عبد الله الساعي حر مع وديعته بأمر القضاء


2022-02-04    |   

عبد الله الساعي حر مع وديعته بأمر القضاء

انتزع عبدالله الساعي أمس الخميس 3 شباط 2022، حرّيته المحجوزة منذ 18 كانون الثاني الماضي بعد أن انتزع وديعته من فرع مصرف “بنك بيروت والبلاد العربية” وقيمتها 50 ألف دولار. فقد أصدرت قاضية التحقيق في البقاع أماني سلامة، قراراً بترك الساعي لقاء كفالة مالية قدرها 200 ألف ليرة لبنانية. وهذا القرار “يؤشّر إلى اعتبار القاضية أن الفعل المنسوب إلى عبد الله الساعي يخلو من أي خطورة اجتماعية بالنظر إلى الظرف الاجتماعي وتعديات المصارف من دون حساب. كما يؤشّر إلى أن القاضية أهملت مطالب المصرف باسترداد مال الساعي المسلم له”، بحسب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية.

وبما أنّ جلسة التحقيق كانت سريّة، علمت “المفكرة” من وكلاء الساعي وفريق المحامين في رابطة المودعين أنّ الجلسة استمرّت لمدّة ثلاث ساعات والنصف، حيث قامت القاضية سلامة باستكمال التحقيق مع الساعي، كما جرى مناقشة إجراء مصالحة بين الساعي والمصرف، أصدرت على أثرها القاضية قرار الإفراج عن الساعي من دون إصدار أي قرار يتعلّق بوديعته. وعليه، سيُستأنف التحقيق فيما عبد الله حر طليق محافظاً على وديعته.

“قرار جريء”

وكان الساعي أوقف 16 يوماً في فصيلة جب جنين ثمّ في مفرزة زحلة القضائية، قبل أن يدّعي عليه نائب عام البقاع منيف بركات بجرائم استيفاء الحق بالذات، وحجز حرية، وتهديد، نتيجة التحقيقات الأوّلية وادعاءات شخصية من طرف المصرف والموظفين. وفي 25 كانون الثاني عقدت القاضية سلامة جلسة تحقيق مع الساعي، وأرجأت القاضية جلسات التحقيق التالية مرّة بسبب سوء الأحوال الجوية وإقفال الطرقات بالثلوج، ومرّة بسبب إضراب قطاع النقل البري. 

وفي 3 شباط، أصدرت القاضية “قراراً جريئاً”، على حد تعبير محامين وناشطين. فقررت ترك الساعي لقاء كفالة مالية قدرها 200 ألف ليرة. لم ينته التحقيق في القضية، علماً أنّ دعوى الحق العام تستمر حتى لو أسقط المصرف حقّه، بحسب وكيل عبد الله من رابطة المودعين المحامي فؤاد الدبس الذي يشرح في حديث مع “المفكرة” الاحتمالين لما سيؤول إليه التحقيق: “إما يصدر قرار ظني وتعتبر القاضية أنّ عبد الله اقترف جنحة وتحيله للمحاكمة إلى قاضي منفرد جزائي أو جناية وتحيله إلى محكمة الجنايات. والاحتمال الثاني أن يصدر قرار منع محاكمته إذا اعتبرت القاضية أن عبد الله لم يقترف جرماً”. 

“المفكرة” اتصلت بوكيل مصرف “بنك بيروت والبلاد العربية” المحامي رمزي هيكل لمعرفة توجّه المصرف في ما يخص التنازل عن الشكوى ضد الساعي. إلا أن هيكل رفض التعليق متذرعاً بسريّة التحقيقات التي أوصت بها القاضية. وبحسب أحد المحامين الذين توكلوا الدفاع عن عبد الله، “المصرف محرج جداً ويبحث عن طريقة لإخراج نفسه من هذا الموقف أمام الرأي العام”. المحامية دينا أبو زور التي حضرت الجلسة ودافعت عن الساعي من بين وكلائه الكثر، رفضت هي أيضاً التعليق على مجريات الجلسة بحجّة السريّة أيضاً. أما المحامي واصف الحركة، أحد وكلاء عبد الله، فاعتبر أنّ “القرار مؤشر على أنّه من المعيب جداً الاستمرار بالادعاء ضد المودعين الذين خسروا أموالهم وهو تأكيد على أنّ عبد الله لم يكن ينوي إلحاق الأذى بأحد. وبانتظار تراجع المصرف وإسقاط الدعوى سيستكمل التحقيق وعبد الله غير موقوف”.

“فيه قضاة نضاف”

أثار القرار القضائي حملة تأييد واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. واحتفى الناشطون بحريّة “عبد الله البطل”، كما وصفوه، واحتفاظه بوديعته التي هي ملكه أساساً. فقضية عبد الله الساعي منذ البداية خرجت من الحيّز الخاص لتعبّر عن مأساة كثير من المودعين ومعركتهم مع المصارف التي تحتجز ودائعهم. ومثّلت “انتصار الحق بالقوّة”، كما عبّر الناشطون.

غرّد المحامي في رابطة المودعين فؤاد الدبس على تويتر: “عرفتوا شو صار اليوم؟ عبد الله حر ومصريّاته باقية معه. عرفتوا مين أكل كف؟ بنك BBAC وباقية عصابة المصارف. عرفتوا مين انتصر؟ عبد الله الساعي والحق. عرفتوا إنو في كم قاضي نضاف وشريفين وواحدة منهن الريسة أماني سلامة؟ عرفتوا إنو في ناس رح تحارب للآخر؟” 

وتحت وسم #تسقط_عصابات_المصارف، تحدثت جمعية المودعين عن “انتصار الحق على الباطل لدى خروج عبد الله الساعي إلى الحرية ومعه وديعته”. كما باركت ميشلين مخّول على صفحتها على تويتر لعبد الله حريته وللبنانيين “رجوع الحق لصاحبه ولو مرّة بهالبلد اللي حاكمتنا فيه سلطة الموت والنيترات والفساد والسرقات والتجّار والمصارف”… وغرّدت مستخدمة أخرى أنّ “الدولة الفاسدة والمنظومة المجرمة لا يليق بها سوى استيفاء الحق بالذّات في ظلّ تغييب العدالة، كما يليق بعبد الله إلا الحريّة”.

قضيّة عبد الله الساعي مثّلت “فشّة خلق” لكثير من المودعين، من بينهم الناشط في رابطة المودعين هادي جعفر الذي كتب على تويتر: “ما بموت حق وراه ساعي… هيدا شعاري من أول يوم أسسنا الرابطة. بس حدا يسألني شو رح تعملوا بقول يمكن ما نربح كل الوقت بالمعركة بس ما رح نسكت على ظلمهن وتشبيحهن”. 

“عبد الله الساعي هو البداية”

لم تتمكن “المفكرة” من التواصل مع عبد الله الساعي، إلّا أنّها علمت من عائلته أنّه يحتفل بحريته وباسترجاعه لوديعته. أما زوجته التي توارت عن الأنظار بعد استلامها الوديعة، فقد عادت إلى منزلها في حين سقط بلاغ البحث والتحري بحقها وفقاً للدبس. ونشرت رابطة المودعين مقطع فيديو لعبد الله بعد الإفراج عنه تظهر السعادة العارمة على وجهه، وهو يقول: “أنا ما سرقت بل أخذت حقي. كلنا تحت سقف القانون وما عندي عداوة مع أحد. ولم أنوِ أن أحرق أو أؤذي أي شخص أو أية ممتلكات”. وتعليقاً على القضية، يؤكّد رئيس جمعية المودعين حسن مغنية، على أنه “سابقاً، كان المودعون يتحدثون عن خيار استخدام القوة لاسترجاع ما أخذ بالقوة. لكن بعد أن ضجّت قضية عبد الله الساعي هناك احتمال كبير أن يعيد مودعون تصرف عبد الله”. ويشير إلى أنه “لا نشجع على الوصول إلى التفلت الأمني”، و”ليكون ما أقدم عليه عبد الله إنذاراً أخيراً للسلطة السياسية والمصرفية ولمصرف لبنان لتغيير عنجهيتم في التعامل مع المودعين”. ويلفت إلى أنّه: “لا نطلب استرجاع الودائع كاملة، لكن أضعف الإيمان أن توضع خطة واضحة ضمن إطار زمني لتنفيذها تقوم على سياسة عادلة ولا تحمّل المودعين وحدهم الخسائر”. تعليقات الناس، لا سيما المودعين، على مواقع التواصل الاجتماعي تنسجم مع رأي مغنية. فبعد أن كتبت جمعية المودعين على فيسبوك: “عبد الله الساعي هو البداية. وسنأخذ حقوقنا من اللصوص بكافة الوسائل”. شاركته الرأي صفحات للمودعين مثل صفحة “المودعون اللبنانيون المقيمون والمغتربون”، معلّقة: “عندما يكون القضاء خاتم في إصبع أصحاب المصارف، يصبح أخذ الحق بالقوة أمرا واجبا”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، مصارف ، قرارات قضائية ، حقوق المستهلك ، استقلال القضاء ، لبنان



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني