الأشخاص الذين تسبّبت لهم إصاباتهم بإعاقات دائمة، ومع الجهات المعنيّة وتحديدًا وزارتي الشؤون الاجتماعيّة والصحة، ليتبيّن أنّ هناك مئات الأشخاص يخوضون رحلة العلاج وحدهم وأنّ ما تقدّمه الجهات المعنيّة تحوّل إلى حبر على ورق لا سيّما في ظلّ انهيار قيمة الليرة.

يكرّر من تواصلت معه “المفكرة” من المصابين الذين أصبحوا معوّقين الكلام نفسه، يتحدثون عن أنّهم منسيّون وغير مرئيين بالنسبة للدولة، وعن معاناة يوميّة نفسيّة وجسديّة أوصلت بعضهم إلى حدّ اليأس وعدم الرغبة في الكلام.

“إذا كنت لا أزال بحاجة إلى رفع الصوت لأذكّر بأنّني موجود بعد ثلاث سنوات، الأفضل أن لا أتحدّث، ما لم ينفع في الماضي لن ينفع اليوم”. “بعدني طالعة من عمليّة، ما بدي إحكي قصتي، الدولة بتعرفها وما بدها تشوفها، شوفوا غيري يحكي أنا تعبت”. هكذا ردّ بعض الضحايا الذين باتوا أشخاصًا معوّقين نتيجة 4 آب، عندما تواصلنا معهم ورفضوا الحديث عن أوضاعهم. أمّا من وافق على إخبار قصّته فلم تكن حاله أفضل، إنّ أنّ الشعور بعدم جدوى الكلام كان عنصرًا مشتركًا تمامًا كما الألم ورحلات العلاج.

في هذا التحقيق من جزئين، تواصل “المفكرة” متابعة أوضاع ضحايا الرابع من آب الذين تسبّبت لهم إصابتهم بإعاقات دائمة، فنرصد في الجزء الأول غياب دور الدولة بدءًا من عدم إحصاء عددهم وصولًا إلى إعادة دمجهم بالمجتمع ومرورًا برحلاتهم العلاجيّة المستمرة حتّى اللحظة. ونخصص الجزء الثاني لقصص عدد من الضحايا الذين يعيشون الرابع من آب يوميًا مع إعاقاتهم المستجدّة. 

لا توجد إحصاءات دقيقة

ثلاث سنوات مرّت على ذلك التفجير، وما من جهة رسميّة معنيّة استطاعت أن تُجيبنا على سؤال بديهي وهو عدد الأشخاص الذين سبّبت لهم إصاباتهم إعاقات دائمة، وعن حالهم. وزارة الصّحة وعلى لسان مدير العناية الطبيّة فيها الدكتور جوزيف الحلو، أبلغت “المفكرة” أنّ الأرقام المتوافرة لديها تتحدّث عن 7 آلاف جريح ولكن العدد قد لا يكون دقيقًا إذ إنّ عددًا كبيرًا ممن دخلوا المستشفى يوم التفجير لم تسجّل أسماؤهم لعدم وجود أوراق ثبوتيّة معهم.

وعند سؤالنا عن الجهة المسؤولة عن هكذا نوع من الإحصاء، يُجيبنا الحلو أنّه بعد تفجير 4 آب تمّ تشكيل لجنة في مجلس الوزراء برئاسة وزارة الدفاع لمتابعة أوضاع الشهداء والمصابين.

وبما أنّنا نتحدّث عن أشخاص معوّقين سألنا السؤال نفسه لوزارة الشؤون الاجتماعيّة فأوضحت مديرة برنامج تأمين حقوق المعوّقين في الوزارة هيام فاخوري أنّ البرنامج يعتمد في عمله آلية الإحصاء بالتسجيل، إذ يتمّ تسجيل من يأتي إليها طالبًا بطاقة معوّق بعد التأكّد من أنّه يستوفي المعايير المطلوبة. وتشير إلى أنّه لم يكن من الممكن تعديل هذه الآلية إثر تفجير 4 آب. كما لم يتبلّغ البرنامج أيّ عدد من قبل وزارة الصحة العامة أو أي جهة أخرى.

 وتّضيف فاخوري أنّ عدد الأشخاص الذين حصلوا على بطاقة معوّق إثر إصابتهم في تفجير 4 آب  كان 30 شخصًا حتى نهاية العام 2021، وأنّه في غياب أي معلومات حول الإصابات التي تسجّلت سواء من قبل الجيش اللبناني أو المستشفيات، لا يمكن تقدير إذا كان هذا العدد يمثل الواقع أم لا.

وتُضيف فاخوري أنّ لبنان وقّع في شباط 2023 على الاتفاقيّة الدولية لحقوق الأشخاص المعوّقين التي تفرض على أي جهة تقوم بأي نوع من الإحصاء وبالطبع ضمنه إحصاء جرحى الكوارث مثل تفجير 4 آب، أن تشير إلى موضوع الإعاقة. وتوضح أنّ شروط هذه الاتفاقيّة لم تكن ملزمة للبنان عند إجراء الإحصاء سابقًا، وأنّه نظريًا وحسب القانون 2000/ 220 المتعلّق بحقوق الأشخاص المعوّقين، على المستشفيات أن تبلّغ عن أي حالة إعاقة استجدّت وأن توجّهها إلى الجهات المعنيّة.

بعيدًا من الجهات الرسميّة، يُشير عضو الإتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا جهاد إسماعيل إلى أنّه ولغاية هذه اللحظة  تُشير أرقام الاتحاد وكجهة متابعة، إلى تسبّب تفجير المرفأ بـ 6 آلاف إصابة 227 شهيدًا إذا ما أضفنا الجرحى الذين توفوّا في السنوات التي تلت التفجير متأثرين بإصاباتهم.

أمّا في ما خصّ الأشخاص الذين أصبح لديهم إعاقات دائمة، فيشير جهاد إلى أنّ مجموع من عرف بهم الاتحاد هو 250 شخصا، ضمنهم 80 كان لديهم إعاقات وتسبّب تفجير 4 آب لهم إمّا بإعاقات إضافيّة أو بإصابات زادت وضع إعاقتهم سوءًا.

ويلفت إسماعيل إلى أنّ لا جهة واحدة تملك إحصاء شاملًا وأنّ أرقام الاتحاد هي نتيجة جمع المعلومات من مصادر عدّة منها الصليب الأحمر والجيش وعدد من الجمعيات والمستشفيات، وأنّه لا يمكن القول إنّ هذا العدد نهائي بل هو عدد من “عرفنا به، ومن وصلنا إليه أو وصل لنا” مع ترجيح أن يكون العدد أكبر لا سيّما أنّه وبعد مضي ثلاث سنوات على التفجير “لا زلنا نكتشف أشخاصًا جدد سبّب لهم التفجير إعاقات دائمة”.

ويقول إسماعيل إنّ “المعلومات عن العدد أو نوع الإصابات لا توجد بكل أسف في مكان واحد، نحن وغيرنا عملنا على التوثيق واعتمدنا على مصادر مختلفة، وقارنّا المعلومات لنصل إلى ما نقوله اليوم”.   

ويرى أنّه كان على وزارة الصحة ومن خلال المستشفيات الخاصة والحكوميّة أن تكون قد تزوّدت بعدد وأسماء الأشخاص الذين أصبحوا معوّقين بسبب إصابتهم، وأنّه كان يجب أن يكون لديها تقرير مفصّل عن كل حالة، وأن تكون قد بلّغت وزارة الشؤون بالعدد مضيفًا: “هذا ومن خلال متابعتنا لم يحصل بكل أسف”.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ مبادرة “معًا” (مبادرة العدالة الاقتصادية والاجتماعية) استطاعت أن تصل إلى 200 شخص تسبّب لهم التفجير بإعاقات متفاوتة ومنها دائمة ووثّق حالة 146 شخصًا منهم عبر مواد مكتوبة أو مرئيّة نُشرت على موقع بيروت 607.

وفي حين أنّ عدد الأشخاص الذين أصبحوا معوّقين جرّاء التفجير غير معروف حتّى اللحظة، يٌشير جهاد إلى أنّه ومن خلال الأشخاص الذين نعرف بإصاباتهم تتوزّع الإعاقات بشكل أساسي بين حركيّة وبصرية وسمعية فيما تشير وزارة الشؤون لـ “المفكرة” إلى أنّ أنواع الإعاقات المرتبطة بالتفجير والتي طلب أصحابها  على أساسها بطاقة معوّق من الوزارة فهي بشكل أساسي حركيّة وبصريّة.

أمّا عن نسبة من بات غير قادر على العمل من هؤلاء الأشخاص الذين تسبّبت إصاباتهم بإعاقة دائمة، فيقول جهاد إنّ لا إحصاء دقيقًا بهذا الشأن، وإنّما النسبة التي يمكن التحدّث عنها ومن خلال عيّنة صغيرة  يتواصل معها الاتحاد بشكل دائم فهي تقدّر بـ 70%.

تقديمات الجهات الرسميّة حبر على ورق

عدم إحصاء الجهات المعنيّة عدد الأشخاص الذين أصبحوا من المعوّقين إثر إصابتهم في تفجير 4 آب، يُحيلنا تلقائيًا إلى السؤال عن كيقيّة وصول الدولة ومؤسّساتها المعنيّة إليهم للقيام بواجبها في متابعتهم صحيًّا ونفسيًّا وإعادة تأهيلهم. 

يكرّر الضحايا الذين التقتهم أو تواصلت معهم “المفكرة” الإجابة نفسها تقريبًا فيما خصّ المتابعة التي حصلوا عليها من الوزارتين المعنيتين مباشرة أي وزارة الشؤون الاجتماعيّة ووزارة الصحّة. إذ يؤكّد هؤلاء الضحايا بأنّ دور الأخيرة انتهى إمّا بعد أوّل مراجعة لهم للمستشفى والتي غالبًا ما كانت يوم الانفجار أو بعده بأيام قليلة، أو بعد أوّل عملية جراحيّة أجروها في الأشهر الأولى التي تلت الإصابة. 

وفي الجانب المتعلّق بوزارة الشؤون، يتحدّث الضحايا الذين حصلوا على بطاقة معوّق عن تحوّل البطاقة إلى مستند بلا قيمة أو بلا تقديمات حقيقيّة، فيما يشير آخرون إلى رفض الوزارة إعطائهم بطاقة معوّق من الأساس.

يشرح مدير العناية الطبيّة في وزارة الصحة الدكتور جوزيف الحلو أنّ الوزارة تعاملت مع تفجير 4 آب كما تتعامل أي وزارة صحة مع الكوارث، إذ عمّمت على المستشفيات استقبال الجرحى على حسابها من دون تمييز بين لبناني وغير لبناني، وتواجدت فرقها على الأرض حتى استطاعت توزيع الجرحى على المستشفيات في مختلف الأراضي اللبنانيّة.

ويلفت الحلو إلى أنّ وزارة الصحة تُغطي كلفة استشفاء مصابي 4 آب بنسبة 100% ولكن قيمة هذه التغطية لا تُذكر لأنّ العقود الموقّعة مع المستشفيات ومع الصناديق الضامنة الرسمية لا تزال على أساس سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة، وبالتالي الفرق الذي يتكبّده المصاب في متابعة علاجه قد يتجاوز آلاف الدولارات. ويعطي مثالًا: إذا كانت فاتورة المستشفى ألف دولار، تغطّي الوزارة مليونًا و500 ألف ليرة أي ما لا يزيد عن 15 دولارًا حاليًا، مذكّرًا بأنّ موازنة وزارة الصحّة كانت 330 مليون دولار وأصبحت تساوي في ظلّ انهيار قيمة الليرة، 20 مليون دولار وذلك في وقت ارتفعت فيه نسبة من تغطيهم الوزارة من 47% من الشعب اللبناني إلى 70%.

ويعتبر الحلو أنّه كان لا بدّ ومباشرة بعد التفجير، إنشاء صندوق خاص لعلاج المصابين لأنّه كان من الواضح أنّ مسار العلاج ىسيكون طويلًا ومكلفًا، وأنّ موازنات الوزارة والجهات الضامنة الرسميّة لن تكون وفي ظلّ الانهيار الاقتصادي قادرة على تحمّل تكاليف رحلات العلاج، مضيفًا أنّه اقترح إنشاء هذا الصندوق مع إقرار موازنة خاصة به، وطلب إدراجه كبند ضمن القانون الذي أُقرّ والمتعلق بضحايا تفجير 4 آب، إلّا أنّ الأمر لم يحصل. 

ويوضح الحلو أنّ الوزارة تحاول مساعدة كلّ من يلجأ إليها ضمن الإمكانيّات وأنّ هناك جمعيات تساعد ودول وبلديات، ولكن كلّ هذه المساعدات تبقى وحسب تعبيره محدودة نظرًا إلى حجم الإصابات وارتفاع تكاليف علاجها، مشيرًا إلى أنّ الوزارة أيضًا يمكن أن تقدّم دعمًا نفسيًا عبر برنامج الصحّة النفسيّة مجانًا لمن يرغب من الضحايا. ويعتبر الحلو أنّه من دون صندوق وموازنة لا يمكن معالجة هؤلاء الأشخاص وأنّ عدم معالجتهم يشكّل جريمة أخرى بحقّهم.

ويدعو الحلو المصابين إلى مراجعة الوزارة إذ تقدّم في بعض الأحيان بعض الدول وضمن بروتوكولات توقّعها مع الوزارة بعض المساعدات العينيّة لا سيّما لناحية الأطراف الاصطناعيّة (بروتيز) كما حصل من فترة مع أطباء من الهند، مؤكدًا أنّ الوزارة تسعى وعند وجود هكذا برامج إلى إعلان الأمر عبر وسائل الإعلام أو التواصل مع الجمعيات المعنيّة أو الأشخاص الذين لديهم ملفات في الوزارة.

الحديث عن تأثير الانهيار الاقتصادي وانهيار الليرة على التقديمات تكرّره أيضًا مديرة برنامج تأمين حقوق المعوّقين في وزارة الشؤون الاجتماعيّة هيام فاخوري، موضحة أنّ وزارة الشؤون وبعد تفجير 4 آب مباشرة تواصلت مع الأشخاص المعوّقين المسجلين عندها والذين تُشير بياناتهم إلى أنّهم يسكنون في المحيط الجغرافي الذي تضرّر من الانفجار والبالغ عددهم حوالي  1200 شخص. وقام فريق عمل بزيارات ميدانية  بهدف مساعدتهم ودعمهم في إطار الدور المناط بها، ووفق الإمكانيات المتاحة، مباشرة او من خلال الجمعيات الأهلية التي كانت تتلقى المساعدات الدولية خلافًا عن الإدارات العامة.

وعن رفض الوزارة إعطاء بطاقة معوّق لأشخاص تسبّبت إصابتهم بالتفجير بإعاقة دائمة، فتقول فاخوري إنّ الوزارة لديها معايير تُصنّف على أساسها من هو الشخص المعوّق الذي يمكنه الحصول على بطاقة، وبالتالي لقد تقدم عدة أشخاص أصيبوا في الانفجار، وإنما كانت إعاقتهم غير مدرجة ضمن هذه التصنيفات. وبالتالي تم استقبالهم وتسجيل طلبهم وفق الأصول المعتمدة، على أن يتم الاتصال بهم في حال تم توسيع نطاق التصنيفات. وتضيف فاخوري أنّ عددًا من الأشخاص تفاقمت إصاباتهم وأدت لاحقًا إلى إعاقات دائمة، وأنّه يتمّ منح البطاقات وفق الأصول للجميع من دون أي تمييز. وتشير فاخوري إلى أنها شخصيًا ناشدت عددًا من الناشطين ضمن جمعيات وتجمّعات المتضررين من تفجير 4 آب، لتوجيه كلّ من يعرفون أنه يعاني من إعاقة سواء بصرية أم سمعية أم حركية، إلى أحد المراكز القريبة من سكنه ليتمّ تشخيصه، وإنما نظرًا لخصوصية موضوع الإعاقة تبقى هذه مبادرة خجولة لا يمكن اعتبارها مقاربة رسمية.

وفي ما خصّ التقديمات التي يحصل عليها الشخص المعوّق بموجب البطاقة، تشير فاخوري أوّلًا إلى أنّ التقديمات لا تميّز بين إعاقة سبّبها تفجير أو إعاقة سبّبها أي أمر آخر، وأنّ البطاقة كانت من المفترض أن تغطي طبابة حاملها بنسبة 100% من قبل وزارة الصّحة، فضلًا عن مساعدات عينيّة مثل حفاضات وكرسي متحرّك ولكن هذه الأمور شبه متوقّفة بسبب خسارة الموازنة قيمتها.

وتعتبر فاخوري أنّ البطاقة حقّ لكلّ شخص معوّق وأنّه إذا كانت حاليًا توقّفت بعض تقديماتها، فهذا لا يعني أنّها أصبحت بلا قيمة، علمًا أنها لا تزال تقدّم إفادات الإعفاءات من الجمارك ورسوم تسجيل السيّارة والبلدية والأملاك المبنيّة فضلًا عن الرعاية في مؤسّسات متعاقدة مع وزارة الشؤون، وإن كانت هذه العقود تواجه مشاكل أعاقت عملها. وتشير فاخوري إلى أنّ الوزارة تعمل على تصحيح هذه العقود لتراعي موضوع انهيار قيمة الليرة، وهي اليوم ومن خلال منظمات الأمم المتحدة تعمل على تأمين مساعدات عينيّة ونقدية لشرائح معينة من الأشخاص، وفق الإمكانيات وسقوف الجهات الممولة وأنه حتى تاريخه لا يوجد في وزارة الشؤون الاجتماعية أي تقديمات مخصّصة للمصابين من انفجار 4 آب من حملة بطاقة المعوّق الشخصية.

وفيما اشتكى بعض الضحايا الذين أصبحوا معوّقين من رفض الوزارة تسجيلهم في برنامج “أمان” أشار مصدر في الوزارة معني بهذا البرنامج أنّ تمويل البرنامج مخصّص فقط لـ 150 ألف عائلة، وأنّ آلية اختيار الأشخاص ممكننة حسب معايير عدة منها الإعاقة التي تًضاف إلى معايير أخرى لا تتوافر عند الأشخاص الذين تمّ رفضهم.

قانون واحد لحظ الأشخاص الذين أصبحوا معوّقين

بعيدًا من التقديمات التي كان من المفترض أن تساعد هؤلاء الضحايا، لم يلحظ مجلس النوّاب أيّ مساعدات إضافيّة، إذ تقول رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا سيلفانا اللقيس، إنّ هناك قانونًا واحدًا لَحَظ الأشخاص الذين أصبحوا معوّقين إثر إصابتهم بتفجير 4 آب، إلّا أنّ هذا القانون استثناهم من التعويضات، وأحالهم إلى القانون المتعلّق بالأشخاص المعوّقين الذي يعود إلى العام 2000 والذي لا يزال غير مطبّق وغير مفعّل. وذلك أيضًا في وقت لا تزال معايير الإعاقة دون المستوى ما يحرم عددًا كبيرًا من الأشخاص من الحصول على بطاقة معوّق.

وتعتبر اللقيس أنّه عند الحديث عن واجب الدولة تجاه هؤلاء الأشخاص لا بدّ من الحديث عن خطة كاملة متكاملة تضمّن علاجهم وتعويضهم بشكل أساسي وبما يؤمّن لهم حقّهم في حياة كريمة وأنّ هذه التعويضات قد تكون من عائدات المرفأ، فضلًا عن فرض توظيف نسبة منهم في المرفأ، وأخذ موضوع إزالة العوائق وإيجاد بيئة ملائمة لهم لا تعيق اندماجهم عند التفكير بأي خطّة لإعادة إعمار المرفأ والمناطق المتضرّرة.

4 ضحايا قتلهم الإهمال

لا يمكن الحديث عن الضحايا الذين أصبحوا من الأشخاص المعوّقين من دون الإشارة إلى أنّه وبعد التفجير تُوفيّ 4 أشخاص متأثرين بإصابات تسبّبت لهم بإعاقة، ومنهم من كان إهمال العلاج والمتابعة السبب الأساسي لتأزّم حالته الصحيّة.

وفي هذا الإطار تقول سيلفانا اللقيس، إنّ هؤلاء الأربعة هم من عرفنا بهم إذ يمكن أن يكون العدد أكبر. وتُشير إلى أنّ الأشخاص هم جورج حرب الذي توفي العام الماضي بعدما تسبّبت له إصابته بالشلل ودخل في غيبوبة. وعباس مظلوم الذي تسبّبت له إصابته بإعاقة حركيّة وتوفي بعد الانفجار بسنة ونصف السنة تقريبًا، بعدما وضعت في ظهره سياخ غير مناسبة، فتدهورت حالته لعدم وصوله للعلاج المناسب. وعبد الرحمن بشناتي الذي بترت رجله بعد الانفجار، وأصبح يعاني من مشاكل في الشرايين ما جعله بحاجة إلى عمليّة لم يُجرها بسبب التكاليف، تمامًا كحال خضر الجوني الذي لم يصل إلى العلاج المناسب فتوفيّ متأثرًا بجراحه.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، تشريعات وقوانين ، الحق في الحياة ، الحق في الصحة ، حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، فئات مهمشة ، لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني