“لنا” ومحامون وأهالي ضحايا زورق الموت يرفعون الصوت: دعوى “إخفاء قسري” وشكوك حول رحيل الغواصة


2022-09-02    |   

“لنا” ومحامون وأهالي ضحايا زورق الموت يرفعون الصوت: دعوى “إخفاء قسري” وشكوك حول رحيل الغواصة

ما زالت تداعيات رحيل الغواصة الهندية “الحوت السادس” بصورة مفاجئة وفي ظروف غامضة تتفاعل، حيث عقد مؤتمران صحافييان حول الموضوع، الأول لمحامي نقابة المحامين في طرابلس في 30 آب، والثاني لحزب “لنا” بالتنسيق مع فريق الدفاع عن بعض الناجين واهالي المفقودين والضحايا الخميس الأول من أيلول. وكانت قيادة البحرية للجيش اللبناني ممثلة بالعميد الركن هيثم الضناوي عقدت أيضاً مؤتمراً صحافياً حول مهمة الغواصة بالشراكة مع قائدها سكوت ووترز والنائب أشرف ريفي يوم الجمعة 26 آب 2022.

وتم استقدام الغواصة للبحث عن زورق الموت الغارق منذ 24 نيسان 2022 قبالة جزر الرامكين في بحر طرابلس، مما أدى إلى وفاة وفقدان 39 شخصاً بينهم 33 ما زالوا في عداد المفقودين جلّهم من الأطفال والنساء. وكان الرأي العام اللبناني وأهالي الضحايا يتوقعون أن تساعد مهمة الغواصة في كشف حقيقة ما جرى يوم غرق الزورق على خلفية تناقض روايتي الناجين من الزورق والجيش اللبناني. فالناجون قالوا إنّ طرّاد البحرية التابعة للجيش اللبناني قد صدم القارب مرتين مما أدى إلى إغراقه، فيما ينفي الجيش اللبناني هذه الرواية جملة وتفصيلاً. وهو المنحى الذي تابع به العميد الضناوي في المؤتمر الصحافي للقوة البحرية حول مهمة الغواصة بالقول إنّ “القارب لم يصب بأي خدوش”، فيما غادرت الغواصة وفريق عملها من دون انتشال الزورق بذريعة أنه عالق في الأسفل داخل طين متماسك أشبه بالباطون، ويحتاج إلى التحطيم من أجل انتشاله .  

مؤتمر فريق الدفاع عن الناجين والناجيات

ومن أجل بيان الموقف القانوني ، نظم حزب “لنا” بالتنسيق مع فريق الدفاع عن الناجين والناجيات وبعض أهالي المفقودين والضحايا مؤتمراً صحافياً أمس الخميس في الأول من أيلول 2022 في الرابطة الثقافية في طرابلس، بحضور مجموعة من الناجين وعائلات المفقودين والضحايا الذين عبروا عن سخطهم مما آلت إليه مهمة الغواصة وطريقة التعاطي مع الأهالي لناحية استبعادهم عن عمليات البحث، وعدم دعوتهم إلى مؤتمر قيادة القوة البحرية وفريق الغواصة نهار الجمعة الفائت لإعلان نتائج عمليات الغطس والبحث، وصولاً إلى تحديد موقع القارب الغارق على عمق 459 متر في عمق البحر.

خلال المؤتمر، استعرض المحامي محمد صبلوح السياق العام لقدوم الغواصة، وكانت مهمتها لا تقتصر على تحديد موقع القارب الغارق، وإنما انتشاله، مستغرباً الحديث عن تحوّل التربة التي علق فيها القارب إلى طين متماسك يصعُب تكسيره، مشيراً إلى أنه كان من المتوقع سحبه من خلال مناطيد نفخ، من أجل تعويمه على السطح.

وشدد صبلوح على تناقض الإفادات خلال المؤتمر الصحافي لقيادة القوات البحرية وفريق الغواصة، ففي وقت أكد العميد الركن هيثم ضناوي سلامة القارب الغارق، وأنه لم يُصب بأي خدش، جاءت إفادة قائد الغواصة سكوت ووترز مخالفة له أثناء استعراض الصور داخل غرفة العمليات. وأشار ووترز إلى آثار إصابتين تعرّض لهما القارب في المقدمة والجهة اليمنى، ومن شأن اعتماد رواية قائد الغواصة إثبات ما قاله  الناجون.

كما تطرق صبلوح إلى ملابسات اختفاء فريق الغواصة، وظهوره فجأة في ميامي، قائلاً “كانوا يخبروننا أن الفريق يقيم في منتجع الميرامار السياحي – القلمون طرابلس، تحت حراسة أمنية مشددة، وأنهم في طور وضع تقرير عن أعمال البحث، لنفاجأ بمراجعتنا من إحدى وكالات الأنباء الأجنبية للتعليق على خبر مغادرة فريق الغواصة، فصدمنا نحن والأهالي بأن الفريق غادر قبل إنتهاء المهمة”.

ينتقد صبلوح المحاولات الممنهجة لطمس الحقائق والأدلة، ويؤكد لـ المفكرة “بعد عرض صور رديئة الجودة علينا، وتأكيد فريق الغواصة بأنه التقط صوراً عالية الجودة أودعها قيادة الجيش، طالبنا بتزويدنا بتلك الصور، فما كان منهم إلّا إرسال قرص مدمج عليه صور أقل جودة حتى من تلك التي نشرها الجيش”. ويلفت إلى “تلقي فريق الدفاع وعوداً بالتقاط فيديو للقارب الغارق من كافة الجوانب، فكانت المفاجأة مغادرة الفريق قبل إتمام المهمة”، ليكرر طلبه نقل الدعوى إلى القضاء العدلي عوضاً عن المحكمة العسكرية حيث “هناك ملاحظات على أدائها من خلال التجارب السابقة، كما أن المدعى عليهم هم من العسكريين، وهو أمر قد يطرح الشكوك حول مهمتها”، ليطالب الحكومة بإحالة الملف إلى المجلس العدلي. وكشف صبلوح عن استمرار إجراءات اللجوء إلى العدالة الدولية، من أجل الضغط على المؤسسات اللبنانية “لالتزام شفافية التحقيقات والإجراءات”، وأنه في حال استنكاف القضاء المحلي عن أداء واجبه، “سيتم اللجوء إلى العدالة الدولية”، معلناً رفض ما يُسوق من أن “الحي أبقى من الميت، ودعونا نحل النزاع بدفع التعويضات”.

وأشار صبلوح إلى تقدم فريق المحامين بكتاب إلى النيابة العامة العسكرية من أجل سماع إفادة قائد الغواصة، ولكن عملية استلام الطلب تأخرت إلى الثلاثاء 30 آب بسبب اعتكاف القضاة، و”عندها كان فريق الغواصة قد غادر لبنان”. ويصرّ على الحصول على التقرير المفصل لعمليات البحث، والصور العالية الجودة التي ستكشف تفاصيل المركب وما في داخله، معلناً أنّ “عملية البحث كان يجب أن تتم بإشراف قضائي وليس بإشراف الجيش، لأننا لا نعلم من يقوم بالمونتاج واختيار الصور التي تعطى لنا”.

“خدعونا وهربوا”

من جهتها، وصفت المحامية ديالا شحادة، الوكيلة القانونية لبعض الناجين والناجيات، قضية العدالة لأهالي القارب بـ “القضية الوطنية، وليست طرابلسية فقط”، مشيرة إلى أن الغواصة حضرت لسببين: “العثور على المفقودين، وانتشال القارب الغارق وفحصه كونه الدليل الدامغ والأهم في القضية”، لأنه، حسب شحادة، “تم ارتكاب جريمة من قبل 13 عنصراً وضابط من البحرية في المياه اللبنانية”، مستشهدةً بـ “فيديو تم تسريبه من هاتف أحد الجنود، يتضمن تهديداً ووعيداً بالقتل للركاب”، كما قالت.

تعتبر شحادة أنّ المسار الحالي، “ومحاولة طمس الأدلة، يأتي مخالفاً  للوعود التي قطعها قائد الجيش جوزيف عون للأهالي بالمحاسبة والتحقيق الشفاف”، مكررةً أن “الجيش مؤسسة دستورية تخضع للقانون، ومحاسبة بعض العناصر المخطئين لا يعتبر استهدافاً للمؤسسة العسكرية”. وأشارت إلى أنّ فريق الادعاء لم يكشف كل ما لديه من تفاصيل عن تلك الليلة المروّعة، حيث “تعرّض بعض الناجين والناجيات إلى العنف بعد انتشالهم، ناهيك عن المماطلة بالتحقيقات التي لم تبدأ إلا بعد مرور شهرين على الحادثة، وبعد تقديم الشكوى القضائية”.  

تكشف المحامية شحادة “أننا أصبحنا أمام قضيتين: الأولى التي تقدم بها الناجون وأهالي المفقودين وعددهم 6 بعد انضمام أسعد قالوش والد المفقودة سمر قالوش، وجهاد متلج والد هاشم متلج، ضد عناصر البحرية المشتبه بهم في حادث غرق الزوق”. إضافة إلى دعوى أخرى تتعلق بـ “قضية إخفاء قسري تقدمتُ بها باسم جهاد متلج والد المفقود هاشم متلج (22 عاماً) بالاستناد إلى شهادات الناجين والشهود الذين أكدوا رؤيته أثناء السباحة”.

ودعت شحادة بقية أهالي المفقودين والضحايا إلى الانضمام إلى الدعوى القضائية لتحويل رواياتهم إلى شهادات وأدلة تحمل قوة قانونية داخل القضاء وأثناء المحاكمة، معبّرة عن استهجانها لما صدر عن أحد نواب طرابلس خلال المؤتمر الصحافي نهار الجمعة الفائت لدى قيادة القوات البحرية، بـ “أنّ الأشخاص خلال أوقات الخوف وبسبب ارتفاع الأدرينالين قد يتخيّلون أموراً قد لا تكون موجودة على أرض الواقع”. كما استهجنت “كلام قائد القوات البحرية العميد الركن هيثم ضناوي وتأكيداته بعدم وجود خدوش قبل إنجاز البحث حتى”.

وكان ملفتاً خلال المؤتمر الصحافي الخاص بمهمة الغواصة الهندية إدلاء النائب أشرف ريفي بخلاصة من صفته “كمحقق” كما قال، تفيد أنه “في أغلب الجرائم أو القضايا اللي فيها خطر كبير جداً جداً، يتراءى للإنسان أشياء، بمعنى آخر أن جسم الإنسان عندما يشعر بالخوف الكبير يفرز أندرنالين عالي جداً ويتراءى له أشياء معينة مش معناها إذا قالها مش واقعية أنه عم يكذب، لأنه فعلا في ظاهرة تفاعلية عند الإنسان بيشوف شي إيجابي إما سلبي وبيرويها أنها فعلاً حقيقة وانت بتشوف بالواقع انه ما ممكن تكون هيك. وفي عنا كتير قضايا بهالمعنى”. وهو الكلام الذي لاقى انتقادات من قبل فريق المحامين عن بعض الناجين وأهالي الضحايا.

ورداً على سؤال “المفكرة” عن إمكانية تقديم طلب لاستجواب قائد الغواصة سكوت ووترز عن بعد، في ظل اعتماد الطريقة الحالية لدى القضاء خلال التحقيقات مؤخراً، أكدت شحادة أن الفريق القانوني يعتمد مبدأ الشفافية، وأنه يتجه إلى تقديم طلب لعقد جلسة تحقيق “أونلاين” من أجل جلاء الحقيقة، وظروف الإختفاء المفاجئ لفريق الغواصة قبل إنجاز مهامه، لافتة إلى علامات التأثر التي ظهرت على قائد الغواصة خلال المؤتمر الصحافي الجمعة، مما يعطي روايته الصدقية.  

كما تستهجن شحادة محاولات طي الملف من خلال البحث عن فتاوى من أجل تغطية إبقاء القارب في عمق البحر وعدم انتشاله إلى السطح، بالإضافة إلى محاولة حرمان الأهالي حتى من حقهم في استعادة ما تبقى من أبنائهم ودفنهم.

من جهته، تحدث الناشط علي جوهر باسم حزب “لنا”، مؤكداً أنه طالب منذ اللحظة الأولى بالاحتشاد والتعاضد وراء الملف، متطرقاً إلى سلسلة ممارسات بدأت مع تأخر التحقيقات لمدة شهرين، وعدم وجود موقوف واحد في الملف، والتأخير في الاستماع إلى إفادات الناجين وأهالي المفقودين. كما نبّه من “تناقض الرواية الرسمية على ألسنة الضباط خلال الفترة الماضية، والتمسك بعرض الصور الرديئة النوعية، ناهيك عن الغموض في عمل الغواصة وإستبعاد الأهالي عن المهام واللقاءات الصحفية”. كما تحدّث جوهر عن ضرورة تولّي التحقيقات لدى الضابطة العدلية وليس العسكرية لأنّها “غير مضمونة النتائج”، مطالباً برفع اليد السياسية عن الملف، وصولاً إلى إحالة الملف إلى المجلس العدلي.

 نقابة المحامين رفعت الصوت أيضاً

على خط مواز، عقد فريق المحامين المكلف من نقابة المحامين في طرابلس مؤتمراً صحافياً نهار الثلاثاء 30 آب في دار النقابة. ووجه المحامي محمد حافظة، باسم الفريق، اتهاماً مباشراً إلى المسؤولين بأنهم “هرّبوا فريق الغواصة”، متحدثاً عن أثر عميق لذلك في نفوس الأهالي “لم يكفوا عن الاتصال بنا للسؤال عن حقيقة الأمر، لأنه بعد مرور 4 أشهر على الحادثة، ومع بدء تبريد القلوب، أعيد فتح الجرح من جديد”. كما تطرق أيضاً إلى إفادة قائد الغواصة التي تُناقض الرواية الرسمية للحادث، وتشي بوجود آثار صدمات على القارب الغارق، مستغرباً استبعاد الأهالي وتغييب الترجمة عن المؤتمر الصحافي لإعاقة النقاش. كما تطرق حافظة إلى تقصّد تقديم أدلة وصور سيئة النوعية، وصولاً إلى تهريب الفريق على عجل “لغاية ما”، ليتحفظ عن كشف بعض المعطيات التي يمتلكها حالياً.

“الإخفاء القسري” إلى الواجهة

جديد ملف القارب هو قفز ملف “الإخفاء القسري” إلى الواجهة، إذ تنطلق المحامية ديالا شحادة من القانون لتؤكد أن ركاب القارب في عرف القانون هم ما زالوا في عداد المفقودين جميعاً، وقد تقدمت على وجه الحصر بدعوى إخفاء قسري بحق الشاب هاشم متلج لدى النيابة العامة العسكرية، حيث تفيد شهادات الشهود والمراسلات بأن الشاب شوهد في البحر أثناء سباحة الناجين، وعلى قارب النجاة، وما نُقل أيضاً عن إفادة ممرضة في المستشفى الحكومي بمعاينته. وتوضح شحادة أنه بعد 4 أشهر، “نريد معرفة هل هاشم موقوف أم أن هناك من يتلاعب بمشاعر الأهل؟”، مشيرةً إلى أن قائد الجيش أبلغ الأهالي عند استقباله لهم عن وجود 6 موقوفين أجانب بالملف، “فمن هم هؤلاء خصوصاً؟”، مشيرة إلى أنه لدى هاشم لكنة فلسطينية بسبب نشأته في مخيم البداوي؟”.

استوضحت “المفكرة” الأمر من جهاد متلج، والد هاشم، حيث أكد أن ابنته الناجية آلاء وصهره لؤي شاهدوا هاشم، وتواصلوا معه بعد نصف ساعة من غرق المركب، مضيفاً أن “آلاء كانت تبكي على زورق، فسألها أحد العناصر عن من تبحث، فأخبرته عن شقيقها هاشم، فقال لها أن هاشم متلج انتُشل، وهو على مركب آخر”، كما أن الأب وصلته رسالة صوتية وتأكيدات من بعض الناجين بأنهم تمكنوا من رؤيته في المرفأ، مقراً أن ابنه “يتحدث اللهجة الفلسطينية لأنه تربى في تلك البيئة طوال 22 عاماً”.

توجه جهاد متلج عبر “المفكرة القانونية” برسالة مباشرة إلى قائد الجيش، مطالباً إياه الكشف عن مصير ابنه، فهو ينتظر الحقيقة بعد مرور  4 أشهر على فقدانه. وأضاف متلج أن العماد جوزيف عون هو أب، ويعلم حجم اللوعة على فقدان الابن الوحيد، خصوصاً وأنه تعهد خلال لقائه بالأهالي بتحقيق العدالة وكشف الحقائق. ينتظر متلج إجابة قيادة الجيش، معتقداً أنها ستستجيب لأنه لا وجود لمشكل شخصي مع المؤسسة العسكرية.

“فتحتم الجرح مجدداً”

تختصر لوعة قلب أسعد قالوش، والد الصيدلانية سمر قالوش، ما عاشته عائلات 33 مفقوداً خلال 4 أشهر من الفراق. فالعائلة التي إلتزمت الصمت خلال الفترة الماضية، لم يعد بإمكانها الوقوف متفرجة وهي ترى ما تصفه بمحاولة “طمس الحقيقة” من خلال استقدام الغواصة، ومن ثم تهريب فريقها فجأة قبل كشف الحقيقة، منطلقاً من خبرته في قيادة الجرافات والحفارات للقول أنه كان بالإمكان إنتشال القارب لو كانت النية متوفرة، و”لكن هناك من لا يريد للحقيقة أن تظهر”.

يعيش أسعد وزوجته ألم الفراق على سمر التي غادرت البلاد مكرهة، الشابة الأربعينية خرجت بحثاً عن حياة كريمة، “لأنه ليس صحيحاً أن حياة الإنسان تتوقف على تأمين الأكل والشرب، لأن الكرامة واحترام الإنسان هي في المقدمة”، قائلاً “لو عاد الزمن إلى الخلف لكنا خرجنا أنا وزوجتي مع سمر، ربما كنا متنا سوية وارتحنا، أو كنا وصلنا إلى مكان الحياة فيه ممكنة وأفضل”. وأضاف “نحن لا نهرب بسبب الفقر فقط، بل نهرب بسبب اليأس كون البلاد أصبحت في أسوأ حالاتها، لا يمكن للإنسان أن يمرض أو أن يؤمن الحاجات الأساسية”.

يرفض أسعد ما يقوم به البعض من توجيه اللوم إلى الضحايا، لأنهم عرّضوا حياتهم إلى الخطر، مشيراً “أنا ابن السبعين ربما لو عُرض علينا ركوب البحر ربما كنا في رفقتهم”.

من جهته، يتحدث الناجي عميد دندشي (والد 3 من الأطفال المفقودين) عن متاجرة بقضية الضحايا والمفقودين في القارب الغارق، مشككاً في المهمة من أساسها لأن “هناك من جاء لتصوير وثائقي على جراحنا وآلامنا، وهناك من يسعى إلى سمسرة في الملف”، مكرراً أن الرواية الصادقة هي رواية الناجين والأطفال ومن عايش تلك اللحظات العصيبة، وليس المتهم بالقضية التي أزهقت أرواحاً بريئة”.

في المحصلة، غادر فريق الغواصة الهندية قبل أداء مهمته وانتشال القارب مما يجعل الحقيقة مؤجلة، ومعلقة على جدية التحقيقات القضائية وشفافيتها. وفي عودة سريعة إلى الوراء، بدأت غواصة “الحوت السادس” مهتمها نهار الإثنين في 22 آب، إلا أنها فشلت في النزول إلى عمق البحر بحجة إرتفاع الموج وقوة الرياح، وتأجلت المهمة إلى نهار الأربعاء 24 آب حيث أنجزت الغطسة الأولى، وفي اليوم التالي أنجزت الغطسة الثانية التي تمكن الفريق معها من تحديد موقع القارب الغارق، وعلى الفور دعت قيادة الجيش إلى مؤتمر صحافي الجمعة 26 آب، تعهد خلاله العميد الركن البحري هيثم ضناوي باعتماد الشفافية، والخضوع للقضاء والاحتكام له، وتقديم كافة الأدلة، ولكنه في الوقت عينه جزم بأن القارب لم يصب بأي خدش.

أما قائد الغواصة سكوت ووترز فقد تحدث عن اكتشاف 10 جثث، إحداها تلاشت في الماء فور المس بها، وتمكن الفريق من العودة الى السطح ومعه قطعتي قماش. وأكد أنه تم تصوير القارب من كافة جوانبه، وتزويد الجيش اللبناني بالصور، وأن الفريق سيقوم بغطسات لاحقة. فيما أكد اللواء أشرف ريفي على مطالبة الفريق بتصوير فيديو للمركب من مختلف الجوانب. ومساء الإثنين من الأسبوع الحالي، صُدم الأهالي بخبر مغادرة الغواصة وفريقها، وتم تسويق حجة أن القارب عالق في الأسفل داخل طين متماسك أشبه بالباطون، ويحتاج إلى التحطيم من أجل إنتشاله، وعليه فإن الغواصة الحالية غير قادرة على إنتشاله من عمق البحر، مما أثار الكثير من علامات الإستفهام حول القضية، وسبّب بحالة من الصدمة في أوساط الأهالي.

انشر المقال

متوفر من خلال:

اختفاء قسري ، الحق في الحياة ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني