المحاماة ونيابات المؤسسات العمومية في تونس: اعفاء المحتكرين القدامى، ومنع الاحتكارات مستقبلا


2012-12-18    |   

المحاماة ونيابات المؤسسات العمومية في تونس: اعفاء المحتكرين القدامى، ومنع الاحتكارات مستقبلا

أعلنت وزارة العدل منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول 2012 أنها أحالت لرئاسة الحكومة مشروع قانون يندرج في سياق إصلاح المنظومة القضائية ويهدف الى إقصاء المحامين الذين احتكروا نيابة المؤسسات العمومية خلال الحقبة الاستبدادية من جداول محامي هذه المؤسسات. وتمثل مشروع القانون الذي أعد بالتشاور مع الهيأة الوطنية للمحامين في فرض إنهاء عمل مجموعة من المحامين كانت تتمتع بامتياز نيابة مؤسسات الدولة مع إيجاد قواعد موضوعية تهدف لضمان استفادة أكبر عدد من المحامين بهذا الامتياز.
فقد تضمن المشروع في فصله الأول تقريرا بإعفاء كل المحامين الذين استأثروا خلال حكم بن علي بنيابة المؤسسات العمومية وشبهها بطرق غير مشروعة، لوضع حد لما ترتب عن التمييز على أساس الولاء السياسي والمحسوبية والفساد والقطع مع سياسة العهد البائد. وقد اهتمت فصوله اللاحقة بوضع قواعد لتوزيع قضايا المؤسسات العمومية مستقبلا، بحيث حدد عدد أقصى للمؤسسات التي يمكن أن يتعاقد معها المحامي الواحد وأيضا عدد أقصى للقضايا التي يمكن أن تسندهاأي مؤسسة للمحامين المتعاقدين معها.كما تضمن المشروع أحكاما تحث المؤسسات الحكومية على التعامل مع المحامين المنتصبين بالجهات ومع المحامين المتدربين فيالقضايا التي لا توجب نيابة محام.
ويطرح مشروع القانون الذي أتى استجابة لضغط المحامين الشبان تصورا لتطهير قطاع المحاماة يضمن تسليط عقوبة على من استفادوا من منظومة الاستبداد من المحامين من الامتيازات التي حصلوا عليها مع تعويض غيرهم عن الضيم الذي لحق بهم من خلال ضمان توفر فرص عمل لهم وضمان عدم تكرار الفساد في علاقة المحامي بمؤسسات الدولة بالحد من سقف المعاملات.

ويفسر تمسك المحامين بإعطاء الأولوية في إصلاح مهنتهم لملف نيابة المؤسسات العمومية بما كان لهذا الملف من دور في اختراق فساد السلطة لقطاعهم. فخلال الحقبة الاستبدادية كانت نيابة المؤسسات العمومية امتيازا لا يمنح في الغالب إلا للمحامين الذين يقدمون خدمات للنظام أو يتوصلون بعلاقات قوامها المحسوبية والفساد المالي والأخلاقي للفوز بمكانة لهم في هذا السوق. وانتهى الأمر في العشرية الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إلى احتكار هذا الأخير لصلاحية تحديد قوائم المحامين الذين يحق لهم نيابة مؤسسات الدولة.

ومحاولة فرض إنهاء احتكار مجموعة محدودة من المحامين لقضايا المؤسسات العمومية بمقتضى قانون يكشف عن فشل هياكل المحامين والسلطة في تحقيق ذلك من خلال المطالبات التي تقدموا بها للمشرفين على هذه المؤسسات. فعقب الثورة، دعت هياكل المحامين بمساندة من السلطة العمومية المؤسسات العمومية الى مراجعة قوائم المحامين الذين تتعاقد معهم، إلا أن الاستجابة لذلك كانت محدودة للغاية بسبب مقاومة الهياكل الإدارية.

وينتظر أن يحظى المشروع بتأييد في المجلس التشريعي اعتبارا للثقل الذي يتمتع به المحامون صلبه وان كان تطبيق هذا القانون متى أصبح نافذا سيطرح السؤال حول التوزيع العادل كمعيار لحسن التصرف في نزاعات المؤسسات العمومية. ويخشى أن يكون الحرص على تحقيق استفادة أكبر عدد من المحامين بالمردودية المالية لنيابة المؤسسات العمومية بوابة لتراجع قيم الكفاءة المهنية. فتوزيع القضايا بين المحامين أضحى من منظور هذا القانون غاية بذاته تغفل الكفاءة المهنية والتميز الذي يبحث عنه الحريف (الزبون) وان كان مؤسسة عمومية لدى محاميه.

م.ع.ج 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني