مجلس نقابة أطباء الأسنان يتّجه لإعادة الانتخابات وخلاف على تفسير النظام الداخلي


2021-11-30    |   

مجلس نقابة أطباء الأسنان يتّجه لإعادة الانتخابات وخلاف على تفسير النظام الداخلي

لا يختلف اثنان أنّ اقتحام قاعة فرز أصوات المقترعين في انتخابات نقابة أطباء الأسنان وتكسير صناديق الاقتراع الأحد الفائت في مجمّع بيال، ضربة للديمقراطية ورمزية الانتخابات، عدا عن تأثيره على النقابة نفسها، حيث أكد كثر أنّ بين المعتدين أطباء وتأثيره أيضاً على سيرورة التغيير في النقابات كافّة. 

وقد أكد نقيب أطبّاء الأسنان في بيروت روجيه ربيز لـ”المفكرة القانونية” أنّ “مجلس النقابة الحالي يريد وبوضوح الذهاب إلى إجراء انتخابات جديدة”. غير أنّ الخلافات تتمحور حالياً حول تفسير بعض مواد النظام الداخلي للنقابة، والتي تعتبر المجلس الحالي منحلّاً، وبالتالي لا يحقّ له الدعوة لانتخابات جديدة ما يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى التشكيك والطعن في قانونية الانتخابات، وبين مواد قانونية أخرى تعتبر أنّه يمكن للمجلس الحالي الاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين انتخاب مجلس جديد. ويشير ربيز إلى أنّ المشاورات مستمرّة بين الجهات المعنية كافة  للتوصّل إلى حلّ نهائي.  

وكان أطباء الأسنان في لبنان يمارسون حقهم نهار الأحد الفائت لانتخاب مجلس نقابة جديد، إلاّ أنّ العملية الديمقراطية لم تصل إلى خواتيمها، حيث اقتحم عدد من الأشخاص قاعة فرز الأصوات وقاموا بتكسير صناديق الاقتراع المقفلة، وذلك بعد مضي حوالي الساعة على انتهاء عملية التصويت وصدور نتيجة أربعة صناديق من أصل 20، كانت حصيلتها تقدّم مرشح لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” عن مقعد النقيب رونالد يونس على مرشح اللائحة المدعومة من الثنائي الشيعي وتيار المستقبل إلياس المعلوف ومرشحة لائحة حزب الكتائب وجبهة المعارضة اللبنانية إيميلي الحايك. 

وقد تقدّمت النقابة بشكوى ضدّ مجهول في مخفر الباشورة وكلّ من يظهره التحقيق أنّه قام بأعمال شغب أدّت إلى توقّف الفرز وتعدّى على أملاك النقابة. 

ويؤكّد المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية على المنحى “الجرمي” لما حدث، مشيراً إلى أنّ المواد 329 330 و333 من قانون العقوبات تشير إلى أنّ عرقلة العملية الانتخابية من قبل أشخاص قد  تصل عقوبتها إلى السجن لمدة سنتين”. أمّا إذا ثبت استعمال السلاح، وفق صاغية، فالعقوبة “يمكن أن تصل إلى ثلاث سنوات، وأخيراً إذا ما أثبتت التحقيقات وجود خطة مدبّرة ونوايا مسبقة لعرقلة الانتخابات فيمكن أن يرقى ما حصل إلى “الجرم الجنائي وتعتبر جناية”. 

ماذا يقول النظام الداخلي للنقابة؟ 

تنصّ المادة 20 من النظام الداخلي للنقابة على اعتبار “مجلس النقابة منحلّاً إذا زاد عدد المراكز الشاغرة فيه على ثلثي أعضائه، ويصار إلى إجراء انتخابات جديدة في مدة شهر من انحلال المجلس، ويبقى النقيب لغاية إجراء الانتخابات الجديدة، وإذا شغر مركز النقيب أيضاً كان لوزير الصحة العامّة أن يعيّن لجنة مؤقتة تدير أعمال النقابة حتى إجراء الانتخابات”. 

أما المادة 13 فتنصّ على أنّه “إذا انتهت مدة ولاية مجلس الإدارة ولم تتمكّن الجمعية العمومية من انتخاب خلف له لأسباب قاهرة فإنّ مجلس الإدارة المنتهية مدته يستمر في أداء مهماته وممارسة صلاحياته حتى تاريخ انتخاب مجلس إدارة جديد”.

ويشرح قيصر حجازي منسق الحملة الانتخابية للائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” أنّ مجلس الإدارة الحالي منتهية ولايته،  فأكثر من ثلثي أعضائه بالإضافة إلى النقيب منتهية ولايتهم، كذلك هناك ظروف قاهرة حالت دون إجراء الانتخابات لذا ربما من الأجدى بحسب رأيه تطبيق المادة 13 أي أن يستمرّ المجلس بأداء مهامه إلى حين إجراء انتخابات مجلس إدارة جديد”. ويعتبر أنّه لا بدّ من الإسراع في إيجاد الحلول المناسبة، حتى لو اضطرّ الأمر اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة، لما في الفراغ والشغور الإداري من ضرر على مصلحة النقابة والطبيب، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، ضرورة تجديد عقد الاستشفاء للأطباء وعائلاتهم.

ثلاث لوائح متنافسة والمعارضة تتوحّد 

واحتدمت المعركة الانتخابية نهار الأحد الفائت بين مرشّحي ثلاث لوائح أساسية تنافسوا على 20 مقعداً موزعاً على الشكل الآتي: عشرة مقاعد لعضوية مجلس النقابة بما فيهم مقعد النقيب، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء لصندوق التقاعد، وعضوين للمجلس التأديبي وخمسة لصندوق التعاضد. ولامست نسبة الاقتراع حوالي الـ 50% تقريباً بعدما أدلى  2100 طبيب بأصواتهم من أصل 4480 سددوا اشتراكاتهم.

انقسمت اللوائح بين لائحة “معاً للإنقاذ” المدعومة من الثنائي الشيعي وجمعية خريجي جامعة بيروت العربية وجامعة بيروت العربية وضمّت روابط أطباء في بعض المناطق وعلى رأسها الدكتور إلياس معلوف، ولائحة “نقابتي ثورتي” المدعومة من حزب الكتائب وجبهة المعارضة اللبنانية برئاسة رئيسة مصلحة أطباء الأسنان في حزب الكتائب الدكتورة إيميلي الحايك. ووحّدت لوائح المعارضة: “أطباء أسنان للتغيير”، و”مستقلّون منتفضون” و”ائتلاف ستة” مرشيحها في لائحة واحدة هي “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” على رأسها الدكتور رونالد يونس. 

في حين خاض حزب القوات الانتخابات بثلاثة مرشحين عن صندوقي التعاضد والتقاعد، تاركاً لمناصريه حرية اختيار بقية الأعضاء بين مرشحي “نقابة الأطباء تنتفض” و”نقابتي ثورتي” على حد قول أنطوان كفوري رئيس مصلحة أطباء الأسنان في القوّات اللبنانية.   

كما شاركت “رابطة أطباء أسنان المتن” بخمسة مرشحين عن مجلس النقابة وصندوقي التقاعد والتعاضد ضمن لائحة “نقابتي انتمائي”.

عطل تقني وتكسير للصناديق 

عند الساعة العاشرة من صباح الأحد بدأت الدورة الأولى من عملية الاقتراع وخصّصت لاختيار أعضاء النقابة من ضمنهم النقيب، على أن يتم، بعد الانتهاء من فرز الأصوات، الانتقال إلى الدورة الثانية وانتخاب النقيب بحيث تنحصر المعركة بين النقباء الذين تمكّنوا من الفوز في الدورة الأولى. عند الساعة الثانية ظهراً انتهت عملية الاقتراع لتبدأ من بعدها عملية الفرز الإلكتروني، إلّا أنّ عطلاً تقنياً طرأ على برنامج الكمبيوتر ما أدّى إلى بطء شديد في عملية إصدار النتائج، فاستغرق فرز أربعة صناديق أكثر من ساعة.

يروي نقيب أطباء الأسنان روجيه ربيز لـ”المفكرة” أنّه بعد أن بدأت الشركة المتخصّصة بالفرز عملها، حصل عطل تقني، وراح الموظف يدخل من برنامج إلى آخر في محاولة لإصدار النتائج ما استغرق وقتا طويلاً جداً. فقد كان من المفترض أن تستغرق عملية فرز جميع الأصوات حوالي نصف ساعة استغرق فرز 4 صناديق من أصل عشرين صندوقاً حوالي الساعة. بعدها بدأت تسري إشاعات وسط الأطباء بأنّ هناك عملية تلاعب في الأصوات وتزوير ما أثار حفيظة البعض، ومنهم مرشحة لائحة “نقابتي ثورتي” الدكتورة إيميلي الحايك التي بحسب النقيب، راحت تتحدث عبر الميكروفون معبّرة عن استيائها. بعدها بثوانٍ اقتحم أشخاص مجهولو الهوية القاعة لم يستطع النقيب التأكيد إذا ما كانوا أطباء أسنان أم لا، “وراحوا يكسّرون الصناديق”. يكمل النقيب أنّه ما إن بدأ التشابك بالأيدي، حتى أعلن رفع الجلسة ووقف عملية الفرز. من جهةٍ ثانية كان هناك امتعاض من تواجد أفراد ليسوا بأطباء أسنان في قاعة الانتخابات والفرز، وهنا يعتبر النقيب أنّ هناك صعوبة في ضبط جميع الأشخاص الذين يدخلون القاعة، مؤكداً على أنّ المندوبين غالباً يكونون أطباء أسنان، أو أبناء موظفين لدى النقابة أو طلاب طب، إذ غالباً ما يتم الاستعانة بهؤلاء عند عدم توفّر العدد البشري الكافي. إلاّ أن النقيب يرفض اعتبار ما سبق حجةً لاقتحام القاعة وتكسير الصناديق، داعياً إلى إجراء تحقيق بما جرى آملاً أن تكشف الكاميرات في المكان وجوه المعتدين للتدقيق في هويتهم وحقيقتهم. وأشار إلى أنّ النقابة تقدّمت بشكوى بخصوص الواقعة في مخفر الباشورة حيث تمّ تسطير محضر ضدّ على مجهول.

الأحزاب تتبادل الاتهامات 

اللافت في ما حصل هو استنكار جميع القوى المشاركة في الانتخابات الاعتداء على صناديق الاقتراع وتكسيرها، نافين معرفتهم بهوية الفاعلين وانتماءاتهم، وإذا ما كانوا أطباء أسنان أم لا. فقد اتهم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في تغريدة على تويتر “عناصر مسلحة من حزب الله ومن خارج الأطباء” بالاعتداء على موظفي الفرز وتحطيم الصناديق، ما استدعى ردّ تجمّع أطباء الأسنان في حزب الله في بيانٍ اتهموا فيه الجميّل بالكذب والافتراء محمّلين مرشحي الكتائب مسؤولية ما حدث “بدل أن يخجل السيّد سامي الجميل وحلفاؤه من هذا الفعل توجّه كعادته بإلباس التهمة لطرف حزب الله”. 

من جهته، اعتبر الدكتور رونالد يونس في حديث لـ”المفكرة” أن ما حدث هو محاولة لتعطيل العملية الديمقراطية في البلاد، متهماً المجموعات المدعومة من الأحزاب بتعطيل الانتخابات وعرقلتها بعدما لمسوا خسارتهم، على حد قوله. واعتبر يونس أنّه ترشح لمصلحة التغيير ولمصلحة طبيب الأسنان إلّا أنّ الطرف الآخر رفض المواجهة، وهو اليوم بانتظار ما ستؤول إليه الاستشارات القانونية. وأكد يونس أن المعركة هي بين منظومة السلطة وبين الساعين إلى التغيير، رافضاً “إلباس ما حصل أي لباس طائفي”. وكشف أنّ لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” تقدّمت بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة لحفظ صناديق الاقتراع وختمها بالشمع الأحمر. 

وكانت نتائج فرز الصناديق الأربعة  قد أظهرت تقدم يونس مرشح لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” عن مقعد النقيب بنتيجة 176 صوتاً مقابل 133 صوتاً لمرشح لائحة “معاً للإنقاذ” إلياس معلوف و102 صوتين لإيميلي الحايك مرشحة لائحة “نقابتي ثورتي”. 

يشكك الدكتور حسام نصّار، عضو مجلس النقابة، في نتيجة فرز الصناديق الأربعة “كون العطل الإلكتروني كان قائماً” موضحاً أنه أجرى اتصالاً قبل وقوع الإشكال بالنقيب ربيز طالباً منه التوجّه نحو الفرز اليدوي نظراً للتأخير الحاصل،  إلّا أنّ بعض المرشحين ومنهم يونس رفضوا الأمر بحجّة أنّ الفرز اليدوي يستغرق وقتاً طويلاً، ومن شأنه التأثير على الأطباء الآتين من الأطراف الذين لن يتمكّنوا من الانتظار، مطالباً، أي نصّار، برفع دعوى قضائية ضدّ الشركة المسيّرة لعملية الفرز الإلكتروني التي أضرّت بسمعة النقابة معنويّاً والأطباء على حدّ قوله. ويشير نصّار إلى أنّ حزب الله والتجمّع الإسلامي تركا منذ الصباح لمؤيّديهما حرية التصويت، لكن، والكلام لنصّار، “أطبّاء الحزب لن يصوّتوا لمرشحي حزب الكتائب ولا للنقابة تنتفض، وإنّ الأقرب لتوجّهاتهم هي لائحة “معاً للإنقاذ” على رأسها الدكتور المعلوف”. 

وتروي الدكتورة إيميلي الحايك بدورها في اتصال مع “المفكرة” بأنّ “أخطاء عديدة شابت عملية الفرز الإلكتروني، حيث كانت أسماء المرشحين تظهر وتختفي، وأنّه كان من المفترض رؤية ارتفاع عدّاد الأصوات تلقائياً مع فرز كلّ صندوق إلّا أنّ هذا لم يحدث”. وكان الموظف، على حد قولها، “تارة يدخل إلى خانة المسح وطوراً إلى إعادة التشغيل، إلّا أنّ الأمور بلغت ذروتها مع فرز الصندوق رقم 15 الذي يحتوي على أصوات 79 ناخباً ولائحة، حيث على كلّ لائحة أن تحتوي أسماء 17 مرشحاً، لكن الفرز الإلكتروني بيّن أنّ هؤلاء جميعاً  قد صوّتوا لـ 120 ناخباً أي بمعدل أقلّ من اسمين في كلّ لائحة بدلاً من 17”. حينها، وفق الحايك، تمّ التأكّد من وجود مشكلة ليس فقط من ناحية تأخير النتائج “بل أيضاً بمصداقيتها”، فما كان منها (أي من الحايك) إلّا أن صعدت إلى المنصة، وطلبت من النقيب العودة إلى الفرز اليدوي. من جهتهم، رفض مناصرو لائحة “نقابة أطباء الأسنان تنتفض” إعادة فرز الصناديق الأربعة المحتسبة، التي يتقدمون فيها على البقية، في حين طالب مرشحو “معاً للإنقاذ” إعادة إجراء الانتخابات. وبحسب الحايك فمع احتدام النقاش، دخل القاعة أشخاص راحوا يكسّرون الصناديق ولم تتعرف إلى وجوههم”. وتطالب الحايك بـ”فتح تحقيق في الموضوع وإعادة الانتخابات لكن في ظل إشراف ومواكبة قضائية”.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، عمل ونقابات ، تحقيقات ، أحزاب سياسية ، نقابات ، حركات اجتماعية ، لبنان ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني