انطلاق المحاكمة في “جريمة أنصار”: أهالي الضحايا وجهاً لوجه مع المتّهمَيْن


2023-01-18    |   

انطلاق المحاكمة في “جريمة أنصار”: أهالي الضحايا وجهاً لوجه مع المتّهمَيْن

وسط إجراءات أمنية استثنائية، بدأت جلسة المحاكمة الثانية في قضيّة مقتل باسمة عباس وبناتها الثلاث تالا ومنال وريما صفاوي في بلدة أنصار في آذار العام 2022. في قاعة محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي سامي صدقي، حضرت عائلة صفاوي في مقدمتهم والد الضحايا الثلاث زكريا وعلي عبّاس والد الضحية باسمة، وإلى جانبهم عدد من أقارب الضحايا بحضور المحامين. جلسة سرعان ما انتهت بإرجائها إلى 6 آذار إمهالاً لوكيل المتهم حسن الغنّاش للاطّلاع على الملف، ولم تحصل أي إجراءات بارزة في هذه الجلسة سوى أنّها شكّلت اللقاء الأول بين أهالي الضحايا الأربعة والمتّهمان بقتلهنّ حسن الغنّاش وحسين فيّاض. 

وكان قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا قد أصدر القرار الظنّي في تاريخ 12 تمّوز 2022 انتهى إلى اعتبار أنّ الغنّاش وفياض أقدما على قتل باسمة وبناتها تالا وريما ومنال بإطلاق عدّة عيارات ناريّة عليهن بسلاح صيد وآخر حربي غير مرخص، وذلك بعد التخطيط والتجهيز. وهذا ما يؤلّف جرم القتل العمد المنصوص عنه في قانون العقوبات بالمادة 549. كما ظنّ بهما بموجب المادتين 72 و73 من قانون الأسلحة لحيازتهم أسلحة غير مرخصّة. وخلال مدّة لم تتخطّ الأسبوع، أصدرت الهيئة الاتهاميّة في بيروت قرارها الاتهامي في 27 تموز 2022 الذي صادق على القرار الظنّي واتهم المدعى عليهما بالجرائم نفسها. وأحيل الملف إلى محكمة الجنايات في بيروت التي عقدت أولى جلساتها في تاريخ 12 كانون الأول 2022، وأرجأتها بسبب عدم سوق المتهمين إلى المحكمة. 

في جلسة اليوم في 18 كانون الثاني، حضر المتّهمان فيّاض والغنّاش يرتديان قميصاً أبيض إلى قفص الاتهام. لم يكن وجود المتّهمين بالقتل عادياً بالنسبة لذوي الضحايا، فقد تسمّر نظر والد الضحايا زكريا عليهما فيما شاحا هما بنظرهما عن الحاضرين في المحكمة. وقد امتلأت القاعة بالعناصر الأمنيّة الذين فاق عددهم العشرين منهم من تجمّع قرب المتّهمين فيما شكّل نحو عشرة آخرين حاجزاً فاصلاً بين مقاعد أهالي الضحايا وقفص الاتهام. وهذا يعتبر اللقاء الأول بين المتهمين وبين الأهالي في المحكمة، إذ سبق لهذه المحكمة أن عقدت جلسة في 12 كانون الأول ولكنّها أرجأتها لتعذّر سوق المتهمين إلى المحكمة. ولوحظ غياب وسائل الإعلام عن الساحة الخارجية للمحكمة فيما اقتصر حضور الجلسة من الإعلام على صحافيتين من ضمنهما كاتبة المقالة. 

وإلى يسار قاعة المحكمة، وقف والد الفتيات الثلاث زكريا صفاوي مع وكيله المحامي ماهر جابر كما وقف والد باسمة، علي عبّاس مع وكيله حسين قازان والمحامية مريان نخلة بوكالتها عن والدة باسمة نشيمة التي لم تحضر الجلسة. وإلى يمين القاعة، وقف المحامي إبراهيم الروّاس عن المتهم حسين فياض، والمحامي فادي رزق عن المتهم حسن الغنّاش. 

ورداً على أسئلة القاضي صدقي، أوضح فياض أنّه من مواليد العام 1986 وهو أعزب ومتعلّم وغير محكوم سابقاً، فيما قال الغنّاش أنّه من مواليد العام 2001، وهو سوري الجنسية ولا يعرف من القراءة والكتابة سوى أن يوقّع اسمه فقط وأنّه غير محكوم سابقاً. وسرعان ما توضّح مسار الجلسة، حين أعلن وكيل الغنّاش المحامي فادي رزق أنّه بصدد إبراز وكالته إلى المحكمة وطلب الاستمهال للاطلاع على الملف. فأرجأ القاضي صدقي الجلسة إلى تاريخ 6 آذار 2023، أي بعد شهر ونصف، الأمر الذي أثار امتعاض والد الضحية باسمة الذي همّ للخروج من القاعة وهو يسأل “أين العدالة”. وما أن سمع القاضي صدقي كلامه، حتّى سأل “من الذي يتكلم عن العدالة؟”، فعاد والد باسمة أدراجه لناحية قوس المحكمة، وشرح للقاضي أنّه يشعر بالأسى من تأخّر المحاكمة وقد مرّ عام على الجريمة، لكنّ القاضي صدقي لم يتقبّل تعليقه وقال له أن يرحل كي لا “كبّر الكلام معك أكثر” وطلب منه عدم التدخل بعمل المحكمة. 

خارج أسوار المحكمة حلّ الهدوء، إذ لم يُنظّم أقارب الضحايا وقفتهم الاعتيادية عند كل جلسة، كما فعلوا خلال فترة التحقيقات لدى قاضي التحقيق شربل أبو سمرا في بيروت. غير أنّ ذوي الضحايا خرجوا من قاعة المحكمة ممتعضين ويشعرون بالغضب، مرّة بسبب تأجيل الجلسة ومرّة بعد رؤيتهم المتهمين وجهاً لوجه. وكانت واحدة من بنات عمّ الفتيات خارجة من القاعة وهي تشرح استغرابها بالهيئة التي أقبل فيها المتهمان، معتبرة أنّه “يبدو وكأنهما يعيشان في فندق خمس نجوم”. وأوضحت أنّ “شكل الغنّاش تغيّر ويبدو أسمن من قبل”. فيما خرج زكريا صفاوي مباشرة إلى خارج مبنى قصر العدل بعد انتهاء الجلسة، وأوضح في حديث مع “المفكرة القانونية” أنّه ممتعض من إرجاء الجلسة إلى أكثر من شهر. وعن لقائه بالمتهم بقتل بناته قال: “نظرت إليه ولكنّه لم يلتفت إليّ ولا لحظة”. وأضاف: “هذا الرجل أتى إليّ مرّة قبل كشف الجريمة وعاتبني لماذا شككت بأمره بعد اختفاء بناتي ليتضح لاحقاً أنّه قتلهنّ جميعاً”. وعبّر عدد من أقارب الضحايا عن شعورهم بالقلق إزاء بطء العمل القضائي، متمنّين لو أنّهم أخذوا حقهم بيديهم.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، محاكم جزائية ، قرارات قضائية ، لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، محاكمة عادلة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني