مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين: نحو قانون مذهبي؟


2021-10-22    |   

مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين: نحو قانون مذهبي؟
رسم عثمان سالمي

في بداية شهر يوليو 2021 أعلنت الحكومة والكنائس المصرية توصّلها إلى مسودّة مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية للمسيحيين. وقد توافق ممثّلو الكنائس المصرية على مسودّة القانون بعد أشهر من الاجتماعات مع إدارة التشريع في وزارة العدل، التي يُفترَض أن تعرضه على مجلس الوزراء لمناقشته تمهيداً لإرساله إلى البرلمان[1]. وقد أتى مشروع القانون متوازياً مع الإرادة السياسية للحكومة المصرية، وسنعرض أهمّ موادّ مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد وإشكاليّات الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين التي نُشِرت في بعض الصحف وتداولتْها بعض المصادر الكنسية، حيث لا توجد نسخة رسمية متداولة حتّى اللحظة. وبحسب مصادر كنسية شاركت في إعداد مشروع القانون، يتكوّن مشروع القانون من 284 مادّة ويضمّ أبواب عدّة تشمل: الزواج وما يتعلّق به من خطبة وأركان الزواج وشروطه وموانع الزواج وإجراءات الخطبة والزواج وحقوق الزوجين وواجباتهما، والنفقات، وما يجب على الولد لوالديه، وما يجب له عليهما من ثبوت النسب، وانحلال الزواج – الطلاق – حيث تمّ التوسّع في أسبابه لتشمل الزنا الحكمي والانحلال المدني للزواج بالفرقة.

 

غموض وسرّية حول مشروع القانون

على الرغم من أهمّية مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين بالنسبة إلى ملايين المواطنين والمواطنات ليس في استطاعة أيّ من المهتمّين به الحصول على مسودّة رسمية مُعتمَدة للاطّلاع عليها ومناقشتها بشكل جدّي. وسبب ذلك أنّ الحكومة المصرية تتعامل بتكتّم وسرّيّة شديدة إزاء تفاصيل مشروع هذا القانون، الذي تعتبره شأناً خاصّاً بالحكومة المصرية والكنائس المصرية المسؤولة من وجهة نظرها عن “رعاياها المسيحيين”. بالتالي، لم يُعلَن، منذ بدء النقاشات في 2014، عن ملخّصات اجتماعات الحكومة مع ممثّلي الكنائس، كما لم تُوسَّع تلك الاجتماعات لتشمل عدداً من المواطنين المسيحيين ومنظّمات المجتمع المدني المعنيّة بحقوق المرأة وقضايا الأحوال الشخصية لتسمع أهمّ شكاواهم واقتراحاتهم في شأن مشروع القانون الجديد.

ويمكن إرجاع تهرُّب الحكومة المصرية من فتح نقاش مجتمعي موسَّع حول مشروع القانون إلى التذبذب بين تبنّيها تشريعات الدولة الدينية وتشريعات الدولة المدنية. فمن ناحية، تحاول الحكومة المصرية صياغة تشريعات دينية مسيحية في قالب قوانين مدنية. ومن ناحية أخرى، تحاول انتزاع توافق بين الكنائس والطوائف المسيحية المصرية حول مسودّة مشروع القانون على الرغم من اختلافهم العقائدي والمذهبي الكبير، في محاولة مضنية للجمع بين الأضداد. لهذا، إنّ أيّ نقاش مجتمعي حقيقي حول مشروع هذا القانون سوف ينسف مشروع هذا القانون ويؤدّي إلى التطرُّق إلى ما لا تريد الحكومة المصرية نقاشه، وهو اتّخاذ موقف واضح من تشريعات الدولة الدينية وتشريعات الدولة المدنية.

 

فلسفة مشروع القانون

أوّلاً: تفعيل الاستحقاق الدستوري للمسيحيين بالاحتكام إلى شرائعهم

يُعتبَر مشروع هذا القانون المحاولة الجادّة الأولى من قِبل الحكومة المصرية لتفعيل المادّة الثالثة من دستور 2014، التي تنصّ على أنّ “مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية”. وكان المسيحيون المصريون، بخاصّة النساء، يعانون من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في المواريث، وعلى قضايا أحوالهم الشخصية في حالة اختلاف الطائفة والملّة بين الزوجين. لذلك عني مشروع القانون بشكل رئيسي في تنظيم “حقّ الإرث وأحكام الطلاق” وفقاً للشريعة المسيحية باعتبارها أهمّ القضايا التي تحافظ على الصبغة المسيحية لمشروع القانون كما يلي:

 

  • المساواة في الميراث

تنصّ الشريعة المسيحية على المساواة بين الجنسين في حقّ الإرث، ولكن وفقاً للمادّة الثانية من الدستور المصري التي تنصّ على أنّ “مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع” ووفقاً للقوانين المصرية كانت أحكام الشريعة الإسلامية تُطبَّق في الميراث على المواطنين المصريين المسيحيين. ولكن مع صدور دستور 2014، نصّت المادّة الثالثة منه على أنّه يحقّ لغير المسلمين الاحتكام إلى شرائعهم في الأحوال الشخصية، كما أشرنا. ووفقاً لهذه المادّة أصبح من حقّ المسيحين الاحتكام لشريعتهم في المساواة بين الجنسين في حقّ الإرث. ولكن على الصعيد العملي، كان تفعيل هذا الحقّ محلّ جدل. إذ رأت الدوائر القضائية بمعظمها أنّ حقّ غير المسلمين في الاحتكام إلى شرائعهم حقّ دستوري وفقاً لنصّ المادّة الثالثة من الدستور الحالي، لكنه حقّ يحتاج إلى تفعيله عن طريق قانون يصدره المشرّع المصري، بينما أجازت دوائر أخرى تطبيق هذا الحقّ الدستوري في حالة طلب جميع الورثة المسيحيين وموافقتهم على الاحتكام إلى شرائعهم.[2] وهو الجدل الذي حسمه مشروع القانون بالنصّ صراحة على المساواة في الميراث.

 

  • الاحتكام إلى شريعة العقد المسيحي

نظراً إلى تضييق حقّ الطلاق بالنسبة إلى المسيحيين، إلّا لعلّة الزنا وفقاً للائحة 1938، دأب العديد من المسيحيين على تغيير الملّة التي تمّ إثباتها في عقد الزواج والحصول على شهادات ملّية جديدة تمكّنهم من رفع دعاوى طلاق وفقاً للشريعة الإسلامية. تنصّ المادّة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 الخاصّ بالأحوال الشخصية على أنّه “لا تُقبَل دعوى الطلاق بين الزوجين متّحدي الطائفة والملّة إلّا إذا كانت شريعتهما تجيزه”؛ الأمر الذي يعني أنّ في حالة اختلاف ملّة أحد الطرفين، حتّى في تاريخ لاحق على عقد الزواج، تُعتبَر أحكام الشريعة الإسلامية هي الواجبة التطبيق. وحتّى الآن كان هذا المنفذ الإجرائي يُعتبَر من أهمّ الوسائل للحصول على الطلاق بين المسيحيين المصريين.

ولكن، لأنّ الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية تعتبر الزواج سرّاً من أسرار الكنيسة وتوليه أهمّيّة وقدسيّة كبيرة، قرّر مشروع القانون الجديد مبدأ الاحتكام إلى شريعة العقد[3]، أي أنّ في حال تغيير أحد طرفَيْ الزواج ملّته في تاريخ لاحق على عقد الزواج لا يحقّ له المطالبة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على دعوى الطلاق وفقاً للمادّة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 كما أسلفنا. وقد صُمِّم هذا المبدأ لوقف التلاعب بشهادات تغيير الملّة والدين. وتُعَدّ الكنيسة الإنجيلية أكثر الكنائس التي تطاردها اتّهامات بمنح شهادات تغيير ملّة للراغبين بالطلاق، ومنها ما تمّ تداوله مؤخّراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفعها إلى إصدار بيان أكّدت فيه عدم اعترافها بشهادة تغيير الملّة التي تصدر عن أشخاص أو جهات بدون اعتمادها من رئاسة الطائفة الإنجيلية، موضحة أنّ المجلس الإنجيلي العامّ وحده المنوط به إصدار شهادات العضويّة لأبناء الطائفة الإنجيلية في مصر.

 

ثانياً: التوسّع في أسباب الطلاق وأسباب بطلان الزواج

نظراً إلى عدم اعتراف الكنائس المصرية بالطلاق المدني خارج إطار الكنيسة، حاول مشروع القانون التوفيق بين حلّ مشاكل ملايين المواطنين المسيحيين العالقين في محاولات إنهاء زواجهم الحالي ومحاولة الزواج مرّة أخرى، وبين أحكام الشريعة المسيحية التي تقرّر أنّ “الَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ”[4]. وترجع صعوبة التوفيق بين الأمرَيْن إلى أنّ مفهوم الطلاق في المسيحيّة يختلف عن مفهوم الطلاق في الإسلام، حيث لا يباح الطلاق في المسيحيّة إلّا لعلّة الزنا أو الخروج من المسيحيّة. لذلك جاء القانون الجديد ليقرّر في أسباب الفرقة إمكانيّة الطلاق المدني، وهو منح الطلاق في المحاكم للزوجين إذا ثبتت استحالة العشرة واستحالة الحياة الزوجية بين الطرفين بشرط مرور ثلاث سنوات متّصلة بدون أطفال و5 سنوات في حال وجود أطفال من وقت إثبات وجود الخلاف بين الزوجين في الكنيسة أو المحكمة، فتحكم المحكمة بالتطليق المدني أي الانحلال المدني للزواج، بدون إلزام الكنيسة إصدار تصريح زواج ثانٍ لأيّ من الزوجين. كما توسّع في أسباب بطلان الزواج فأضاف إليه عشرة أسباب منها الإدمان.

كما حاول مشروع القانون تطوير مفهوم “علّة الزنا” ليتّسق مع تطوّر الأوضاع الاجتماعية واستند إلى مبدأ الزنا الحكمي وعدم قصرها على العلاقة الجنسية فقط حيث يشمل الزنا الحكمي (المكالمات الهاتفية والمراسلات الإلكترونية والتحريض على الدعارة وتبادل الزوجات والشذوذ). وإن كان يُخشى أن يكون هذا التوسّع في مفهوم الزنا الحكمي على الصعيد الواقعي تحريضاً للزوجَيْن على التلصّص على بعضهما البعض وعلى اختراق خصوصيّة كلٍّ منهما سعياً إلى الإيقاع بالآخر في إطار الزنا الحكمي في حالة وجود خلافات بينهما، أو للانتقام من بعضهما البعض في حالة وجود خلاف حيث يظلّ الطلاق لعلّة الزنا الوسيلة الحاسمة والسريعة للحصول على حكم طلاق برضا الكنيسة.

 

ثالثاً: عدم الاصطدام بأحكام الشريعة الإسلامية

يهدف مشروع القانون في جوهره إلى إعطاء المسيحيين المصريين الحقّ في الاحتكام إلى شرائعهم، إلّا أنّ هذا لا يعني إمكانيّة أن يتناسى مقترحو مشروع القانون الإطار الديني الحاكم للدولة المصرية وفقاً للمادّة الثانية من الدستور المذكورة أعلاه. ولذلك، رغم أنّ الشريعة المسيحية تتضمّن أحكاماً خاصّة للتبنّي أُلغيَ هذا الباب تجنّباً للاصطدام بالمؤسّسات الدينية الإسلامية التي تخشى اختلاط الأنساب وتتّخذ موقفاً محافظاً من التبنّي. وقد أشار المستشار منصف سليمان إلى “أنّ مشروع القانون بشكله النهائي تمّ إلغاء باب التبنّي منه الذي كانت الكنائس اقترحته في السابق”، وذلك خوفاً من إفشال مشروع القانون داخل البرلمان عند مناقشته بسبب موقف الشريعة الإسلامية من التبنّي.

 

اضطهاد الأقلّيّات المسيحية

عِوض أن تلجأ الدولة المصرية إلى صياغة قانون أحوال شخصية مدني شامل وموحَّد لجميع المواطنين المصريين على اختلاف أديانهم قرّرت الفصل بين مواطنيها وإصدار أكثر من قانون للأحوال الشخصية وفقاً لديانة كلّ مواطن. ولكن أدّت هذه السياسة التشريعية إلى وقوع الدولة المصرية في إشكاليّة “لاهوتية” لتحديد أيّ من الطوائف “تمثّل المسيحيين المصريين” في قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين. ولكن لم يكن الأمر بالنسبة إلى الدولة المصرية بسهولة حسم معضلة “المذهب الممثّل لمسلمي مصر أو الدولة المصرية”. ونتيجة لهذا النهج، أغرقت الدولة المصرية نفسها في صراعات وخلافات عقائدية ولاهوتية بين الطوائف المسيحية المختلفة، لدرجة أنّ أحد أسباب تأخير صدور مشروع هذا القانون لمدّة ثلاث سنوات كاملة كان عدم استطاعة الكنيسة الكاثوليكية التوقيع على المسودّة النهائية إلّا بعد موافقة الفاتيكان، إذ طلبت ترجمة مشروع القانون كاملاً إلى اللغة اللاتينية وإرساله إلى الفاتيكان، وقد استغرقت ترجمته ومراجعته وقراءته ثلاث سنوات.

وعليه، عقد ممثّلو وزارة العدل اجتماعات دورية عديدة مع ممثّلي كبرى الطوائف المسيحية في مصر، وهم ممثّلو كنائس “الأقباط الأرثوذوكس، والكاثوليك، والإنجيليين” بينما اعتبرت أنّ باقي الطوائف المسيحية لا تمثّل المسيحيين المصريين بشكل “رسمي وقانوني” في هذا المشروع. وعليه، استُبعدت طائفة “الروم الأرثوذوكس” وطائفة “السبتيين الأدفنتست” وطائفة ” المورمون” وطائفة “شهود يهوه” وطائفة “الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية”. كما سبق واحتجّت كنيسة الروم الأرثوذكس على مشروع القانون في أكتوبر 2020، وقال المطران نيقولا، المتحدث الرسمي باسم كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر، إنّه لم يحضر اجتماعات الكنائس ممثّلون عن بطريركيّة “الإسكندرية وسائر أفريقيا” للروم الأرثوذكس بسبب عدم دعوتهم، وإنّ البطريركيّة علمت بالمشروع من خلال ما تداولته وسائل الإعلام. وأضاف نيقولا، أنّ ما اتّفق عليه المجتمعون لا يلزِم بطريركيّة “الإسكندرية وسائر أفريقيا” للروم الأرثوذكس قانونياً بالموافقة عليه، ولا يُعبّر عنها بأيّ شكل من الأشكال.

كما أكّد الدكتور سامي فوزي رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية أنّ الكنيسة تتمسّك بلائحتها للأحوال الشخصية، لافتاً إلى أنّ المطران منير حنّا شارك في بعض اجتماعات ومناقشات هذا القانون في مجلس كنائس مصر ومع رؤساء الطوائف المسيحية.

كذلك صرّح القس جوني نصر الله السكرتير التنفيذي لطائفة السبتيين في مصر قائلاً: “نحن مسيحيون وطائفة رسمية معترَف بها لدى الدولة المصرية ومؤسّساتها مثل وزارة الداخلية ووزارة العدل. ولدينا كنائسنا ونمارس عقائدنا وكافّة شرائعنا بحرّيّة وتحت ظلّ القانون المصري … نقدّر ونحترم الطوائف المسيحية الكبرى. ولكن لا يحقّ لها تجريدنا من هويّتنا المسيحية بهذه السهولة. وتَقدَّمنا بمذكّرة لوزارة العدل نؤكّد فيها اعتراضنا على مشروع هذا القانون”.

ولا شكّ أنّ اعتراضات طوائف الأقلّيّات على مشروع القانون، إمّا لتجاهلها في جلسات الحوار التي تمّت بين الدولة وممثّلي الطوائف الأخرى أو لمحاولة إلحاقها داخل مشروع القانون بطائفة أخرى، من شأنها إثارة العديد من المنازعات القضائية في حال تطبيق هذا القانون. لا سيّما وأنّ بعض هذه الطوائف هي طوائف معترَف بها بشكل قانوني ورسمي من قِبل الدولة المصرية.

 

الزواج لدى الطوائف المسيحية: حقّ أم هبة من الكنيسة؟

منذ تطبيق لائحة الأقباط الأرثوذوكس عام 1938 على الأحوال الشخصية للمسيحيين، شهدت العقود التالية لتطبيقها نزاعاً دائماً بين الكنيسة والدولة حول حقّ المواطنين المسيحيين في الزواج الثاني. ففي حين اعتبرت الدولة من خلال بعض الأحكام القضائية أنّ من حقّ المواطنين المسيحيين الحصول على أحكام قضائية بإلزام الكنيسة إعطاء تصاريح زواج ثانية، اعتبرت الكنيسة المصرية هذه الأحكام القضائية تدخّلاً سافراً في شؤون الكنيسة الدينية وفي علاقة الكنيسة بشعبها. وقد جاء المشروع الحالي لينصّ صراحة على أنّ إعطاء التصاريح الكنسية الخاصّة بالزواج الثاني شأن كنسي تامّ ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال إجبار الكنيسة على إعطاء أو رفض تصريح زواج ثانٍ لأيّ من المواطنين المسيحيين. الأمر الذي يترتّب عليه تعليق حقّ المواطنين المسيحيين في الزواج كحقّ أساسي على إذن من الكنيسة.

وعلى الرغم من عدم تنفيذ الكنائس المصرية أحكام القضاء المصري المتعلّقة بإلزامها إعطاء تصاريح زواج ثانٍ لبعض المسيحيين، كانت على الأقلّ ثمّة سبيل ما يسلكها المواطنون المصريون المسيحيون في هذا الشأن في ظلّ تطبيق لائحة 1938، ولكن هذه الطريق ستُغلَق تماماً في حال إقرار مشروع القانون. فوفقاً لمشروع القانون لم يعد من حقّ المواطنين المسيحيين اللجوء إلى القضاء المصري للمطالبة بتصاريح الزواج الثاني وأصبح هذا الأمر شأناً خاصّاً بالكنيسة المصرية حيث صرّح الأنبا بولا مطران طنطا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس وأحد أبرز المشاركين في إعداد مشروع القانون بأنّه “تمّ منح الكنيسة، دون غيرها، حقّ إصدار تصاريح الزواج الثاني وعدم جواز الطعن على قرارات المجلس الإكليريكي أمام القضاء”. الأمر الذي يُعدّ مخالفة دستورية للحقّ في تكوين أسرة، بالإضافة إلى مخالفة حقّ المواطنين في التقاضي في حال تمرير مشروع القانون بهذه الصيغة التي تمنع الطعن في قرارات المجلس الإكليريكي.

 

 

 

[1] تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس عبد الفتّاح السيسي وجّه عام 2014 لجنة الإصلاح التشريعي في الحكومة إلى العمل على خروج مشروع هذا القانون إلى النور.

[2] يراجع في هذا حكم محكمة أسرة حلوان للأحوال الشخصية رقم 3743 لسنة 2019 الذي قضى بتوزيع الإرث بين جميع الورثة الذكور والإناث بالتساوي.

[3] وهو يعني احتكام طرفَيْ العقد إلى لوائح الطائفة والملّة التي تمّ العقد على أساسها، بينما الوضع الحالي لقوانين الأحوال الشخصية ينصّ على أنّ في حالة تغيير أحد طرفَيْ عقد الزواج ملّته أو طائفته تكون قواعد الشريعة الإسلامية للأحوال الشخصية واجبة التطبيق.

[4] إنجيل متى 19: 6.

انشر المقال

متوفر من خلال:

جندر ، المرصد البرلماني ، محاكم دينية ، محاكم إدارية ، إقتراح قانون ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، مصر ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني