بطاقة التعريف البيومترية: لا ضمانات أمام مخاطر الانحراف


2024-03-07    |   

بطاقة التعريف البيومترية: لا ضمانات أمام مخاطر الانحراف

صادق مجلس نواب الشعب في جلسة الأربعاء 6 مارس 2024، كما كان منتظرا، على مشروعيْ القانونين المنقحين للتشريعيْن المتعلّقيْن ببطاقات التعريف الوطنيّة وجوازات السفر، المقدّمين من وزارة الداخليّة بغرض اعتماد التكنولوجيا البيومترية فيهما. وقد تمّت المصادقة على كلا المشروعين بـ 107 نعم مقابل 3 أصوات رافضة، ومحتفظيْن اثنين أو أربعة حسب المشروع. كان هذان المشروعان قد مرّا بمخاض عسير خلال فترة الانتقال الديمقراطي، حيث أثارا مخاوف وانتقادات حقوقيّة في علاقة بالمعطيات الشخصيّة للمواطنين والانحرافات المحتملة. لكنّ النسخة الأخيرة التي قدّمتها الوزارة، والتي صادق عليها برلمان الرئيس من دون تعديلات جوهريّة سواء في لجانه أو جلسته العامّة، لم تستجِب لهذه المخاوف، بل عادت إلى الوراء بالمقارنة مع النّسخ التي نوقشتْ في السابق.

وإذ تُقَدَّم التكنولوجيا البيومتبرية كانخراط ضروري في توجّه عالمي تفرضه المعايير الدولية، وصولا إلى الإشاعة التي انتشرت حول عدم صلوحيّة جوازات السفر التونسية ابتداءً من 2024 إذا لم تعتمد هذه التكنولوجيا، فإنّ هذه الحجّة لا تفرض تعميمها على بطاقات التعريف الوطنية، أي على كلّ المواطنين بمن فيهم المحرومين من فرص السفر بطريقة نظاميّة. بل أنّ أحد أبرز الرهانات وراء التنقيح يتعلّق بالأخصّ بهذه الفئة، لأنّ المسافرين إلى دول الشمال بطريقة نظاميّة، تُؤخَذ معطياتًهم البيومترية عند طلب التأشيرات. إلاّ أنّ الوزارة تصرّ على تلازم المساريْن، بما يبرّر تقديم ومناقشة المشروعيْن دفعة واحدة. كما تربط السلطة التكنولوجيا البيومترية بمسألة الانتقال الرقمي، باعتبار أنّ هذه الوثيقة هي التي ستمكّن المواطنين.ات من قضاء حوائجهم عن بعد من دون الحاجة للتنقّل والانتظار. 

يبقى أنّ رفضَ التنصيص على الضمانات المطلوبة في القانون، إضافة إلى التجارب المقارنة والسياق التونسيّ نفسه، كلّها عوامل تبعث على القلق الشديد حول ما يمكن أن يحصل من انحرافات تمسّ بحريّات المواطنين وخصوصياتهم. وتتعلّق الضمانات المفقودة، أساسا، بطبيعة الشريحة وإمكانية قراءتها عن بعد، وبالحاجة إلى تخزين المعطيات البيومترية وتجميعها في قاعدة بيانات. تجاهل البرلمان تماما هذه المسائل الحسّاسة، لتقتصر التعديلات على تفاصيل جانبيّة. 

بين وزارة الداخلية والبرلمان: الثالثة ثابتة

في أوت 2016 أودعَت وزارة الداخليّة أول مشروع قانون لبطاقة التعريف البيومتريّة، لتنطلق بذلك رحلة النقاش البرلماني حول هذه المسألة. وتمّ الاستماع طيلة سنة للجهات التي من شأنها أن تُقدّم تصوّرا حول هذا القانون، لتصادق اللجنة في جويلية 2017 على المشروع وتمرّره للتصويت على الجلسة العامة من دون الأخذ بعين الاعتبار التخوّفات التي طرحتها الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشخصيّة ولا المجتمع المدني فيما يخصّ إنشاء قاعدة بيانات بيومتريّة من ناحية، والخاصيّات التقنيّة للشريحة التي سيتمّ استخدامها من ناحية أخرى. و بضغط من منظمات المجتمع المدني الرافضة لتلك النسخة، نظرتْ لجنة التوافقات في مقترحات التعديل واستجابتْ لجلّها. فقرّرت جهة المبادرة، أي وزارة الداخلية، سحب هذا المشروع في نفس اليوم المبرمج التصويت عليها، يوم 9 جانفي 2018.

انتهتْ بذلك الجولة الأولى من الرحلة البرلمانيّة التي عادت من جديد مع العهدة البرلمانيّة المواليّة، حيث تقدّمت حكومة إلياس الفخفاخ في جوان 2020 بنسخة جديدة أخذتْ بعين الاعتبار بعض المطالب المهمّة، على الرغم من عدم خلوّها تماما من التخوّفات السابقة. لكنّ مناقشتها داخل لجنة الحقوق والحريّات توقّفت مع تجميد البرلمان في 25 جويلية 2021 ثمّ حلّه. سارعت وزارة الداخليّة، في جانفي 2022، إلى استئناف العمل على موضوع بطاقة التعريف البيومتريّة من دون تقديم أيّ تفاصيل، ليتّضح فيما بعد أنّنا عدْنا لمرحلة ما قبل الجولات البرلمانيّة بعد أن تشبّثتْ وزارة الداخليّة بفصل الجوانب التقنيّة عن الجوانب القانونيّة وأرجعتْ ضبطها ليكون بأمر، وتراجعتْ حتى عن التنازلات التي قامت بها في النسخ الفارطة. أثار مشروع القانون المقدّم في 22 ديسمبر 2023 مخاوف حقوقيّة كثيرة، لم تَجد صداها داخل برلمان الرئيس، سواء داخل الجلسة العامّة، أو اللجان الثلاث التي نظرتْ في المشروعيْن، أي لجنة الحقوق والحريّات بشكل أساسيّ، ولجنتيْ الأمن والدفاع والقوات الحاملة للسلاح، وتنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد. 

إنشاء قاعدة البيانات البيومترية: مخاطر جمّة، بلا فائدة

رافق التعامل مع وضع إطار منظّم لبطاقة التعريف الوطنيّة البيومتريّة عديد الاعتراضات والتخوّفات. لكن ما أجمعت المنظمات الحقوقية المهتمّة بالموضوع حوله، هي خطورة التعامل ومعالجة المعطيات البيومتريّة باعتبارها شديدة الحساسيّة، وما يمكن أن ينجرّ عن تسرّبها لأيّ سبب كان من نتائج وخيمة غير قابلة للاستدراك. وقد حصل ذلك في الهند مثلا، حيث تمّ اختراق وسرقة قاعدة البيانات البيومترية لأكثر من مليار مواطن، على الرغم من تأكيد السّلطات على تأمينها. إذ يبقى من المستحيل تقنيّا، التأكد من تأمين المعطيات بصفة مطلقة. فما بالك في دول تفتقر للقدرة التكنولوجية والسيادة الرقميّة، وبعيدة على أن تكون مثالا في مجال احترام المعطيات الشخصيّة للأفراد. 

لذلك طالبتْ هيئة حماية المعطيات الشخصيّة أسوة بالمنظمات الحقوقيّة، بأن ينصّ القانون على فسخ البيانات البيومتريّة وعدم إنشاء قاعدة بيانات دائمة، بما يَحصر استعمالها في الهدف المعلن منها وهو التثبّت من هويّة المواطن، ويحُول دون تجميع المعطيات البيومترية لحوالي ثمانية مليون مواطن.ة تتوفر فيهم الشروط القانونية للحصول على بطاقة تعريف وطنية ضمن قاعدة بيانات واحدة قد تكون عرضة للاختراق. وقد اعتمدت العديد من الدول هذا الخيار، عبر إتلاف البيانات الحيوية التي يتمّ جمعها للمواطنين.ات لاستخراج بطاقات الهوية بعد تسليمها لصاحبها مباشرة. كما اختارت دول أخرى الاقتصار في جمع البيانات البيومتريّة على أصحاب السوابق العدليّة، باسم الحدّ من انتشار الجريمة، من دون تعميم ذلك على كافة المواطنات والمواطنين.

فالمبرّر الأساسيّ من بطاقات التعريف البيومترية، هو التأكّد من الهويّة الحقيقيّة لصاحب البطاقة والحيلولة دون تزويرها، وربما في مرحلة ثانية، تمكينه من قضاء حوائجه بطريقة أسهل وعن بعد. لذلك، يكفي تخزين المعطيات البيومترية داخل الشريحة المضمنة في البطاقة لتحقيق هذا الهدف، حيث يمكن للعون المخوّل له ذلك أن يَتثبّت من مطابقة البيانات البيومترية المخزّنة لمعطيات الشخص المستظهر بها، باستعمال قارئ خاصّ. إذ أن المقارنة تتمّ مع المعطيات المسجّلة في الشريحة الموجودة داخل البطاقة، وليست هناك حاجة إلى أن يكون القارئ الآلي متّصلا بأي قاعدة بيانات. وهو ما يحصل في المطارات والمعابر الحدودية في العالم للتثبت من هويّة المسافرين. إنشاء قاعدة بيانات لا يُفيد هذا الهدف، ويفتح باب الانحرافات والمخاطر على مصراعيْه. 

لم يتعرّض مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلّق ببطاقة التعريف الوطنيّة، الذي أودعته الحكومة يوم 15 ديسمبر الماضي، إلى مسألة إنشاء قاعدة البيانات البيومتريّة. ولم ينصّ، كما في النسخة التي أودعتها حكومة الفخفاخ في 2020، على حذف البيانات البيومترية لصاحب بطاقة التعريف من قاعدة بياناتها بعد تسلّمه الوثيقة إلا إذا رغبَ في استخراج جواز سفر بيومتري. برّرت الوزارة ذلك، حسب تصريح ممثلة هيئة حماية المعطيات الشخصيّة، بأنّ “قاعدة البيانات ضروريّة لأنّها تتعلّق بالأمن العامّ”. لم تعدّل لجنة الحقوق والحريات ذلك. أمّا مقترح الفصل الإضافي الذي تمّ تقديمه في الجلسة العامّة، والذي ينصّ على حذف المعطيات البيومترية في أجل 90 يوما من تسليم الوثيقة إلى صاحبها، ويمنع إنشاء قاعدة بيانات بيومترية، فعارضه وزير الداخلية كمال الفقيه بحجج مختلفة، أبرزها “خطر أن يحصل مواطن على أكثر من هوية بيومترية إلا لم تكن هناك قاعدة بيانات”. النتيجة كانت كما أراد الوزير، حيث لم يحز المقترح إلا على 24 صوتًا موافقا، مقابل 73 صوتا معارضا و11 احتفاظ.
عَكَس هذا الإسقاط توجّه الإدارة لعدم التنصيص على الجوانب التقنيّة في القانون، ونيّتها تخزين المعطيات في قاعدة بيانات، من دون ضوابط تشريعيّة دقيقة، باستثناء صياغة عامّة، تُلزم المصالح المختصة في وزارة الداخلية باتخاذ “جميع الاحتياطات اللازمة والتدابير التنظيمية والفنية الكافية لضمان سلامة المعطيات الشخصية وأمانها وحمايتها من الاختراق والتزوير…”، مع الإحالة إلى أمر يضبط تفاصيل ذلك. حتى الاستشارة الوجوبية لهيئة حماية المعطيات الشخصيّة في مشاريع الأوامر المتعلّقة بمجال اختصاصها، حسب القانون المنظم لها، لن تكون ضمانة كافية، ليس فقط لأنّ رأيها يبقى استشاريّا وغير مطابق، ولكن أيضا لأنّ سياق احتكار السلطة لم يعد يتلائم مع دور فعليّ للهيئات. 

حتى تعداد المصالح التي بإمكانها الولوج للمعطيات المخزّنة على الشريحة الموضوعة داخل بطاقة التعريف البيومتريّة، في الأمن والديوانة، لم يُجب على الأسئلة المركزيّة التالية: هل سيتمّ تخزين قواعد البيانات؟ وفي الاستماتة في عدم التنصيص على حذف المعطيات بمجرّد تخزينها في البطاقة، مؤشر قويّ على نوايا الوزارة. وكيف سيتمّ التعاطي في حال طلَبت دولة أجنبية الولوج لهذه البيانات الشخصية، مثلا لتأكيد جنسيّة مهاجرين غير نظاميّين بغاية تسهيل عمليّة ترحيلهم؟ فمن المستفيد فعليا من وجود قاعدة بيانات بيومترية لكلّ التونسيّين؟

عدم تحديد الخصائص التقنيّة للشريحة، أو فتح باب الرقابة الشاملة

لم يكن رهان تخزين المعطيات غائبا عن النواب، إذ تعرّضت له رئيسة هيئة المعطيات الشخصيّة عند الاستماع لها، وأثارَه أيضا بعضهم كما يظهر في تقرير اللجنة. لكنّ التعديلات تجاهلته. لا يختلف الأمر كثيرا بخصوص الرهان الثاني الذي لا يقلّ خطورة، وهو طلب التنصيص على أن تكون الشريحة الالكترونية المضمنة في بطاقة التعريف “تلامسيّة”. هذا الرهان كان حاضرا في كلّ النقاشات السابقة، ونصّ عليه مشروع 2020. ولكنّ المشروع الذي صادق عليه برلمان الرئيس، اكتفى بالتنصيص على أنّه “يخوّل لأعوان الأمن الوطني والحرس الوطني والديوانة التثبّت من هويّة حامل البطاقة ومن مطابقة بصمته لبيانات الشريحة الالكترونيّة بواسطة قارئات مؤمّنة وفقا للتشريع الجاري به العمل”. لم تَحسم هذه الصياغة العامّة النقاش حول طبيعة الشريحة ونوعيّتها وكذلك طبيعة القارئات، وفتحت الباب أمام قراءة البطاقات عن بعد، من دون موافقة أصحابها. اكتفى النواب بإضافة “الضمانة” الوحيدة التي تعهّدت بها الوزارة من تلقاء نفسها، وهي أن تكون الشريحة “مشفّرة”، من دون أن يجيب ذلك على السؤال الأساسي حول إمكانيّة قراءتها عن بعد. 

لا يتعلّق هذا الرهان بتفصيل تقني، بل يُعدّ مسألة جوهريّة لحماية المعطيات الشخصيّة المخزّنة في البطاقة. وحده التنصيص على الطبيعة التلامسيّة للشريحة، يُمكّن صاحب البطاقة من التعرّف مسبقا على الأشخاص الذين يقومون بالاطلاع على محتواها. فعلى الرغم من إشارة ممثل الوزارة، أمام لجنة الحقوق والحريات، إلى أنّ الشرائح والقارئات التي ستستعملها الوزارة “لا تسمح بقراءة المعطيات على بعد يتجاوز 10 صم”، إلاّ أنّ الاستماتة في رفض التنصيص على الطبيعة التلامسيّة يفتح الباب أمام سيناريوهات أخرى. خصوصًا في ظلّ وجود قاعدة بيانات بيومترية يمكن للمصالح الأمنية النفاذ إليها. فاستعمال كاميرات المراقبة والدرون للتكنولوجيا البيومترية بأهداف “أمنيّة” هي ممارسة موجودة في دول أخرى. يكفي إذًا امتلاك قارئات عن بعد، لكي يتمّ الاطلاع على هويات ومعطيات الأشخاص المتواجدين في مكان ما، بشرط تجهيزه مسبقا بتكنولوجيا الرقابة المناسبة والنفاذ إلى قاعدة البيانات البيومترية. يفتح ذلك باب الانحرافات، التي قد تستعملها الأجهزة القمعيّة للدولة مثلا لمزيد محاصرة الحريات السياسيّة والمدنيّة للمواطنين. 

تعديلات جانبيّة… تُخفي الرهان الأساسي

يبقى أنّ تنقيح قانون بطاقات التعريف لا يقتصر على الانتقال إلى التكنولوجيا البيومترية. فقد أدمجت المشاريع المقدّمة حلّ إشكاليات قديمة موروثة. أبرز هذه الإشكالات التنصيص على المهنة، الذي يعطّل في الممارسة الكثير من المواطنين ويعرّضهم للابتزاز في مسار الحصول على بطاقة الهوية، ويَفرض عليهم تغيير بطاقة التعريف حين تنتهي صفتهم التلمذية أو الطلابية ليتسنى لهم الحصول على جواز سفر، ويسمح للمصالح الأمنية باشتراط وثائق غير معلومة مسبقا. كما أنّ المهنة تتحول في الواقع إلى أداة تمييز بين المواطنين في التعامل الأمني. وكذلك الأمر بخصوص عنوان الإقامة. فضلا عن التمييز بين الرجال والنساء بخصوص وضع لقب القرين. هذه المسائل كانت مطروحة في مقترح قانون قدّمه عدد من النواب منذ 2016، وتمّ سحبه حينها بمجرّد إيداع الحكومة لمشروعها.

لكنّ هذه القضايا، على أهمّيتها الرمزيّة والفعلية في حياة المواطنين والمواطنات، كانت بمثابة الشجرة التي تخفي غابة المخاطر التي تنجرّ عن اعتماد التكنولوجيا البيومترية من دون الضمانات الكافية لعدم الانحراف بها عن هدفها المعلن. من جهتهم، اختار النواب النهج ذاته، بالتركيز في تعديلاتهم على هذه الجوانب، والرضوخ للخطوط الحمراء التي وضعتها الوزارة بخصوص الضمانات المطلوبة. من ذلك حذف مكان الولادة، الذي كان يستعمل أيضا في الممارسة كأداة تمييز ضدّ المولودين في الجهات الداخلية، والتمييز في الآجال القانونية بين وضعيات تغيّر الحالة المدنية وبقية حالات تجديد البطاقة، أو بعض التفاصيل المتعلّقة بشهادة المصادقة الالكترونيّة ومدّة صلوحيّتها. إضافة إلى تدقيق مجال العقوبة السجنية الواردة في الفصل 315 من المجلة الجزائية، على من يمتنع عن الخضوع لإجراء المراقبة، وليس من لا يستظهر ببطاقة التعريف، على النحو الذي وضّحته الوزارة نفسها في النقاشات.  

قبل إيداع أول مشروع قانون يتعلّق ببطاقة التعريف البيومتريّة في مجلس نوّاب الشعب في 5 أوت 2016، كانت وزارة الداخليّة تعتزم ضبط كلّ ما يتعلّق بالبطاقة بأمر، وهو ما رفضته بشدّة حينها الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشخصيّة بالإضافة لعديد منظّمات المجتمع المدني، الذين أصرّوا على وضع تشريع يكفل حماية هذه المعطيات ويمنع إمكانيّة استغلالها للمسّ من الحقوق والحريّات. ثمّ عادت، بعد استحواذ الرئيس سعيّد على كلّ السلط في 25 جويلية 2021، المخاوف من صدور التنقيحات في شكل مرسوم، بعد أن سارعت الوزارة في إعادة إحياء المشروع. في النهاية، في ظلّ المنظومة السياسيّة التي أرساها الرئيس سعيّد، لم يُغيّر مرور المشروع على البرلمان شيئا يُذكر، حيث مرّت كلّ تعديلات لجنة الحقوق والحريات البسيطة عبر موافقة ممثلي الوزارة. وفي ذلك مؤشر إضافي على أنّ برلمان الرئيس لن يدافع إلاّ عن امتيازات أعضائه، كما فعل عند رفض طلبات رفض الحصانة، وأنّ ذلك لا يحوّله إلى سلطة مضادّة يمكن التعويل عليها أو على الأقلّ خوض معارك مناصرة داخلها، لحماية الحقوق والحريات.

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، تشريعات وقوانين ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني