بورتريه جورج عدّة: مواقف ومخاطبات أمام شرايين تونس المفتوحة


2023-05-22    |   

بورتريه جورج عدّة: مواقف ومخاطبات أمام شرايين تونس المفتوحة

” إنّ المعركة التي خاض غمارها شعب الأبطال تجعلنا أمام مسؤولية هائلة حتّى لا نفرط في كفاح طويل، وتحتّم علينا أن نسلّم الأمانة طاهرة حتّى لا تغترّ الأجيال التي سترث الأرض من بعدنا فنسبّب لهم متاعب أشدّ من التي حمّلتنا إيّاها آباؤنا الذين استسلموا للمذلّة والخنوع”[1]                                                   

بعد وفاة جورج عدّة (1916-2008) حرصت ابنته ليلى وحفيدته مريم عدة الزغيدي على البقاء في البيت العائلي لقبول العزاء من وجوه المجتمع السياسي والمدني الذين قد يتأخرون لسبب أو لآخر. غادَر جسده إلى مربّع المفكّرين الأحرار بمقبرة “بُورجِلْ” [2] ولكنّ أطيافه الكثيرة لا تزال تنبض: شيوعي تقدمي، مناضل وطني، مدافع عن الحرّيات وخبير في السياسات الاجتماعية. كان يكتب في جريدة “الشعب” آخر كلّ سنة مقاله عن الأجر الأدنى ويحرص على مقارنته بمعدّل الأجور، كمن يقيس منسوب المياه في نهر يؤلمه أن ينضب ماؤه وأن لا تعمّ خيراته على الجميع. وكان أحد أبرز الذين أمّوا مجلس العزاء الباجي قايد السبسي، الدستوري العتيق، الذي كان حينها في سبات سياسي عميق سيستيقظ منه في 2011.

عن الزيارة تتحدّث مريم، حفيدة جورج عدة: “بدأ الباجي قايد السبسي بطرح مجموعة من الأسئلة كي يعرف إن كنت ابنة ليلى أو سارج (وهما ولديْ جورج). وعندما أجبته كان قد استخلص أنّني ” أنتمي” أيضا إلى صالح الزغيدي. كلّ هذا بحذر، وبرهافة وبسحر بالغ. ولم يلبث إلاّ أن حدّثني عن جدّي وعن الوشائج التي جمعته به وعمق الانطباع الجميل الذي يحفظه عنه. عن قوة شخصيته ووطنيته العالية. متذكّرا أثناء الحديث تأثّره عندما علِم أنّ هذا الأخير كتب رسالة إلى بن علي مستنكرا المآل الذي انتهى إليه بورقيبة. لم أعرف كيف أزجر نفسي وقلت له إنّه من المؤسف بأنّ هذه الحركة لم تبْدر من الدستوريين أنفسهم وكان يجب أن يقوم بها شيوعي غير بورقيبي. ببراعة ساحر نجح في الالتفاف على الموضوع.[3]

رجل قادم من بعيد

في الأيام التي أعقبت اغتيال الشهيد شكري بلعيد وما حدث من جنازة مُهيبة له، كنّا في قاعة درس ماجستير العلوم السياسية للأستاذ حمادي الرديسي. أذكر أنّه قال أنّ بلعيد، برغم أنّه أقلّي minoritaire فقد استقبله الرحم التونسي La matrice tunisienne   بكلّ يُسر وبشكل عفوي. لأنّه مجبول من طين تونسي خالص لا تخالطه الشوائب. بينما يلفظ وينبذ آخرين ربما يتوهّمون أنّهم أغلبية، ولكن لا وشائج تجمعهم به.

 ولكن ما هُو الرحم التونسي؟ نملك شتاتا من سردية وطنية لا تزال في ظلمات التاريخ العميق. ويبدو أنّ الصراع على الهوية الذي أعقَبَ الثورة لم يكن إلاّ تمرينا سطحيّا لم يذهب إلى نهاياته المنتظرة كما يليق بشعب دخل إلى التاريخ العالمي Welt Geschichte في ظلال الآخرين من فينيقيين ورومان وعرب. وربّما تتّضح هذه السردية وتبرز حقائق الروح المستتر، وكذلك غياهب الجراح الجمعية، حين نكون بمحضر أطياف مثل فرحات حشّاد أو الحبيب بورقيبة أو علي بن غذاهم أو محمد علي الحامي أو شكري بلعيد أو جورج عدّة. فلم يكن الرجل المهيب يملك غير جوهره البربري البعيد الواضح:

“جئت من بعيد. مرّ على البربر أجدادي، الفينيقيون، الرومان، الوندال، العرب، النورمنديون، الأتراك والفرنسيون، الذين استعمروا تباعا بلدي، الذي أصبح مستقلا منذ نصف قرن فقط. البعض من هؤلاء البربر اعتنقوا دين موسى وقاوم أبناؤهم اعتداءات المسيحيين، ثم اعتداءات جند عقبة ابن نافع، بالمحافظة على تقاليدهم (عادات، مطبخ، موسيقى) وتبنّوا العربية، التي أصبحت لغة الجميع. لذلك، تونس هي بلدي. والشعب التونسي هو شعبي. غير أنّ قناعاتي ليست قناعات أمّي وأبي. كل النساء وكل الرجال الذين يُثقل كاهلهم الحيف السياسي والاجتماعي هم شقيقاتي وأشقائي. من أجل تحرّر بلدي خَبرت سجون المستعمرين الفرنسيين، معسكرات الاعتقال والنفي القسري. واليوم يجب عليّ أن أبذل سندي إلى الشعب الفلسطيني الشهيد… [4].”

كان بإمكان الرّجل أن يصنع حياة وديعة بعيدا عن هذه الهموم ولكنّه اختار “متع النضال” حتّى تكون حياته “نافعة” على رأي الهاشمي الطرودي[5]. ولأنّه يملك أيضا خصلة طوّرَها الإنسان التونسي على هذه الأرض؛ الرفض الغريزي لكلّ أنواع الحيف والظلم والتعسف[6]. من هذا المطلق البعيد قَدِم جورج عدّة وفيه يُقيم ويسكن. لذلك كان منذورا لأن يكون دائما في موقع الأقلّي. الأقلّي صانع القيم والجواهر التي تصنع روح الجماعة. يقول عنه حفيده مراد الزغيدي: “كان من الذين لا يخافون أن يكونوا من الأقلية. وهي خصلة نادرة في طبيعة البشر وتدلّ على قوة شخصية كبيرة جدا”[7].

في هذا الرّحم وُلد جورج عدّة، في سيدي البحري[8] ولادة عسيرة. ولم يكن وحيدا فقد اختار توأمه ومُطلقه: “أستعيد باستمرار ذكرى ولادتي وأتمثل أمّي وهي تلدني بعسر. ذلك أنّها كانت تلد توأمين سيامييّن. من البديهي كان هناك أنا وكان هناك أيضا توأمي الصّنو: الحرية، حريتي في الوجود، في التعبير عن نفسي، وفي أن أتظاهر”.[9] 

حرْف السين

غريزته كإنسان كانت تدفع به إلى هذا المسار الذي صنعه لنفسه. ولم يكن يقدر إلا أن يكون فاتحَ ثنايا، جاذبا ومنجذبا لأرواح مثله تتشوّف إلى حرية تراها ممكنة دائما. بدءا من رفيقة دربه ڨلاديس، مرورا بسارج وليلى وصهره صالح الزغيدي. ووصولا إلى رفاقه في المسيرة العسيرة وهم قامات وهامات صَنَعت التاريخ الحديث لتونس.

 لم تكن ڨلاديس سوى شبيهة له جادت بها صدف الطريق الطويل الذي قطعه جورج إلى آخره. وعنها يقول مراد الزغيدي: “جدّتي كانت متزوّجة بأحد من أغنى أعيان مدينة قابس. طلّقته كي تعيش مع فقير معدم لم يكن يملك شيئا، مناضل شيوعي سُجن بسبب أفكاره. ڨلاديس شالوم مولودة عام 1931 في قابس تزوجت وعمرها 15 سنة برجل اسمه إدغار سعادة وبعد أن أنجبت خالي نوربرت انخرطت في الحزب الشيوعي. وعندما طلقت زوجها الأول في 1940 في قابس في وقت لم تكن المحاكم الشرعية تسمح بالطلاق إلا في حالات استثنائية وتزوجت من جدي قالت لها رفقاتها “الخُنّار هَاذَا الكُلّ!”.[10] ولكنها قلَبت الدنيا على حرف s. طلّقت سعادة وتزوجت عدة”. [11]

ويُضيف مراد قائلا: “عندما توفيّت ڨلاديس في 29 ديسمبر1995 كانت وجها معروفا. حضر كثيرون عند وفاتها وجاءنا وقتها صديق العائلة محمد علي بوليمان وزوجته وقال لجورج أن المصالح البلدية على ذمتك، إدفنها حيث تشاء في مقبرة بورجل التي يقتسم تربتها المسيحيون واليهود. فقال له ڨلاديس لم تكن مؤمنة وهي شيوعية في الدّم. ستفتح من أجلنا مربع المفكرين الأحرار. وهو مربّع كان موجودا ويبدو أن تاريخه يعود للأربعينات حين هرب إلى تونس أناس من كل الآفاق في زمن الحرب العالمية الثانية (من روسيا واليونان وإسبانيا) ولم يكن بينهم متدينون ورغبوا في دفنهم دفنا مدنيّا من دون طقوس دينية ومع الوقت أهمِل. في ذلك الوقت وفي زمن بن علي لم يكن جدّي يخاف من شيء وطلب أن تُدفن هناك وكانت أول شخص يتبرع بأعضائه في 1995. في جانفي 1996 تم فتح المربّع ودُفنت هناك. ثم دُفن فيه خالي سارج في 2004 وجورج في 2008 وأيضا أمي وآخرون مثل جلبار النقاش وجاك بيريز وسيمون ميمون زوجة جراد. يبلغ عدد دُفناء المربع الآن سبعة عشر[12]“. بقيَ جسد ڨلاديس زمنا على ذمة طلبة الطب قبل أن يدفن، في حركة نبل بالغ وبليغ ما بعد الموت.

علامات في المسار

 عن جورج يقول المؤرخ التونسي الحبيب الكزدغلي: “ينحدر جورج من وسط يهودي متديّن. وفي تلك الفترة التيارات التي كانت تجتذب اليهود هي التيارات الاندماجية التي تريد التماهي مع الفرنسيين باعتبارهم أمة تقدّمية تحترم الحقوق ومن الممكن التطور فيها (الثورة الفرنسية تغلّب المواطنة قبل الديانة). وكان هناك تيار بدأ بالظهور هو صهيوني بالمعنى السياسي يعتبر أن لا مستقبل لهم إلا في مكان واحد فحيث وُجدوا اضطهِدوا. وكان هناك التيار الشيوعي وأهميته تكمن في تصدّيه لهتلر الذي صعِد إلى السلطة في 1933 مشكّلا خطرا بالنسبة إلى العالم. لذلك انخرطَ جورج في الحزب الشيوعي لأن البعد الاجتماعي وكذلك البعد الوطني فيه غير مرتبطين بالدين. ينحدر جورج من عائلة دينية ولا يستطيع الذهاب إلى حزب ديني (الدستوري) لذلك انخرط في الحزب الشيوعي لأنّه ذو بُعْد تحرري وطني وعالمي.

كانت أول تجربة له في 3 ديسمبر 1935 حين قُبض على ستة شيوعيين وثمانية دستوريين، وكانت تلك أول محاكمة له. وثانيا عندما أطلق سراحه من السجن كان هناك قرار في 01 جوان 1936 بتحويل الحزب الشيوعي الذي كان فرعا من الحزب الشيوعي الفرنسي إلى حزب تونسي. وأصبح جورج مسؤولا عن الشبيبة الشيوعية ونائبا لعلي جراد رئيس الحزب في فترة الجبهة الشعبية في فرنسا التي كان شعارها يقضي بخفوت شعار الاستقلال أمام ضرورة إقامة جبهة عالمية معادية للفاشية. وكانت هناك فكرة أن الدول المستعمرة التي ستستقلّ ستجد نفسها تحت كلاكل القوة الألمانية. لذلك قُدّم النضال ضد الفاشية على النضال ضد الاستعمار. وهنا حدث الخلاف وغادر جورج البلاد التونسية في آخر 1937 وذهب إلى فرنسا لأنه كان يؤمن بضرورة تزامن النضالين معا. وهو خلاف وقع في كثير من الأحزاب، وكان سيذهب للمحاربة في إسبانيا مع الألوية العالمية ضد القوميين ولكن قُبض عليه وعند انتهاء الحرب أرجِعَ. في سبتمبر 1939 عندما بدأت الحرب العالمية الثانية، أصبح يُنظر للشيوعيين كخونة لأن ستالين أبرم اتفاقية عدم اعتداء متبادل مع ألمانيا كما تمّ تقسيم بولونيا بين ألمانيا والاتحاد السوفياتي. ووُضع القادة الشيوعيون المعروفون في تونس في محتشدات الإقامة الجبرية: علي جراد في مكثر، محمد جراد في قليبية، حسن السعدواي في قبلي، وقُبض على جورج ووُضع في الإقامة الجبرية بزغوان من 1940 الى 1943[13].”

وستتلو هذه المراحل في المسار السياسي لجورج عدّة مراحل أخرى. يضيف الحبيب الكزدغلي في حديثه للمفكّرة القانونية قائلا: “بعد الحرب سيصبح من العناصر القيادية. من 1943 الى 1954 سيُصبح من أبرز الشخصيات في الحزب والمسؤول عن جهة تونس وعن جريدة مستقبل تونس. وفي عام 1953 سيُسجن من جديد وهنا عرف كثيرا من الدساترة النقابيين منهم أحمد التليلي. وكانت الفكرة في تلك الفترة هي الانخراط الكامل في الحركة الوطنية ورفض فكرة هجرة اليهود التونسيين إلى إسرائيل حالما تكوّنت. وكان يمثل التيار الذي ساهم في تأصيل الحزب الشيوعي في البعد الوطني.”[14]

لقد مات السعدواي.. لقد مات السعدواي…

يتذكّر صديق العائلة المنصف بن سليمان أنّ جورج حين يزور أمّه كان يتحدّث معها بالعربية. كما يتذكّر مشهد جورج حين اقتحم غرفة نوم سليمان بن سليمان باكيا ومردّدا لقد مات السعدواي. لقد مات السعدواي. وهو حدثٌ أبكى أيضا بن سليمان الذي كان يعزّ بدمعه في الملمّات [15]. خلف الرجل الذي كان مهووسا بالنظافة وله طقوسه في الاحتفاء بغليونه، وفي طريقة ٌشعاله والإمساك به[16]، وخلف الملامح التي تشفّ منها كاريزما الدواخل والسرائر: الطّيبة والصلابة والقدرة على “الاستماع إلى العالم ورجع صدى الأحداث[17]“. ثمّة شيء ما إنساني، مُفرط في إنسانيته. ملامح وجه بربري قديم، دواخل وسرائر جُبلت من وشائج قديمة لرجل قادم من بعيد يكتُم الألم، مثل ألم فقدان رفيقه حسن السّعدواي في ظروف مشبوهة بعد التحقيق معه في وزارة الداخلية.  يقول الحبيب الكزدغلي: “السعدواي مات في 12 فيفري 1963، بعد شهر من حظر الحزب الشيوعي في ظروف غامضة لم تتضح بعْد. أخذوه من البيت وقدّموا رواية أنه مات في الطريق. حظر الحزب اقترن بموت شخصية في نفس مستوى فرحات حشاد لأنه كان رئيس الكنفدرالية العامة للشغل (س ج ت) وحشاد رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل[18]“.

ربّما استعاد جورج المسيرة العسيرة نحو الاستقلال والخيبات، كما النجاحات التي أعقبته. عاش السجن والإبعاد والمنفى. وكان في نفس الزنزانة مع الحبيب بورقيبة وكان هناك نوع من التواطؤ الجميل. سيخرج بورقيبة ورقته البيضاء مع الأمريكان. وحين يفشل سيخرج جورج ورفاقه الورقة الحمراء[19]. الاقتراب من الدساترة والحلف الضروري معهم دَفع بروبار دلوش المسؤول في الحزب الشيوعي الفرنسي ومبعوث الأممية الشيوعية لكتابة تقرير عن الحالة التونسية في أفريل 1938، وصف فيها جورج بالعنصر السيّء الذي لا يمكن ترويضه وبالتالي ضرورة إبعاده من صفوف الحزب [20]. عاشَ جورج الاستقلال الذي كان يحدس بوقوعه قبل موعده المعلن حين عاد الزعيم من منفاه في جوان 1955 عقب التوقيع على معاهدة الاستقلال الداخلي.[21] وكان من الجموع التي استقبلته. وأدرك من زخم المشاعر والآمال أن بورقيبة هو رجل تونس.[22] ولكنّه سيشعر بمرارة بالغة حين سيحظر بورقيبة نشاط الحزب الشيوعي ويتحوّل إلى صورة مشوّهة ممّا كان يعِد به.

تأييد بورقيبة في الضمان الاجتماعي

يقول محمود بن رمضان الأستاذ الجامعي ووزير الشؤون الاجتماعية السابق الذي تجمعه بجورج علاقة مهنية وشخصية منذ 1974: “عندما تكون بمحضر جورج تكون بمحضر صورة حية عن تاريخ تونس منذ الثلاثينات. لأنّه عاشَ كل هذه المراحل ونظرته نظرة حية قريبة من الواقع ولم يسقط في القوالب التي سقط فيها الشيوعيون والدستوريون. لمَ هو كذلك؟ أظنّ لأنه من عائلة شعبية ولم يقطع صلته بالناس. أصله فقير وكوَّن نفسه بنفسه وكان يحبّ الشعب. وبسبب هذا الحبّ أصبح يقرأ ويفكّر. جاء للعلم والتفكير بعلاقة متينة بالشعب (الحركة العمالية) على عكسنا نحن القادمون من فوق. وبقي على نفس النهج؛ مواصلة التفكير حتّى أنّه يعتبر المعرفة “مظهرا لنضالية مطلقة”L’expression d’un militantisme absolu “[23]. مثقف كبير يعرف كيف يقدّم الأشياء وله رؤية عامة، لها عمق تاريخي ومدخل سياسي. شجاع وقام بتضحيات ووهَبَ حياته لما كان يؤمن به[24]“.

 ويضيف بن رمضان قائلا “سمَحَ لي جورج بأن أغيّر نظرتي لبورقيبة وبأن أرى ما كنت أعتبره بروباغندا كواقع. إذ كان يمتلك القدرة على جعلك مرتاحا في أفكارك وأن تتأكد أنّ ما كنت تحمله هو حقيقي. بالنسبة له أكبر مكسب في تونس هو الضمان الاجتماعي. وهو من أقوى السياسات الاجتماعية في العالم الثالث. قال لي جورج: لقد كنت عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، نحن نقديّون والحزب المقابل حزب بورجزازي. ولكن بالعكس الإصلاحات التي جاء بها بورقيبة لم نكن نجرؤ على القيام بعُشرها. من بينها الضمان الاجتماعي الذي قرّر بورقيبة تأسيسه في 1960 (أسّس في فرنسا في 1945). قال لي: كنت أمشي في الشارع وقابلت أحمد التليلي الذي كان معي في السجن. قلت له الآن سنؤسس للضمان الاجتماعي والناس جوعى يلبسون “الشكاير”[25] ولهم مداخيل ضئيلة جدا ولا قدرة لهم على المساهمة. فردّ عليه التليلي أنا مثلك حائر فقلت له: هل قابلت بورقيبة، فردّ بالقول أنّه قابل بورقيبة وسأله ما الأمر سيدى الرئيس فصاح في وجهه: الشعب الشعب. قال له جورج: ماذا فعلت؟ ردّ التليلي: طأطأت رأسي”.

يسكت بن رمضان وهو يستجمع ذكرياته مع جورج عدّة، ثمّ يُواصل حديثه قائلا “تونس بلد ومجتمع عصريان يقومان على التضامن الحديث لا العطايا. تضامن خفي يقوم على ميكانزمات جديدة. والضمان الاجتماعي هو الذي جاء بهذا الشكل الذي جَعل من تونس فريدة في محيطها العربي. وحين طلب مقابلة بن علي في أمره استقبله محمد جغام رئيس الديوان الرئاسي. قال له كل من يطلب مقابلة بورقيبة نرخّص له في ذلك. فردّ عليه جورج أنت ترى أنّ بورقيبة ليس حرّا وكلّ من يطلب مقابلته يجب أن يطلب الترخيص. وهو أحسن دليل على أنّه سجين. جورج وجه فريد واستثنائي في تاريخ تونس. شيوعي له خطّ وطني نقدي نسج علاقة جيّدة بالدستوريين. في علاقته المفتوحة، كسر جورج الجسور وكان على حقّ لأنّها اصطناعية. كانوا يحبّونه في حزب الدستور ويحترمونه لأنّه شجاع ووطني. في 2004 وحين اجتمعنا في المبادرة الديمقراطية كان له مساهمة كبيرة فيها رغم كبر سنّه. وكان يمدّنا بملاحظات قيّمة من الناحية التنظيمية والفكرية. من جاء بأكثر أموال هو جورج. ولم يكن يصرّح باسم الواهبين وهم بصفة عامة للمفارقة من الدساترة[26]“.

الموقف من القضية الفلسطينية

من البحر سيأتي الفلسطينيون بعد حصار بيروت في 1982. وستسكُن السلطة الفلسطينية قريبا من بيته. ممّا سيجعل الأواصر تقوى بينهم وبينه وكذلك الحال مع ابنه سرج عدّة. يقول حفيده مراد الزغيدي: “موقفه من القضية الفلسطينية كان موقفا متميّزا وتمّ استغلاله نوعا ما من طرف بعض المجموعات السياسيّة العنصرية التي هي ضد اليهودية وضد السامية. أنا يقلقني ما قاموا به من تأليه ومن توظيف. الفكرة التي دافع عنها بشراسة كبيرة والتي تقول، وأنا هنا أكنّ له اعجابا كبيرا، أنّ اسرائيل هي أكذوبة تاريخية كبرى، بَناها بالقراءة التاريخية واطلع على عدد كبير من الكتب. جورج بَنَى توجّهه وأفكاره وخطابه ونضاله في هذه القضية من خلال قدرة رهيبة على الاطلاع وعلى ضرورة امتلاك الزاد التاريخي وقراءة مراجع عديدة وعديدة جدا. وأنا هنا أفتخر بهذه العقلانية وهذا التواضع العلمي. فهو لا يبني فكرة إلا بعد القراءة. هذا على مستوى الشكل. وفي الأصل كانت له قناعة أن مكان اليهود في مكان نشأتهم وأعتبرها فكرة تُنبهُنا لما فقدته مجتمعاتنا العربية من نُور مهم، نور مضيء، أي ذلك التعدّد والألوان والاختلاف الذي كان مصدرا للثراء.

جدّتي أم ڨلاديس مولودة في قابس. أمّها وأبَوها من أصول إيطالية جاؤوا إلى تونس من ليفورنو هربًا من المجاعات. جورج له من جهة أبيه أصول أندلسية إذ كانت عائلته تنحدر من المورسكيين الذين هربوا من محاكم التفتيش في القرن الخامس. وهي معلومة تحتاج إلى التدقيق. من جهة أمّه هناك “عِرْق” بربري قديم. لماذا كان يتمسك بقناعة أنه بربري وقع تهويده؟ لأنّه كان يرغب في كسر الإيديولوجيا الصهيونية التي تقول أنّ اليهود هم يهود ولا يصبحون كذلك. لأنّ الشعب المختار المذكور في التوراة هو شعب مختار منذ الأزل. لذلك لا تدعو اليهودية -وهنا تكمن خصوصيتها- إلى نشر ديانتها. معتبرة أن هناك شعبا مختارًا وهناك أغيار. وجورج كان يستند إلى هذا الدليل إلى جانب أدلة أخرى لبناء موقفه [27]“.

على نفس الإيقاع الحميمي يستطرد مراد في الحديث قائلا: “كان يقرأ كتبا في السياسة والتاريخ وتاريخ الأديان وفي الميدان الذي ترك فيه بصمته؛ أي التأمين الاجتماعي. كان يقول بشيء من الشاعرية: سردية الدولة العبرية الصهيونية خاطئة تاريخيا لأن هناك شعوبا أصبحت يهودية ولم تكن كذلك منذ البدء. فالخرز شعب من شرق آسيا شفى طبيب يهودي من الموت أميره فهوّد شعبه قسرا ومن هناك انتشرت اليهودية. جزء كبير أيضا من البربر في قرون ما قبل الإسلام وفي أوائله صاروا يهودا. إذا السردية أو الفكرة المؤسسة للفكر الصهيوني أي أن الشعب اليهودي يجب أن يجتمع في أرض الميعاد هي فكرة خاطئة تاريخيا. موقفه هذا أصبح رائجا جدّا في التسعينات وفي بداية الألفية الثانية وأصبح يتم استدعاؤه في ملتقيات وندوات ومحاضرات في فرنسا وإيطاليا وإنكلترا [28]“.

يرى محمود بن رمضان أنّ جورج “أكتافه ثقال لأنّ هناك شعبا محتلا من أغلبية يهودية[29]“. وهو يطلّ متلمّسا الشريان المفتوح لهذا الجرح الجماعي الذي نسكت عنه جميعا كما هي الحال مع جراحنا الألفيّة الأخرى مخافة الاقتراب من جَمر يُشبّه إلينا أنّه حارق. نحن “الأمّة” التي لا تدري أنّ بقدرة النار أيضا أن تهبنا الدفْء وأقباس النور. كان جورج يذهب دائما إلى عمق الإشكالات والأسئلة منذ البدايات. نظرته العقلانية للدين والتي ستنضج بالقراءات بدأت معه منذ مطلع الشباب. عن ذلك يتحدّث حفيده مراد: “جورج كان يتيم الأب وربّته أم متدينة جدّا. وهو في عمر السادسة عشرة وحتى أقل لنقل بين 1931 و1933 كوّن مع مجموعة من المسيحيين والمسلمين la ligue antireligieuse (الرابطة اللاّدينية). من الأول كانت له قيمه. لا ديني في قناعاته. ولكن في تصرّفاته كان يُشارك الجميع أفراحهم وأعيادهم. فقد كان على المستوى الأيديولوجي يعتبر في شبابه أنه من ضمن المعارك الضرورية إخراج الظاهرة الدينية من الواقع السياسي. كان يطالب بالفصل بين الأديان والدولة منذ شبابه. وهي من الأشياء التي آلمت أمّه التي توفيت عن عمر 103 سنة. كان هناك تباين كبير بينهما. كانت تريد الاحتفال بالأعياد اليهودية ولكن ابنها لم يكن يستجيب. عاشت معزولة نوعا ما عن وسطها. وحتى جدّي عَزلها، وأنا أتذكر أنه أخرجها من بيتها وأسكنها معه وقام بواجبه معها أمام الله. ولكنه كان شيئا ما دكتاتوريا مع أمّه في المسألة الدينية. من النقاط المهمة أنّه كان نسبيّا معزولا من الجالية اليهودية حتى مع عائلته. كانوا ينظرون إليه على أساس أنّه خارج عن السرب تماما [30]“.

رجل القناعات والتغييرات والمراجعات

يضيف مراد في نوع من الخلاصة: “جورج عدة كان في نفس الوقت رجل القناعات والتغييرات والمراجعات. وأستطيع أن أحكي لك: هذه ذكريات عائلية شخصية. والدتي ليلى وخالي سرج الذين كانا توأمين حدّثاني أنّه كان في المنزل بورتريه لستالين. في هذه كان رجل قناعات ولم يكن ينكرها واعتبر نفسه شيوعيا إلى مرحلة متقدمة من عمره. ولكنه أيضا كان ذلك الرّجل الذي خرجَ لوحده في يوم ممطر من العام 1989 في بلد لم يكن يسمح بالتظاهر وذهب أمام سفارة الصين ليعبّر عن استيائه ممّا صار في ساحة تيامان حين قمع النظام الصيني بالرصاص الحركة الطلابية. الجميع يذكر الصورة المعروفة عن الطالب الذي أوقف دبابة. كانت هناك مجزرة. وقتها الحركة التقدمية لم تعتبرها شيئا مهمّا. والحركة اليسارية الشيوعية كانت موالية للصين. جورج كانت له قناعة بالحريات. وفي كتاباته كان قد أحدث شرخا في وقت من الأوقات مع الشيوعيين الأرثوذكس حين اعتبر أنّ مسألة الحريات والتعددية الحزبية هي مسألة مركزية وجوهرية. فمن كان تقدميا لا يمكن أن يكون ستالينيا إلى درجة إنكار هذه القضايا. لماذا أقول هذا؟ لأنّ نضاله ضد الاستعمار الفرنسي وسجنه وتعذيبه وهروبه للجزائر كان يعطيه من المشروعية لأن لا يكون دوغمائيا. قلبه طيّب جدّا ولكنّه إنسان صلب. كان يستمع إلى العالم ورجع صدى الأحداث وكان رغم صلابته وافتقاده للين أحيانا. إلاّ أنّه كان إنسانا قادرا على مراجعات لم يقم بها من كان أصغر منه عمرا وأكثر شبابا. أقصد حزب العمال الذي كان إلى آخر لحظة يساند النظام الألباني الذي كان يقتل الناس[31]“.

ويقدّم مراد تفسيره لهذه الخصلة التي يمتلكها جدّه قائلا: “هذه القدرة على المراجعة نوعا ما تعود إلى العلاقات التاريخية بين دار عدة ودار “ماماتي” (جدتي) شلوم ذات الأصول الإيطالية. كان جورج متأثّرا بالخطّ الإصلاحي للحزب الشيوعي الإيطالي، الحزب الشيوعي الأهم في أوروبا. إنّ تاريخ بناء الحركة الشيوعية بتونس كان مرتبطا عضويا بالشيوعيين الإيطاليين الذين هربوا من النظام الفاشي في زمن الحرب العالمية الثانية وبالشيوعيين أبناء المهاجرين الذين قَدِموا إلى تونس على عدة موجات، بدءا من 1890 وانتهاء ب 1920. طبعا العلاقة خاصة مع الشيوعيين الإيطاليين لأنك ترى في الشيوعيين الفرنسيين المستعمر والعلاقة معهم بها دائما نوع من الشبهات. الحزب الشيوعي الإيطالي أخذ نوعاً من المسافة مع فكرة المركزية الديمقراطية ورفض التعددية الحزبية التي تبنّاها بريجنيف وفكرة نبذ الحريات مع ستالين. لا ننسى ما حدث في الڨولاڨ وسجن مئات الملايين. وهي مسألة مهمة جدا تُحدِث نوعا من التشويش لدى كل من هو تقدّمي وينادي بالتوزيع العادل للثروات والعدل والحريات. في الصين وفي روسيا الأنظمة كانت دموية. وهذا إشكال نظري ايديولوجي وجورج قام بمراجعات في وقت على العموم مبكّرا: من أواسط أو أواخر الستينات[32]“.

الكتابة بالفحم على الجدران

مفاتيح سيرة الرجل كثيرة. فحيثما ثمّة فكرة عظيمة جليلة؛ الرفض الفطري للظلم، الحرية، العدالة الاجتماعية، تجد جورج. “لم يكن مجرد سائح في الحياة [33] مثلما قال عنه محمود بن رمضان. فقد كان صانع جواهر ومعاني كبرى. حَدث ذلك وفرَّق جورج نفسه في أجساد كثيرة، في السجون والمنافي وفي ساحات النضال وفي صومعات المعرفة: علي جراد، محمد جراد، بول صبّاغ، جماعة جبهة التحرير الجزائرية، حسن السعدواي، سليمان بن سليمان، لوران غاسبار. ومفكرين أحرار آخرين من العالم بَنى معهم في بال بسويسرا رؤية تنتصر للحق الفلسطيني ردّا على الرمزية الصهيونية وسرديتها، وشيوعيون تقدميون ونقابيون آخرين…

لا يمكن تخيّل سيرة ممكنة لرجل شبيه وصنْو لجورج عدّة خارج بلد مثل تونس. هذا البلد الذي جَرحه وداعبه هواؤه، وهو يتنفسّه عميقا على شاطئ الفيلا التي اكتراها في حمام الشط للاصطياف. ويتذكّر المنصف بن سليمان أنّه كان يلتقي هناك أعضاء من جبهة التحرير الجزائرية ومن بينهم صحفي فرنسي مناصر لاستقلال الجزائر بينما كان ينظر إلى البحر[34]. وهو يقطع الحدود ذاهبا إلى الجزائر أو عائدا من فرنسا بعد أن قُبض عليه في محاولته للالتحاق بالألوية الحمراء في محاربة القوميين في إسبانيا. وهو يقود سيّارته ذاهبا لحضور اجتماع نقابي أو إلى زغوان لحضور سيمنارات مؤسسة التميمي. وهو يتجوّل طفلا في سيدي البحري بكلّ صخبه وروائحه. وهو في سجون الاحتلال الفرنسي يردّد النشيد الوطني مع مساجين مثله امتلأت حناجرهم بعنفوان الحياة. وهم يطلّون في الرواق على مشهد اقتياد علي بن طراد وصاحبيه إلى حبل المشنقة، حتّى أنّ الجدران زُلزلت. كم من مواقف؟ كم من مخاطبات؟

تُواصل مريم عدّة الزغيدي رواية لقائها مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي: “أتذّكر أنّه لبرهة، كنت أجهد في التركيز على ما كان يرويه الباجي قايد السبسي لي. فطنت إلى أنّني لم أقترح شيئا على ضيفي وقمت عن مقعدي وسألته مضطربة إذا ما كان يرغب في شيء ما. طلب منّي الرجل الشيخ أن أجلس كي يخبرني بما لا أعرفه عن جدّي: “عندما كان جورج في السجن، طلب منه أحد المحكوم عليهم بالإعدام، وكان أميّا بالكامل، أن يعلّمه الفرنسية وكان مقتنعا أنّه بحفظ المنجد غيْبا سيبلغ مراده. حاول جدّك إقناعه بأنّها ليست الطريقة المثلى. ولمّا كانت تلك إحدى رغباته الأخيرة اتفق جورج مع جدّتك ڨلاديس كي تجيئه بمنجد. حُمل المنجد ولكن دروس الفرنسية كانت تقام بحسب رؤية جورج بالفحم على جدران السجن. ومع ذلك حفظ محمد المنجد غيْبا متّبعا الحروف الأبجدية.

عندما أنهى هذه القصّة غرقت عيون الباجي قايد السبسي في فيض من الدموع. طلبت منه السّماح للمغادرة بضع لحظات وعدت مع علبة بلاستيك قديمة شفّافة حفظ فيها جدّي بعناية المنجد الذي كانت تلفّه صورة بطاقة هوية محمد. قال الباجي متعجبا:

  • تعرفين القصة؟
  • نعم حفظتها بكل تفاصيلها بقلبي مثل المنجد. لأنّني سمعتها كثيرا مرويّةً ألف مرة من جديد بنفس الحشرجة في الحلق التي أمسكت بك الآن. وللعلم لم يكن محمد يرغب في تحفظ الفرنسية رغبة فيها. محمد قال لجدّي أنّه يرغب في يوم إعدامه أن يكون بمستطاعه فهم كلّ كلمة فرنسية ينطق بها العدو قبل أن يُقتل.
  • أنا متأثّر جدّا برؤية هذه الصورة لأنّني ومنذ إعدامه لم أر هذا الوجه. لم أكن أعرف أنّ جورج يمتلكها.

-ثم لفّنا الصمت طوال ثوان ثقال…[35]“.

هناك، في مربّع المفكرين الأحرار في أبديّته التونسيّة لا يزال جورج عدّة يتحدّث عنّا وإلينا. كي نُمسك بقوة الجواهر التي تصنع الإنسان وكي نُطلّ على شرايين تونس المفتوحة. [1] 

      لقراءة المؤلف الجماعي كاملا وتحميله، اضغط هنا


[1] من افتتاحيّة العدد الأول من نشرية ” النكتة “(جانفي 1954) ، نشرية سياسية انتقادية جامعة ، كان يحرّرها جورج ورفاقه في السجن المدني بتونس ، ثمنها خمس سجائر. يُراجع مقال :Leila Adda. *Ennokta* un journal a la prison civile de tunis pavillon « H », cellule 4. Rawafid numero 2/1996

[2]   Habib Kazdaghli . L’Histoire mouvementée du carré «libres penseurs» du cimetière municipal de Tunis.Leaders.  02.01.2021.

[3]  مريم عدّة الزغيدي، بوست على موقع فايس بوك (ترجمناها من الفرنسية) منشورة بتاريخ 28 جويلية 2019.

[4] Georges Adda. Israël : le péché originel.  Jeune Afrique. 16 octobre 2006. Lien:  https://www.jeuneafrique.com/99579/archives-thematique/isra-l-le-p-ch-originel/

[5]  الهاشمي الطرودي. كتاب الأحياء. دار محمد علي للنشر.2013. مقال الزيارة الأخيرةص59-71.

[6]  انظر مثلا: جعفر ماجد. ثوار افريقية: أعلام المقاومة بتونس في العصور الاسلامية. منشورات رحاب المعرفة.1997.

[7]  من مقابلة أجرتها المفكرة القانونية مع مراد الزغيدي، حفيد جورج عدة بتاريخ 12/09/2022 بقرطاج درمش.

[8] حي شعبي وسط العاصمة التونسية

[9] GEROGES  ADDA. MILITANT TUNESIEN. Présentation : Fathi ben haj yahia et Hichem abdessamed.Nirvana.2016.p 5.

[10]  مصطلح مستخدم في العامية التونسية. ويستخدم في العديد من سياقات القول للإشارة إلى “النّزق” أو “الدهاء” أو “الفضيحة”…

[11]  من مقابلة المفكّرة القانونية مع مراد الزغيدي.

[12]  المرجع نفسه.

[13]  من مقابلة أجرتها المفكرة القانونية مع الحبيب الكزدغلي بتاريخ 24/09/2022 بضاحية المرسى.

[14]  المرجع نفسه.

[15]  من مقابلة أجرتها المفكرة القانونية مع المنصف بن سليمان بتاريخ 27/09/2022 بضاحية المرسى.

[16]  المرجع نفسه.

[17]  مراد الزغيدي، من المقابلة مع المفكّرة القانونية.

[18]   الحبيب الكزدغلي. من المقابلة مع المفكّرة القانونية.

[19]  ” جورج عّدة وبورقيبة أو سباق المسافات الطويلة “، ضمن المؤلف الجماعي: جورج عدّة مناضل تونسي. نرفانا.2016. ص: 18.

[20] GEORGE ADDA.MILITANT TUNESIEN.p 25-26.

[21] George Adda.Le jour de l’indépendance était le 1er juin 1955. Entretien conduit par Noura BORSALI. Publié dans « Réalités » du 06 au 12 avril 2006.

[22] Ibid.

[23] Georges Adda. Paul Sebag combattant de la liberté et du savoir. Vendredi 10 mars 2006 .

[24]  من مقابلة أجرتها المفكّرة القانونية مع محمود بن رمضان بتاريخ 03/01/2022 بمكتبه ببيت الحكمة بقرطاج.

[25]  المصطلح يعود للعامية التونسية والمقصود به أكياس الحنطة.

[26]  نفسه.

[27]  مراد الزغيدي. من المقابلة مع المفكرة القانوينة.

[28]  المرجع نفسه.

[29]  محمود بن رمضان. من المقابلة مع المفكّرة القانونية.

[30]  مراد الزغيدي. من المقابلة مع المفكرة القانونية.

[31]  المرجع نفسه.

[32]  المرجع نفسه.

[33]  محمود بن رمضان. من المقابلة مع المفكرة القانونية.

[34]  المنصف بن سليمان. من المقابلة مع المفكرة القانونية.

[35]  مريم الزغيدي عدّة. بوست فايس بوك.  سبق ذكره.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني