بيان المفكرة القانونية في ذكرى 4 آب: التضامن مع الضحايا وأنفسنا وصولاً إلى العدالة


2022-08-04    |   

بيان المفكرة القانونية في ذكرى 4 آب: التضامن مع الضحايا وأنفسنا وصولاً إلى العدالة
الأهالي يرفعون في الذكرى الثانية لتفجير 4 آب نعوشاً رمزية عليها أسماء ضحاياهم

منذ حصول تفجير بيروت، كان رهاننا: هل ستكون هذه المرة غير كل مرة؟ هل سننجح هذه المرة في خرق جدار الإفلات من العقاب والخطوط الحمراء التي طالما فرضتها القوى السياسيّة لمنع المحاسبة في كلّ قضيّة تطال مسؤولاً أو شخصاً ذا نفوذ؟ هل سنتمكّن من الاستفادة من هذه الكارثة من أجل إصلاح مؤسساتنا القضائية ونظام العدالة ككل؟ وإذ سمحت الكارثة للرأي العام أن يتعرّف بالعين المجرّدة على أهم الإشكالات التي تعيق عمل العدالة، وفي مقدّمتها الحصانات الدستورية والقانونية والواقعية، فإنّنا نستقبل الذكرى الثانية بعد تجميد للتحقيق امتدّ أكثر من 7 أشهر وقلق كبير من احتمال ضياع العدالة مجدّداً بفعل انقضاض القوى المناوئة للتحقيق عليه. وما يزيد من خطورة المرحلة هو الحريق داخل مبنى الإهراءات والذي أدى حتى الآن إلى إسقاط أجزاء هامّة منه ومعها جزء من ذاكرة الجريمة والضحايا.  

تبعاً لذلك، يهمّنا التأكيد على الآتي:

  • إنّ ذاكرة تفجير المرفأ هي أولاً ذاكرة الضحايا واستدعاء لوجوب التضامن معهم ومع أنفسنا، بعدما تحوّل المجتمع اللبناني إلى مجتمع من الضحايا، بعضنا بفعل التفجير وبعضنا الآخر بفعل الإفقار والتهجير والإذلال، وكلّنا بفعل انهيار العدالة وسواد الإفلات من العقاب. فبخلاف ما فعلناه تبعاً للمآسي التي تعرّض لها لبنان من قبل وبخاصة بعد انتهاء الحرب اللبنانية، من المهم في هذه المرحلة المصيرية أن نغلّب ذاكرة الضحايا والتضامن معهم ومع أنفسنا كشعب، على أمجاد الزعامات التي ما فتئت تقسّمنا وتضعفنا وصولاً إلى تدمير الدولة.
  • ضرورة تثبيت مرجعية القضاء في ضمان العدالة للضحايا والحقيقة للمجتمع في جريمة تفجير المرفأ وفي مجمل القضايا الاجتماعية الكبرى، ومنها جرائم الفساد والنهب التي أفقرت المجتمع وأذلّت وهجرت أبناءه. هذه المرجعية لا يمكن تثبيتها اليوم إلّا بحراك مواطني واسع يدفع القوى السياسية إلى التوقف عن استخدام الوسائل والفنون المعهودة لفرض إرادتها على القضاء والتهرّب من قبضته، وفي مقدّمتها التذرّع بالحصانات وتحوير السلطة وتضليل الرأي العام، فضلاً عمّا شهدناه من عصبيات وعصبيات مضادة. فمع التسليم بضرورة تطوير القضاء في اتجاه ضمان استقلاليته، يبقى التأكيد على مرجعيته شرطاً أساسياً للوصول إلى العدالة. فأيّ قول معاكس، مهما كان حسن النية، إنما يؤدي إلى نتيجة واحدة: تغليب حكم القوّة على حكم العدالة، كلّ ذلك بمعزل عن الخير والشر وعن الحق والباطل. كما نذكّر أنّ حق الدفاع المشروع لا يشمل أبداً ممارسة حق الفيتو على العمل القضائي أو تعطيله، كما نشهد حالياً مع تعطيل تعيين أعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز بهدف تعطيل التحقيق برمّته. كما لا يشمل أبداً تكريس سوابق يمكن لأي ظالم أو نافذ استخدامها لمنع ملاحقته. كما لا يشمل أبداً عدم المثول أمام القضاء. 
  • في حين دار نقاش حول النصب التذكاري بعد التفجير، نسجّل أنّ هذا النقاش انحسم اليوم بعدما فرض مبنى الإهراءات الذي يحمل على جسمه آثار التفجير نفسه كنصب حيّ يشهد على الجريمة ويدعو إلى العدالة حتى إنجازها. وما يزيد من رمزية هذا النصب هو أننا ورثناه عن زمن كان هنالك من يسعى للتخطيط وبناء دولة وضمان الأمن الغذائي للمجتمع، فيما شهدنا تدميره تبعاً لعقود من التدمير الممنهج للدولة سادتها هيمنة المصالح الفئوية في موازاة لا مبالاة إزاء أي مصلحة عامة. بهذا المعنى، ندعو إلى المحافظة على الإهراءات لتكون رمزاً لتخليد، ليس فقط ذاكرة ضحايا تفجير مرفأ بيروت، بل لتخليد ذاكرتنا الجماعية كشعب ضحية في مواجهة نظام لم يعاقَب.
انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، سياسات عامة ، فئات مهمشة ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، عدالة انتقالية ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني