قضية فصل طالب من كلّية الطب: الطلّاب يطالبون بحلّ المجلس التأديبي


2021-08-09    |   

قضية فصل طالب من كلّية الطب: الطلّاب يطالبون بحلّ المجلس التأديبي

أعاد القرار التأديبي الصادر بحق الطالب هادي شمّاع في كليّة الطب في الجامعة اللبنانيّة الذي حرمه من إجراء الامتحانات، تسليط الضوء على قضايا الطلّاب في الكليّة ومشاكلهم. وفتح القرار الباب للطلّاب لإعادة طرح مسألة المحاصصة السياسيّة التي تُسيطر على إدارة الكليّة، مروراً بالوضع الاقتصادي الذي يرهقهم، إلى رواتب طلّاب الاختصاص التي ما عادت تكفي أجرة الطريق، إلى حرّيتهم في التعبير عن رأيهم خشية عقاب قاسٍ قد يتعرّضون له داخل جامعتهم، ووصل الأمر إلى حد المطالبة بحلّ المجلس التأديبي واصفين إياه بالمجلس “القمعي”. 

في هذا التحقيق نستعيد قصة فصل الطالب هادي شمّاع بالتفصيل ومساعيه لإبطال القرار سواء عبر اعتذاره أو بالطرق القضائية ولاستعادة حقّه في إجراء الامتحانات مروراً بتضامن زملائه معه والذي فتح الباب أمام إعادة طرح مشاكلهم في الجامعه ومع الإدارة وصولاً إلى رفض إدارة الجامعة إبطال القرار التأديبي.    

البداية: اتهام عميد الكلية بإجبار طالب طب على إضافة اسمه واسم ابنه إلى بحثه

بدأت القضيّة قبل ثلاثة أسابيع حين صدر قرار تأديبي قاس بحقّ الطالب هادي شمّاع على خلفية منشور له على فيسبوك. وانتشر فيديو على نطاق واسع يوثّق حالة اعتراض جماعيّة نفّذها طلّاب السنة الرابعة في كليّة الطب الاثنين 19 تمّوز، بعد منع هادي من دخول القاعة لإجراء الامتحان، وهتف الطلّاب باسم زميلهم، رافضين أن يستلموا أوراق الامتحان من دونه. 

المنشور الذي شاركه هادي، هو عبارة عن لقطة شاشة screen shot  لتغريدة نشرها د. جواد فارس، وهو نجل عميد الجامعة د. يوسف فارس، على تويتر يهنّئ فيها شقيقه محمد على تخرّجه من كليّة الطب في الجامعة الأميركيّة في بيروت. وأشار جواد في التغريدة إلى أنّ شقيقه حائز على شهادتين ماستر وأنجز 38 مقالاً علمياً وكتابين. وتحت التغريدة يبدو تعليق لـ د. علي سليمان وهو طالب سابق في الكليّة يقول فيه متوجّهاً إلى جواد: “والدك أجبرني مرّة على وضع اسمه وإسمك في بحثي الخاص…”. ومع لقطة الشاشة كتب شمّاع بدوره: “إن لم تستح فافعل ما شئت”. شقيقة شمّاع تفاعلت مع المنشور وقامت بمشاركته بدورها كاتبة نقداً قاسياً تجاه عميد الكليّة، ولاحقاً عاد هادي وحذف المنشور حين أدرك أنّه ليس لديه دليل على مضمونه، بحسب ما قال لـ”المفكرة”. 

بعد تفاعله مع الاتهامات الكليّة تفصل هادي شمّاع وتحرمه من الامتحان

على الأثر ورغم حذفه المنشور، تلقّى هادي اتصالاً يطلب حضوره إلى مكتب العميد، فتوجّه إلى إدارة الكليّة في 7 تمّوز، ولكن بدلاً من الاجتماع مع العميد كما كان يتوقّع، فوجئ بأنّه سيخضع للمحاسبة أمام لجنة تأديب مؤلّفة من خمسة أساتذة، من بينهم أطباء في مستشفى الزهراء التي يشغل العميد موقع المدير، بحسب ما يقول لـ”المفكرة”. يروي هادي: “حين دخلت طلبت أن أعتذر من العميد شخصياً، وأخبرتهم أنني حذفت المنشور”. يُضيف: “تلقيت في المقابل معاملة قاسية جداً، تعرّضت للإهانات اللفظية، واستهزأوا بي”. ويوضح أنّهم وصفوه بأنّه “أهبل” و”Bipolar أي يعاني من مرض ثنائي القطبين”، وسألوه “شو كنت عم تتعاطى لكتبت هيك”. ويضيف “اتهموني بأنني لا أحضر المحاضرات، مع أنّني من الأشخاص الّذين يثابرون على الحضور”. ويتابع: “جرى أيضاً محاسبتي على موقف شقيقتي من القضية ومساءلتي حول مشاركتها المنشور وكتابة نقد قاس ضدّ فارس، مع العلم أنّني لست مسؤولاً عن ذلك”. 

بعد الاجتماع كتب هادي اعتذاراً بخط يده للعميد وسلّمه للجنة، لكنّ الأخيرة عادت وطلبت منه أن يكتب الاعتذار على صفحته على فيسبوك. وهذا ما فعل، ويقول: “نشرت الاعتذار على صفحة فيسبوك منشأة حديثاً، لأنّي  كنت قد حذفت الصفحة القديمة ولم أعتقد أنّ بإمكاني استعادتها”. عادت اللجنة وتواصلت معه وطلبت منه استعادة صفحته القديمة ونشر الاعتذار عليها لأنّ لا متابعين على الصفحة الجديدة. وبالفعل في اليوم التالي عاد هادي ونشر اعتذار على صفحته بعد استعادتها بمساعدة صديق، وتوقع من خلال ذلك أن تكون القضية انتهت عند هذا الحد، بحسب ما يقول.

ظنّ هادي أنّ الموضوع انتهى عند هذا الحد وبدأ التحضير لإجراء الامتحانات، قبل أن يفاجئ بعد أسبوع باتّصال من إدارة الكلية يُعلمه أنّه مفصول من الجامعة لمدّة شهر كامل. وهذا ما يعني أنّه لن يتمكّن من إجراء الامتحانات التي كانت قرّرة في شهر تمّوز. 

يوم الاثنين في 12 تمّوز حاول هادي الدخول إلى الامتحانات لكن تمّ منعه، فذهب ليناقش الموضوع مع والديه علّهما يساعداه للتوصل إلى حل حبّي مع العميد. فحاول والداه بكلّ السبل مقابلة العميد من دون جدوى، حتى أنّه تواصل مع شخصيات سياسية ودينية معروفة لكي تتدخّل، وبعد جهد حثيث تمكّنوا من أخذ موعد مع العميد فارس في مكتبه في مستشفى الزهراء. 

يقول هادي: “كنت قد بدأت أشعر بالإحباط الشديد حيال الذل الذي واجهته، وبخاصّة بسبب الكلام المهين الذي سمعته من لجنة التأديب كما من تجاهل العميد لكافّة اتصالاتنا، فقرّرت أن أضع هاتفي بوضعية التسجيل لأنني خشيت أن أتعرّض لإهانات مجدداً”. ويُضيف، “جلست مع العميد في مكتبه مع والدي وأوضحت له الأمور وشرحت له أنني تراجعت وقدمت اعتذاري، فأجابني بعبارة اعتبرتها تهديداً ضمنياً مفادها: فيني ابعتلك ثلاثة أو أربعة يضربوك إرجع إعتذر منك..”. ويتابع، “قبل نهاية الاجتماع سألنا العميد عن كيفية حلّ الموضوع فأجابنا بأنّ المسألة باتت بمعيّة مجلس الكلية، وفهمت حينها أنّ العميد لا ينوي أبداً التراجع عن القرار التأديبي”. 

بعد هذه الواقعة وفقدان الأمل في أي حل حبّي قد يتوصّل إليه مع العميد، فاتح هادي زملاءه بالأمر وشرح لهم ما واجهه بالتفاصيل، فقرر الطلّاب أن يدعموه إلى آخر المطاف، وظهرت ملامح تكاتف الطلّاب ببعضهم البعض يوم 19 تمّوز حين توجّه هادي مجدداً إلى الكلية محاولاً الدخول إلى قاعة الامتحانات فتمّ منعه. فامتنع بموجب ذلك جميع الطلّاب من السنتين الرابعة والخامسة – طب من تقديم الامتحانات تضامناً معه.

وكان القرار التأديبي الصادر في 9 تمّوز بحق شمّاع تضمن أنّ الطالب أساء إلى سمعة الكليّة وإدارتها… وأدى إلى تشويه سمعة العميد والكلية، وأنّ ما قام به شمّاع مجحف وظالم وينمّ عن حقد وكراهية شديدة من دون وجه حق. ولم يقف القرار عند هذا الحد بل ذهب إلى اعتبار “تصرّفات الطالب شمّاع تفتقر إلى القيم الأخلاقية والمهنية التي تخوّله لأن يكون طبيباً…”. مع العلم بأنّ أخلاق شمّاع دفعته إلى الاعتذار فوراً بعد استدراكه لعدم وجود أدلة على الكلام الذي يطال العميد. وخلص القرار إلى فصل الطالب لمدّة شهر، كما أحيل القرار إلى رئيس الجامعة “لفرض عقوبة أشد”. 

فصل طالبين آخرين نقلا شكاوى زملائهم

لم يكن دفاع الطلاب عن هادي عن زميلهم وليد الساعة، فقد واجه الطلّاب موقفاً قبله دفعهم ليكونوا بهذه الشدّة في التعبير عن دعمهم لهادي شمّاع. إذ أنّ هذه الإحالة إلى مجلس التأديب طالت ثلاثة طلّاب انتدبهم زملاؤهم في الكلية لتسليم العميد كتاباً يطالبون فيه النظر في أوضاع الطلّاب ومعاناتهم. يعبّر الكتاب الخطّي الذي بقي داخلياً ولم يُنشر في الإعلام، عن معاناة الطلاب مع رواتبهم التي باتت لا تؤمّن حتى مصاريف الانتقال إلى المستشفيات، وعن الصعوبات التي يواجهونها في الانتقال إلى مراكز التلقيح حيث يعملون كمراقبين وغيرها من المسائل. واستهلّ الطلّاب كتابهم بعبارة “الوضع أصبح مذرياً”. وبسبب هذه العبارة أحال فارس الطلّاب الثلاثة إلى لجنة التأديب وصدر قرار بحق اثنين منهم وتم توقيفهما لمدّة شهر عن التدريب السريري وهما في السنة الثانية اختصاص طب. 

عميد كلّية الطب يرفع دعوى قضائية على شمّاع وشقيقته

تواصلت “المفكرة” مع العميد د. يوسف فارس الذي وصف اعتذار شمّاع بأنّه غير جدّي مبرّراً ذلك بأنّ هادي “لم يستخدم حسابه الشخصي في البداية ليعتذر ما يعني أنّه حاول المراوغة عدا عن أنّه حين أتى إلى مكتبي مع والده كان يُسجّل الاجتماع وهذا أمر إضافي كي لا أعتبر الأمر جدّي”. ومن جهة ثانيّة، يعتبر أنّ “جواب شمّاع حيال مواقف شقيقته على فيسبوك غير مقنع، ذلك حين قال إنّ لا شأن له بمواقفها”. ويعتبر فارس بأنّ قضيّة القرار التأديبي ليست مسألة شخصيّة وهنا يفصل فارس بين الإجراء الذي اتخذ في الكليّة وهو إجراء يتعلّق بطالب انتهك حقوق أستاذ في الكليّة وبين الضرر الشخصي الذي تعرّض له، قائلاً: “لا أقبل بأن يقوم أحد بإهانة الآخر في الكليّة، لا أستاذ يهين طالباً ولا العكس، وتمّ اتخاذ الإجراء المناسب بالنسبة للطالب شمّاع وفقاً للآليات القانونيّة التي اعتمدتها جهة علمية، ومن جهة ثانية قمت برفع دعوى قضائية على شمّاع وشقيقته وعلى د. سليمان بسبب الضرر الشخصي”. 

ويُضيف فارس أنّه صودف أنّ “الخطأ الذي ارتكبه الطالب جرى خلال فترة الامتحانات، وعليه لا يُمكن للجنة التأديب أن تُرجئ معاقبته لأنّها وجدت أنّ الإجراء المناسب هو فصله من الجامعة”. وعليه، لا يجد فارس أنّه جرى مخالفة القانون في هذه المسألة لناحية حرمان الطالب من الامتحانات وهو قانوناً أمر محصور فقط برئاسة الجامعة. 

أمّا بالنسبة للطلاب الثلاث الّذين تمّت إحالتهم إلى المجلس التأديبي واتخاذ عقوبة بحق اثنين منهم، برّر د. فارس الأمر بأنّه جرى بسبب كلام مهين تضمّنه الكتاب للكلية، مشيراً إلى أنّ الشابّين الّلذين تمّ تأديبهما أهانوا كليّة الطب. وبخصوص مطالب الكتاب الذي رفعه الطلّاب، يقول د. فارس أنّه كان ينتظر انتهاء مدّة التخصّص الحالية وتوظيف طلّاب اختصاص جدد في المستشفيات ليبدأ النقاش مع المستشفيات لأجل رفع رواتبهم. 

ووعد فارس الطلاب بأن يسعى في هذه الأزمة الاقتصادية إلى تحسين ظروفهم، كمحاولة تأمين وظائف لهم في مستشفيات قريبة من أماكن سكنهم، وبأنّه سيجتمع قريباً مع مدراء المستشفيات لطلب زيادة لهم. 

ورداً على ما ورد في تغريدة سليمان، ينفي أن يكون قد أضاف اسمه أو اسم نجله على أي من الأبحاث التي تعود لطلاب في الجامعة اللبنانية ولا يوجد أي دليل على ذلك.  

وكيل شمّاع: القرار التأديبي تضمّن أخطاء قانونيّة عديدة

يشير وكيل شمّاع المحامي حسن بزّي إلى وجود مخالفات قانونيّة في القرار التأديبي بحق هادي، منطلقاً من عدم جواز توقيع عميد الكليّة على القرار كونه لا يمكن أن يكون “القاضي والداني في الآن نفسه”.  

ويرجع بزّي إلى تعيين فارس من الأساس في منصبه ويصفه بأنّه “باطل” إذ إنّه يخالف قانون تنظيم الجامعة اللبنانيّة الذي ينصّ على أنّه حين يشغر منصب العميد يتمّ تعيين أكبر أعضاء الكليّة سناً، مندوباً عنه، وفي حال تعذّر وجود أستاذ ليحلّ محلّ العميد، يعود لرئيس الجامعة تكليف أحد الأساتذة المتفرّغين في التعليم منذ أكثر من ثلاث سنوات” وهو أمر لا ينطبق على فارس. وعليه، يعتبر بزّي أنّه “لا يمكن الاعتراف بالقرارات الصادرة عن العميد، فما بُني على باطل فهو باطل”.

يُشير بزّي إلى أمرين آخرين يشكّلان مخالفتين إضافيتين في القرار التأديبي هما أنّ العقوبة أقرّت من دون تعليلها، وحرمان ضمني من الامتحان علماً أنّه يعود فقط لمجلس رئاسة الجامعة اتخاذ قرار كهذا. 

“رئيس الجامعة ما بيزعّل العميد”

بناء على كلّ ما تقدّم، توجّه بزّي بوكالته عن شمّاع يوم الاثنين في 26 تمّوز تقدّم بزّي بوكالته عن شمّاع إلى الإدارة المركزيّة للجامعة اللبنانيّة حيث قدّم طعناً في القرار التأديبي طالباً إبطاله، ولم تمرّ ساعة من وقت تقديم الطعن حتى صدر قرار وقّعه رئيس الجامعة الأستاذ فؤاد أيّوب يتضمّن خمسة بنود: أوّلاً، ردّ أيّوب طلب الطعن ثانياً، ردّ اقتراح مجلس الكليّة بأن تُفرض عقوبة أشدّ على شمّاع. ويبدو أنّ أيّوب لم يرد النظر في عدم قانونيّة قرار مجلس الكليّة لناحيّة حرمان هادي من الامتحانات، فارتأى فتح دورة استثنائيّة له لإجراء الامتحان وفقاً للبند الثالث من قراره، من دون أن يضع العميد بموقع المخطئ. 

في البندين الرابع والخامس، ذهب أيّوب إلى إلزام شمّاع بقراءة كتاب “عندما تتكلّم المصادر” للأستاذة في الجامعة اللبنانيّة وفاء أبو شقرا الذي يتّصل بضرورة التحقّق من المعلومات قبل نشرها على أن يرسل الطالب لرئاسة الجامعة ملخّصاً عنه خلال ثلاثة شهور. كما ألزم الطالب بأن يجري بحثاً حول علم الواجبات والأخلاقيات الطبيّة على أن يناقشه أمام لجنة مؤلّفة من رئيس ومنسّق ومقرّر اللجنة المركزية لأخلاقيات الحياة والمهن الطبية في الجامعة اللبنانيّة. 

على الإثر، قرر بزّي تقديم طعن في البنود الأول والرابع والخامس أمام مجلس شورى الدولة إضافة إلى تقديمه أمراً على عريضة لدى قضاء العجلة لأجل وقف تنفيذ القرار التأديبي. ويجد بزّي أنّ هذه القضيّة لم تكن لتصل إلى هذا الحد لو اعتمد عميد الكليّة أسلوباً هادئاً، عبر التواصل مع الشاب والتكلّم معه وتوضيح الأمور له والطلب منه عدم نشر معلومات لا تستند لأدلّة وتسبّب له الأذى. لكن، بحسب بزّي، “ذهب عميد الكلية إلى أقصى الحدود حيث استخدم نفوذه للانتقام الشخصي من طالب وحرمانه من امتحاناته على الرغم من اعتذارات الأخير المتكرّرة ومحاولته تصحيح الأمور”. لذلك، قرر بزّي أيضاً رفع دعوى جزائيّة ضدّ فارس مدعياً عليه بصرف النفوذ. 

تكتل الطلّاب في الجامعة اللبنانيّة يطالب بحلّ المجلس التأديبي

من جهته، رفض “تكتل الطلّاب في الجامعة اللبنانيّة” اعتبار قرار رئيس الجامعة “منصفاً”، مشيراً في بيان إلى أنّ “الطالب حذف منشوره وقدم اعتذاراً (…) علماً أنّه يحق للطالب المساءلة وانتقاد وجوه السلطة، في ظل إهمال وفساد إداريّين للكليّة”. واعتبر التكتّل العقاب الذي تلقّاه شمّاع “امتداداً لنهج كمّ الأفواه”، موضحاً أنّه حتى لو كان الطالب يستحق العقاب فكان الأجدى البدء بالتأنيب. وانتقد البيان قرار رئاسة الجامعة بأن تُخضع الطالب لامتحانات استثنائية تحت إشراف الكلية نفسها التي سعت لطرده، كما انتقد إلزامه بقراءة كتابين وتحضير بحث وهو يعمل لثماني ساعات يومياً وعليه أن يدرس لامتحاناته في ظلّ ما تعرّض له من ضغط نفسي.    

واعتبر أنّ “الكلية تستعيد أجواء الهدوء والعافية عند استعادة حقوق الطلّاب كافّة – من حرية التعبير، للمناهج المدروسة، لعقود مستشفيات عادلة”، كما طالب ختاماً بـ”حلّ المجلس التأديبيّ القمعيّ غير المؤهّل”.

ورأى الطالب السابق في كليّة الطب والعضو في التكتل د. تيسير الزعتري بدوره أنّ القضيّة أبعد من الاتّهامات التي سيقت ضدّ عميد الكليّة والتي على إدارة الجامعة أن تبحث وتحقّق فيها، إذ هي قضيّة تكريس نهج قائم على المحاصصة والمحسوبيات في إدارة كليّة الطب، بدأ في عهد العميد السابق د. بطرس يارد واستمر مع العميد الحالي د. يوسف فارس. ويعطي أمثلة على ذلك بدءاً من “تعيين رؤساء الأقسام بشكل يعتمد على المحسوبيّة السياسيّة، ففي شباط 2020 صدر قرار تعيين رؤساء أقسام جدد جزء منهم يعملون في مستشفى الزهراء تحت إدارة د. فارس، والجزء الثاني يعملون في مستشفى الجعيتاوي التي يديرها د. يارد”. ويشرح الزعتري أنّ نتيجة هذا النهج، تظهر من خلال تقييد حريّة رؤساء الأقسام في المشاركة في القرارات كما في الاعتراض على القرارات نظراً إلى كون عميد الكليّة هو نفسه مديرهم في المستشفى”.

كما يلفت الزعتري إلى أنّ “العميد مسؤول عن العقود بين الكلية وبين المستشفيات، وبالتالي فإنّ تضارب المصالح واضح هنا فهو من جهة مدير مستشفى تتعاقد مع الكلية، وعميد الكلية”. ويخشى الزعتري من تبدية مصالح المستشفى على مصالح الكلية، فلا يخفى على أحد أنّ العمل المهني في المستشفى يقدّم امتيازات أفضل للمدير من تلك التي يتلقاها في الجامعة”. ويوضح أيضاً، أنّ تضارب المصالح يكمن في مكان آخر، هو أنّ مدير المستشفى له سلطة على أساتذة يعملون أطباء في المستشفى نفسه فيقيّد حريتهم على المساءلة والاعتراض في المؤسستين، كما له سلطة على الطلّاب الذين يتمرّنون فيها وقد يحصل هؤلاء على تقييم “غير صالح” كوسيلة للانتقام من الأطباء المقيمين”. 

أيضاً، يلفت الزعتري إلى نهج متصل معتمد في الكلية ويستفيد منه طلّاب ضمن منطق المحسوبيات والمحاصصة. ويتجلى ذلك بحسب الزعتري، بـ “فتح مقاعد فائضة لطلّاب في اختصاصات معينة، من دون احترام  آلية التقييم التسلسلي في توزيع الاختصاصات”.

من جهته، يؤكد فارس أنّ الأطباء الّذين تم تعيينهم في الأقسام هم من الأطباء الأكفاء الّذين تم اختيارهم عبر آلية علمية مع العميد السابق د. يارد. ويشرح بأنّ هؤلاء الأطباء لا يعملون حصراً في مستشفى الزهراء إنما كل طبيب يعمل في أكثر من مستشفى وهم أطباء أكفاء ويستحقون مناصبهم. وأمّا بالنسبة لتعيينه كعميد كليّة وهو ليس أستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانيّة، يعتبر فارس أنّ “نظام كلية الطب مختلف عن أنظمة الكليات الثانية”. 

د. علي سليمان: وقعتُ ضحية السياسات الانتقامية  

تواصلت “المفكرة” مع سليمان الذي روى بالتفصيل قصّة تعليقه على منشور نجل عميد الكلّية. واستعاد سليمان القصة من بدايتها: “كنت ذات مرّة أتدرّب في إحدى المستشفيات ورأيت أنّ أحد الأطباء يقوم بمخالفات مهنيّة فشعرت بضرورة أن أشتكي عليه لإدارة المستشفى”. يُضيف: “حين فعلت، طلبوا منّي الصمت بصيغة التهديد فتراجعت عن الشكوى، لكنّ تمّ الانتقام منّي في المستشفى عبر وضع علامة صفر على تقييمي لسنة كاملة”. يروي سليمان أنّه بعد الزيارات المتكرّرة للكلية وللأطباء الّذين أشرفوا على تقييمه، فهِمَ أنّه تمّ تزوير النتائج وأنّ الأطباء جاهزون للشهادة بذلك إن اقتضى الأمر، بحسب قوله. لم يتمكّن سليمان من الوصول إلى حقّه بالطرق الإداريّة، لا حين تواصل مع عميد الكليّة السابق د. بطرس يارد ولا مع رئيس الجامعة د. فؤاد أيّوب وفقاً لما يؤكده لـ “المفكرة”. ويلفت إلى أنّه تواصل “مع مرجعيات سياسية في حركة أمل، حتى تمكّنت في النهاية أن أتلقى جواباً من عميد الكليّة بأنه سيتم احتساب ستة أشهر من التدريب وأنّه عليّ إتمام ستة أشهر جديدة”. ويتابع، “قبلت مع أنني غير مقتنع بالنتيجة لأنني خسرت سنة كاملة ولم يُحتسب لي سوى ستة أشهر منها”. لكن ذلك لم يعنِ أنّ أزمته حُلّت، إذ يؤكّد أنّه “بعد إجراء الامتحانات للحصول على الشهادة تمّ منعي من التسجيل في الاختصاص، وعليه أصبحت مضطراً للبحث عن كليّة جديدة للدراسة فيها من جديد أي التدرب من جديد وثم التخصّص وهذا يحتاج إلى ثلاث سنوات إضافية”. 

ويشرح سليمان، بأنّه عاد وواجه عرقلة حين حاول إجراء البحث الأكاديمي الذي يخوّله الدخول إلى نقابة الأطباء ومتابعة تخصّصه. ويلفت إلى أنّه تواصل مع “الطبيب س. ج. ليكون مشرفاً على البحث، على أن نتفق على المحاور ثمّ أقدّم طلب تقديم للكلية. وبعد فترة يفاجئني الطبيب المشرف بطلب إضافة إسم د. يوسف فارس ود. جواد فارس على بحثي، بشكل يظهر وكأنهما شاركا معي في البحث، لكنني رفضت”. بعد رفضه تواصل معه جبيلي وأبلغه أنّه لن يستكمل البحث معه. حينها اضطرّ سليمان حسب ما يقول إلى أن يتواصل مع اللواء عبّاس ابراهيم، المدير العام للأمن العام، ليستعيد حقّه باستكمال بحثه. ويلفت إلى أنّه عاد واستكمل البحث مع الطبيب نفسه، لكنّ الأخير عرقل إمكانية نشره بسبب اختفائه ورفضه التواصل معه لاحقاً. 

يلفت سليمان إلى أنّه حتى اللحظة لم يتمكّن من استكمال اختصاصه في كليّة الطب، لذلك “حين رأيت تغريدة جواد ارتأيت أن أجيبه، بخاصّة أنّني أملك كافة الوثائق المسجلّة التي تدعم ما أقوله حول محاولة والده إجباري وضع اسمه واسم جواد على بحثي”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة ، قضاء ، مؤسسات عامة ، أحزاب سياسية ، قرارات إدارية ، حرية التعبير ، الحق في التعليم ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، الحق في الصحة والتعليم



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني