دراسة تكتشف واقع تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومة في المغرب


2023-05-08    |   

دراسة تكتشف واقع تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومة في المغرب
رسم رائد شرف

كشفت جمعية سمسم مشاركة مواطنة -وهي جمعية مغربية غير حكومية- عن نتائج دراسة أعدّتها مؤخرا حول واقع تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومة من طرف الإدارات المغربية، الدراسة الأولى من نوعها رصدت واقع استعمال البوابات الالكترونية الرسمية المتعلقة بتقديم طلبات الحصول على المعلومة، ومدى تجاوب المؤسسات والإدارات العمومية مع شكايات عدم الحصول على المعلومات المقدمة عن طريق البوابات الالكترونية المذكورة.

تنزيل قانون الحق في الحصول على المعلومة

يعدّ الحصول على المعلومات جزءا لا يتجزأ من الحق في حرية الرأي والتعبير وفقا للمادة  19من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادتين  10و 13من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما أن إعمال هذا الحق والوصول إلى المعلومات شرطان أساسيان لضمان المشاركة والشفافية، باعتبارهما مبدأين أساسيّين للمجتمعات الديمقراطية. وتنزيلا لهذه المقتضيات، نصّ الفصل 27 من دستور 2011 على أن “للمواطنين والمواطنات الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الادارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. ولا يمكن تقييد هذا الحق إلا بمقتضى القانون بهدف حماية كلّ ما يتعلّق بالدفاع الوطني وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي والحماية الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المسّ بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور  وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة“، كما صدر قانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، وقد سجل المجلس الوطني لحقوق الانسان في تقريره السنوي تطورا في تنزيل مقتضيات هذا القانون في جانبه التنظيمي، حيث تضاعف عدد المؤسسات المعنية  17مرة ( من  99 إلى  1692)، كما تضاعف عدد الطلبات المقدمة مرتين تقريبا (من  1833إلى  3815)،  وتضاعف في الوقت ذاته عدد الطلبات المعالجة  5 مرات (من  486 إلى  2430). في المقابل، تمّ تسجيل بطء التجاوب مع الطلبات، حيث تضاعف متوسط مدة الإجابة مرتين تقريبا، من  33 إلى 61 يوما وهي احصائيات لسنة 2021 مقارنة مع احصائيات سنة 2020.

واقع استعمال البوّابات الإلكترونية الرسمية الخاصة بتقديم طلبات الحصول على المعلومة

في إطار ممارسته للحق في الحصول على المعلومات، قام فریق عمل مشروع “الحقّ في الحصول على المعلومات كآلية للترافع والحكامة الجیدة”بجمعیة سمسم-مشاركة مواطنة باستعمال البوابة ّ المخصصة لطلب المعلومات  www.chafafiya.ma لطلب الحصول على أسماء الأشخاص المكلّفين بمهمّة تلقّي طلبات الحصول على المعلومات بالإدارات والمؤسسات العمومية وكذا معلومات الاتصال الخاصة بهم. وقد قدّمت هذه الطلبات بصفة شخصية  ولیس باسم الجمعية لأن القانون التنظيمي للحق في الحصول على المعلومات في المغرب یسمح فقط للأفراد بتقدیم طلبات الحصول على المعلومات ولا یسمح بذلك للهيئات بصفتها المعنوية.

وهكذا، قدم فریق عمل الجمعية 80 طلبا موجّها ل 35 مؤسسة وإدارة عمومية موجودة على المنصة الإلكترونية  ّwww.chafafiya.ma مقسمة كالتالي:  14 قطاع وزاري و21 مؤسسة عمومية.[1]

بعد انقضاء الأجل القانوني للرد على هذه الطلبات[2] سجلت المعطيات التالية :

  • تم الرد على 17 طلبا للحصول على المعلومات من أصل 80 طلبا مقدما، أي بنسبة ردّ بلغت %.21،
  • –           لم یتم الرد ولا إرسال إشعار بتمديد الإجابة عن 63 طلبا مقدما مما جعل نسبة عدم الردّ تبلغ %.79،
  • من أصل 17طلبا تمّ التوصل ب 11ردا إيجابيا، بنسبة إجابة كاملة بلغت % 14 فقط،
  • –           من أصل 17طلبا تمّ التوصّل بردّ بشأنهم، تمّ رفض الإجابة على طلبین بعلة أن المعلومات المطلوبة هي منشورة من طرف الإدارة في إطار النشر الاستباقي للمعلومة،
  • –           من أصل 17طلبا تم التوصل برد بشأنهم، تم التوصل ب 4 إشعارات بالرد من المنصة، لكن بعد ولوج فضاء الإجابة تبين أنها لا تتوفر على أي محتوى أي أن الإجابة كانت فارغة.

مدى تجاوب المؤسسات والإدارات العمومية مع شكايات عدم الحصول على المعلومات

قام فریق عمل الجمعية بمواصلة إجراءات تقديم الشكايات بخصوص 63 طلبا التي لم یتم التفاعل معها من طرف المؤسسات والإدارات العمومية، والتي تم تقديمها عن طریق بوابة الحصول على المعلومات   www.chafafiya.ma

  • المرحلة الأولى من الشكايات كانت موجهة لرئيس كل مؤسسة وإدارة معنیة بالطلب، حیث تمّ توجيه ما مجموعه 63 شكایة لرؤساء المؤسسات والإدارات العمومية الموجودة بالبوابة المخصصة للتفاعل مع الشكايات دون التوصل بأي رد.
  • في المرحلة الثانية من الشكايات، قام فریق العمل بالتوجّه إلى لجنة الحق في الحصول على المعلومات، عن طریق تقديم 63 شكایة تخص 63 طلبا لم یتم التفاعل معه من طرف المؤسسات والإدارات العمومية. وانصرمت الآجال القانونية المخصصة لتفاعل اللجنة مع الشكايات دون نتيجة تذكر، لتكون نسبة تجاوب لجنة الحق في الحصول على المعلومات مع الشكايات التي تردها عن طریق البوابة الرسمية 00. %.
  •  

أمثلة عملية لتجاوب الإدارات مع طلبات الحق في الحصول على المعلومة

المثال الأول يتعلق بطلب معلومة وجهه الفريق إلى وزارة الخارجية عبر طرح سؤال مفاده : هل انخفض عدد الأشخاص الذين طلبوا تأشيرة الولوج إلى البلاد سنة 2020 مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقتها؟ فكان الرد هاتفيا، ومضمونه أن المعلومات المطلوبة لا يمكن تقديمها، لكون قرار منح التأشيرة لأي أجنبي يعتبر “قرارا سياديا”، ويدخل ضمن شق المعلومات المستثنى الحصول عليها بمقتضى القانون.

ويعلق التقرير على هذا الرد: “يمكن أن يكون رد وزارة الخارجية (…) قانونيا وتكون فعلا معلومات تدخل ضمن السيادة الخارجية للدولة، في حالة ما إذا كان السؤال يقتصر على جنسيات بعينها… لكن المعطيات التي تم طلبها تعتبر شاملة، وتحتمل الرد بـ”نعم” أم “لا” فقط”.

المثال الثاني يتعلق بقطاع الطاقة والمعادن حيث شهد طلب الحصول على المعلومات صعوبة في تحديد الشخص الذي سيمنح الطلب لدراسته والتجاوب معه، رغم أن قرار التعيين موجود ويضم لائحة بأسماء المكلَّفين على مستوى الإدارة، كما أن الشخص المكلّف بتلقي طلب الحصول على المعلومات سأل عن فحوى الطلب أولا، ثم أحاله على اسم آخر بقسم أو مديرية أخرى هي المكلفة بنوع المعلومات المطلوبة، رغم عدم وجود ذلك الاسم في لائحة الأسماء المعيَّنة، ليجد “طالب المعلومات نفسه مطالَبا بالإلمام بأقسام المؤسَّسة، ودور كل قسم، ثم تحديد القسم الذي يمكنه استقبال طلبه”.

المثال الثالث يتعلق بطلب موجه إلى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط للحصول على عدد التلاميذ في المستوى الابتدائي، الذين حوّلوا تسجيلهم من القطاع الخاص إلى العمومي، خلال الموسم الدراسي الحالي بالجهة. فقد وجدت كتابة الضبط بالهيئة أن “في تعبئة وصل الإيداع بالمعلومات الضرورية تجاوزا لاختصاصاتها، فاكتفت بنسخ صورة للطلب وختمها”.

ويسجل التقرير أن الأمر نفسه تكرر مع الطلب الموجه إلى وزارة الثقافة حول لائحة أسماء المشاريع المستفيدة من الدعم الاستثنائي للفنون خلال سنة 2020، إذ “رفضت كتابة الضبط تعبئة وصل الإيداع، وحسب قولهم فقد كانت هذه المرة الأولى التي يتلقون فيها طلبا من هذا الشكل وفي نموذج معيَّن، وسجلوا أنه لو تم تقديم طلب خطي عادي لكان التعامل معه أسهل”.

خلاصات ونتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة أن متوسط مّدة الإجابة على الطلبات بلغت 26 یوما وهي مدة سجلت ارتفاعا منذ أول یوم، وقابلة للارتفاع وهي تتجاوز المّدة القانونية المحددة في 20 یوما للرد على الطلبات، مما یفید أن الإدارات والمؤسسات العمومية التي تجاوبت مع طلبات الحصول على المعلومات عن طریق البوابة إما لم تحترم المّدة القانونية، أو اعتمدت التمديد كقاعدة للرد؛

كما أظهرت النتائج أيضا أن:

الشكايات الموجهة لرؤساء المؤسسات المعنية بالطلب عن طریق البوابة الالكترونية لم تلق تجاوبا، مما یدل على عدم انخراط المؤسسات والإدارات العمومية المسجلة بالبوابة بشكل فعال في تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومة؛

– الشكايات الموجهة للجنة الحق في الحصول على المعلومات عن طریق البوابة بدورها لم تلق أي تفاعل، مما یعني عدم انخراط اللّجنة في عملیة التفاعل مع الشكايات التي تردها عن طریق البوابة الرسمية؛

– بعد استنفاذ جمیع مراحل طلب المعلومات (تقديم الطلب، تقديم شكایة لرئيس المؤسسة، تقديم شكایة للجنة الحق في الحصول على المعلومات) من دون نتيجة تذكر، یبقى اللجوء إلى القضاء كمرحلة أخیرة الحلّ الوحيد المتبقي أمام طالب المعلومة. وهنا یطرح سؤال: إلى أي مدى تعتبر البوابة الرسمية ملزمة ورسمية في نظر المؤسسات والإدارات العمومية؟ والى أي مدى تساعد النصوص القانونية القائمة على ولوج طالبي المعلومة الى القضاء لطلب الانتصاف من أجل النفاذ الى المعلومة؟

مواضيع ذات صلة

ضمان الوصول إلى المعلومة بعهدة هيئة معطّلة عن العمل

لقاء مع عماد الحزقي رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة: تلقينا 228 قضية، فصلنا 95 منها

المحامون يوقعون عريضة للاطلاع على عقود التأمين: النقابة ملزمة بقانون الوصول للمعلومات أيضا

حقّ النفاذ إلى المعلومات: بماذا يختلف الإقتراح اللبنانيّ عن القانون التونسيّ الجديد؟


[1] يلاحظ أن البوابة الإلكترونية الرسمة ّ الخاصة بتقديم طلبات الحصول على المعلومات، في نسختها الحالية، لا تتیح طلب المعلومات من كل المؤسسات والهيئات المعنية بقانون الحق في الحصول على المعلومات.

[2] تنص المادة 16 من قانون الحق في الحصول على المعلومة

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، تشريعات وقوانين ، الحق في الوصول إلى المعلومات ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني