الندوة الدوليّة حول السجون التونسيّة: أي حلول لاكتظاظ السجون؟ أي خطوات لدحر ثقافة الايقاف التخفظي؟ وكيف يتحول الطبيب الى رقيب على احترام حقوق السجين؟


2013-01-24    |   

الندوة الدوليّة حول السجون التونسيّة: أي حلول لاكتظاظ السجون؟ أي خطوات لدحر ثقافة الايقاف التخفظي؟ وكيف يتحول الطبيب الى رقيب على احترام حقوق السجين؟

نظﻣت وزارة اﻟﻌدل التونسية ﺑﺎﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ وزارة ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟﻌداﻟﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺗداد ﯾوﻣﯾن ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﯾن اﻧطلاﻗﺎ ﻣن ﯾوم اﻟﺳﺑت 19 ﺟﺎﻧﻔﻲ ﻧدوة دوﻟﯾﺔ حول وضعية المؤسسات السجنية وتصورات آلية معالجة النقائص التي تعاني منها. وسمحت الندوة التي ضمت أطرافا حكوميين ومسؤولين من إدارة السجون وقضاة بالتشارك مع مؤسسات دولية تهتم بحقوق السجناء بالكشف عن فشل نظام السجون التونسي في الاضطلاع بدوره في إصلاح المساجين وضمان المعاملة التي تحترم قواعد حقوق الإنسان لهم. كما سمحت بتسجيل اعتراف رسمي بسوء وضعية السجون من السلط العامة المسؤولة عنها فقد بينت المداخلات أن السجون التونسية تعاني من تجاوز عدد نزلائها لطاقة استيعابها بما يقارب 125 في المائة وان هذه السجون كانت طوال الحقبة الاستبدادية من المؤسسات التي يمارس فيها التعذيب الممنهج. وكشفت ذات المداخلات أن إدارة السجون لم تنجح بعد الثورة في تطوير الدور الإصلاحي للمؤسسة. وكشفت أيضا أن القضاء ما زال متقاعسا عن التفاعل بشكل ايجابي مع مبادئ حقوق الإنسان في استعماله لآلية الإيقاف التحفظي إذ تواصلت مبالغته  في استعمالها.
وانتهى المشاركون في الندوة لصياغة توصيات تطرح حلولا جذرية لمشاكل السجون وتتصور آليات تنقص من اكتظاظها بعضها يتمثل في إصلاحات تشريعية وبعضها الآخر مؤسساتي .فقد دعوا الجهات الرسمية إلى اتخاذ خطوات تشريعية تطور نظام العقوبات البديلة مثل الخطية اليومية والتصريح بالإدانة وتأجيل النطق بالعقوبة. ولفتوا النظر الى أن مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة عجزت عن الاضطلاع بدورها بسبب عدم تفرغ القضاة المكلفين بها لأعبائها وتواصل ممارستهم لأعمال قضائية أخرى تشغلهم فعليا عن مباشرتها بشكل مستمر وعدم توفر إدارة مساندة لهم في عملهم. ودعوا إلى تطوير مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبة هيكليا. كما بينوا أن التشريعات الجارية أدت الى جانب الموروث الثقافي لقضاة الادعاء العام الى المبالغة في عمليات الإيقاف التحفظي بما يستوجب تدخلا ثقافيا تحسيسيا يغير أسلوب تعامل القضاة مع حريات المتهمين يعاضده تدخل تشريعي يسمح بالحد من حالات الإيقاف.
ولمعالجة ظاهرة اكتظاظ السجون وتفشي الأمراض السارية فيها اقترحوا أن يتم إحداث سجون جديدة يحترم نمطها المعماري الشروط التي يجب أن تتوفر بالسجون وتعوض السجون القديمة، تلك السجون التي تهالكت بناياتها لقدمها وباتت بسبب الرطوبة وسوء التهوئة سببا في الإضرار صحيا بالمساجين. كما دعوا إلى تطوير الإطار الطبي بالسجون من جهة عدد العاملين به وهيكلة المصحات السجنية ونبهوا لضرورة ضمان استقلالية الأطباء في عملهم عن السلطة الإدارية لرؤساء الوحدات السجنية وذلك لكي يكون طبيب السجن رقيبا على احترام حقوق السجين لا شريكا في تعذيبه كما كان الحال سابقا. وانتهى المشاركون إلى لفت النظر لأهمية تكوين الأعوان العاملين بالسجون بما يضمن حسن عنايتهم بالنزلاء واحترامهم لحقوقهم.
وينتظر بعدما أكد رئيس الحكومة عند افتتاحه لأشغال الندوة أن إصلاح وضعية السجون من أولويات حكومته أن تترجم توصيات الندوة التي رعتها جهات حكومية إلى إجراءات عملية تصلح وضعية السجون .لكي لا تكون الندوة حدثا دعائيا يهدف الى إدانة الماضي دون أن يصلح المستقبل.
م ع ج
 
 
 
توصيات الندوة الدولية حول السجون التونسيّة: الواقع والآفاق
 
فيما يتعلق بموضوع الاكتظاظ داخل السجون أوصى المشاركون في الندوة بـ
إدخال تعديلات على المنظومة الجزائية في اتجاه إدراج عقوبة بديلة جديدة مثل الخطية اليومية والتصريح بالإدانة وتأجيل النطق بالعقوبة.
تحسيس القضاة بتفعيل الأحكام المتعلقة بالعقوبات البديلة وعقوبة التعويض الجزائي وممثلي النيابة العمومية بالعمل بآلية الصلح بالوساطة في المادة الجزائية.
جعل آلية الإيقاف التحفظي إجراء استثنائيا والعمل على تنقيح التشريع المتعلق به في سبيل التقليص من مدته.
-إحداث مؤسسة المصاحبة لمساعدة قاضي تنفيذ العقوبات على تنفيذ العقوبات البديلة.
تدعيم ميزانية الإدارة العامة للسجون

فيما يتعلق بجانب الصحة السجنية أوصى المشاركون في الندوة بـ:
معالجة إشكالية إشراف وزارة العدل على الصحة السجنية واقتراح وضعها تحت إشراف وزارة الصحة عبر بعث إدارة عامة للصحة السجنية صلب وزارة الصحة
استقلال الطبيب المباشر للسجناء سواء بصفة متواصلة أو عرضية عن الإدارة السجنية لكي لا يخضع لأي نوع من الضغوط وتوفير الضمانات والامتيازات التي من شانها تشجيع الإطار الطبي وشبه الطبي على العمل داخل المؤسسات السجنية.
النظر في بعث شهادة ماجستير بكليات الطب اختصاص "صحة سجنية"و الحرص على انتداب إطار طبي وشبه طبي تتوفر لديه خبرة ملائمة للمهمة التي سيتكفل بها وإرساء وجوبية التكوين المستمر للفريق الطبي العامل داخل المؤسسات السجنية.
دعم المؤسسات السجنية بالأخصائيين النفسانيين والأخصائيين الاجتماعيين.
-تكوين كل الأعوان العاملين بالسجون في مجال الصحة الأساسية والإسعافات الأولية وإعداد برنامج توعية لكافة المساجين حول القواعد الأساسية لحفظ الصحة.
-ضرورة أن تراعي هندسة السجن متطلبات الحفاظ على الصحة البدنية والنفسية للسجين من حيث التهوئة والإضاءة الطبيعية و احترام المعايير الدولية بخصوص المساحة المخصصة لكل سجين داخل المؤسسة السجنية وإيجاد فضاءات كافية لممارسة السجناء حقهم في الفسحة اليومية و أن تأخذ هندسة السجن بعين الاعتبار وجود فضاءات لعزل السجناء المصابين بأمراض معدية.
تحسين ظروف الإقامة والإعاشة والعناية بالنظافة وقواعد حفظ الصحة وتهيئة الفضاءات الملائمة لممارسة السجناء للأنشطة الترفيهية والرياضية.

فيما يتعلق بإعادة إدماج المساجين والمتبعة اللاحقة للعقوبة أوصى المشاركون في الندوة بـ:
–     الحرص على تركيز وتفعيل القانون المنظم للسجون واعتباره منطلقا للتحسين.
–     تدعيم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبة والعمل على تفرغه لمهامه.
–     إعطاء الأولوية للعقوبات المالية وتلك البديلة للسجن.
–     تركيز مؤسسات مشرفة على التأهيل والمتابعة وإدماج وإنشاء مؤسسة قاضي مراقبة البراءة لمتابعة وضعية المساجين خارج أسوار السجن.
–     إبرام عقود شراكة بين السجون وبقية الأطراف المتداخلة مثل وزارات التعليم والتكوين والصحة وغيرها.
–     إنشاء سجون شبه مفتوحة وسجون مفتوحة تسهيلا لإدماج السجين.
–     دعم الصندوق الاجتماعي للسجن.
–     تعويض مصطلح سجين بمصطلح نزيل.
–     تدعيم دور مكونات المجتمع المدني والإعلام في التحسيس بالسجين والسجون في اتجاه إنجاح التأهيل وإدماج المساجين.
–     اعتبار سجن الناظور كمتحف للذاكرة وللتاريخ الإنساني والتونسي.

فيما يتعلق بمراجعة نظام الانتداب والتكوين أوصى المشاركون في الندوة بـ:
–       التحفيز على الانتماء لسلك السجون والإصلاح عبر تحسين الوضع المادي والاجتماعي والصحي وتحسين ظروف العمل.
–       الرفع من المستوى التعليمي لأعوان السجون والإصلاح ووضع مقاييس علمية لذلك مع وضع وسائل تقييم تعتمد الكفاءة في الانتداب.
–       وضع مخطط شامل للتكوين واعتماد المقاربة بالكفايات.
–       التركيز في التكوين على مسألة حقوق الإنسان والتواصل مع نشطاء حقوق الإنسان والحقوقيين ووضع حوافز للإقبال على التكوين على المدى القصير.
–       وضع إستراتيجية واضحة على المدى المتوسط، يكون التكوين بمقتضاها آليا وضروريا.
–       تعزيز البنية التحتيّة للمدرسة الوطنيّة للسجون ووضع برامج تكوين تتلاءم مع طبيعة المؤسسات السجنيّة ووظائفها.
–        تركيز مكوّنين قارين ومتفرغين للتكوين والتركيز على التكوين المتخصص كالتكوين في موضوع إدارة الأزمات.
–        ربط الترقية في المسار المهني بالتكوين.

فيما يتعلق بإعادة هيكلة السجون والبنية التحتيّة أوصى المشاركون في الندوة بـ
–       تنظيم ملتقى وطني حول الهندسة المعماريّة للسجون.
–       ضبط مخطط استراتيجي لتطوير البنية التحتيّة حتّى تواكب المعايير الدوليّة من خلال الاعتماد على الدعم المالي للمجتمع الدولي.
–       تدعيم تركيز الورشات داخل السجون من أجل الوصول بنسبة إشغال السجناء إلى 60 في المائة.
–       البحث عن حلول لمشاكل البنية التحتيّة المتعلقة بالإقامة الجماعيّة وطرق السيطرة عليها.
–       إحداث مؤسسة تتابع عمل الورشات وتشرف عليها وتنسق بين جميع الأطراف المتدخلة من مؤسسات عموميّة ووزارات.
–       إنشاء قواعد لوجستيّة تعنى بتزويد الوحدات السجنيّة وتوفير خدمات الصيانة تكون مستقلّة في إدارتها.
–       التدخل بصفة عاجلة من أجل تطوير فضاءات استقبال السجين بكافة المرافق السجنيّة.
–       إحداث لجنة لتشخيص إشكاليات البنية التحتيّة للسجون تجمع كافة الأطراف المتداخلة في المجال من أطباء ومختصين نفسانيين ومجتمع مدني ومديري سجون ومكلفين بصيانة السجون وخبراء في ميدان السجون.

فيما يتعلق ببرامج الإصلاح والتحضير للإفراج أوصى المشاركون في الندوة بـ
–       وضع إطار ملائم لدعم منظومة التأهيل والتكوين وإعادة الإدماج بالنسبة للمساجين.
–       مراجعة نظام تصنيف السجون في اتجاه دعم منظومة السجون المفتوحة وشبه المفتوحة ومراعاة تسهيل عمليات خروج المساجين بصفة مؤقتة في المناسبات.
–       وضع إطار تشريعي لتحفيز المؤسسات الاقتصاديّة العموميّة والخاصّة على قبول إدماج المساجين للعمل بها.
–       ضبط برامج التأهيل والإدماج والتحضير للإفراج وتوفير الوسائل الماديّة والبشريّة اللازمة لذلك.
–       تشريك المجتمع المدني والخبراء في وضع تصوّرات خاصّة ببرامج التأهيل والتحضير للإفراج.
–       النظر في إمكانيّة إدماج السجناء في المنظومة الوطنيّة للتشغيل كما هو الشأن بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصّة.
–       تكثيف التعاون مع وزارة الثقافة وتكثيف العروض الثقافيّة والفنيّة داخل السجون
–       إعداد خطّة وطنيّة تشارك فيها جميع الأطراف المعنيّة لمعالجة ارتفاع نسبة العود.
–       معالجة ظاهرة ارتفاع نسبة الموقوفين مقارنة بالعدد الجملي لنزلاء السجون.
–       بعث هيكل وطني لتأطير عمليّة إدماج المساجين.

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني