ثلاثة أسئلة ملحّة تطرحها الأزمة الأوكرانية في تونس


2022-03-18    |   

ثلاثة أسئلة ملحّة تطرحها الأزمة الأوكرانية في تونس
رسم عثمان سلمي

من “الحسنات” القليلة للأزمات أنها تطرح الأسئلة الصعبة والجوهرية التي نتجاهلها في زمن الرخاء والسلم. مثلا، طرحت الأزمة الوبائية التي يعيشها العالم منذ أواخر 2019 بشدّة مسائل الإنفاق العمومي ودور الدولة وأهمية قطاع الصحة العمومية والموارد البشرية والقطاعات الحيوية وإدارة الأزمات والكوارث.  أسئلة اضطرّت الحكومات إلى التعامل معها بسرعة، كل واحدة حسب إمكانياتها ونفوذها وتوجهاتها الاقتصادية-السياسية. طبعا من المستبعد أن يغيّر العالم بوصلته الليبرالية وأن يتعلم الدروس سريعا، لكن باب النقاش قد فُتح.  ومع الانفراج التدريجيّ في الأزمة الوبائية، استكثرت الدول الكبرى أن تلتقط الدول والشعوب الفقيرة أنفاسها وترمّم أحوالها، فقرّرت أنّ الوقت مناسب لشنّ حرب لا أحد يعرف متى تنتهي وهي الحرب الروسية ضد أوكرانيا. هذه الأزمة الجديدة وتبعاتها الحالية والمحتملة وعلى الرغم من كونها نشبت في منطقة تبعد آلاف الكيلومترات عن تونس ولا تربطها بها علاقات تاريخية متينة فإنها قد تسلّط الضوء على مسائل محليّة حيوية للاقتصاد التونسي وموقع البلاد في المشهد السياسي الإقليمي والدولي.

السياحة أو الرافعة المهزوزة للاقتصاد التونسي

سيكون للحرب في أوكرانيا تأثير مباشر على السياحة التونسية وآخر بالتبعية. استطاعت تونس في السنوات الأخيرة أن تصبح إحدى الوجهات المفضلة للسياح الروس، فتطوّر عدد الوافدين منهم إلى البلاد تدريجيا في العشرية الأخيرة لينتقل من 300 ألف سائح في 2013 إلى أكثر من 600 ألف سائح في 2019[1]، ونظرا للعقوبات المفروضة حاليا على روسيا والمقيّدة لحركة البشر والأموال، فمن المرجّح أن لا يكون هناك سياح روس هذه السنة. وفي حالة استطالت مدة الحرب في أوكرانيا أو اتسعت رقعتها، فمن الممكن أن يتسبب الأمر في أزمات اقتصادية واضطرابات أمنية قد تمسّ حركة السياحة في العالم بشكل مؤثر.

بعيدا عن الأزمة الروسية -الأوكرانية، تبدو مشاكل السياحة التونسية أكثر عمقا وقدما. راهنت تونس منذ الستينات على السياحة الجماهيرية متدنية التكلفة كإحدى رافعات الاقتصاد من حيث التشغيل والمساهمة في الناتج الخام وتدعيم الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة. وبفضل الجمال الطبيعي للبلاد وكذلك الاستثمارات العمومية والخاصة (أجنبية ومحلية) تطوّر القطاع وشكّل لمدّة طويلة أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني، وكان يشغّل خلال المواسم الناجحة قرابة النصف مليون تونسي بشكل دائم أو موسمي، مباشر أو غير مباشر. لكنه ظلّ يقوم على السياحة الصيفية الشاطئية أساسا ومرتبط بجنسيات معينة (فرنسيين، ايطاليين، بريطانيين، ألمان) ويستقطع نصيبا هاما من الدعم العمومي، على الرغم من أن الكثير من أرباحه لا تدخل البلاد أصلا (تهرب ضريبي، سيطرة وكالات أسفار أجنبية على القطاع) فضلا عن تأثيراته الاجتماعية (تغيير الصبغة الفلاحية لبعض المناطق وجذب صغار الفلاحين والحرفيين للعمل في السياحة) والبيئية (تبذير الموارد المائية، تلوث الشواطئ). إلى حدود 2010 كانت الآثار السلبية ضعيفة وحتى “مقبولة” مقارنة بإيرادات القطاع والدينامية الاقتصادية-الاجتماعية التي يخلقها، لكن بعد ثورة 2011 بدأت تظهر آثار التعويل على سياحة تقليدية “رخيصة” لا تنوع عروضها. في 2011 ونظرا للوضع السياسي للبلاد كان من الطبيعي أن يشهد القطاع ضربة كبيرة وبالفعل انخفض عدد السياح إلى حوالي 4 مليون بعد أن ناهز 7 ملايين في 2010. استعاد القطاع بعضا من عافيته في سنوات 2012 و2013 و2014 بمعدل 6 ملايين سائح لكنه انتكس مجددا في سنة 2015 التي شهدت جملة من العمليات الإرهابية الدموية استهدفت السياح والمنشآت السياحة مباشرة وتسببت في مقتل العشرات (متحف باردو، نزل “الامبريال مرحبا” سوسة) وانخفض العدد الجملي للسياح إلى أقل من 5 ملايين. بدأ القطاع يتعافى مجددا بداية من سنة 2017 (أكثر من 6 ملايين سائح) ليحقق موسما تاريخيّا في 2019 بأكثر من 9 ملايين سائح. ثم أتى الوباء وأغلقت الحدود وفُرض الحجر الصحي لتتلقى السياحة في تونس (والعالم بالطبع) ضربة صادمة جديدة: أقل من 2 مليون سائح في 2020 و2،1 مليون سائح في [2]2021. وبالنسبة للموسم الحالي (2022)، ما زال من المبكر التكهّن بمصيره. بالإضافة إلى كل ما سبق نجد أن جزءا كبيرا من البنى السياحية “مترهّل” ويحتاج إلى أشغال صيانة وتجديد ضخمة. كما أن العديد من العاملين في القطاع يعانون من البطالة التقنيّة والتشغيل الهشّ، إضافة إلى مسألة شفافية عائدات وضرائب هذا القطاع. لا نسمع إلا أخبار “الخسائر” والأزمات والضغط على الدولة لدعم المُستثمرين ورسملة القطاع، في حين أن هناك شحّا للمعلومات بخصوص الأرباح وأصحابها ومآلاتها. تظهر الأرقام المذكورة أعلاه أن السياحة -على الأقل بشكلها الحالي- لم تعد ذلك القطاع الاستراتيجي الذي يمكن للدولة أن تبني عليه ميزانياتها وسياساتها. وبما أن الدولة التونسية متحمسة منذ عقود لتصفية القطاع العمومي وسياسات تحرير الأسعار وتقليص الدعم والإنفاق العمومي-الاجتماعي وكل ما يهدف إلى تحجيم “تدخل الدولة” في الاقتصاد فلربّما حان وقت “فطام” قطاع السياحة التقليدي، وأن يذهب الدعم العمومي إلى قطاعات أخرى أو أن يكون مشروطا بترفيع الضرائب على المشاريع الاستثمارية ورفع تشغيلية المنشآت وتنويع العروض السياحية (ثقافية، إيكولوجية) واستقطاب أسواق جديدة.

عن الأمن الغذائي والسيادة الغذائية

منذ الأيام الأولى لبداية الحرب الروسية في أوكرانيا، أُثيرت مسألة انعكاس الأزمة على أسعار الحبوب -القمح أساسا-وإنتاجها ومسالك التزوّد منها، نظرا لأهمية مكانة البلديْن في الإنتاج والتصدير. تونس -رفقة عدة بلدان عربية ومن مناطق أخرى-من بين الدول المعنيّة مباشرة بتقلّبات سوق الحبوب، إذ فقدت من جهة مزودَيّن رئيسيّين لهذا الموسم وربما لمواسم أخرى مما يتطلب البحث السريع عن مزوّدين آخرين. ومن جهة أخرى، ارتفعتْ أسعار القمح والشعير بشكل كبير في بورصات المواد الفلاحية وقد ترتفع أيضا تكلفة نقل الشحنات المستوردة إذا ما استقدمتها تونس من بلدان بعيدة جدا (أمريكا الجنوبية، شرق آسيا). الأزمة الأوكرانية الظرفية جاءت في “الوقت المناسب” لتسلّط الضوء على أزمة تونسية قديمة ومتفاقمة: عجز الميزان التجاري الفلاحي والفقدان المتواصل للسيادة الغذائية.

في سنة 2021، استورد “مطمور روما” -كما كان يطلق على قرطاج قديما نظرا لجودة إنتاجها من الحبوب ووفرته- 26.3 مليون طن من الحبوب موزعة كالآتي: 4899 ألف قنطار من القمح الصلب (ما يعادل 19 % من الاستهلاك الوطني)، 11374ألف قنطار من القمح اللين (43 % من الاستهلاك الوطني) و10051 ألف قنطار من الشعير (38% من الاستهلاك الوطني). وبلغت فاتورة استيراد الحبوب أكثر من 849 مليون دولارا[3]. مثلت الواردات الغذائية 11،7% من جملة واردات تونس سنة 2021، وسجل الميزان التجاري الفلاحي لنفس السنة عجزا قدره 251،7 مليون دينار تونسي. تشكل الحبوب 44،6 % من جملة الواردات الفلاحية. وإذا ما أضفنا لها الذرة والزيوت النباتية (19،4 %) فستبلغ النسبة 64 %، أي أن ثلثيْ الواردات الفلاحية لمطمور روما وأحد أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون هي حبوب وزيوت[4].

 هذه الأرقام كانت لتبدو عادية ومعقولة لو كانت تونس من البلدان التي تعاني نقصا في الأراضي الصالحة للزراعة والأيادي العاملة والخبرات والكفاءات أو تعاني من ظروف مناخية قاسية أو تنعم بريوع ضخمة “تعفيها” من بذل الجهد. لكن هذه البلاد لها تقاليد وخبرات فلاحية ضاربة في القدم ولديها رصيد عقاري محترم وضغط ديمغرافي ضعيف ومناخ معتدل وليس لها ترف إهدار العملات الصعبة التي تتحصل عليها بشقّ الأنفس.  كيف وصلنا إلى هنا وكيف يمكن وقف النزيف؟

يعتبر الحبيب العايب، الباحث المختص في الجغرافيا ومخرج الأفلام الوثائقية وأحد مؤسسي “مرصد السيادة الغذائية والبيئة”، أن جذور التبعية الغذائية في تونس تعود إلى أكثر من قرن[5]، غرستها السياسات الفلاحية الاستعمارية الفرنسية ورعتها سياسات دولة الاستقلال وتجني تونس اليوم ثمارها. البداية كانت مع تقسيم السلطات الاستعمارية الفرنسية للبلاد إلى أقاليم فلاحية تخدم مصلحة رأس المال الأوروبي (وبعض الأعيان المحليين) ويتوجّه إنتاجها لتلبية احتياجات السوق الفرنسية والأوروبية أساسا: الحبوب في الشمال الغربي، الكروم وصناعة الخمور في الشمال الشرقي، زيت الزيتون في الوسط والجنوب. حتى إنتاج الحبوب في تلك الفترة كان مرتبطا بالمصالح الاستعمارية. فلقد كانت فرنسا تشجع على زراعة القمح اللين، الذي تحبذه الأسواق الأوروبية، على حساب القمح الصلب والشعير المرتبطين بالتقاليد الغذائية للتونسيين. ويرى العايب أن تونس المستقلة لم تغيّر كثيرا في هذه السياسات الفلاحية وأنّها انتهجت نهجا ليبراليا يعطي الأولوية للأمن الغذائي (أي توفير الغذاء بكل الطرق بما فيها الاعتماد على الواردات) على حساب السيادة الغذائية (إنتاج فلاحي موجه للاكتفاء الذاتي ويحفظ مصالح صغار الفلاحين) ويقوم على دعم الفلاحة الموجهة للتصدير بهدف جلب العملات الصعبة عملا بمبدأ “الأفضليات المقارنة”. من هذا المنطلق، فضلت الدولة التونسية التركيز على إنتاج زيت الزيتون والقوارص (التي عوّضت نسبيا الكروم والخمور في الشمال الشرقي) والتمور وباكورات الخضروات وبعض الفواكه (وحتى الفراولة والورود) مقابل الإهمال التدريجي لقطاعات الحبوب والبقوليات والسكر على الرغم من أهميتها في التقاليد الغذائية للتونسيين. تشجيع الدولة لفلاحة “البزنس” (المستثمرين وكبار الملاكين) على حساب زراعة الكفاف والفلاحة العائلية عموما، ساهم في إفقار صغار المزارعين وإجبارهم على التخلي جزئيا أو كليا عن النشاط الفلاحي والتوجه إلى أنشطة اقتصادية أخرى وأحيانا هجر أراضيهم للنزوح نحو المدن الكبرى. كما أن تونس تشهد منذ ثلاثة عقود تغيّرات كبيرة على مستوى العادات الغذائية، مع اقتحام مأكولات وأطباق جديدة لمائدة التونسيّ وتطوّر الصناعات الغذائية (معجنات “مقرونة”، شطائر الأكلات السريعة، بيتزا، بسكويت وحلويات مصنعة،..) وهي تعتمد على القمح اللين أساسا، مقابل تراجع حضور المأكولات والأطباق التي تعتمد على القمح الصلب والشعير (الملثوث، شربة الشعير، الكسكسي الأسمر، المحمصة،)[6]. هذه التغيرات وليدة سياسات الدولة الفلاحية من جهة وكذلك نتاج لتأثير العولمة الثقافية وحتى التحولات الاجتماعية-الاقتصادية التي تشهدها البلاد: الاختفاء التدريجي لثقافة “العولة” والخبرات القديمة في تصنيع المواد الغذائية منزليا.

نتيجة لكل ما سبق، نجد أنّه في غضون عشر سنوات فقط (2011-2021)، ارتفعت كميات الحبوب المستوردة إلى الضعف تقريبا: من 15،7 مليون طن سنة 2011 إلى 26،3 مليون طن سنة 2021. كما استوردت تونس ما قيمته 532 مليون دينار من الزيوت النباتية سنة 2019 على الرغم من كونها أحد كبار منتجي زيت الزيتون في العالم. تفضّل سياسات الدولة، عملا بمبدأ الأفضليات المقارنة، تصدير أكثر من 80 % من انتاج تونس من زيت الزيتون عالي الجودة وتستورد مئات آلاف الأطنان من الزيوت متدنية الجودة والمذاق: ارتفع معدل استهلاك الفرد من الزيوت النباتية من حوالي 6 كغ في سبعينات القرن الفائت إلى أكثر من 18 كغ في سنة 2015، في حين تراجع استهلاكه من زيت الزيتون خلال نفس الفترة من قرابة 8 كغ للفرد الواحد إلى أقل من 4 كغ. كما تراجع استهلاك القمح الصلب بشكل محسوس لفائدة استهلاك القمح اللين الذي ارتفع من 72،2 كيلوغرام للفرد سنويا في 1985 إلى 92،7 كيلوغراما في 2015[7]، في حين انخفض استهلاك السميد خلال نفس الفترة إلى 15،5 كيلوغرام للفرد الواحد سنويا، و”المحمصة” من 2،1 إلى 1،4 كيلوغرام للفرد الواحد سنويا. وارتفع أيضا استهلاك المعجنات الغذائية من 12،3 إلى 15،4 كغ للفرد الواحد سنويا ما بين 1995 و2005[8].

التعامل مع الإنتاج الفلاحي في تونس بمنظور رأسمالي ربحي بحت يكلفنا من جهة سيادتنا الغذائية ويعمق تبعيتنا للخارج ومصادرة قرارنا الحرّ، كما أنه يحرم التونسيين من غذاء كاف وصحي وجيّد ويجبر عشرات الآلاف من صغار الفلاحين على التفريط في أراضيهم وعملهم الأصلي.

عجز طاقيّ حارق

تونس ليست من كبار حرفاء المنتوجات الطاقية الروسية لكنها ستتأثر حتما بالاضطرابات التي ستشهدها أسعار البترول ومشتقاته بسبب الأزمة في أوكرانيا والعقوبات التي فرضت -وقد تزداد حدّة-على روسيا.  سجلت تونس في 2019 مستوى عجز طاقي تاريخي بلغ 55 %. ونذكر هنا أن تونس كانت في بداية الثمانينات تسجل فائض إنتاج من البترول وتنتج كمية كبيرة من الغاز الطبيعي، ثم بدأ إنتاجها يتناقص وظلت تحقق شبه اكتفاء ذاتي إلى حدود أواخر التسعينات، لكن مع بداية الألفية الثالثة دخلت منطقة العجز الطاقي وأصبحتْ تستورد كميات محروقات ما انفكّت تتزايد كما وتكلفة. 

أغلب حقول النفط التونسية الكبرى (الدولاب/سمامة، البرمة، عشتاروت، سيدي ليتيم) بدأ استغلالها منذ أواخر الستينات/بداية سبعينات القرن الفائت فبلغ  “الإنتاج الوطني ذروته سنة 1980 بمعدل إنتاج يومي بحولي 117 ألف برميل، ثم بدأ في التراجع منذ أواسط الثمانينات (…)  وتميزت بداية الثمانينات بالتراجع الطبيعي لأغلب الحقول المنتجة إضافة إلى مغادرة الشركات الهامة للبلاد ولصغر حجم الاكتشافات المنجزة (…). وبصدور المرسوم عدد 9 لسنة 1985 الذي جاء بتحفيزات وتسهيلات وإطار خاص بالغاز، تم تطوير العديد من الحقول الهامشية وكذلك الغازية. غير أن إنتاج هذه الحقول لم يتمكن من الحدّ من التراجع الطبيعي للحقول المنتجة وإنما ساهم في التقليص منه، وتواصل تراجع الإنتاج الوطني ليصل معدل الإنتاج اليومي للنفط إلى 81 ألف برميل سنة 2009 وإلى 77 ألف برميل سنة 2010 و46 ألف سنة 2016 و33 ألف برميل مع موفى سنة 2020”[9]،  فيما عاد وارتفع إلى 40 ألف برميل سنة 2021 بدخول حقل “حلق المنزل” حيز الاستغلال.

 على مستوى الغاز الطبيعي، تبدو الأمور أفضل قليلا. فبالإضافة إلى حقل البرمة الذي بدأ نشاطه في 1972، اكتشفتْ تونس حقولا هامة في التسعينات (مسكار والفرانيق) والألفينيات ( صدربعل والشرقي ). وبلغ الإنتاج ذروته ب 8.6 مليون متر مكعّب سنة 2010. ليبدأ منذ ذلك التاريخ في التراجع إلى 5 مليون متر مكعّب سنة 2019 قبل أن يعود للارتفاع مجددا بعد دخول حقل نوارة حيّز الاستغلال في 2020 ليتجاوز الإنتاج الجملي 6 مليون متر مكعب[10] وربما يصل إلى 7 مليون متر مكعب في السنوات القادمة، إضافة إلى الكمية التي تتحصل عليها كإتاوة عبور على أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بإيطاليا (حوالي 6% من الكمية المنقولة).

زيادة إنتاج البترول والغاز النسبية في السنتين الأخيرتين ظرفية. فهي متأتية من الشروع في استغلال حقول صغيرة، ومهما كانت مردوديتها فهي لن تغطي حقيقة التراجع الكبير والنهائي لأغلب الحقول الكبيرة. وحتى إذا ما اسفرت عمليات تنقيب جديدة عن اكتشاف كميات إضافية، فهي ستكون هامشية ولن تعيدنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، قد تعوض ببضعة آلاف برميل يوميا لكن تزايد الاستهلاك من سنة إلى أخرى سيبتلعها.

ومع عدم استقرار الأسعار وإمكانية ارتفاعها بشكل كبير في وقت وجيز وقرب نضوب أكبر الحقول التونسية وحتى في العالم، فسيتوجب على تونس إيجاد بدائل في أقرب وقت. وهي الآن لديها ملفان أساسيان: الغاز الصخري -الخيار الأسهل والأقل تكلفة-والذي يتطلب نقاشا علميا ومجتمعيا حول مخاطره البيئية والجيولوجية، والطاقات المتجددة أساسا الرياح والشمس وهو الخيار الأسلم والأنجع على المدى الطويل على الرغم من الكلفة العالية للاستثمارات على المدى القصير.

وحسب أهداف المخطط الشمسي التونسي للفترة 2016-2030 فيجب على تونس بلوغ نسبة 12 % من إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة (شمس ورياح وكتل حيوية) بموفى سنة 2020، ونسبة 30 % مع نهاية المخطط. لكن الواقع يخالف الطموحات، فإلى حدود سنة 2021 لم تتجاوز نسبة مساهمة الطاقات البديلة 3% أي أنها ما زالت متأخرة كثيرا عن أهداف المرحلة الأولى جدا وبعيدة جدا عن الهدف النهائي. 


[1] Le tourisme tunisien en chiffres 2020, Office National du Tourisme Tunisien

[2]  الاطلاع على تقارير النشاط السنوي للديوان الوطني التونسي للسياحة بين سنوات 2010 و2021

[3] أرقام الديوان الحبوب

[4] أرقام المرصد الوطني للفلاحة http://www.onagri.nat.tn/uploads/balance/BCA-03-21%20Fr.pdf

[5]  دراسة بعنوان: في بناء التبعية الغذائية في تونس – الحبيب العايب – تونس – ديسمبر 2019

[6]  أسماء مأكولات شعبية محليّة تونسيّة

[7] Chebbi H.E., Pellissier J.P., Khechimi W., Rolland J.P., 2019. Rapport de synthèse sur l’agriculture en Tunisie. Rapport de recherche, CIHEAM-IAMM, 99 p., ffhal-02137636f.

[8]CEPI, 2018. Etude de positionnement stratégique de la branche « Pâtes alimentaires et couscous ». Etude de positionnement stratégique, Cahier du CEPI n°23, Centre d’Etudes et de Prospective Industrielles, Tunis

[9]  التقرير السنوي لاستكشاف وإنتاج المحروقات – الإدارة العامة للمحروقات – وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة – تونس 2019

[10] المصدر السابق

انشر المقال

متوفر من خلال:

قطاع خاص ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني