طوابير الناس أمام الأمن العام مستمرة: هل حقّا انتهت أزمة جوازات السفر؟


2023-07-13    |   

طوابير الناس أمام الأمن العام مستمرة: هل حقّا انتهت أزمة جوازات السفر؟

بداية العام الحالي وبعد أزمة استمرت حوالي عامين، أكد المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أنّ أزمة جوازات السفر أصبحت في نهاياتها وأنّه في منتصف شباط الماضي ستعود آلية جوازات السفر كما كانت عليه في السابق. ولكن ما حصل في شهر شباط هو إعلان  إلغاء منصّة حجز المواعيد والشروط التي كانت موضوعة للحصول على جواز سفر، إذ بات بإمكان المواطنين واعتبارًا من بداية شهر آذار، التوجّه مباشرةً إلى مراكز الأمن العام للتقدّم بطلب جواز سفر من دون الحاجة إلى موعد مسبق. إلّا أنّ الأزمة عمليًا لم تنته وتحوّل الانتظار من انتظار المواعيد البعيدة على المنصة، إلى الانتظار في طوابير أمام مراكز الأمن العام لساعات بدءًا من منتصف الليل حتى الصباح للحصول على رقم وموعد لتقديم طلب جواز سفر.

يطرح مشهد طوابير الناس أمام مراكز الأمن العام عددًا من الأسئلة أبرزها أسباب استمرار الأزمة على الرغم من حصول الأمن العام على اعتمادات إضافيّة والتعاقد مع شركة للحصول على عدد كاف من الجوازات. وهو ما يردّه مصدر في الأمن العام لـ “المفكّرة القانونيّة” إلى أن “أزمة طلب” تفوق القدرة الإنتاجيّة للأمن العام، مشيرًا إلى أنّ إصرار المواطنين الذين لا ينوون السفر أقلّه في المدى القريب على طلب الجواز، هو سبب الأزمة الحاليّة. ويخلص إلى أنّ “لا أزمة جوازات سفر” فالجوازات موجودة وعددها كاف للجميع.

تحيلنا هذه الإجابة إلى سؤالين أساسيّين أوّلهما سبب إلغاء المنصّة إذا كانت حجّة إطلاقها أساسًا هي تنظيم مواعيد الحصول على جواز سفر في ظل ارتفاع الطلب، لتأتي الإجابة من الأمن العام نفسه أنّ المنصة وضعت في ظلّ عدم توافر العدد الكافي للجوازات الأمر الذي ينتفي حاليًا، وأنّ الأمن العام اكتشف سوء استغلال من بعض شركات السفر لهذه المنصة ما أدّى إلى تضخيم الأعداد المسجّلة عليها.

تحمل إجابة الأمن العام في طيّاتها اعترافًا بأنّ المنصّة ووضع الشروط التي قيّدت حركة المواطنين لم تكن الخيار الأمثل لتنظيم آلية الحصول على جوازات السفر. ويُشار هنا إلى أنّ “المفكرة” كانت طعنت في آب 2022 في تعميم الأمن العام الذي صدر في شباط 2022 بتقييد حق الحصول على جوازات السفر بحجة عدم توفّر الاعتمادات المالية وحصر منحها بحالات الضرورة للسفر إلى الخارج. وكان مجلس الشورى قد كلّف وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام “تبيان الأسباب الواقعية والقانونية” للقيود المفروضة على حق المواطنين في الحصول على جوازات السفر في تشرين الثاني 2022. كما يُشار إلى أنّه على الرغم من رصْد الاعتمادات اللازمة لإصدار مليون جواز سفر بعد ذلك وتحديدًا في نيسان 2022، استمرّ الأمن العام بفرض هذه الشروط إلى حين إلغائها بعد 9 أشهر.

أمّا السؤال الثاني الذي يُحيلنا إليه حديث الأمن العام عن تهافت المواطنين كسبب أساسي للأزمة الحالية، فهو مدى مراعاة الأمن العام لمبدأ الاستقرار القانوني في العلاقة بين المواطن والإدارة، إذ إنّ القرارات الفجائيّة التي كانت تتخذها المديريّة رفعت مستوى القلق لدى المواطنين ومخاوفهم من إمكانيّة عدم حصولهم على جواز سفر حين يحتاجونه ما دفعهم إلى التهافت على طلبه.

انتظار لساعات وأيام وتنظيم ذاتي

إنه الثلاثاء 12 تموز، الساعة تشير إلى الرابعة فجرًا، الظلام لا يزال دامسًا، شوارع بيروت هادئة تمامًا والحركة فيها شبه معدومة. وحده الشارع حيث مبنى الأمن العام في السوديكو يعجّ بالناس الذين يتبادلون بهمس أطراف الحديث وهم بالكاد يستطيعون رؤية بعضهم البعض بسبب العتمة. على الرصيف المقابل للأمن العام أشخاص كبار في السن يجلسون على كراسٍ أو بُسط أحضروها معهم من البيت، أمّ تنام ابنتها الرضيعة في حضنها، رجال ونساء ينتظرون في سيّاراتهم يحاولون أخذ قسط من الراحة قبل إكمال رحلة الحصول على جواز سفر.

“النطرة طويلة وصحتي لا تساعدني، بسّطنا هنا منذ الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وكان وصل قبلي 19 شخصًا، لديّ علاج في الخارج وأحتاج إلى جواز سفر” تقول سيّدة تجلس على بساط صغير على الرصيف المقابل لمبنى الأمن العام.

منذ إلغاء المنصّة بدأنا نرى الناس يتجمّعون أمام مراكز الأمن العام في بيروت والمناطق منذ الثانية بعد منتصف الليل وأحيانًا قبل ذلك. أثناء تواجدنا أمام مركز السوديكو، فهمنا من الناس أنّ المتّفق عليه أنّه “بعد الخامسة صباحًا ما بيطلعلك دور”.

مع وصولهم يبدأ الناس بتنظيم أنفسهم ذاتيًا، يعطون بعضهم أرقامًا شفويّة متدرّجة حسب وصولهم، ويلتزم كلّ منهم برقمه. عند الخامسة صباحًا يصطفون بجانب الجدار المحاذي لمبنى الأمن العام وفقًا لأرقامهم بانتظار وصول الموظّف للتأكّد من أنّ أوراقهم مكتملة. بعدها يبدأ الأخير بإدخال 160 شخصًا (العدد الأقصى لمركز بيروت) إلى الرواق الخارجي للمبنى حيث ينتظرون حتى الساعة السادسة والربع ليأتي العميد ويتأكّد مرّة أخرى من الأوراق ويسجّل أسماءهم ويعطيهم رقمًا وموعدًا في اليوم نفسه بدءًا من الثامنة صباحًا. يخرج الناس من الرواق منهم إلى منازلهم القريبة ليرتاحوا قبل الموعد ويعوّضوا سهر الليل ومنهم من ينامون في سياراتهم ومنهم من يذهب لقضاء حاجة ما. وفي الخارج يقف العشرات ممّن لم يحالفهم الحظ ليكونوا من ضمن الـ 160 “الأوائل” ينتظرون علّ واحدًا ممن سبقوهم تكون أوراقه ناقصة فتتاح لهم فرصة الدخول مكانه.

هذا التنظيم الذاتي يتكرر في جميع مراكز الأمن العام التي تشهد ازدحامًا كبيرًا على طلب جوازات السفر، ولكنّه في بعض الأحيان يزعج موظّفي الأمن العام لأسباب غير محسومة. وهذا تمامًا ما حصل أثناء تواجدنا أمام مركز السوديكو حيث استشاط الموظّف غضبًا فجأة وبدأ بالصراخ على الناس معترضًا على مبادرتهم إلى تنظيم أنفسهم بحجّة أنّ دوام الأمن العام يبدأ السابعة صباحًا ولا ذنب لمن يأتي على الدوام من المراجعين ألّا يجد له دورًا، فقط لأنّ الناس قرّرت أن تأتي ليلًا. وهو سبب لا يقنع الناس المصطفين إذ يعيدون اعتراضه إلى أنّه يريد “تمرير أناس كان وعدهم بإدخالهم صباحًا”، خصوصًا أنّه كان في اليوم السابق ردّ الكثير من الناس من المتواجدين حينها بحجّة أنّهم متأخرون عن الخامسة صباحًا. وكاد الموظّف أن يخرّب التنظيم الذي أنجزه الناس وهو ما أرعبهم حيث بدأوا يطلبون من بعضهم البعض عدم الرد عليه لعدم استفزازه ولكي يهدأ ويتسنّى لهم الحصول على رقم وموعد. 

رفض الموظّف لتنظيم الناس أنفسهم تكرّر وحسب أكثر من شهادة أمام أكثر من مركز في المناطق، ليُترك المواطن ضائعًا لا يعلم ما المعيار المعتمد في التوقيت، تارة يُردّ لأنّه أتى متأخرًا أي عند ساعات الصباح الأولى وتارة يردّ لأنّه أتى باكرًا أي ليلًا.

وبالتالي فإنّ رحلة الحصول على رقم لبعض الناس قد لا تنتهي في اليوم نفسه وقد تتطلّب القدوم في أكثر من يوم “هذا يومي الثالث، أتيت المرّة الأولى الساعة الخامسة، كان صفّ الانتظار يصل إلى آخر الشارع، انتظرت ولم يصلني الدور، أتيت في اليوم الثاني الساعة الرابعة والنصف لم يحالفني الحظ أيضًا، اليوم أتيت عند الرابعة إلا ربع لأحصل أخيرًا على دور” تقول إحدى السيّدات المضطّرة للسفر لزيارة زوجها المقيم في الخارج” والتي وقفت على مدى يومين لساعات أمام الأمن العام تحمل رضيعتها.

يتحدّث بعض الأشخاص عن تعنّت وسوء معاملة يتعرّضون لها من بعض الموظفين قبل دخولهم المبنى، وفي هذا الإطار تروي إحدى الشابات كيف طلب أحد الموظفين الذي يتولّون التأكّد من الأوراق من عنصر آخر إخراجها من مدخل المبنى الخارجي “كي لا يجعلها عبرة للآخرين”. وتقول هذه الشابة إنّها انتظرت منذ الثانية بعد منتصف الليل وكانت ضمن العدد المخصّص لمركز جديدة (45 عادي و45 مستعجل) ولكن عندما أتى دورها لأخذ الرقم أخبرها الموظّف أنّ أوراقها ناقصة، طلبت منه إعطاءها رقمًا لا سيّما أنّ موعدها لن يكون قبل ساعتين ما يتيح لها الوقت الكافي لاستكمال أوراقها، فرفض وتعامل معها بطريقة فظّة بحجّة أنّه “ما إله خلق عند الصبح”.

“الأزمة أزمة طلب”

يؤكّد المصدر في الأمن العام أنّ لا أزمة  تتعلّق بتوافر جوازات السفر إذ إنّ الأمن العام بدأ اعتبارًا من شهر  شباط الماضي البدء باستلام حوالي مليون و100 ألف جواز سفر تباعًا  أي ما يكفي لأكثر من سنتين، وإنّه بطبيعة الحال يجري التحضير بالتنسيق مع الوزارات المعنية لتأمين المزيد من الجوازات لضمان عدم الوقوع بأزمة نقص في الجوازات في الأعوام المقبلة. ويوضح في حديث مع “المفكرة” أنّ الأزمة محصورة بعدد طلبات جوازات السفر الذي يصل إلى خمسة آلاف طلب يوميًا في المراكز كافة وهذا يفوق قدرة الأمن العام على الإنتاج.

ويضيف المصدر أنّه قبل العام 2019 كان الأمن العام ينتج يوميًا كمعدل وسطي 750 ألف جواز في المواسم العادية و1500 في مواسم الحج وزيارة الأعتاب المقدسة أو في عيدي الميلاد ورأس السنة،  وأنّ هذا العدد هو القدرة القصوى للأمن العام، فيما ينتج حاليًا 3 آلاف جواز يوميًا ما يعني استهلاكًا إضافيا لقدرات الأمن العام.

ويوضح المصدر أنّه من بداية العام 2020 حتى 5/3/2023 تاريخ إيقاف المنصّة أنجز الأمن العام حوالي مليون و45 ألف جواز سفر بيومتري وحوالي 253 ألف جواز نموذج 2003. وبدءًا من 6/3/2023 حتى اليوم تم إنجاز أكثر من 205 آلاف جواز سفر بيومتري، لافتًا إلى أنّ حوالي 70% من الجوازات المنجزة لم تستخدم لغرض السفر فضلًا عن أنّ نسبة كبيرة من الأشخاص لم يأتوا حتى لاستلام جوازاتهم.

قد يكون ما يقوله الأمن العام عن أنّ إقبال المواطنين على طلب جوازات السفر حتى وإن لم يكن السفر ضمن خططهم القريبة صحيحًا، ولكن ناهيك عن أنّ الحصول على جواز سفر هو حقّ مكرّس بالدستور يتحدّث المواطنون والمواطنات اللواتي التقتهنّ “المفكرة” أمام مركز الأمن العام في السوديكو فجر الثلاثاء الماضي عن أزمة ثقة لديهم في القيّمين على البلد وفي الأمن العام أيضًا. “صحيح أنا لا أنوي السفر قريبًا، ولكن لدي أبناء في الغربة وأخاف ألّا أستطيع الحصول على جواز حين أحتاجه” تقول إحدى السيّدات المنتظرات فيما يقول آخر: “عرفنا جميعنا عن أناس خسروا فرص عمل لأنّهم لم يستطيعوا تحصيل جواز سفر في الوقت المناسب، أنا أبحث عن عمل في الخارج وعندما أجد الفرصة لا أريدها أن تضيع، من يضمن لي ألّا يتوقّف الأمن العام عن إعطاء الجوازات لاحقًا”.

انعدام الثقة هذا الذي يعبّر عنه المواطنون والمواطنات يمكن وضعه في إطار مبدأ الاستقرار القانوني في العلاقة بين المواطن والإدارة الذي لم يراعه الأمن العام حين أوقف أكثر من مرّة إصدار الجوازات وحين أطلق منصّة للحجز ثم أوقفها.

لا يتعلّق الأمر بالثقة بالأمن العام فقط، فالمواطنون يشعرون بخوف مستمر من إمكانية حدوث أي طارئ يهدّد حياتهم في بلد اعتادوا فيه على الخضّات الأمنيّة، وعلى وضعه الاقتصادي الذي يتراجع يوما بعد يوم، ما يدفعهم إلى التهافت على جواز سفر يشعرهم حصولهم عليه بأمل بالانتقال إلى أي بلد ثان في حال اضطروا إلى ذلك.

وكانت المديرية العامة للأمن العام قد أعلنت في تشرين الثاني 2021 وقفها العمل باستقبال طلبات الحصول أو إبدال جوازات السفر اللبنانية البيومترية (خمس سنوات) للراشدين حتى إشعار آخر، وذلك لأسباب وصفتها حينها بالتقنية، لتعود بعد شهرين تقريبًا وتحديدًا في 25/2/2022 لإصدار تعميم أعلنت فيه أنّها تستقبل طلبات المواطنين للحصول على جوازات السفر أو إبدالها في دائرة العلاقات العامة وكافة المراكز الإقليمية، المسجّلين على منصة إلكترونية خصّصتها لحجز موعد مع وضع عدد من الشروط منها حيازة إقامة صالحة في الخارج أو سمة (تأشيرة أو فيزا) صالحة ملصقة على جواز السفر أو موعد سفارة مثبتًا ضمن شهر من تاريخ تقديم الطلب. وهذه الشروط وصفها المواطنون حينها بالتعجيزية نظرًا إلى أنّ بعضها تشترط أصلًا الحصول على جواز سفر.

وفي 27/4/2022 توقّف العمل بمنصة مواعيد الجوازات وبررت المديريّة الأمر “حفاظًا على صدقية الأمن العام أمام المواطنين لعدم منحهم مواعيد جديدة دون إمكانية استقبالهم، وذلك الى حين قيام المعنيين بإجراء اللازم وتأمين الأموال المطلوبة لتنفيذ العقد المبرم مع الشركة، مع العلم أنّ كل من لديه موعد على المنصة سيتمّ منحه جواز سفر وفقًا للموعد المعطى له سابقًا”.

وفي حزيران 2022 عاود الأمن العام العمل بالمنصّة وأعلنت المديريّة أنّها أنهت “الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة، واستكملت الملف مع الإدارات الرسمية المعنية منذ شهر تموز من العام الماضي، وقامت بالمتابعة الحثيثة مع المعنيين في الدولة لتحويل قيمة العقد إلى الشركة المتعاقدة، والموقع معها العقد منذ مطلع العام 2021”.

عملت المنصة لأشهر ليعود الأمن العام وتحديدًا في 2023/03/06  ويُلغي كافة المواعيد الممنوحة سابقًا عليها معلنًا إمكانيّة توجّه المواطنين مباشرة إلى مراكز الأمن العام لاغيًا الشروط التي كانت موضوعة سابقًا.

تجربة المنصة لم تكن ناجحة ولا عودة إليها

إزاء ما هو حاصل من ضغط وتهافت للناس وفوضى، يبقى السؤال الأساسي كيف يمكن تنظيم عملية الحصول على جواز سفر وعن سبب وضع المنصّة وإلغائها لاحقًا. يردّ المصدر في الأمن العام بالقول: “وضعت المنصّة لتنظيم أمور الناس، لتنظيم الأولويّات في ظلّ نقص عدد الجوازات في تلك الفترة، حفاظًا على حقّ الناس في التنقّل والسفر”.

أمّا عن سبب إلغائها وإمكانيّة العودة إليها، فيوضح أنّ قرار إلغاء المنصّة كان مرتبطًا بتوافر العدد الكافي من الجوازات، مشيرًا إلى أنّ الأمن العام وقبل اتخاذ خطوة الإلغاء أجرى دراسة واختبارًا عبر تقديم المواعيد الممتدة لأشهر وإعادة جدولتها في شهر واحد، فتبيّن أنّ 50%  بالحد الأدنى من الناس لم تأت إلى موعدها. وهذا يعني أنّ هناك أشخاصًا استطاعوا تدبير أمورهم عبر اللجنة التي أنشئت في حينه لتأمين مواعيد للمضطرّين، وأنّ الأسماء بمجملها كانت وهميّة. ويلفت المصدر إلى أنّ الأمن العام اكتشف بعد إطلاق المنصة أنّ بعض شركات السفريات حجزت مواعيد بأسماء وهميّة استفادت منها لاحقًا عبر خاصيّة إلغاء الحجز على المنصة، فقامت المديريّة بإلغاء هذه الخاصيّة. ويعتبر المصدر أنّ من أهداف إلغاء المنصة أيضاً طمأنة المواطنين إلى أنّ جوازات السفر متوفّرة ما قد يساهم بتخفيف الضغط إلّا أنّ التهافت بقي بالوتيرة نفسها.

ويشير المصدر إلى أنّ الأمن العام يحاول تسهيل وتنظيم حصول المواطنين على جواز السفر الذي يعتبر حقًا لأي مواطن مستبعدًا العودة إلى اعتماد المنصّة في الوقت الحاضر.

كلام الأمن العام يؤكّد ما كانت عبّرت عنه “المفكّرة” في الطعن الذي قدّمته من أنّه من شأن فرض شروط غير قانونية على حقوق الناس أن يضرب مبادئ المساواة بين المواطنين والاستقرار القانوني في العلاقة بين الإدارة والمواطنين والثقة المشروعة في عمل الإدارة حيث يتوّجب على الإدارة الامتناع عن تعديل القواعد القانونية بشكل مفاجئ والإخلال بثقة المواطنين بها واستمرار نفاذها، كما وإتخاذ التدابير الانتقالية التي تهدف إلى تمكين المواطنين من الاستعداد والتكيّف مع التغييرات التي قد تضطّر الإدارة لفرضها ومن شأنها أن تؤثر بشكل تعسفي على الأوضاع القانونية للمواطنين، فضلًا عن إمكانية تحوّل الأمر إلى باب لتعزيز علاقات الزبائنية.

منصّة لا تعمل

أثناء تواجدنا أمام مركز الأمن العام في بيروت، سألت إحدى السيّدات عن الخيارات المتاحة أمامها وهي المضطّرة أن تسافر خلال 15 يومًا ولم يصلها الدور على الرغم من انتظارها لساعات على مدى أيام عدّة. يجيبها أحد الموظّفين الواقفين في الخارج “جربي المنصة الخاصة بالمستعجل ليُحدّد موعد لك وينتهي الجواز خلال أسبوع”، لتردّ عليه بالقول “المنصة ما بتفتح صرت مجربة 100 مرّة”.

وتسمح الطلبات المستعجلة للمواطنين الحصول على جوازات سفر خلال مهلة قصيرة (أسبوع حالياً) مقابل دفع بدل إضافي (بدل خدمات مأجورة مستعجلة) بقيمة 2,100,000 ل.ل. وكان الأمن العام بعد إلغاء المنصة الأساسيّة، أبقى العمل بمنصّة خاصة من أجل حجز المواعيد المستعجلة، ولكنّها غالبًا خارج الخدمة وإن فتحت فمع عبارة “لا يوجد مواعيد متاحة حاليًا”، وهو ما لمسناه بأنفسنا حيث فتحناها في عدة مواقيت في اليوم وفي أكثر من يوم.

وقد أوضح المصدر في الأمن العام أنّ هذه المنصة تفتح يومًا واحدًا هو يوم الإثنين وتُتيح حجز المواعيد لأسبوع (أربعة أيام عمل) وتغلق مع انتهاء المواعيد. وهذا ما يفسّر عدم وجود مواعيد متاحة عليها.

ما يقوله المصدر يذكره موقع الأمن العام الإلكتروني ولكن ليس بطريقة واضحة للمواطنين إذ يذكر ” فيما خص الراغبين بالاستحصال على جوازات سفر بصورة مستعجلة لدى دائرة العلاقات العامة، يباشر تسجيل مواعيد جديدة على المنصة لتحديد موعد خلال خمسة أيام كحد أقصى وذلك على الرابط التالي: gs-appt.gov.lb”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، مؤسسات عامة ، حرية التنقل ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني