قراءة في التشريعات في مجال الهجرة: حين تفشل الديمقراطيّة في تفكيك الإرث الاستبدادي


2023-11-09    |   

قراءة في التشريعات في مجال الهجرة: حين تفشل الديمقراطيّة في تفكيك الإرث الاستبدادي
تصميم عثمان سلمي

قد تبدو المقارنة بين مشهديْ موجة التضامن العارمة مع اللاجئين من الحرب الليبيّة في 2011، على اختلاف جنسيّاتهم، والهجمات العنصريّة الدنيئة المجتمعيّة والرسميّة في 2023، مغرية. فبعد أن أعلت النشوة الثوريّة قِيَم التضامن الإنساني، عاد الانقلاب والاستبداد ليخرج أسوأ ما فينا من عنصريّة. لكنّ هذه الصورة، رغم أنّها لا تخلو من وجاهة، لا تسمح بفهم دقيق وتقييم جدّي لما جرى واستخلاص الدروس منه، إذ تخفي عناصر الاستمراريّة في السياسات الرسميّة التونسيّة إزاء المهاجرين، من زمن ما قبل الثورة، مرورا بتجربة الانتقال الديمقراطي، وصولا إلى ما بعد الانقلاب عليه. فإذا كان بلاغ 21 فيفري وما تلاه من خطابات وممارسات، قد تبنّت رسميّا النظريّات العنصريّة المؤامراتيّة مانحة إياها غطاء شرعيّا ورواجا غير مسبوق، فإنّ ذلك لا يعني أنّ ”عنصريّة الدولة“، في الممارسة، قد بدأت حينها. لا يقتصر الأمر فقط على عمليات الطرد القسري عبر الحدود الجزائرية أو الليبية، التي كانت تحصل على الأقلّ منذ 2003[1] ولم تنقطع خلال العشريّة الديمقراطيّة[2]. وإنّما يشمل بصفة عامّة الإطار القانوني المنظّم لتواجد الأجانب في البلاد، المحكوم بالمنطق الأمني، والذي يجعل المهاجر خاضعا لقانون الاستثناء، مجرّدا من الحقّ في امتلاك حقوق وعرضة للتعسّف في أيّ لحظة، خصوصا بالنظر إلى طريقة تطبيقه التمييزيّة على أساس اللون. هذا الإطار القانوني يساهم بشكل مباشر في تعميق الاستغلال الاقتصادي للمهاجر، ويعمّق من هشاشته.

لسنا نعني بذلك التقليل من قيمة المكاسب التشريعيّة في هذا المجال خلال الفترة الديمقراطيّة، وأبرزها قانون مكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016 وقانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 2018 والقانون المنظم للعمل المنزلي في 2020. ولكن السياسة العامّة، في جوهرها، لم تتغيّر. بل أنّ هذه القوانين تضمّنت هي الأخرى فرصا مهدورة، فضلا عن غلبة الغاية التسويقيّة في أحيان كثيرة، على حساب الحرص على تفعيل النصّ وتغيير الواقع. فدراسة (لا)تطوّر السياسات العموميّة والخيارات التشريعيّة إزاء الهجرة إلى/عبر تونس لا تساهم فقط في فهم أشمل للموضوع، وفي الاشتباك مع السرديّة العنصريّة والدفاع على مقاربة حقوقيّة لا تخجل من نفسها. بل هي تطمح للمساهمة في فهم أفضل لمنظومة الانتقال الديمقراطي، ومواطن فشله وإخلالاته وتناقضاته وأثر الموروث الاستبدادي في إعاقته[3]. فليس أفضل، لتقييم منظومة تشريعيّة أو سياسيّة، من الانطلاق من الاستثناء، مما هو خارجها أو على هامشها، كوضعيّة المهاجر، الإنسان الذي ليس مواطنا والذي تجتمع فيه عوامل التهميش والعطابة. فالهجرة، كما يقول عالم الاجتماع الجزائري-الفرنسي عبد المالك صياد، هي أحد أفضل مداخل سوسيولوجيا الدولة، والتفكير فيها هو تفكير في الدولة[4].

اللجوء: خيار اللاّ تشريع

كثيرا ما يقع التركيز، في نواقص المنظومة القانونيّة التونسيّة في مجال حقوق المهاجرين، على غياب تأطير قانوني للحقّ في اللجوء. فرغم أنّ دستور 2014 نصّ على الحقّ في اللجوء السياسيّ، إلاّ أنّ مشروع القانون الذي انطلقت صياغته منذ أواخر 2011، وظلّت نسخته الثالثة[5] في أدراج رئاسة الحكومة منذ سنة 2018، لم يودع أصلا لدى البرلمان. بل ربما تكون الضغوط والتمويلات الأوروبية الدافعة للمصادقة عليه، بهدف فتح المجال لتصنيف تونس كبلد آمن مع ما يتيحه ذلك من تسهيل ترحيل الواصلين والمعترضين بحرا إلى تونس، قد شجّعت الحكومات المتعاقبة على توخّي خيار التعطيل الممنهج. إضافة إلى الخوف من الاضطرار لقبول اللاجئين السياسيّين العرب والأفارقة في تونس.

في الأثناء، تواصل التعويل على مفوضية شؤون اللاجئين لتقوم بفرز ملفات طالبي اللجوء وإسناد بطاقات لهم، عملا باتفاق أوّل يعود إلى 1992، ثمّ اتفاق المقرّ الذي أبرمته تونس مع الوكالة الأممية في 2011 في خضمّ تدفّق اللاجئين من ليبيا، وبحِصص غير رسميّة تحدّدها تونس للمفوضيّة، حسب شهادات[6].

يبقى أنّ بطاقة اللاجئ التي تمنحها المفوضيّة لا تضمن حقوقا واضحة ومقنّنة لصاحبها في تونس. إذ يبقى اللاجئ خاضعا لقانون 1968 المنظم لوضعيّة الأجانب. حتى الحصول على بطاقة إقامة، وإن كان في الواقع أسهل، فهو ليس مضمونا بالمرّة. فقد كان 40% فقط من اللاجئين المحميين دوليا يتحصلون على بطاقة إقامة في تونس قبل الثورة، في حين تواصل حرمان عدد من اللاجئين من الإقامة بعدها[7]. ينجرّ عن ذلك، كما سنرى، عدم إمكانيّة العمل في القطاع المنظّم مع حدّ أدنى من الحقوق الاجتماعيّة. حتى ”الحلول“ التي استنبطت في 2015 ثمّ في 2019، ضمن برامج لجمعيات شريكة للمفوّضية لإدماج اللاجئين اقتصاديا بالتنسيق مع وزارة التشغيل، وقبول وزارة الشؤون الاجتماعية بتسجيلهم في صندوق الضمان الاجتماعي[8]، فهي تقتصر فقط على عدد صغير منهم[9]، وهي بالأخصّ لا تكرّس حقّا للاجئ ولا تلزم الدولة بحمايته. كذلك الأمر بخصوص التعليم، حيث يبقى معظم أطفال اللاجئين محرومين من حقّهم في التمدرس، على الرغم من أنّ التعليم الإجباري في تونس لا يميّز بين التونسيّين والأجانب، فضلا عن الاتفاقيّة المنظمة لحقوق الطفل والالتزامات الدولية لتونس. لا يتعلّق الأمر فقط بحاجز اللغة لمن لا يتحدثون العربيّة، حيث أنّ لاجئين سوريين اضطرّوا إلى الانتظار سنوات عديدة قبل التمكّن من تسجيل ابنتهم في المدرسة العموميّة[10]. الاستثناء هم الأطفال الليبيّون، الذين فتح لهم منشور لوزير التربية في 2014 إمكانيّة تسجيل أطفالهم في المدارس العموميّة، وكذلك إمكانيّة إنشاء مدارس خاصّة بهم. ولكن هذا الاستثناء لا يتعلّق بلاجئين، حيث أنّ الليبيين، وإن كانوا في السياسات العامّة مرحبّا بهم، فهم مقصيّون بشكل غير رسمي من طلب اللجوء[11].

غياب إطار قانوني للجوء، يجعل الدولة التونسيّة خالية الذمّة من أيّ التزام تجاه اللاجئين. فالموضوع يدار بطريقة غير رسميّة، بتنسيق أو على الأقلّ تقاسم أدوار بين مختلف الأطراف، الإنسانيّة منها والأمنيّة. فالعلاقة بين الجانبين لا تقوم بالضرورة على التناقض وإنما هما ”منطقان متكاملان“[12]. بل أنّ وضعيّة طالبي اللجوء أصعب، حيث أنّ الوصول إلى ممثلي المفوضية لتقديم طلب اللجوء، هو في حدّ ذاته غير مضمون. إذ توجد شهادات عديدة حول اعتماد الأجهزة المسلحة التونسيّة، قبل الثورة وبعدها، على تكتيكات متنوّعة للضغط على عدد طالبي اللجوء، عبر إرجاعهم إلى الحدود البرّية عند محاولتهم الدخول، أو احتجازهم تمهيدا لإبعادهم قسرا، أسوة ببقيّة المهاجرين من جنوب الصحراء[13]، وفق نظام قانون 1968 الزجري وتطبيقه اللاّقانوني.

نظام 1968: قانون اللاّ حقوق

حجر الأساس في الإطار القانوني المنظّم لوضعيّة المهاجرين، هو القانون عدد 7 لسنة 1968 المؤرخ في 9 مارس 1968 المتعلّق بحالة الأجانب، ومعه الأمر التطبيقي الصادر في 22 جوان من السنة ذاتها والمتعلّق بضبط تراتيب دخول وإقامة الأجانب. يعود هذان النصّان إلى زمن خلى، لم تعدْ فيه تونس بلدًا يستقبل مهاجري جنوب أوروبا الباحثين عن العمل، ولم تبدأ بعدُ الهجرة من جنوب الصحراء سواء إلى تونس أو عبرها في اتجاه أوروبا. فهما بذلك ينظمان ظاهرة لم تكن أصلا في الحسبان زمن صياغتهما. فلسفة قانون 1968 هي بنتُ سياقها الاستبدادي، وهي تقوم على اعتبار الأجنبي خطرا أمنيّا. فهو قانون يمنع ويزجر ويعاقب، ولا يعترف بأيّ حقوق. إذ يجرّم ويعاقب بالسجن، ليس فقط الدخول إلى التراب التونسي بطريقة غير نظامية، ولكن أيضا البقاء فيه من دون طلب الإقامة أو بعد انتهاء مدّة صلوحيّتها. بل هو يعاقب بالسجن أيضا كلّ من يساعد أجنبيّا، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الدخول أو الجولان أو الإقامة، وكذلك من يأوي أجنبيّا (ولو كان نظاميّا) من دون إعلام المصالح الأمنيّة. كما يعاقب حتى المساعدة على الخروج من تونس بصفة غير نظاميّة، وهو ما سيتأكّد ويتعزّز بشكل مرعب في قانون 2004 الذي أملته الضغوط الأوروبية في مجال الهجرة مع المنطق البوليسي لنظام بن علي، ولم يتمّ تنقيحه بعد الثورة.

أمّا في الإقامة، فيميّز قانون 1968 بين صيغتين، واحدة لمدّة سنتين قابلة للتجديد وتسمّى ”عاديّة“، وهي بالأحرى استثنائيّة للغاية، إذ تقتصر على الأجانب المولودين في تونس الذين أقاموا فيها من دون انقطاع، أو الأجانب المقيمين بصفة قانونية منذ 5 سنوات من دون انقطاع، أو المتزوجات من تونسيين (وليس المتزوجين من تونسيات)، أو من لديهم أبناء تونسيون، وأخيرا من ”قدّموا للبلاد خدمات جليلة“. الصيغة الثانية هي الإقامة ”المؤقتة“، التي يجب أن يطلبها من يبقى أكثر من 3 أشهر متتالية، أو 6 أشهر منقطعة في بحر سنة، وتتطابق مدّتها مع فترة صلوحيّة الوثائق المقدّمة لتسليمها، كعقد الشغل أو شهادة الحضور في مؤسسة جامعيّة مثلا، مع حدّ أقصى بسنة. ”تأشيرة الإقامة المؤقتة“ تشترط أيضا تقديم أسبابها وإثبات وجود ”مورد رزق“، وفي صورة البقاء للعمل في تونس، رخصة من الوزارة المعنيّة. كما تشترط إثبات الدخول إلى البلاد بطريقة قانونيّة، بما يقصي المهاجرين غير النظاميّين من إمكانية تسوية وضعيّتهم. فمن دخل بطريقة غير نظاميّة محكوم بالبقاء في السرّ وتحت التهديد المستمرّ. في الجهة المقابلة، توجد أنظمة استثنائيّة لفائدة جنسيات معيّنة وفق اتفاقيّات ثنائيّة، تتيح إقامة تصل إلى 10 سنوات، كالاتفاق مع فرنسا. أو أحيانا قد يوجد تعامل خاصّ في الممارسة، كما مع الليبيّين، الخاضعين نظريا لنظام 1968، ولكن وجودهم مسموح به في الممارسة بشرط عدم ممارستهم نشاطا سياسيّا[14]. فالأجانب ليسوا صنفا واحدا، والتعامل الرسمي معهم قد يختلف جذريا حسب جنسياتهم ولون بشرتهم.

في الواقع، ليست بطاقة الإقامة فقط حلما مستحيلا للمهاجرين غير النظاميّين، وإنّما يتحوّل مسار الحصول عليها إلى ما يشبه الكابوس للمهاجرين النظاميّين أنفسهم. من ذلك الطلبة الأجانب من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في الجامعات التونسيّة، العموميّة والخاصّة، والذين تجاوز عددهم 6200 طالب مرسّم في 2021-2022[15]. فالإقامة الوقتيّة التي يتحصّل عليها الطلبة مرتبطة بالسنة الجامعيّة، تبدأ في سبتمبر وتدوم لسنة واحدة. لكنّ الحصول عليها أو تجديدها يشترط استصدار ”شهادة حضور“، التي لا يمكن الحصول عليها من الجامعات في معظم الأحيان قبل شهر أكتوبر[16]، مما ينجرّ عنه فترة أولى من ”اللانظاميّة المفروضة“. كما أنّ إصدار البطاقة قد يأخذ فترة طويلة، تصل أحيانا إلى 9 أشهر (بعد مرور ثلاثة أرباع فترة صلوحيّتها)، في حين تقتصر صلوحيّة الوصل المؤقت الذي يسلّم في غضون أيّام، على ثلاثة أشهر، مما ينتج عنها فترة ثانية من اللانظاميّة قد تدوم لأشهر. وقد أثبتت دراسة حول الطلبة من بلدان جنوب الصحراء في تونس، أنّ 43% من العيّنة المستجوبة لا يملكون بطاقة إقامة في فترة ماي/جوان، أي آخر السنة الجامعيّة، وأنّ 68% واجهوا صعوبات أكثر من مرّة في إجراءات الحصول على بطاقة الإقامة[17]. هذه الوضعيّة جعلت المئات من الطلبة المهاجرين عرضة للحملات الأمنيّة العنصريّة منذ ديسمبر 2022.

وما يعقّد أكثر وضعيّة المهاجرين، هي الخطيّة المحدثة سنة 1994، والتي تجبر الأجنبي على دفع 10د عن كلّ أسبوع يقضيه في وضعيّة غير نظاميّة، خصوصا بعد مضاعفتها سنة 2013 إلى 20د عن كلّ أسبوع. إذ تتراكم مع طول المدّة مبالغ هامّة تدفع عددًا من المهاجرين النظاميّين، ومن بينهم الطلبة، إلى اللجوء إلى اللانظاميّة والبقاء عرضة لابتزاز أعوان الأمن، عوض طلب تجديد الإقامة والاضطرار لدفع مبالغ باهظة. ابتزاز يشمل طلب الرشاوي، وإن لم يتوفّر المال فيلجأ بعض الأعوان إلى طلب الهواتف الجوالة للمهاجرين[18]. سرعان ما تحوّل تراكم الخطايا إلى عائق حتى أمام عودة المهاجرين، سواء كانوا نظاميين أم لا، إلى بلدانهم. أدّى ذلك إلى إصدار أمر حكومي جديد في 2017 وضع سقفًا لها (3000د)، وفتح الإمكانيّة لإعفاء الأجانب المرحّلين أو من ”ذوي الوضعيّة الهشة“ الذين اختاروا المغادرة أو الانخراط في برامج ”العودة الطوعيّة“، إضافة إلى ضحايا الاتجار بالبشر واللاجئين وعديمي الجنسية. بعد ذلك بسبعة أشهر، ونتيجة لضغط الجمعيات الممثلة للطلبة من جنوب الصحراء، أضيف الطلبة إلى القائمة[19]. ولكن، مجدّدا، وكما هي القاعدة في سياسات الهجرة في تونس، لم تستثنَ هذه الفئات تماما من الخطيّة، وإنّما فتح لهم المجال لطلب الإعفاء ويبقى القرار لدى مصالح وزارة الماليّة. هي تحويرات لا تعطي حقوقا ولا تحلّ الإشكال بصفة جذرية، وإنما تحتاج إجراء خاصّا وتبقى سلطة القرار تقديريّة. بل أنّ عددا هامّا من الطلبة الآتين من جنوب الصحراء لا يعلمون أصلا بوجود الإجراء وبالتالي لا يستفيدون منه[20].

هذه التحويرات لا يمكن أن تحجب حقيقة أنّ القواعد المنظّمة لإقامة الأجانب ظلّت كما هي، رغم طابعها الزجري المتشدد والمنفصل تماما عن الواقع. لم ينقّح قانون 1968، ولم تقدّم داخل البرلمان مشاريع في الغرض. حتى لجنة الحريات الفردية والمساواة، رغم اهتمامها بحقوق الأجانب وتأكيدها على ضرورة تمتّعهم بالحريات أسوة بالتونسيين، فإنّ مقترحاتها بخصوص قانون 8 مارس 1968 اقتصرت على المسائل المتعلّقة بالمساواة بين النساء والرجال في شروط إقامة القرين واستقبال عائلته (على أهميّتها). أمّا في قانون 2016 حول مكافحة الاتجار بالبشر، فلم يفكّر المشرّع في منح الحقّ في الإقامة لضحايا هذه الجريمة، وإنما اكتفى بمنح الضحايا المحتملين ”فترة تعافٍ وتفكير“ بشهرٍ قابل للتجديد مرّة واحدة، يحجّر خلالها ترحيلهم.

الاحتجاز والإبعاد: سياسة اللاّ قانون

يحيلنا ذلك إلى جانب آخر من نظام 1968، وهو طرد وترحيل الأجانب. إذ يتيح القانون لوزير الداخلية صلاحية طرد أيّ أجنبي ”يشكّل وجوده خطرا على الأمن العامّ“، من دون أيّ تأطير إجرائي أو ضمانات للمعني بالقرار. كما يوجب الأمر التطبيقي على كلّ أجنبي انتهت إقامته القانونيّة أو تمّ رفض مطلبه في الحصول عليها ”مغادرة البلاد“، وإلاّ يقع ”إبعاده“ بإذن من المدير العامّ للأمن الوطني. ولكنّ النصوص المنشورة لا تنظّم طريقة قانونيّة للترحيل. في الواقع، تشترط السلطات على الأجانب دفع ثمن تذكرة العودة لترحيلهم، الذي كان ينضاف (إلى حدود 2017) إلى مبلغ الخطايا المتراكمة. وفي غياب آليات ترحيل قانونيّة وفق إجراءات مضبوطة، تلجأ السلطات، على الأقلّ منذ بداية السنوات الألفين، إلى احتجاز المهاجرين غير النظاميّين في ”مراكز الإيواء والتوجيه“، سواء بعد قضاء عقوبة سجنيّة أو لا، تمهيدا لإرسالهم قسرا إلى الحدود البرّية مع الجزائر أو ليبيا. أبرز هذه الأماكن مركز الورديّة، الذي لا ينظّمه أيّ نصّ قانوني منشور، ويقدّم في ميزانيّة الدولة بوصفه ”مؤسسة تأهيل اجتماعي“ في حين أنّه يخضع لإشراف قوات الحرس الوطني، وأنّ المودعين فيه محرومون من حرّيتهم[21]. وقد اعتبرت المحكمة الإداريّة أنّ احتجاز المهاجرين غير النظاميّين في مركز الوردية مخالف ليس فقط للدستور والاتفاقيّات الدولية، بل ولقانون 1968 في حدّ ذاته[22]. هي إذًا سياسة لا قانونيّة بامتياز، من الإيقاف مرورا بالاحتجاز وصولا إلى الإبعاد القسري، بلغت أوجها حين تحوّلت العنصريّة إلى أيديولوجيا رسميّة ومسّت الآلاف من الضحايا بالتزامن.

اللاّنظاميّة في خدمة الاستغلال الاقتصادي

شبح الاحتجاز والإبعاد القسري لا يخيّم فقط على الواصلين حديثا إلى تونس، بل يبقى قائما حتى لمن استقرّ فيها واشتغل لسنوات. فالمقاربة الزجرية تتكرّر أيضا في قانون الشغل. لا يتعلّق الأمر فقط بالإقصاء من الوظيفة العموميّة وغالبيّة المهن الحرّة[23]، وإنّما بالتضييق والتشديد في شروط العمل المأجور المنظّم للأجانب. إذ يشترط الفصل 258 من مجلّة الشغل على الأجنبي الذي يريد أن يتعاطى عملا مأجورا، أن يكون له عقد شغل مؤشّر من وزير التشغيل، وبطاقة إقامة تتضمّن ترخيصا نصّيا بممارسة عمل مأجور، وذلك في حالة ”عدم توفّر كفاءات تونسيّة في الاختصاصات المعنيّة في الانتداب“. ويضع القانون عقوبات على مخالفة ذلك، تمسّ ليس فقط المؤجّر (خطيّة بين 12 و30د عن كلّ يوم عمل لكلّ عامل أجنبي غير نظامي)، بل كذلك العامل نفسه، الذي يعاقب بخطيّة وحتى بالسجن 15 يوما في حال واصل العمل بطريقة غير نظاميّة.

بالتوازي مع هذا النظام الزجري، توجد طبعا أنظمة استثنائيّة، ليس فقط عبر بعض الاتفاقات الثنائيّة كما مع المملكة المغربيّة، أو الأوامر التي تقرّ أنظمة استثنائيّة في قطاعات معيّنة (الشركات البترولية، المنظمات الدولية…) ولكن بالأخصّ عبر قوانين الاستثمار، التي تفتح المجال للمستثمرين الأجانب (الآتين من الشمال) لانتداب ”إطارات“ أجانب وفق نسبة معيّنة. نتيجة لذلك، لا تتجاوز نسبة الأفارقة من جنوب الصحراء في رخص العمل لفائدة الأجانب 4%، إذ يبلغ عددهم سنة 2017، بالكاد 230 عاملا، غالبيّتهم رياضيون وإطارات ومهن علميّة[24]. أي أنّ الغالبيّة الساحقة من عشرات آلاف العمال المهاجرين من جنوب الصحراء بتونس وأيضا الطلبة المضطرين إلى العمل لتمويل دراستهم وإقامتهم، المنتشرين بالأخصّ في قطاعات البناء والفلاحة والأعمال المنزليّة والخدمات، هم غير نظاميّين. يعني ذلك وضعيّة هشاشة واستغلال مضاعفة، سواء في الأجور (89 % يتقاضون أقلّ من الأجر الأدنى المضمون[25])، أو في ساعات العمل والحقّ في العطل والتعويض على حوادث الشغل وغيرها من الحقوق. فرغم أنّ اللانظاميّة والأجور المنخفضة منتشرة في الاقتصاد التونسي (بما فيه الاقتصاد الذي يصنّف كمنظم)، فإنّ استغلال العملة المهاجرين أكبر، فهم يمثلون ”اللانظامي داخل اللانظامي“، وهم الحلقة الأضعف والأكثر هشاشة[26].

ولا يكتفي القانون بجبر الأغلبية الساحقة على اللانظاميّة، بل يعمّق علاقة الاستغلال حتّى للقلّة القليلة من الشغالين النظاميّين، حيث ينصّ قانون 1968 سابق الذكر على سحب بطاقة الإقامة بزوال الأسباب المقدمة للحصول عليها، أي أنّ المهاجر يصبح عرضة للطرد من البلاد بمجرّد إنهاء مؤجّره العلاقة الشغليّة[27]. فحياة الأجنبي ومستقبله رهين مؤجرّه، الذي يقرّر بقاءه أو ترحيله.

قضائيّا، بقيت المحاكم متردّدة في علاقة بتطبيق مبدأ المساواة بين العملة الأجانب والتونسيين، بين إقصاء العامل غير النظامي من حقوقه باعتبار ”بطلان عقده“، وبين تعويضه عن فترة الشغل غير النظاميّة باعتباره ضحيّة[28]. فإذا كان الهدف من قانون الشغل، هو إعادة شيء من التوازن إلى العلاقة المختلّة بين المؤجّر والأجير، فإنّ قانون الشغل التونسي هو على العكس يشجّع اللانظاميّة والهشاشة المطلقة للعملة الأجانب.

ورغم أنّ وجود العمالة المهاجرة من جنوب الصحراء أصبح ملحوظا في قطاعات وجهات معيّنة، لم تقدّم مقترحات تشريعيّة لمراجعة مجلّة الشغل، لا من الحكومات ولا حتى من المعارضة. كما لم تشمل موجة الانخراط ورفع التحفظات في اتفاقيّات حقوق الإنسان خلال فترات الانتقال الديمقراطي، إمضاء اتفاقيّتيْ منظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين. حتى عند مناقشة مشروع قانون العمل المنزلي أشهرا قبل الانقلاب، لم يتمّ الاهتمام بشكل جدّي بوضعيّة العاملات الأجنبيّات، اللاتي يقع استقدامهنّ في إطار شبكات منظّمة، ويُحرمن من أجورهنّ طيلة أشهر بعنوان خلاص الوسطاء، وتحتجزهنّ العائلات التي تشغّلهن عبر افتكاك جوازات السفر. فبعد إقصاء عاملات المنازل الأجنبيات من النسخ الأولى لمشروع القانون[29]، لم يقترن إدماجهنّ بعد عودة المشروع إلى اللجنة بأيّ تفكير عملي في صيغ تطبيقه عليهنّ، أقلّه استثنائهنّ من اشتراط تأشير العقد من الوزارة المعنيّة للحصول على بطاقة الإقامة. فهنّ عموما يصلن تونس بطريقة نظاميّة عبر الرحلات الجويّة، بالأخصّ من ساحل العاج[30]، أيّ أنّ عقد الشغل المؤشّر من الوزارة هي العقبة الأساسيّة أمام حصولهنّ على الإقامة وتسوية وضعيّتهنّ..

بل أنّ مطالبة منظمات المجتمع المدني بإجراء حملات استثنائيّة لتسوية وضعيّة العمال الأجانب غير النظاميّين، على غرار ما حصل في المغرب في 2013 وفي إيطاليا في 2002 و2012، لم تجد آذانا صاغية بالأمس. فما بالك اليوم حين تحوّل هؤلاء إلى جزء من ”مخطّط إجرامي لتغيير التركيبة الديمغرافيّة“؟ تسوية الوضعيّة لا تسمح فقط بضمان حقوق العمال المهاجرين ومكافحة استغلالهم، ولكن أيضا بالتصدّي لنزوع رأس المال للضغط على الأجور واستخدام المهاجرين كـ”جيش احتياط“. بل يمكن أن ينخرط ضمن حملة واسعة ضدّ التشغيل اللانظامي تشمل التونسيين، وتقترن مع حملات رقابة تسمح بتسجيل أكبر عدد ممكن في الصناديق الاجتماعيّة (بما يقلّص من عجزها) وبمعاقبة الأعراف المخالفين ماليا. ربما كانت الأزمة الوبائية في 2020 الفرصة الأمثل للقيام بمثل هذه الحملة، فقد ظهرت حينها بشكل صادم معاناة المهاجرين المفتقرين لأيّ نظام حماية، بما دفع إلى حملات مواطنيّة لمساعدتهم وإعلان الحكومة إجراءات لفائدتهم. كما استفاقت النخب السياسيّة والمدنيّة على خطورة التشغيل غير المنظم وظهرت بوادر إجراءات (محتشمة) في هذا الصدد. وقد كانت للحكومة حينها صلاحيّة إصدار مراسيم، استغلّتها لإصدار نصوص عديدة في مجالات عدّة لا تتصل بالضرورة بالأزمة الوبائيّة. ولكنّ الإرادة السياسيّة غابت، وظلّ المنطق الأمني مسيطرا.

استراتيجيا اللاّ تسييس؟

يحيلنا ذلك إلى السؤال حول ما عطّل تغيير السياسات العموميّة في مجال الهجرة إلى تونس خلال الفترة الديمقراطيّة، على الرغم من مناخ الحريات وبروز نقاش عامّ حول الموضوع ووجود جمعيات تناضل للدفاع عن حقوق المهاجرين وهامش تأثير مهمّ للأجسام الوسيطة على عمليّة التشريع.  فخلافا لما ذهبت إليه بعض الأطروحات، أبرزها كتاب كاتارينا ناطر حول تأثير النظام السياسي في السياسات إزاء المهاجرين انطلاقا من مثاليْ تونس والمغرب، لا يبدو لنا أنّ المناخ الديمقراطي في تونس هو الذي عطّل إحداث تغيير جوهري في سياسات الهجرة، عبر تقسيم السلطة وتعدّد الأطراف المتدخّلة وتضارب مطالبها، وتشجيع النخب السياسية على تفادي تسييس قضايا الهجرة خوفا من دفع ضريبة انتخابيّة ومن تقسيم المجتمع. فهذه المقاربة تُسقِط تجارب الديمقراطيّات الغربيّة، ودور الانقسام السياسي حول الهجرة في صعود اليمين المتطرّف فيها، على قراءة الوضع التونسي. ما عطّل اعتماد سياسات أكثر إنسانيّة وتنقيح نظام 1968 لم يكن المعارضة الشعبيّة أو الانتخابيّة المحتملة، بقدر ما كان تواصل نفوذ وزارة الداخليّة في فترة الانتقال الديمقراطي، خصوصا منذ عادت التهديدات الإرهابيّة إلى البروز بشكل كبير في 2013. وزارة الداخليّة، التي شهدت ميزانيّتها ارتفاعا ملحوظا منذ الثورة بالمقارنة مع بقيّة الوزارات، كانت لها الكلمة الفصل في السياسات العموميّة في مجالات عديدة، واستماتتْ في الدفاع عن صلاحيّاتها وآليات عملها القديمة. ذلك ما منع على سبيل المثال المصادقة على مشروع قانون حالة الطوارئ، حين أدّت تعديلات النواب إلى التقليص من الصلاحيات الأمنيّة وإدخال ضمانات للحقوق والحريات، ليبقى أمر 1978 اللادستوري وسيلة بين يديْ الحاكم ليفعل ما يريد خارج القانون، وصولا إلى منع نشاط أحزاب سياسيّة مؤخرا. في مجال الهجرة، ظلّت اجتهادات بعض الوزارات الأخرى هامشيّة أمام مركز سياسة الهجرة وهي وزارة الداخلية. العامل الثاني هو الضغوط الأوروبيّة في إطار سياسات الهجرة، فقد اقترنت الهجرة من جنوب الصحراء إلى تونس بالهجرة إلى أوروبا عبر تونس. وقد أدّى ذلك منذ السنوات الألفين إلى “أربنة” (نسبة إلى أوروبا) رهانات الهجرة على حدّ تعبير عالم الجغرافيا المختصّ في بلدان المغرب علي بنسعد، وتحويل ما كان يحصل بطريقة لانظاميّة وبسلاسة اجتماعيّة نسبيّة، إلى مُشكل أمني طبق المقاربة الأوروبية[31]. ولا يجب أن ننسى كذلك أنّ ”لا تسييس الهجرة“ ينخرط ضمن إطار أشمل من لا تسييس المسألة الاجتماعيّة، في ظلّ اقتصار خطوط الانقسام السياسي تقريبا على الهوّية والثورة، وما كانت ستعنيه تسوية وضعية العمالة المستغلّة من تراجع أرباح الأعراف في قطاعات معيّنة، منها ما هو مؤثّر في السياسات العموميّة كقطاع البناء.

يبقى أنّ الانتقال الديمقراطي الذي سمحت به الثورة، وإن لم يغيّر جوهريّا السياسة الأمنيّة للهجرة، إلاّ أنّه فتح نوافذ عديدة وحقّق مكاسب هامّة كان يمكن البناء عليها، ليس أقلّها دستور 2014 والحريات المدنية والسياسيّة وهيمنة الخطاب الحقوقي، التي تراجعت اليوم بشكل مُرعب. فمواطن الفشل في التجربة ليست حُجّة على الديمقراطيّة، التي تعني بالضرورة اللّا يقين، وهي حلبة صراع لا تضمن فوز أفضل المتنافسين ولا إنتاج أفضل السياسات، وإنّما تضمن للعموم فرص التأثير والاحتجاج عليها ومحاسبتها وتغييرها. ولكنّ الإخفاقات مصدر مهمّ لاستخلاص الدروس، إذا ما أتيحت الفرصة لبناء ديمقراطيّة من جديد. من أبرز هذه الدروس ضرورة تفكيك الإرث القمعي الاستبدادي، تشريعيّا وسياسيّا ومؤسّساتيّا، لأنّه قابل في كلّ وقت للانقضاض على التجربة. فقضيّة المهاجرين تعرّي تواصل الدولة البوليسيّة رغم الثورة والديمقراطيّة، وتظهر الحقيقة العميقة للدولة ومركز السلطة الأهمّ داخلها. كما تذكّرنا بأهميّة تسييس المسألة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لكي تقترن الديمقراطيّة لدى الناس بأفق التغيير، وضرورة الالتفات إلى الفئات الأكثر هشاشة لأنّها المحرار الحقيقي للعدالة الاجتماعيّة وحقوق الأفراد والمجتمع. لقد عرّى المهاجرون في الأشهر الأخيرة فاشيّة النظام الاستبدادي المتشكّل في تونس، الذي ظهرت بوادره في هدم المكاسب الديمقراطيّة ومعاداة البرلمانيّة ونسف استقلالية القضاء وفي الممارسات المعادية للحريات والمجرّمة للعمل السياسي والنقابي والمشيطنة لكلّ صوت مخالف. ولكنّ قضيّتهم تعرّي أيضا حدود التجربة الديمقراطيّة، وتنير لنا سبل إصلاحها وتجذيرها حين ينجلي ظلام الاستبداد.

نشر هذا المقال ضمن الملف الخاص في العدد 27 من مجلة المفكرة القانونية – تونس

للاطلاع على العدد كاملا، إضغطوا هنا


[1] Hassen Boubakri, Sylvie Mazzella, « La Tunisie entre transit et immigration : politiques migratoires et conditions d’accueil des migrants africains à Tunis », Autrepart 2005/4 (N°36), Presses de Science Po, p. 161.

[2] Voir par exemple Sana Sbouai, Des migrants expulsés à la frontière algérienne, Inkyfada, Septembre 2015.

[3] Vincent Geisser, « Tunisie, des migrants subsahariens toujours exclus du rêve démocratique », in Migrations Société 2019/3 (N° 177), p. 4.

[4] Abdelmalek Sayad, « Immigration et “pensée d’Etat” », in Actes de la recherche en sciences sociales. Vol. 129, Septembre 1999. Délits d’immigration, p. 6 et s.

[5] للاطلاع على قراءة نقديّة للمشروع، أنظر محمد أنور الزياني، مشروع القانون المتعلق بحماية اللاجئين : نحو سياسة عمومية جدية لحماية اللاجئين في تونس؟، نشر في موقع المفكرة القانونية، أوت 2018.

[6] Catharina Natter, The Politics of Immigration Beyond Liberal States: Morocco and Tunisia in Comparative Perspective, Cambridge University Press, 2023, p. 189.

[7] Vasja Badalič, « Tunisia’s Role in the EU External Migration Policy: Crimmigration Law, Illegal Practices, and Their Impact on Human Rights », in Int. Migration & Integration, 2019, p. 94. )

[8] Catharina Natter,op. cit., p. 157.

[9]  Sophie-Anne Bisiaux, “Politiques du non accueil en Tunisie : des acteurs humanitaires au service des politiques sécuritaires européennes”, FTDES, Migreurop, Juin 2020, p. 69.

[10] Ibid., p. 70.

[11] Catharina Natter, op. cit., p. 153.

[12] Camille Cassarini, « L’immigration subsaharienne en Tunisie : de la reconnaissance d’un fait social à la création d’un enjeu gestionnaire », in Migrations Société, 2020, N°179 (1), p. 44..

[13] Vasja Badalič, op. cit., p. 90 et s.

[14] Catharina Natter, op. cit., p. 154.

[15] هناك 7193 طالب وافد من القارة الإفريقية، من بينهم 86,2 % من بلدان جنوب الصحراء. المصدر: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – مكتب الدراسات والتخطيط والبرمجة، التعليم العالي والبحث العلمي بالأرقام، السنة الجامعية 2020-2021.

[16] Souhayma Ben Achour, Les libertés individuelles des étrangères et des étrangers en Tunisie : Les Métèques de la République, ADLI, 2019, p. 49 et s.

[17] Observatoire national de la migration, Tunisie Terre d’Asile, « Attentes et satisfaction des étudiants subsahariens en Tunisie. Des portes qui s’ouvrent, des opportunités à saisir », Juillet2018, p. 28.

[18] Souhayma Ben Achour, op. cit., p. 50.

[19] الأمر الحكومي عدد 331 لسنة 2018 مؤرخ في 6 أفريل 2018، متعلق بإتمام الأمر الحكومي عدد 1061 لسنة 2017 المؤرخ في 26 سبتمبر 2017 والمتعلق بضبط تعريفات المعاليم القنصليّة.

[20] Attentes et satisfaction des Etudiants subsahariens en Tunisie, op. cit., p. 29.

[21] المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ”المهاجرون المودعون بمركز الوردية: محتجزون فمرحّلون أو عائدون قسرا“، إعداد أمل المكي، إشراف قانوني لعصام الصغيّر، 2019، ص. 15.

[22] مثلا: المحكمة الإدارية، “كليتيقي توري” ضدّ وزير الداخليّة، حكم ابتدائي في القضية عدد 161587، 10 نوفمبر 2021، غير منشور.

[23] Souhayma Ben Achour, op. cit., p. 64 et 65.

[24]Saïd Ben Sedrine, Défis à relever pour un accueil décent de la migration subsaharienne en Tunisie, Friedrich Ebert Stiftung, 2018, p. 29 et 32.

[25] Mustapha Nasraoui, « Les travailleurs migrants subsahariens en Tunisie face aux restrictions législatives sur l’emploi des étrangers », Revue européenne des migrations internationales, Vol. 33 – n°4 | 2017, p. 168.

[26] Ibid.,

[27] Hatem Kotrane, Pour une réforme du cadre juridique de l’emploi des travailleurs migrants en Tunisie, IADH, Décembre 2022, p. 10.

[28] حاتم قطران، قانون الشغل التونسي، نيرفانا، 2022، ص. 95.

[29] مهدي العش، « في تونس، عاملات المنازل مغيّبات حتّى عند التشريع لحقوقهنّ »، نشر في موقع المفكرة القانونية، مارس 2021.

[30]  تمثّل عاملات المنازل الإيفواريات بشكل مستمرّ الصنف الأكبر من ضحايا الإتجار بالبشر حسب تقارير الهيئة الوطنيّة لمكافحة الإتجار بالأشخاص. أنظر الهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتجار بالأشخاص، التقرير الوطني حول الاتجار بالأشخاص لسنة 2021، ص. 26.

[31] Ali Bensaad, “Les migrations entre Sahel et Maghreb, un enjeu de stabilité, de développement et de démocratisation”, in Outre-Terre 2017/4 (N° 53), p. 24 et s.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تشريعات وقوانين ، الحق في الحياة ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، مقالات ، تونس ، مجلة تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني