قطاع الكهرباء في مقترحات قوانين 2021: اتجاه تشريعي نحو الخصخصة وفكّ حصرية مؤسسة كهرباء لبنان

قطاع الكهرباء في مقترحات قوانين 2021: اتجاه تشريعي نحو الخصخصة وفكّ حصرية مؤسسة كهرباء لبنان
المصدر: Wikimedia Commons

هذه المقالة هي جزء من سلسلة مقالات ينشرها المرصد البرلماني في الأيام المقبلة لتقييم أبرز اقتراحات قوانين 2021 التي لم تُدرج على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب. وتمّ اختيار الاقتراحات هذه بناء على أهميّتها أو خطورتها، واختيار الاقتراحات هذه أتى بناء على أهميّتها أو خطورتها، ولأنها لم تكن مشمولة ضمن تقييم المرصد لجَلسات الهيئة العامة.

على ضوء المحادثات والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي إثر الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي الذي اتضحت معالمه منذ أواخر 2019، يبدو أن الدولة اللبنانية قد رضخت للشروط المفروضة وتتجه بالتالي إلى خصخصة قطاعي الكهرباء. فقد سجلّت السلطة التشريعية ثلاثة مقترحات في هذا الاتجاه.

لا يزال يعاني القطاع الكهربائي في لبنان منذ الحرب الأهلية صعوبات أساسية عدّة، وذلك بعد فشل خطط الكهرباء ووعود السلطة السياسية بإصلاح هذا القطاع. وتكمن أبرز تلك الإشكاليات في: احتكار شركة كهرباء لبنان إنتاج الطاقة الكهربائية وبالتالي غياب المنافسة، وقدم المعامل، والكلفة العالية لاستخدام الفيول أو الديزل أويل في الإنتاج بدلا من الغاز الطبيعي، والإشكالية البنيوية في تسعيرة الكيلووات والضعف في الجباية، وغياب الشفافية في تلزيم التراخيص والمشاريع المتعلقة بالطاقة، وأكثر من ذلك، وجود شبكة موازية غير شرعية لإنتاج الطاقة متمثلة بأصحاب المولدات الخاصة.

وبالعودة إلى المقترحات، يتدخل المقترح الأول (“الطاقة من الناس إلى الناس”) على مستوى الإنتاج. أما الثاني فيحاول معالجة مشكلة توزيع الطاقة الكهربائية من أجل تأمين حصول كل مستخدم على التيار الكهربائي. أما الثالث فيستهدف إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية المتجدّدة.

ونعمد في هذه المقالة إلى استعراض المقترحات الثلاث التي قدّمت في عام 2021، ونحن ندرسها تباعا تحت العناوين التالية: (1) تخصيص الاحتياطي الإلزامي لدعم القطاع الكهربائي/إنشاء معامل كهربائية على الغاز الطبيعي من الاحتياطي الإلزامي؛ (2) إنشاء شركات توزيع الطاقة الكهربائية مرتبطة بمؤسسة كهرباء لبنان؛ (3) نزع حصرية الإنتاج الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان والسّماح للبلديات القيام بذلك.

1. تخصيص الاحتياطي الإلزامي لدعم القطاع الكهربائي/ إنشاء معامل كهربائية على الغاز الطبيعي على حساب المودعين

بتاريخ 2021/10/29، تقدم النائب طوني فرنجية باقتراح قانون “الطاقة من الناس إلى الناس” والذي يرمي إلى تخصيص مبالغ مالية من الاحتياطي الإلزامي على الودائع والمودع لدى مصرف لبنان لتغطية مساهمات في شركة خاصة يملك أسهمها مودعون غير قادرين على الاستفادة من ودائعهم، بهدف إنشاء معمليْ كهرباء على الغاز الطبيعي لتزويد مؤسسة كهرباء لبنان بشكل حصري بالطاقة، على أن تعود ملكيتهما للدولة اللبنانية بعد مرور 20 عاما[1]. واللافت أنّ الاقتراح، وقبل تقديمه من قِبَل النائب فرنجية، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلن تبنّيه، واضعاً إيّاه ضمن سلّم أولويات حكومته، مشيراً إلى أن الدراسة أعدّتها الخبيرة في تمويل مشاريع الطاقة، كارول عياط، بالتعاون مع معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية (وقد حمله معه إلى الإليزيه في زيارته للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون).

وقد نصّ المقترح على رصد بحدود مبلغ 1,600,000,000 د.أ. (مليار وستماية مليون دولار أمريكي) من الاحتياطي الإلزامي لدعم القطاع الكهربائي عن طريق تحويل هذا المبلغ إلى رأسمال شركتين مغفلتين[2] تخضعان لأحكام قانون التجارة مع منح المودعين “الراغبين” خيار تحويل قيمة إيداعاتهم المصرفية إلى أسهم اسمية قابلة للتداول في الشركتين مع احتساب الدولار المصرفيّ العائد للمودع الراغب في الاكتتاب بالأسهم في الشركتين على أساس 40% من قيمتها الاسميّة مع استخدام عبارة “اللولار”. ويتوقّع مشروع عياط أن يستعيد المودعون قيمة المبلغ المحسوم من إيداعاتهم خلال عشرين عاما بالإضافة إلى مردود سنوي يبلغ 5%. كما وأجاز المقترح إمكانية تمّلك تلك الشركتين من قبل أشخاص غير لبنانيين.

كما ونصّ المقترح على تخصيص مبلغ /400,000,000/ د.أ. (أربعماية مليون دولار أمريكي) من حقوق السحب الخاصة بلبنان[3] الصادرة عن صندوق النقد الدولي للمشروع، على الشكل التالي: نصفه لاستبدال العدادات بعدادات ذكية، والنصف الآخر لتحسين شبكة النقل والتوزيع. ويذكر هنا أن رئيس الحكومة نجيب الميقاتي قد تكلم عن استخدام جزء من 1.1 مليار دولار من الأموال الناتجة عن حقوق السحب لتطوير قطاع الكهرباء خلال الجلسة النيابية في 2021/12/7.

وقد أشار المقترح إلى إطلاق 3 مناقصات “محصورة بشركات مصنّفة من ضمن الفئة العشرة الأولى[4]” في العالم من أجل توقيع ثلاثة عقود، بواسطة إدارة المناقصات، وفقا لدفتر الشروط الموجودة حاليا مع الإدارة، وتحت إشراف استشاري عالمي متخصص في المجال من أجل ضمان “أعلى معايير الشفافية”.

وتقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع بمبلغ 2 مليار دولار يتجزأ كالتالي: 1,6 مليار دولار أمريكي (أي ما يعادل 4 مليار لولار وفق واضعي الاقراح) لإنشاء معملي الإنتاج (بما في ذلك شراء الغاز)، 200 مليون دولار للاستثمار في شبكات النقل، و200 مليون دولار للاستثمار في التوزيع.

وقد أشارتْ الخطة المرفقة بالمقترح إلى تعديل التعرفة “مع الإبقاء على التعرفة المدعومة لشرائح الاستهلاك المنخفض”، وعلى أن “تكون فاتورة الكهرباء الإجمالية للمستهلك منخفضة مقارنةً بالفاتورة الحالية أي ألا تتخطى مجموع فاتورة مؤسسة كهرباء لبنان مع فاتورة مولدات الكهرباء الخاصة.”

وقد استندتْ الأسباب الموجبة على ضرورة إنشاء معامل على الغاز الطبيعي بالتوازي مع إزالة التعديات على الشبكة ووقف الهدر التقني والفني وتفعيل الجباية وزيادة التعرفة. بالإضافة إلى أن إتاحة مساهمة القطاع الخاص (أي المودعين) في تمويل المشاريع المستقبلية في قطاع الكهرباء “تؤدي إلى تخفيض حجم الدين العام من جهة، وحجم التوظيف العام من جهة ثانية، مع إضافة إيجابية تتمّثل باسترداد المودعين لأموالهم فضلا عن إمكانية تحقيق الأرباح”. وبالتالي، شدّدت الأسباب الموجبة للمقترح على “استخدام أموال المودعين في الاتجاه الصحيح حماية لحقوقهم”، وذلك “تلافيا لاستنزاف الاحتياطي الإلزامي”، تحت ذريعة أن “مواكبة الظروف الاستثنائية تتطلّب اتخاذ تدابير استثنائية وقرارات تحمي المودعين”. بالإضافة إلى أن هذا المقترح يدرّ بالربح على مصرف لبنان دائما بحسب الأسباب الموجبة.

غير أن هذا المقترح يحمل خطورة كبرى سواء على حقوق المودعين أو تجاه المحافظة على مؤسسة كهرباء لبنان والعمل على تحسينها. كما أنه بعيد إلى حدّ كبير عن الواقعية. وقد سبق للمفكرة القانونية أن نشرت تقييمها[5] لهذا الاقتراح. وأبرز الملاحظات التي يستدعيها المقترح، التالية:

  • يستمر هذا الاقتراح في تحميل عبء مخاطر قطاع الكهرباء للمودعين بعد أن سبق وحملهم إياها لسنوات عبر تمويل عجز الموازنة من الودائع، علما أن 40% من الدين العام ذهب لقطاع الكهرباء دون الوصول إلى تأمين الكهرباء.
  • يُثبّت المقترح تحرير المصارف من عبء 4 إلى 5 مليارات دولار، من دون أيّ جهد من قِبَلها، وهي التي لا تزال، بعد سنتين من انهيار العملة، ترفض تحمّل حصّتها من الخسائر، وتصرّ، بالتعاون مع مصرف لبنان، على تحميل المودعين ومجمل سكان لبنان مسؤولية الخسائر المحقَّقة في القطاع المصرفي، إنْ كان من خلال التضخّم المفرط، أو من خلال تنفيذ هيركات يتخطّى الـ80 %.
  • يصرّ المقترح على تعزيز صلاحيات المصرف المركزي خاصة في ما يتعلق بالاحتياطي الإلزامي ويتجاهل كل التجاوزات التي ارتكبها مصرف لبنان بحقّ المودعين. إذ أنه وفقا لما ورد في الأسباب الموجبة يجب “إيلاء مصرف لبنان صلاحيات محصورة ومؤقتة تجيز له وضع ضوابط وأصول لاستخدام جزء من الاحتياطي الإلزامي” بعد موافقة المودعين الراغبين أصحاب الحسابات للاستثمار في قطاع الكهرباء. كما يضمن إبقاء كافة الحقوق العائدة للمودعين غير الراغبين في المساهمة مضمونة ومصانة. وهو ما يؤسس للتمييز بين المودعين لناحية قيمة ودائعهم خاصة أن أرباح شركة الكهرباء غير أكيدة ولا تتناسب مع قواعد الاستثمار المبنية على الموازنة ما بين العائدات والمخاطر.

واللافت للنظر هو استعمال مصطلح “لولار”[6] في نص المقترح في ما يشكّل تطبيعاً مع الممارسة غير الشرعية التي اعتمدها مصرف لبنان في إثر الإفلاس غير المعلن للمصارف، في تحميل المودعين كافة الخسائر من خلال “كابيتال كنترول[7]” غير شرعي وهيركات وصل إلى أكثر من 80% عبر اعتماد أسعار صرف لا أساس لها للإيداعات المصرفية بالدولار (أي ما سمّي “لولار”). ويطرح ذلك السؤال حول مصير الودائع بالدولار الأمريكي.

  • يبتعد المقترح عن الواقعية، لناحية الأسعار وخطة التنفيذ والأرباح المتوقعة.
  • أخيرا، نلحظ اتجاها تشريعيا نحو خصخصة قطاع الكهرباء في لبنان تحت ذريعة “إعادة ملكية المعمليْن بعد 20 عاما إلى الدولة اللبنانية”، مما سيؤدي إلى إضعاف الدولة خاصة في ظلّ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي. الأمر الذي يحمل معه عواقب جديّة، أهمها: تهديد مستقبل الموظفين العاملين في قطاع التوزيع في المؤسسة والذين يشكّلون نحو ثلثيّ عدد موظّفي المؤسسة وعمّالها وأجرائها (1400 عامل)[8].

أما على خطّ مجلس النواب، فكانت معلومات “المرصد” قد نقلت حماسة رئيس مجلس النوّاب نبيه بري لاقتراح فرنجية، الذي وقّعه النائب علي حسن خليل أيضاً. وقد أُبلغ فرنجية أن اقتراحه سيمرّ بالخطّ السريع، بمعنى أنه يفترض أن يُعرض مباشرة على اللجان المشتركة للبت فيه. وعندها، من غير الواضح ما إذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيقدّم تعديلاته على الاقتراح نفسه، أم أنه سيطلب استرداده لتقديمه كمشروع قانون يصدر عن الحكومة. لكن الأكيد أن ثمة من سيعترض على حصر مصادر الطاقة بدير عمار والزهراني.      وبالفعل، بدأ العاملون على المشروع يسمعون كلاماً عن رفض التيار الوطني الحر له، لأنه يُسقط معمل سلعاتا من خطط إنتاج الطاقة. وهو معمل يعتبره هؤلاء حجر الزاوية لأي خطة، لحسابات تتعلق بالمحاصصة الطائفية وضرورة توزيع مصادر الطاقة على المناطق.

2. إنشاء شركات توزيع الطاقة الكهربائية مرتبطة بمؤسسة كهرباء لبنان

في الاتجاه نفسه، نجد أيضا اقتراح قانون يتعلّق بإنشاء شركات توزيع الطاقة الكهربائية في لبنان، تقدم به النائب بلال عبد الله (من كتلة اللقاء الديمقراطي) بتاريخ 2021/7/6. وتدار تلك الشركات وفق نظام توزيع الطاقة الكهربائية للجهد المنخفض[9](low voltage)، وهي ترتبط مع مؤسسة كهرباء لبنان من خلال عقود تشغيل وصيانة تبرم لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد على أن تبقى مؤسسة كهرباء لبنان مالكة للأصول كافة.

ويقع على عاتق تلك الشركات موجب تأمين حصول كلّ مستخدم على التيار الكهربائي بشكل مستمر وعالي الجودة ضمن نطاقها الجغرافي المحدّد في المقترح، بالإضافة إلى موجب تحصيل فواتير الجهد المنخفض مباشرة من المستهلكين وتسديد ما يستحقّ عليها لمؤسسة كهرباء لبنان مقابل استهلاكها للطاقة الكهربائية من الجهدين المتوسط والعالي (Medium and High Voltage)[10] بناءً لقراءات العدادات الذكية.

وما يزيد من خطورة المقترح أنه نصّ على الآتي: “إلى حين تأمين إنتاج يُلبّي مستويات الطلب على الطاقة الكهربائية من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، تلتزم الشركات دون سواها، تأمين قدرات إنتاجية محدودة وتكميلية لقدرات مؤسسة كهرباء لبنان وذلك لإمداد الشبكة الوطنية داخل هذه المناطق عبر شبكة التوزيع المملوكة لمؤسسة كهرباء لبنان حصرا”. وبذلك تعطى الشركات دوراً – على عكس ما يدلّ عليه عنوان المقترح – في إنتاج الطاقة الكهربائية.

وقد استندتْ الأسباب الموجبة للمقترح على المشاكل البنيوية[11] التي تعاني منها مؤسسة كهرباء لبنان والتي أدّتْ إلى عجز في ميزانيتها وتراكم خسائرها وعلى عدم قدرتها على إدارة هذا القطاع. وبحسب ما أشارت إليه الأسباب الموجبة: “كل زيادة في الإنتاج بمقدار 100 ميغاواط، وإن كانت تقلّص التكلفة العامة للإنتاج، إلا أنها تزيد من العجز المالي بحوالي 60 مليون دولار أمريكي”. كما أقرّت هذه الأسباب بفشل مشروع مقدّمي الخدمات الذي أقرّته الحكومة عام 2010 على حساب مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك الأمر بالنسبة لأصحاب المولّدات الخاصّة الذين حققوا أرباحا طائلة في حين راكمتْ كهرباء لبنان خسائر فادحة.

لا يقدم هذا الاقتراح حلّا بل يطرح فقط خصخصة القطاع وينقل مشاكل مؤسسة كهرباء لبنان إلى شركات مناطقية مع مخاطر كبيرة في أن يأخذ اختيارها طابع المحاصصة الطائفية.

كذلك يتناقض هذا الاقتراح مع مبدأ الوفر الناتج عن زيادة الإنتاج حيث يرفع الكلفة مع تقسيم الإنتاج على المناطق. بالإضافة إلى ذلك، يتناسى الاقتراح الدور المحوري الذي تلعبه الدولة لناحية وضع سياسة طاقوية بما يخفّف التلوّث ويؤدّي إلى تأمين طاقة نظيفة وترشيد ودعم قطاعات حيث أن دور مؤسسة كهرباء لبنان غير واضح في المقترح.

3. نزع الامتياز الحصري للإنتاج الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان

كذلك، ورد بتاريخ 2021/12/2 اقتراح معجل مكرر مقدم من كتلة لبنان القوي يهدف إلى تعديل المادة الأولى من القانون المتعلق بإنشاء مؤسسة كهرباء لبنان (المرسوم رقم 16878). وتنصّ تلك المادة على حصر إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في جميع الأراضي اللبنانية بمؤسسة كهرباء لبنان.

وعليه، يجيز المقترح للبلديات و/أو لاتّحادات البلديات و/أو لتجمع البلديات، ضمن نطاقها البلدي، إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية المتجدّدة لقاء رسم بدلي (تعرفة). كما يتيح المقترح لتلك الجهات حق استعمال واستثمار سائر الأعمدة العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان مقابل رسْم عبور (wheeling charges). بالإضافة إلى ذلك، يُجيز المقترح “التعاقد مع أشخاص تتوافر فيهم الشّروط العامّة للوظيفة البلدية للقيام ببعض وظائفها في أوقات محدّدة وشروط خاصّة تعيّن في العقد لتنفيذ مشروع إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء في نطاق البلدية… بما في ذلك التعاقد مع القطاع الخاص”. كما يجيز “التعاقد مع مؤسسة كهرباء لبنان، بالإضافة إلى عقود التراضي de gré à gré يقوم بموجبها موظفو المؤسسة و/أو موظفو الشركات المتعاقدة من الباطن مع مؤسسة كهرباء لبنان بتأمين كافة خدمات الصيانة المرتبطة بعملية نقل الكهرباء المنتجة مباشرة من البلديات و/أو المنتجة من القطاع الخاص المتعاقد مع البلديات…”.

وقد نصّت الأسباب الموجبة على أنه “يبقى للمكلّفين الحق الاختياري بالبقاء ضمن نطاق مكلّفي مؤسسة كهرباء لبنان وباستجلاب الطاقة الكهربائيّة منها، أو باختيار الحصول على ساعات تغذية إضافية من الطاقة الكهربائية والطاقة الكهربائية المتجدّدة التي تنتجها المؤسسات البلدية التي يعيشون ضمن نطاقها”.

كذلك، أشار المقترح إلى أن ملكية الانتفاع من الاستثمارات التي تقوم بها البلديات لمدّ الخطوط حيث تدعو الحاجة على شبكة التوزيع العام تعود للبلديات، على أن تعود ملكية رقبة تلك الاستثمارات لمؤسسة كهرباء لبنان.

وقد أشارت الأسباب الموجبة إلى استثنائية تدخّل البلديات في الإنتاج الكهربائي الخاص وذلك بهدف تحسين سير عمل مرفق الكهرباء دون أن يكون لها التدخّل في الشؤون التعاقدية الخاصة بين مؤسسة كهرباء لبنان وسائر المكلفين المشتركين في مؤسسة كهرباء لبنان حاليا. وشدّدت الأسباب الموجبة على أنّ المقترح لا يحول ولا يمنع مؤسسة كهرباء لبنان من إنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية مستقبلا.

وقد استندتْ الأسباب الموجبة إلى انتفاء سبب وجود الامتياز الممنوح لمؤسسة كهرباء لبنان كمنتج حصري للطاقة الكهربائية الذي يكمن في السماح للمكلفين بالاستحصال على الطاقة الكهربائية بصورة دائمة ومستمرة وبسعر موّحد وبكلفة متدنية وبالتساوي. كما وأن المقترح يجد تبريره في طبيعة العلاقة القائمة بين المؤسسات البلديات والمكلّف ضمن نطاقها البلدي والمسندة إلى حرية التعاقد القائم في الاقتصاد الحرّ. بالإضافة إلى أنه سيساهم في الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة مع اشتراط استخدام البلديات للطاقة المتجددة.

يظهر هذا المقترح بداية وكأنه إيجابي، بخاصة وأنه يشجّع على اللجوء إلى الطاقة المتجدّدة من جهة، ويخدم اللامركزية من جهة أخرى، إلا أنه وإلى جانب الإشكاليات المرتبطة بتقسيم مصادر إنتاج الطاقة وأثر ذلك على كلفة وفعالية الإنتاج والتي أشرنا إليها أعلاه، لا يمكن تجاهل الواقع المرير للمؤسسات البلدية وعدم كفاية مواردها لتنفيذ هذا المشروع وذلك بسبب استيلاء وزارة المالية في الحكومات المتعاقبة منذ الطائف  بشكل غير شرعي على قسم هامّ من عائدات الصندوق البلدي المستقلّ بحجة أو بأخرى. ويترافق ذلك مع خطر لجوء البلديات بشكل موسّع إلى الشركات الخاصة أو أصحاب المولدات ما يشكل خصخصة مقنّعة للقطاع وتضارب صلاحيات مع مؤسسة كهرباء لبنان. كذلك يحمل الاقتراح خطورة في امكانية تفاوت الأسعار بين المناطق بما يمسّ بمبدأ المساواة بين المواطنين.

لتحميل-
اقتراح الطاقة “من الناس للناس”

اقتراح شركات توزيع الطاقة الكهربائية

تعديل المادة 1 من المرسوم المتعلق بإنشاء مؤسسة كهرباء لبنان



[1] تؤسس الشركتين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، موضوعهما إنشاء معملين كهربائيين على الغاز الطبيعي في الزهراني ودير عمار بقدرة تصل لحدود /1000/ ميغاوات لكل معمل، ويزودان الدولة اللبنانية لمدة عشرين عام.  وفقا للخطة والشروط الأساسية الواجب مراعاتها عند وضع دفتر الشروط المرفقة ربطا بالمقترح. وقد أُرفق بالمقترح “خطة وشروط أساسية يقتضي الالتزام بها عند تحضير دفتر الشروط” تتعلق بمشروع قانون انتاج الكهرباء (في الإنتاج، في النقل، في التوزيع)، وكلفة المشروع، وملكية المشروع، والمناقصات والمراقبة، وإصلاح التعرفة.
[2] وتستفيد تلك الشركتين من إعفاء كافة رسوم التسجيل في السجل التجاري، رسوم الفراغ الضرائب والرسوم، بالإضافة إلى الإعفاء من الترخيص القانوني للبناء وأي رسوم أخرى.
[3]  كارين الغزاوي، ميريام مهنا، اقتراح استعراضي لتحديد استخدامات عائدات لبنان من صندوق النقد الدولي، المفكرة القانونية، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 2021-10-27
[4] وتملك خبرة لا تقل عن عشرين عاما في مجال تشغيل وتحسين قوة النقل.
[5] إيلي الفرزلي، هل يساهم المودعون في تأمين كهرباء 24/24؟، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 2021-11-18
[6] وهو ما درج قوله بالعامية من أجل الإشارة إلى بدعة سعر الصرف المحدّد ب 3,900 ل.ل والذي قد عدّل مؤخرا إلى 8,000 ل.ل مقابل كل دولار أمريكي بموجب القرار الوسيط رقم 13377 الصادر عن مصرف لبنان والرامي إلى تعديل القرار الأساسي رقم 132221 تاريخ 2021/4/21.
[7] نزار صاغية، عماد صائغ، كابيتال كونترولتحت سقف الحاكم: 14 ملاحظة على مقترح مسرّب، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 2021-05-02
[8] إيلي الفرزلي، شركة الكهرباء، مقدمو الخدمات والبنك الدولي: تخفيف الهدر شرط لتمويلالكهرباء”؟، الموقع الالكتروني للمفكرة القانونية، 2021-11-26
[9] على سبيل الشرح، يوجد فرق بين الجهد المنخفض والجهد العالي: الجهد المنخفض هي خطوط النقل التي يتم تحميلها بجهد يصل حتى 1000 فولط، بينما الجهد المتوسط هي الخطوط التي يتم تحميلها بجهد يتراوح بين 1000-15.000 فولط. أما الجهد العالي هي خطوط النقل التي يتم تحميلها بجهد يبلغ 15.000 فولط فما فوق.
[11]أبرزها: فراغ في ملاك الجهاز البشري التابع لمؤسسة كهرباء لبنان بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الأعمال، الهدر الفني وغير الفني (بين 45٪ و50٪ من الطاقة المنتجة، مما يشكّل “مستويات قياسية”)، ضعف الجباية وعدم فعّاليتها (زيادة المتأخرات قد تجاوزت ال 2500 مليار ليرة لبنانية)، والتعرفة المنخفضة (مقابل كلفة الإنتاج التي تجاوزت بأضعاف هذه التعرفة).
انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، سلطات إدارية ، قطاع خاص ، مصارف ، مقالات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني