مرسيل خليفة يرد الروح إلى حراك النبطية بعد “شيطنته”


2019-10-27    |   

مرسيل خليفة يرد الروح إلى حراك النبطية بعد “شيطنته”

صارت النبطية على موعد مع الساعة 11 من قبل ظهر كل يوم. في هذا التوقيت تدق ساعة الإنطلاق نحو التجمع أمام سرايا المدينة، كما منذ الأيام الأولى للحراك. رص ناشطو وناشطات النبطية صفوفهم وباشروا يومهم بجمع المال من بعضهم البعض لشراء مظلات تقيهم المطر. ومع الدعوة التي وجهوها على وسائل التواصل الاجتماعي ظللت “شمسية ملونة عبارة “السلطة تحاول إرهابنا لوقف الحراك المحق والوطني”، مذيلة بدعوة التوجه للإعتصام أمام السرايا.

انضم القادمون إلى الآتين منذ الصباح متخطين كل العوائق والهجوم المضاد على بعضهم من قوى السلطة وتخوينهم. البعض الأخر انضم إلى الناشطين على الطريق الساحلية للمشاركة في السلسلة البشرية نحو صور. وعلى وقع وصول نبأ انضمام الفنان مرسيل خليفة لمتظاهري النبطية، عمد هؤلاء إلى جمع المال لاستئجار مولد كهربائي بسبب قطع بلدية النبطية الكهرباء عن ساحة السرايا منعا لاستمرار التظاهر والإعتصام ليلاً.

وادى شيوع خبر قدوم مرسيل خليفة إلى تحمس العديد من أبناء النبطية ونزولهم إلى ساحة الإعتصام لاستقباله هو الذي خصّ الجنوب بباقة كبيرة من الأغاني الوطنية.وقال البعض بما أن الفنان خليفة يؤيد هذه الثورة فهذه الثورة على حق.

وصل مرسيل من دون أي آلات موسيقية ليجد الآلاف بانتظاره. لم يقبل باعتلاء المنصة، بل وقف بين الناس الذين تحلقوا من حوله. وبدأ البعض بعناقه والبكاء. وعلا تصفيق المتجمهرين من حوله لأكثر من ربع ساعة من الزمن وسط التلويح بعلم لبناني كبير. وبدا الناس بالغناء كطلب غير مباشر من الفنان خليفة بالغناء للحراك، فانطلق منشدا “يا علي نحن أهل الجنوب”، و”يا بحرية” وغيرها من الأغاني التي يحفظها الجنوبيون عن ظهر قلب وباللحن نفسه.

الآلاف من أهل النبطية أمام مصرف لبنان في المدينة: يسقط يسقط حكم المصرف

وإثر تضامن خليفة وصلت جموع النبطية المحتشدة إلى الآلاف، ثم خرج الناشطون عصراً من الإعتصام في تظاهرة نحو مصرف لبنان في تظاهرة حاشدة جرفت بطريقها الحواجز الحديدية وكل ما رمى إلى حد حركتهم بساحة السرايا. وهناك، أمام فرع مصرف لبنان في النبطية هتفوا “يسقط يسقط حكم المصرف”.

وغثر التظاهرة نحو مصرف لبنان، تهاتف ناشطو النبطية مع ناشطي كفرمان ليشكلوا سلسلة بشرية بين المنطقتين على غرار السلسلة من طرابلس إلى صور كونهم، هناك في الداخل النبطاني بعيدين عن الطريق الساحلية حيث امتدت السلسة نهاراً.

ويمكن القول أن حضور مرسيل خليفة أنقذ حراك النبطية الذي خيم عليه بعض الإحباط نتيجة الهجوم المضاد على ناشطيه في ما يمكن وصف اليوم العاشر ب”يوم شيطنة الثورة في النبطية”. فقد سبق نزول المحتجين إلى باحة السراي، حركة رسائل عبر “الوتساب”، تدّعي أن هناك قادة للحراك، هم مجموعة من عملاء السفارات، وغايتهم ضرب سلاح المقاومة، وأن الحراك ليس عفويا كما يدعي المشاركون، وبالتالي فإن كل ما يشارك فيه، يُعد ضمنا، متآمرا على المقاومة.

وانتشرت على “واتساب” أيضاً، حوالي سبع ما سمي بسير ذاتية (بروفايلات) لمشاركين في الحراك، تحت عنوان “تعرّف على قادة الحراك في النبطية”، مع صورهم وأسمائهم، فندت سبب مشاركتهم في الحراك، بحسب وجهة نظر معممي الرسائل، والقاسم المشترك بين أصحابها، القول بالحقد على “حزب الله” والعداء للمقاومة، وضمت الأسماء المعممة كل من: أحمد اسماعيل، السيد ياسر ابراهيم، طارق اسماعيل، محمود شعيب، علي عواضة، عماد قميحة، وزج بينهم اسم العميل الإسرائيلي مروان فقيه.

في هذه الأجواء، استمر ضغط بلدية النبطية على المحتجين، فقد تفاجأ المعتصمون حين نزولهم إلى ساحة الاعتصام قرب السراي الحكومي، عند الحادية عشرة صباحا، بتقليص المساحة المقتطعة من الشارع، حيث يعتصمون، وذلك بدفع العوائق الحديدية التي تفصل مكان الاعتصام عن مسرب السيارات، نحو الرصيف، علما أن البلدية كانت قبل يومين، قد أزاحت العوائق التي كانت تغلق الشارع بالكامل، وفتحت مسربا للسيارات من أمام المعتصمين، ثم عادت وقلصتها البارحة، بحيث صار يمكن مرور سيارتين بدل سيارة واحدة.

لم يشهد يوم أمس أي اختراق لمكان الاعتصام، لكن رسائل التهديد الشفوية، والشائعات التي انتشرت بين الناس، كانت كافية لعدم نزول الكثيرين، فكان الاعتصام هزيلا، وساعد على تفريقه الأمطار التي هطلت.

الإحباط أمس كان سيد الموقف، الثورة كانت داخل مساحة صغيرة مسورة بالحديد، وعلى شاشة تلفزيون الجديد فقط، كانت باردة مثل الطقس، وصادمة مثل المطر الذي هطل من دون موعد، فمنهم من احتمى تحت الشجر الموجود في المكان، ومنهم من ترك المكان ووقف تحت خيمة مبنى السراي، ومنهم من عاد إلى بيته، ناعيا الثورة.

سمعت وأنا أمشي بين الناس، امرأة تسأل جارها وهو موظف في شرطة البلدية: “إذا إجاك أمر بضربي بتضربني”، فأجابها: “بكل تأكيد”. كل ذلك كان. نعم كان قبل قدوم مرسيل خليفة. أما اليوم فكان يوم أخر جميل مليء بالحماس والروح. أقفل اليوم ال 11 لثورة النبطية على استردادها روحها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني