صراع المحامين والقضاة، نهاية الأزمة وبوادر الحوار


2013-02-01    |   

صراع المحامين والقضاة، نهاية الأزمة وبوادر الحوار

عرفت العلاقة بين جناحي العدالة التونسية أي المحامين والقضاة توترا متناميا خلال الفترة الأخيرة. فالقضاة يتهمون بعض المحامين بسوء استغلال حالة الضعف الهيكلي التي يعرفها القضاء لغاية الضغط على المؤسسة القضائية والتهجم على مجالس القضاء بغاية فرض أنفسهم كمحامين ذوي نفوذ يخشاهم القضاة. وفي الجهة المقابلة، يتهم عدد من المحامين بعض القضاة بسوء التعامل معهم وعدم احترام حقوقهم في الدفاع الحر عن موكليهم. وتحول تبادل الاتهامات مع بداية 2013 الى مصادمات فعلية بين الطرفين خصوصا وأن الصراع قد ذكى الحملات الاعلامية التي رافقت عددا من المحاكمات وكانت مناسبة لتشنيج الأجواء بعد ان استغلها البعض للتشهير بالقضاة والقدح في كفاءتهم المهنية ونزاهتهم.
كادت الأزمة أن تتحول الى مواجهة مفتوحة بين الطرفين بعدما قررت جمعية المحامين الشبان يوم 17 جانفي 2013 تنظيم تحركات احتجاجية ردا على ما اعتبرته اعتداء على حق أحد زملائهم في ممارسة حقه في الدفاع. وكانت جمعية القضاة قد عدت ذات الواقعة اعتداء على مجلس القضاء وتطاولا على القضاة وسبق لها أن شجبت تعمد عدد من المحامين في تاريخ سابق التهجم على القضاة بالمحكمة الابتدائية بالقصرين.
وبعدما استعرت الأزمة بين الطرفين, تحركت نقابة القضاة التونسيين فيما بدا مبادرة حسن نوايا منها لتتصل بعمادة المحامين بغاية منع المواجهة المفتوحة والحفاظ على التواصل بين الطرفين وقد أثمر اللقاء الذي تم بتاريخ 28 جانفي 2013 بمقر الهيئة الوطنية للمحامين على توقيع اتفاق بينهما يؤكد على ضرورة ارساء تقاليد حوار بين الهيكلين لغاية الحفاظ على الاحترام المتبادل بين الدفاع والقضاء ولضمان وحدة الأسرة القضائية في اطار سعيهما المشترك لارساء استقلالية القضاء. وقد شكل التوافق على تجاوز الاشكالات الطارئة وتغليب لغة الحوار والابتعاد عن الاصطفاف القطاعي تطورا نوعيا في تعاطي الهيكلين مع الصراع المحتدم خصوصا وقد أكد نص الاتفاق على ضرورة احترام حق الدفاع وبين بوضوح أن هذا الحق تتم ممارسته أمام الهيآت القضائية لا خارجها.
ويبدو الاتفاق في مضمونه منسجما مع ما سبق وأن تمسكت به جمعية القضاة التونسيين من حتمية ايجاد آليات حوار بين هياكل القضاة والمحامين لحل الخلافات بينهم. كما يذكر بتقاليد عريقة كانت تضمن حل الخلافات بين القضاة والمحامين بشكل ودي. ففي فترات سابقة كان شيوخ المحاماة وكبار القضاة يلعبون دورا محوريا في حل الخلافات وتجاوز اسبابها من خلال استعمالهم لسلطتهم الأدبية وبفعل الاحترام الذي كانوا يحظون به. غير أن ضعف هياكل القضاة والمحامين على حد سواء بسبب الصراعات الداخلية التي شهدها القطاعان يطرح أكثر من سؤال حول القدرة الفعلية للآليات المقترحة على منع عودة الأزمة مجددا لنسقها التصاعدي. وفي مقابل ذلك تدعو الاعتداءات المتكررة من المتقاضين على المحاكم والتي كانت أحدثها تعمد مجموعة من الأنفار التهجم على اطارات وأعوان المحكمة الابتدائية بجندوبة يوم 28 جانفي 2013 على خلفية قرار قضائي بالافراج عن أحد المتهمين القضاة والمحامين وأعوان كتابات المحاكم الى التوحد للحفاظ على مكانة المؤسسة القضائية.  
م.ع.ج

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني