“باربي” في السينما إلّا إذا قفزت الداخلية فوق القانون


2023-08-16    |   

“باربي” في السينما إلّا إذا قفزت الداخلية فوق القانون

لم يحسم حتّى اللحظة إن كان فيلم باربي سيُعرض في صالات السينما اللبنانيّة أم سيُمنع عرضه. فعلى الرغم من التوصية بعرضه من قبل اللجنة المكلّفة الرقابة على أفلام السينما وهي المخوّلة إعطاء الإذن من عدمه، لم يصدرْ حتّى اللحظة قرار رسمي عن الأمن العام، وذلك وسط اعتراضات كان أبرزها قراروزير الثقافة الذي طالب بمنع عرض الفيلم.

وفي حين علمت “المفكرة القانونيّة” من مصادر متابعة أنّ لجنة الرقابة على الأفلام أوصت بالسماح بعرض الفيلم مع تحديد قيد واحد وهو تصنيفه للفئة العمريّة 13 عامًا وما فوق، أكّد مصدر في الأمن العام أنّه لم تصل المديرية حتّى اللحظة أي توصية بالعرض أو المنع، وأنّ القرار بعرض الفيلم من عدمه يعود للجنة وليس للأمن العام، فالأخير ممثّل أساسًا في اللجنة ويصوّت كما باقي الأعضاء.

وعلمت “المفكرة” أيضًا أنّ القرار لم يُتّخذ بالإجماع بل بأكثرية الأعضاء البالغ عددهم ستة يمثّلون كلًّا من وزارة التربية والشؤون الاجتماعية والإعلام والاقتصاد والخارجيّة والأمن العام، وأنّ توصية اللجنة حصلت انطلاقًا من عدم إيجاد أي مضمون خادش للآداب العامة يمنع عرض الفيلم.

وفي هذا الإطار يوضح المحامي والعضو السابق في لجنة مراقبة الأفلام أنطوان زخيا أنّه بعد وصول الفيلم إلى اللجنة لا يبقى دور للأمن العام، إذ إنّ اللجنة تصدر عادة توصية بالأكثرية وفي حال تعادُل الأصوات يكون القرار لوزير الداخليّة، وأنّه إذا أوصت اللجنة بالعرض، يُسمح تلقائيًا بعرض الفيلم، أما في حال أوصت بالمنع فلوزير الداخليّة أن يُقرّر.

ويٌشير زخيا إلى أنّ التوجه كان دائمًا لعدم المنع إلّا في الأمور التي تحرّض على الفتنة أو تتعلّق بالعدو الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنّ اللجنة على سبيل المثال وخلال 12 عامًا كان هو عضوًا فيها، لم تمنع أكثر من 30 فيلمًا من أصل ما يزيد على ألف فيلم عُرض عليها، وأنّ معظم أسباب المنع تعلّقت إما بالتصوير في الأراضي المحتلّة أو لوجود ممثلين يحملون الجنسيّة الإسرائيليّة.

ويلفت زخيا في حديث مع “المفكرة” إلى أنّه في الكثير من الأحيان كان يصل كتب وتوصيات من جهات مختلفة لا سيّما دينيّة طالبة منع فيلم معيّن، إلّا أنّ اللجنة لم تكن تلتزم بالأمر، فالقرار يعود لأعضائها الذين يمثلون الوزارات المعنيّة والأمن العام.

وهذا ما يثني عليه أيضًا المدير التنفيذي لـ “المفكرة” المحامي نزار صاغية استنادًا إلى المادة 3 من قانون 1947 المتعلق بالرقابة على الأعمال السينمائية، مؤكدًا أنّ قانون 1947 واضح حيث ليس لوزير الداخلية أيّ حقّ بحجب الإذن بالعرض في حال أوصتْ اللجنة بعرضه.

وبانتظار الإجراء الذي سيتّخذه الأمن العام، تستمرّ الصفحة الرسميّة لسلسلة سينما “فوكس” التي من المقرّر أن تعرض الفيلم في صالاتها بنشر الإعلان الترويجي لهذا العمل معلنةً عن بدء العروض في 31 آب الحالي مع تصنيفه للفئة العمرية ما فوق 18 عامًا مذيّلة بحرفي (tc) أي إمكانيّة تغيير الفئة العمريّة.

وكانت سلسلة “فوكس” نشرت هذا الإعلان منذ فترة وقبل اللغط حول الفيلم، على الرغم من أنّ القيّمين على السينما لم يحصلوا على الموافقة من الأمن العام والتي من دونها لن يُعرض الفيلم.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، يفترض أن يُسمح بعرض الفيلم تبعًا لتوصية اللجنة المكلّفة الرقابة على الأفلام إلّا في حال ممارسة ضغوطات سياسيّة تحول دون ذلك. وأكثر ما يخشى اللجوء إليه هو التذرّع ليس بمحتوى الفيلم (إذ حسمت اللجنة أنّه يخلو من أي سبب لمنعه) إنّما ما قد يسبّبه عرضُه من إخلال في الأمن العام. إلّا أنّه في هذه الحالة، لا يكون لوزير الداخلية أن يمنع عرض الفيلم بعد إجازته، في مناطق معيّنة أو على كامل الأراضي اللبنانية، إلّا بناء على “اقتراح مديرية الأمن العام”. وفي هذه الحالة، يرى صاغيّة أنّ استخدام هذه الآلية في حال حصوله إنّما سيشكّل تحويرًا للسلطة، حيث تكون الحجّة الأمنية التي ليس هنالك أيّ مؤشّر على صحّتها قد استخدمت من أجل تجاوز توصية اللجنة بقبول العرض. 

أخيرًا، يجدر التذكير أنّ وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى كان اتخذ في تاريخ 9 آب 2023 قرارًا بتوجيه كتاب إلى وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام والنيابة العامة التمييزية “لاتخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لمنع عرض هذا الفيلم في لبنان” لأنّه “يتعارض مع القيم الأخلاقيّة والإيمانيّة ومع المبادئ الراسخة في لبنان، إذ يروّج للشذوذ والتحوّل الجنسي ويُسوّق فكرة بشعة مؤدّاها رفض وصاية الأب وتوهين دور الأم وتسخيفه والتشكيك بضرورة الزواج وبناء الأسرة وتصويرهما عائقا أمام التطوّر الذاتي للفرد لا سيّما المرأة” من دون الإشارة إلى أي نص دستوري أو قانوني يبرّر طلبه بمنع عرض الفيلم.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، قرارات إدارية ، حرية التعبير ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني