القضاة المعفيون يكسبون معركة قضائية هامة: الاعفاء ليس اجراء تأديبيا ولهم الحق بممارسة المحاماة


2013-07-11    |   

القضاة المعفيون يكسبون معركة قضائية هامة: الاعفاء ليس اجراء تأديبيا ولهم الحق بممارسة المحاماة

أصدرت دائرة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس بجلستها التي انعقدت يوم 09 جويلية 2013 حكمها في سبع عشرة قضية من جملة القضايا التي تعهدت بها والتي تتعلق بترسيم مجموعة من القضاة الذين شملتهم قرارات الاعفاء بجداول المحامين. اعتبرت المحكمة صمت الهيئة الوطنية للمحامين على المطالب التي تقدم بها القضاة المعفيون رفضا ضمنيا لترسيمهم وقضت نهائيا بنقض قرارات الرفض الضمني للترسيم والاذن بترسيم الطاعنين في جداول المحاماة. وتعد القرارات القضائية ملزمة لهيكل المحاماة بما يسمح لمن صدرت لفائدتهم بتأدية اليمين القانونية تمهيدا لمباشرة أعمالهم كمحامين مباشرين.
كانت قرارات المحكمة منتظرة على اعتبار أنها تعد أول موقف قضائي من قرارات الاعفاء التي أصدرتها الحكومة التونسية في حق 71 قاضيا. تمسكت وزارة العدل بمناسبة قرارات الاعفاء بكونها بادرت الى اتخاذ اجراء مؤسس قانونا غايته تطهير القضاء ممن ثبت فسادهم. وفي مقابل ذلك، رأى القضاة الذين شملهم الاجراء بأنهم تعرضوا لعقوبات تأديبية مقنعة دون احترام حقهم في الدفاع ودون ان تتم مواجهتهم بالتهم المنسوبة إليهم في إطار تأديبي يكفل حقوقهم في الدفاع.
التجأ من شملتهم قرارات الاعفاء للقضاء الإداري لطلب الغاء القرارات الإدارية التي قضت بفصلهم عن عملهم بدعوى أن الحكومة انحرفت بالإجراءات القانونية واستغلت آلية الاعفاء التي يبيحها القانون لوزير العدل لانزال عقوبات تأديبية. وفي انتظار البت في مآل طعنهم وبغاية إنهاء حالة البطالة القسرية التي أحيلوا عليها تقدم جزء منهم ممن يتوفر فيهم بمطالب ترسيم بالمحاماة.
تولت الهيئة الوطنية للمحامين عند توصلها بمطالب الترسيم مراسلة وزارة العدل لطلب مدها بملفات القضاة المعفيين لغاية إثبات ما سبق وصرح به من وجود ملفات تأديبية تأسست عليها قرارت الاعفاء. غير أن الجهة الإدارية امتنعت عن الرد على المراسلات دون ان تقدم ردا في الموضوع. ورغم مضي أجل معتبر على توجيه المراسلات وصدور تصريحات لمسؤولين من وزارة العدل تؤكد امتناعها عن تقديم الملفات بدعوى حماية المعطيات الشخصية لأصحابها، امتنعت هيئة المحامين عن البت في المطالب من دون تبرير وبدا موقفها مؤشرا على ضعف الموقف القانوني لمن يتمسكون برفض ترسيم المعفيين بالمحاماة. وقد عد طالبو الترسيم بالمحاماة موقف هيئة المحامين رفضا ضمنيا لمطالبهم واستندوا اليه لرفع قضايا لدى محكمة الاستئناف بتونس لطلب ترسيمهم قضائيا بالمحاماة تطبيقا لأحكام الفصل 74 من المرسومعدد 79 لسنة 2011 مؤرخ في 20 أوت 2011 يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.
جعل بطء اجراءات التقاضي أمام المحكمة الادارية قضايا الترسيم في المحاماة تتحول من مجرد مطلب معيشي لمن تولوا رفعها الى معركة قضائية غايتها تبرئتهم من تهم الفساد التي ألصقت بهم. تمسك دفاع الهيئة الوطنية للمحامين بكون الاعفاء تم اتخاذه كإجراء تأديبي بما يجعل هؤلاء غير مؤهلين للترسيم بالمحاماة. وتمسك دفاع طالبي الترسيم بكون القانون لا يعد الإعفاء إجراء تأديبيا. وأثناء نشر القضايا قدمت وزارة العدل جوابها عن دعاوى إلغاء قرارات الإعفاء المنشورة بالمحكمة الإدارية وتضمن جوابها انها لا تمسك أي ملف تأديبي في حق القضاة المعفيين وان قراراتها لا تعد إجراء تأديبيا. استند طالبو الترسيم بالمحاماة لمراسلات وزارة العدل وتولوا إضافتها لملف قضاياهم بما ايد موقفهم.
انتهت قرارات محكمة الاستئناف لتأكيد أن الإعفاء لا يعد إجراء تأديبيا وتوصلت لكون من شملهم يحق لهم طلب الترسيم بالمحاماة. وأنهت بذلك الأحكام التي صدرت مفعول الحملة الإعلامية التي رافقت قرارات الإعفاء وكشفت أن الإعفاء لم يكن كما روج له إجراء ثوريا تأسس على حجج دامغة تثبت الفساد في حق من شملهم وانما كان اجراء اتسم بالارتجال وتمثل في استعمال آلية قانونية في غير موضع استعمالها.
نجح القضاة المعفيون في كسب معركة قضائية هامة وتمكنوا من تحويل معركة ترسيمهم في المحاماة لمحاكمة قانونية لقرارات الإعفاء التي طالتهم. فيما وجدت وزارة العدل نفسها عاجزة عن الدفاع عن قراراتها التي طالما تباهت بها بعد أن تبين لها أن ادعاء الثورية لا يمكنه أن يحصن الإعفاء من الرقابة القضائية. وتظل أحكام المحكمة الإدارية فيما يتعلق بقضايا إلغاء قرارات الإعفاء المعركة الأهم التي ينتظرها الجميع وان كانت محكمة الاستئناف قد أثبتت في أحكامها مبادئ سيكون لها دور مفصلي في النزاعات اللاحقة وأولها ان الإعفاء لا يمكن ان يكون بحال إجراء تأديبيا بالنظر لكون تأديب القضاة يجب أن يتم من قبل مجلس القضاء ووفق الشروط والإجراءات القانونية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني