تفعيل الأوتوستراد الدائري لمدينة بيروت بعد 60 عاماً من التخطيط له؟

تفعيل الأوتوستراد الدائري لمدينة بيروت بعد 60 عاماً من التخطيط له؟
من موقع فليكر (ساندر زفارت) (CC BY-NC-SA 2.0)

يعدّ المرصد البرلماني في المفكرة القانونية تقريراً كاملاً عن أعمال المجلس النيابي والمبادرات النيابية لفترة 2019-2020. وقد باشرت المفكرة نشر أهمّ مواده تنبيهاً للرأي العام وبهدف إشراكه في صناعة القوانين أو التصدّي لما قد يشكّل إضراراً بالصالح العام. أعددنا هذه المقالة بالشراكة مع استديو أشغال عامّة وهي تتناول تفعيل مشروع الأوتوستراد الدائري لبيروت بعد ستّين عاماً من التخطيط له، وبطريقة تضرب الغاية المرجوّة منه وهي تخفيف الزحمة في بيروت، وتعديل قانون الاستملاك بشكل تبعي.

 

إعادة إحياء مشروع الأوتوستراد الدائري لمدينة بيروت

في مطلع العام 2019، اقترحت القوّات اللبنانية، عبر ثلاثة من نوّابها[1]، قانوناً[2] يرمي إلى تنفيذ الاستملاكات المتعلّقة بـأوتوستراد (خلدة – الضبيّة – العقيبة) وملحقاته وآخر[3] يرمي إلى تعديل بعض أحكام قانون الاستملاك. أُحيل الاقتراحان إلى لجنَتي المال والموازنة والأشغال العامّة ولم يُدرسا لغاية تاريخه. يهدف الاقتراحان إلى إحياء مشروع الأوتوستراد الدائريّ الذي سقط بمرور الزمن، عبر تسهيل تنفيذ استملاكاته التي كانت السبب الأوّل الذي حال دون إنجازه. فما هو إذاً الأوتوستراد الدائري؟

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تمّ استدعاء المهندس المعماري ميشال إيكوشار[4] لإعادة تنظيم مدينة بيروت الكبرى. كان الهدف الأوّل احتواء نموّ بيروت من خلال السماح بتنمية المناطق المحيطة. فقدّم مخطّطاً هيكلياً متكاملاً اقترح فيه إنشاء أقطاب مدينية عدّة تشكّل أبواباً لتوسّع كلّ المناطق حول بيروت وشبكة طرقات سريعة تربط بينها. كانت شبكة الطرق المقترحة هرميّة وتتألّف من طرق تربط أجزاء المدينة المختلفة بعضها ببعض، ومن أوتوستراد دائري يمتدّ من طبرجا إلى خلدة، يربط بيروت بالطرق السريعة التي تربط بين المدن الساحلية. كانت هذه الطرق تمرّ في مناطق نائيّة لتجنب إعادة استخدام الطرق الحالية التي من شأنها أن تعقّد حركة المرور. غير أنّ مخطط الاوتوستراد الدائري لم ينفذ.

مع نهاية الحرب الأهلية، كانت خطة النقل لبيروت جزءاً من مخطّطها التوجيهيّ (1986)، فكان من المهمّ تحسين وسائل النقل العام. واقتُرح مشروع الأوتوستراد الدائري، والأوتوستراد العربي، وشبكة ثانوية للطرق السريعة. وفي عام 1994-1995، تمّ تبنّي خطّة نقل جديدة على مدى 20 عاماً، أوصت بتطوير الطرق والمواقف وإشارات السير، وإنشاء شبكة مترو وخطوط ترام وشبكة حافلات للنقل العام في بيروت. وقد اعتبر تطوير النقل العام استكمالاً لشبكة الطرق الرئيسية، بما فيها الأوتوستراد الدائري. وزعمت الدولة حينها أنّ كلّ ما جاء في هذه الخطّة قيد التنفيذ أو سيتّم تنفيذه. ومع ذلك، لم يتّم تنفيذ أيّ عنصر من خطّة النقل العام. فقد تذرع رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري حينها بمقاومة ثقافة اللبنانيين لوسائل النقل العام. وبينما كانت خطّة النقل لا تزال قيد الدراسة، أطلقت إدارات عدّة، إجراءات مجتزأة شجّعت زيادة حركة السيارات الفردية وسيارات الأجرة والحافلات الصغيرة، على حساب خطّة شاملة للنقل العام.

وفي عام 2004، أوصت توجّهات الخطّة الشاملة لترتيب الأراضي بإيجاد شقّين لمشكلة الازدحام على المحور الساحلي: شقّ متعلّق بالمركبات الآلية وشقّ آخر يتعلّق بالنقل المشترك. يُنفّذ هذا الحلّ وفقاً لخطّة ثابتة على مراحل ثلاث[5]. وقد شملت المرحلة الأخيرة منها، تنفيذ جزئين من مشروع الأوتوستراد الدائري والـ A2.

يمتدّ هذا المشروع اليوم، وبحسب الدراسة الأخيرة التي قدّمت له، من خلدة مروراً بعاليه وبعبدا والمتن الشمالي وصولاً إلى ضبيّة، بطول 21 كلم. وهو مؤلّف من جسر علوي للسير السريع، وتحته مسار للنقل العام وإلى جانبيه طريق خدمة و14 محوّل طرق[6]. وتبلغ كلفته 1،602 مليار دولار (846 مليون للاستملاكات). أمّا شبكة الطرقات المرتبطة به، فتشمل تخطيطات لمداخل بيروت[7]. وفيما خصّ أوتوستراد ضبيّة – العقيبة (A2) الذي أُقرّ مرسوم[8] تخطيطه عام 2017، فيشكلّ الامتداد الشماليّ للأوتوستراد الدائري، بطول 18 كلم[9]. وتبلغ كلفته 1،240 مليار دولار (416 مليون للاستملاكات).

مخطط الاوتوستراد

 

أصدرت الدولة في تشرين الأول من العام 1966 المرسوم رقم 5821 الذي قضى باستملاك الأراضي التي وقعت ضمن تخطيط الأوتوستراد الدائري. لكنها، لم تستملك هذه العقارات ولم يُبنَ الأوتوستراد. فقد أجّل اندلاع الحرب اللبنانيّة كما وكلفة الاستملاكات المرتفعة، المشروع، قبل أن تغيّر حكومات ما بعد الحرب مساره، حيث تعدّل 7 مرّات[10]. في كانون الأوّل 2001[11]، اعتُبرَ هذا المشروع كأنّه لم يكن، في حين رفض مجلس الإنماء والإعمار إلغاءه. وفي عام 2006 عُدّل قانون الاستملاك، وبحسب المادتين 17 و18 منه[12]، أعطيت مهلة 5 سنوات لتنفيذ الاستملاكات وإلّا اعتبر مرسوم تصديق التخطيط كأنّه لم يكن. ومع انقضاء هذه الفترة من دون تنفيذ المشروع، بات المرسوم باطلاً حكماً، فقرّر مجلس الوزراء إزالة الإشارات عن العقارات المستهدفة بالتخطيط، إلّا أنّ هذا لم يحصل.

منذ ذلك الحين، جرت محاولات عدّة لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ هذا المشروع، باءت جميعها بالفشل. في عام 2012، وضعت لجنة الأشغال العامّة والنقل والطاقة والمياه، اقتراح قانون لإصدار سندات خزينة من أجل تنفيذ استملاكات الأوتوستراد. وفي عام 2016، أعاد مجلس الإنماء والإعمار تقديمه وفق اقتراح وشكل جديدين، بتوجيه من الحكومة، حيث قلّل عدد الاستملاكات وبالتالي كلفتها، مع المحافظة على الترابط بين المناطق. في عام 2017، قدّم النائب جوزف معلوف (القوّات اللبنانية) اقتراح قانون يهدف الى إيجاد حلّ عصريّ لمشكلة الكلفة العالية لاستملاك العقارات الواقعة ضمن حرم الأوتوستراد الدائري (خلدة– ضبيّة). وهو يرتكّز على تقسيم التعويض المستحق لأصحاب العقارات المستملكة إلى جزءين، الأوّل يدفع نقداً والثاني يكون بمثابة تعويض عيني يتمثّل بزيادة في عامل الاستثمار.

أمّا عام 2019، فقد شهد تطوّراتٍ عديدة متعلّقة بهذا المشروع. فعُقد اجتماع لإطلاق المرحلة التمهيدية لمشروع إنشاء طريق سريع برسم مرور بين خلدة ونهر إبراهيم، ما يُعرف بالأوتوستراد الدائري والـ A2. وقد أدرج هذا المشروع ضمن برنامج الاستثمار(CIP)، الذي قدّمه لبنان في مؤتمر سيدر. بذلك أصبح القطاع الخاص مدعواً لتمويل وتنفيذ الأعمال الإنشائية لهذا المشروع، من ثمّ صيانته لفترة معيّنة (BOT). فيما سيتعيّن على الدولة تغطية تكاليف الاستملاكات وتحديد رسوم المرور التي تُنصف الشركة بالحصول على مستحقّاتها واستثمارها من جهة، والمستخدمين من جهةٍ أخرى[13].

خلال العام نفسه، تمّ اقتراح القانونين المتعلقين باستملاكات الأوتوستراد الدائري والـ A2 وملحقاته. يهدف اقتراح القانون الأوّل إلى تقسيم التعويض المُستحقّ لأصحاب العقارات المستملكة المتعلّقة بـالأوتوستراد، إلى جزءٍ يتمّ دفعه نقداً (30%)، وآخر (70%) يجري تسديده على شكل أمتار بناء وهمية مترتّبة عن زيادة عوامل الاستثمار السطحي والعام، يمكن الاستفادة منها من قبل أصحاب العقارات المستملكة أنفسهم في العقار نفسه أو عقار آخر أو أكثر، غير مبني، يقع في المناطق المجاورة، أو عبر بيعها لعقارات أخرى مجاورة، ضمن شروطٍ معيّنة[14]، ممّا يخفّف من كلفة الاستملاكات. أمّا اقتراح القانون الثاني، فبجزءٍ منه، يعطي فرصة خمس سنوات للإدارة لتنفيذ استملاكات مراسيم التخطيط المصدقّة التي سقطت بمرور الزمن إذا كان المشروع المتعلّق بالمنفعة العامّة ما زال قائماً وإلّا يجري التعويض على أصحاب الحقوق أمام المحاكم المختصّة.

من هنا، نلمس إصرار قوى سياسية نافذة، وبخاصّة القوّات اللبنانية، على تسهيل تنفيذ هذا المشروع، وذلك رغم مرور أكثر من ستين عاماً على التخطيط له وعدم ملاءمته لما أضحت عليه مدينة بيروت اليوم، واكتظاظ محيطه بالسكّان، وتصغير المسارب وقدرتها على استيعاب حركة السير. ويتذرّع هؤلاء، بحسب الأسباب الموجبة، باتفاق الطرق الدولية في المشرق العربي الذي يؤكّد أهمية تسهيل حركة النقل البري على الطرق الدولية وأهمية تنفيذ أوتوستراد (خلدة – الضبيّة – العقيبة) كحلّ لأزمة السير الحالية والمستقبلية في بيروت الكبرى كما وبحماية حقوق المواطنين والمحافظة على المصلحة العليا.

تتعدّد الإشكاليات المتعلّقة باقتراح القانون الأوّل، فمنها ما يرتبط مباشرةً بمضمونه، ومنها ما يتعدّاه ليطال مشروع الأوتوستراد بحدّ ذاته. فيما يتعلّق بالشقّ الأوّل، إنّ زيادة عوامل الاستثمار في المناطق المجاورة للأوتوستراد، وما سيتبعها من تمركز لمراكز تجاريّة، سكنيّة ومراكز أعمال حوله، لن يخفّف زحمة السير بل سيفاقمها عكس الغاية التي وضع لأجلها. ما سيكبّد خزينة الدولة وبالتالي المجتمع، أكلافاً من دون جدوى. كما يساهم في خلق فوضى عمرانيّة تنتج عن الزيادة العشوائيّة في معدّلات الاستثمارات في المناطق التّي يمرّ فيها وتلك التي لم يطلها التمدّد العمراني بشكلٍ كبير بعد. إضافةً إلى ما يرافق ذلك من تشويه وضغط على البنى التحتية الموجودة، خصوصاً أنّه لا يأتي ضمن مخطّطٍ توجيهي عام. وأخيراً تسمح إمكانية بيع زيادة عوامل الاستثمار السطحي والعام لعقارات أخرى مجاورة للمتموّلين من الاستفادة من هذه الزيادة. وتساهم أيضاً في زيادة حركة المضاربة على أسعار الأراضي. كما تُطرح في هذا السياق، إشكالية شفافية التعويضات وعدالتها إن كانت ماديّة أو عينيّة.

فيما خصّ الأوتوستراد، كان مساره ملحوظاً في مناطق بعيدة عن الأماكن السكنيّة، إلّا أنّ تنامي المدن وازدياد الكثافة السكانيّة، جعلت هذه المناطق امتداداً للبلدات والمدن التي يفترض أن يمرّ فيها، وأصبحت جوانبه مُحاطة بالمناطق السكنيّة. يقدّر البعض أنّ عشرين ألف مواطن معرّض للتهجير في حال تنفيذ المشروع إذ إنّه سيضرب المناطق السكنية في العمروسية وفي ساحل المتن من المكلّس والدكوانة والبوشرية والجديدة والزلقا وجلّ الديب وإنطلياس والنقّاش وصولاً إلى الضبيّة، وسيُقسّم البلدات ويمنع التواصل بين السكّان ويشلّها اقتصادياً، إلى جانب التلوّث (البصريّ والسمعيّ) والأمراض التي سيسبّبها لقرب مسار السيارات من الوحدات السكنيّة. فهو ليس صالحاً على المستوى البيئيّ، لا يحترم أياً من المعايير البيئية ولم يمرّ أيضاً في لجنة البيئة. يهدّد امتداد الأوتوستراد شمالاً (A2) أيضاً مناطق حرجيّة مثل جبل حريصا ومناطق أخرى لم يطلها العمران حتّى الآن. إضافةً إلى ذلك لن يخفّف تعديل عرض الأوتوستراد من 70 متراً إلى 30 متراً، زحمة السير بل سيفاقمها. كما تبدو كلفة الأوتوستراد عالية جداً في حين أنّنا نواجه أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة. فالدولة لا تملك المال الكافي لتنفيذ هذا المشروع الذي يمكن الاستعاضة عنه بمشاريع أكثر حيوية.

من الملفت أيضاً، أنّ مشروع الأوتوستراد الذي يمتدّ من خلدة إلى ضبيّة يلقى معارضةً من نوّاب التيار الوطنيّ الحرّ خصوصاً النائب السابق نبيل نقولا، الذين يقترحون في المقابل مشروع الأوتوستراد البحري الذي يمرّ فوق البحر من الكرنتينا وصولاً إلى ضبيّة وتتفرّع منه مخارج إلى المدن الساحليّة. وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشروع “لينور”[15]. ويُلحظ أنّ كلّاً من التيار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية يتفقان على أهميّة الجزء الثاني للمشروع (من ضبيّة إلى العقيبة)، إذ اعتبرا إقرار مرسوم تخطيطه إنجازاً. في جميع الأحوال، تغيب عن أذهان هؤلاء مشاريع تطوير وسائل النقل المشترك، مع ما يتبعها من جدوى اقتصاديّة وآثار إيجابيّة في الحدّ من زحمة السير وهدر الوقت، والتقليل من نسبة التلوثّ، وذلك عوضاً عن استحداث طرق جديدة تؤدي إلى استقطاب المزيد من السيارات والزحمة وخسارة الوقت، والأضرار البيئية وحوادث السير، والأكلاف الكبيرة على الاقتصاد من استيراد كثيف للسيارات والوقود وثقل في ميزان العمليات الجارية يقدّر بنحو 4 مليارات دولار أميركي سنوياً. [16]

منذ نهاية الحرب الأهلية، ولربّما منذ الاستقلال، اتّبعت إجراءات وممارسات ممنهجة لضرب النقل العام، والاستعاضة عنه بتنفيذ الطرقات واستيراد السيارات الفرديّة. فبحسب التوزيع القطاعي لاستثمارات إعادة الإعمار، شكّلت البنى التحتية الأساسية من طرق، وطاقة واتصالات حتى عام 2004 ما يعادل 56% من النفقات[17]. وإذا نظرنا إلى سياسة النقل في لبنان، وغياب التخطيط والنقل العام، نرى أنّ استيراد السيارات أصبح حاجة حيث أنّ السيارة المستوردة أصبحت وسيلة النقل الأساسية لفئات المجتمع كلّها في ظلّ غياب النقل المشترك. فقد كانت هذه الإجراءات تعزّز منطق الزبائنيّة وذلك عبر التلزيمات التي كانت توّزع على الأحزاب أو من خلال تسهيل عملية استيراد السيارات عبر السياسة الجمركية المهندسة برمّتها لحماية الوكالات الحصرية التي تتمتّع بها شركات استيراد السيارات[18] التي كان أصحابها من أتباع الأحزاب أو من السياسيين أنفسهم، على حساب المواطن، ومن دون النظر إلى حاجات المجتمع الفعلية. فما زال النهج ذاته متّبعاً حتّى اليوم من خلال القوانين المقترحة لتسهيل مشاريع البنى التحتية الضخمة على شاكلة الأوتوستراد الدائري.

تعديل أحكام قانون الاستملاك … بالتبعيّة

لا بدّ أن نشير إلى أنّ الاقتراح الثاني يعمد إضافة إلى ما ذكر أعلاه إلى تعديل بعض أحكام قانون الاستملاك عبر ملء بعض الثغرات الموجودة فيه (المهل، التبليغات)، وتوضيح بعض الأحكام، وتبيان كيفية تنفيذ المراسيم، وإعطاء مهلة للجهات المعنيّة بالآثار لتحديد ما يجب المحافظة عليه منها، نظراً لقيمتها التاريخية والفنية.

وعن سياق هذا الاقتراح، مارست الدولة حق الاستملاك، بشكل مجتزأ، لغاية المنفعة العامّة. حيث كانت تصدر مراسيم التخطيط من دون أن يُستكمل تطبيقها. عام 2006، جاء تعديل قانون الاستملاك ليعالج الظلم اللاحق بأصحاب العقارات، وقد أعطى للإدارة مهلة محدّدة لتنفيذ الاستملاك ودفع التعويض تحت طائلة سقوط التخطيط. حالت الظروف التي مرّ بها لبنان دون تنفيذ الاستملاكات. فسقطت الكثير من مراسيم التخطيط القديمة. وهذا الأمر أدّى إلى حالات تستدعي المعالجة. قُدّم اقتراح تعديل بعض مواد القانون من أجل معالجة بعض الحالات الملحّة وإعطاء الإدارة فرصة أخيرة وإعطاء مهلة للجهات المعنيّة بالآثار لتحديد ما يجب المحافظة عليه، ومن جهة ثانية، منع بعض الأشخاص من استغلال قرارات وضع اليد وقبض تعويضات الاستملاك مرّتين وثلاثة.

وأهمّ أسباب الاقتراح الموجبة هي التالية:

– المادة 15 من الدستور اللبناني: لا يجوز أن يُنزع عن أحد ملكه إلّا لأسباب المنفعة العامّة وبعد تعويضه تعويضاً عادلاً. من غير الجائز تقييد الملكية الفردية لآجال غير محدّدة،

– تمكين الدولة من تحقيق المنفعة العامّة بخاصة مع وجود ظروف منعت تنفيذ الاستملاكات، الأمر الذي يُعرّض مراسيم التخطيط المصدّقة للترقين،

– استملاك بعض العقارات مهمّ لتحقيق مشاريع تهدف إلى خدمة عموم المواطنين،

– القوانين والمبادئ العامة للقانون تؤكّد على حماية حقوق الأفراد، في المقابل تُقدّم المصلحة العليا وتأمين سير المرفق العام،

– إعطاء الإدارة فرصة أخيرة للقيام باستملاك العقارات،

– وجود عدد من الثغرات التي تؤدّي إلى خسارة الدولة لحقوقها وإلى تكبّدها أموالاً من دون وجه حق، لذلك، لا بدّ من وضع النصوص التي تحفظ للدولة حقوقها وتؤمّن في المقابل الحقوق العائدة للأفراد.

  1. جورج عقيص، جوزف إسحق وزياد حواط.
  2. 19/3/2019
  3. 12/3/2019
  4. هو ضابط فرنسي، أتى إلى لبنان إبّان الحرب العالمية الثانية. وضع خلال فترة الانتداب الفرنسي مخطّطه الأوّل (1941-1944) لمدينة بيروت. في حينه، كانت اهتماماته الرئيسية تأمين تحرّكات الجيش الفرنسي. لذلك اهتمّت خطّته بشبكة الطرق كعمود فقري للمدينة.
  5. المرحلة الأولى: بداية ينبغي زيادة قدرة استيعاب الحركة على المحور الشمالي بين الكرنتينا وضبيّة. ويجب إنشاء طريق ساحلية جديدة مع استعادة كاملة لخط سكة الحديد القديمة واستخدامها لمرور باصات النقل المشترك في ممر مخصّص لها. بالنسبة للطرق، يجب إنشاء طريق جديد بحري باتجاهين (2×2) من كل جهة، وذلك على طول الخط الممتد من الكرنتينا وحتى إنطلياس. وبالنسبة للنقل المشترك، يجب وضع باصات في الخدمة تستوعب 50 راكباً وما فوق على خط سكة الحديد القديم بعد تأهيله كممر محمي مخصّص فقط لهذه الباصات من محاور انطلياس، جل الديب، الزلقا، الفنار، الخ، ومن ثمّ تصل إلى الخط المخصّص لها على الواجهة البحرية، ثم يتدنّى عدد المواقف (اثنين أو ثلاثة بين الضبيّة وبيروت)، ومن ثمّ تدخل بيروت عبر ممرّات مخصّصة لها.

    المرحلة الثانية: تكون قد بدأت إضافة أوتوستراد جديد بين نهر الكلب والمعاملتين، وفقاً لتخطيط يأخذ بعين الاعتبار صعوبة المرور في هذه المنطقة المبنيّة والمعرّضة لمشاكل بيئية. ولا يجوز أن يكون هناك تقاطع بين هذا الأوتوستراد الجديد والاوتوستراد القديم إلّا في منطقة الضبيّة من ناحية، والمعاملتين من ناحية ثانية. يجب أن تخصّص الطريق الجديدة للترانزيت فقط. وبالتوازي مع هذا التدبير فإنّ خط النقل المشترك يكون قد امتد على أساس مبدأ المرحلة الأولى، إلى شمال شرق العاصمة (جعيتا، شننعير،…) وإلى الضواحي الشرقية والجنوبية (الحازمية، عرمون، الدامور،…) كما أنّ ممرّات الباصات تكون قد تحسّنت في منطقة ضاحية بيروت الجنوبية (برج البراجنة، الغبيري، بيروت)، والضاحية الشرقية (سن الفيل، الدكوانة،…) وفي داخل بيروت.

    المرحلة الثالثة: يتمّ تحسين شبكة الطرق عبر تنفيذ جزئين من مشروع الأوتوستراد الدائري وA2 وهما، من ناحية، الجزء الممتد ما بين نهر الموت ونهر الكلب، ومن ناحية أخرى الجزء الواقع ما بين الحازمية وخلدة. مع وضع هذه المقاطع في الخدمة، تبدأ آنذاك إعادة تنظيم النقل المشترك بنقل الممر البحري على ممر يحتلّ “طريق طرابلس القديمة” في الضواحي الشمالية، و”طريق صيدا القديمة” في الضواحي الجنوبية، بينما تجري عملية إعادة تأهيل خط سكة الحديد بين مدينتي طرابلس وبيروت، وبين بيروت ومنطقة الزهراني، تمهيداً لوضعها في الخدمة كسكة حديد تؤمن انتقال المسافرين من مدينة إلى أخرى.

    وبعد عام 2030، يصبح بالإمكان التطلّع إلى مشاريع أخرى، مثل إكمال الوصلة بين الحازمية ونهر الموت، واستحداث وسائل نقل مشترك ضمن الضواحي وبيروت مثل مترو أو ترامواي.

  6. خلدة، بشامون-عرمون، حي السلّم، الشويفات، الجامعة اللبنانيّة، الكفاءات الحدث، الميكانيك، الحازمية، المكلّس، الدكوانة، نهر الموت، جل الديب، أنطلياس وضبيّة.
  7. وصلة الكرنتينا – جسر الباشا، أي الطريق الموازية لنهر بيروت (نفّذت عام 2000)، أوتوستراد طريق المطار – الحازمية (نفّذ عام 2000)، طريق الشويفات – حارة حريك – شاتيلا (نفّذ جزء منها)، وصلة كورنيش النهر – برج حمود – البوشريّة مع وصلة برج حمود – الأشرفيّة (غير منفّذة)، وصلة الحدث – طريق المطار (غير منفّذة).
  8. أقرّ مجلس الوزراء مرسوم تصديق أوتوستراد الضبيّه – العقيبة عام 2017 وإنشاء حق ارتفاق تحت سطح بعض العقارات لزوم تنفيذ أنفاق لـمرور الآليات، بموافقة: المجلس الأعلى للتنظيم المدني، مـجـلـس بلدية درعون ــ حريصا، مجلس بلدية البوار، مجلس بلدية عين الريحانة، ومجلس بلدية عينطورة؛ وعدم موافقة بلدية الضبيّةــ ذوق الخراب، مجلس بلدية زوق مصبح، مجلس بلدية جعيتا، مجلس بلدية غزير، مجلس بلدية شننعير، ورئيس بلدية أدما والدفنة؛ أمّا بلديات جونية، حارة صخر، والصفرا، وبطحا، وذوق مكايل، والعقيبة فلم تبدِ رأيها في المشروع ممّا يعتبر موافقة ضمنية منها.
  9. يتضمّن أنفاق بطول 8 كلم (أطولها نفق حريصا 2.8 كلم)، جسور بطول 5 كلم، طريق بطول 5 كلم و6 محوّلات في عوكر، ذوق مصبح، ساحل علما، غزير، الصفرا والبوار.
  10. أُعدّت ثلاث دراسات في “مجلس الإنماء والإعمار” حوله، بداية كان بعرض 70 م وعبارة عن خمسة مسارب، قبل أن يصبح بعرض يراوح بين 30-35 م.
  11. بعد مرور 35 سنة على المرسوم رقم 5821.
  12. صدر تحت باب أحكام انتقالية في القانون 8/12/2006 الذي عدّل القانون رقم 58 تاريخ 29/5/1991 (قانون الاستملاك) المواد التالية:

    المادة 17- تبقى مراسيم تصديق التخطيط النافذة بتاريخ نشر هذا القانون والتي لم يمض على تاريخ صدورها عشرون سنة سارية المفعول على أن لا تزيد مدة نفاذ أي منها عن خمس وعشرين سنة. وتبقى مراسيم تصديق التخطيط التي انقضى على صدورها أكثر من عشرين سنة سارية المفعول خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون. إذا انقضت هذه المهل ولم تقرّر الإدارة المعنية المباشرة في تنفيذ الاستملاك الناتج عن التخطيط، اعتبر مرسوم تصديق التخطيط كأنّه لم يكن وبدون أيّ مفعول ووجب على الإدارة المختصّة، بمبادرة منها أو بناء لطلب من صاحب العلاقة، أن تطلب من أمين السجل العقاري ترقين القيود الناتجة عنه.

    تستثنى مراسيم توسعة الطرق القائمة بحيث تمدّد المهل خمسة عشر سنة إضافية. يحقّ للإدارة في المراسيم المذكورة أعلاه، خلال خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون، وبعد موافقة مجلس الوزراء، أن تعمد إلى تنفيذ الأشغال موضوع التخطيط لقاء تسديد بدل أشغال إلى المالك وفقاً لأحكام المادة 35 من قانون الاستملاك المعدّلة بموجب هذا القانون. أمّا مراسيم تصديق التخطيط التي أدّت إلى ضمّ عقار أو أجزاء من عقارات الى الأملاك العمومية ولم تنفّذ الأشغال العائدة لها، فيحقّ للإدارة المستملكة، خلال مهلة سنة من تاريخ نشر هذا القانون، المباشرة في التنفيذ، وإلّا حقّ لمالك العقار أو لخلفائه العموميين طلب استرداد العقار خلال مهلة سنة من تاريخ انقضاء مهلة السنة المذكورة. وفي هذه الحال تحيل الإدارة المعنيّة الطلب إلى لجنة الاستملاك المختصّة التي تقوم بتحديد ثمن الاسترداد على أساس قيمة العقار المطلوب استرداده بتاريخ الطلب.

    المادة 18- في حال صدور مرسوم أو أكثر لتعديل تخطيط المشروع ذاته، يعتمد تاريخ مرسوم تصديق التخطيط الأوّل بالنسبة للمادتين الثالثة عشرة والسابعة عشرة من هذا القانون.

  13. Réunion préparatoire du projet d’autoroute Khaldé-Nahr Ibrahim, L’Orient le Jour, 16 janvier 2019
  14. لا يجوز، بأيّ حال، نقل الزيادة في عامل الاستثمار من العقارات المُستملكة إلى عقارات محدّدة في المرسوم الخاص بمقدار يزيد عن نسبة الـ 30% من مساحة الاستثمار العام الأساسي.
  15. مشروع طرحه كلّ من ميشال المرّ ونعمة طعمة في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، ووافق عليه مجلس الوزراء، وهو يقوم على ردم مساحات كبيرة من البحر، وبالتالي يؤدّي إلى استحداث عقارات جديدة قابلة للاستثمار.
  16. شربل نحاس في “اقتصاد ودولة للبنان”: النقل ليس عرضاً وطلباً بل “هيكلة للمجال”، الأخبار، الإثنين 15 شباط 2021.
  17. إيريك فرداي، غالب فاعور، سيباستيان فيلو، الفصل السابع: سياسات التنظيم وإعادة الإعمار، أطلس لبنان، 2012.
  18. السياسة الجمركية في وادٍ والمواطن في وادٍ آخر، النشرة، السبت 23 آذار 2019.
انشر المقال

متوفر من خلال:

بيئة ومدينة ، البرلمان ، سلطات إدارية ، الحق في السكن ، نقل عام ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني