العنف الأسري يتفاقم: زوج الأم يضرب الطفلة دلال حتى الموت


2022-07-29    |   

العنف الأسري يتفاقم: زوج الأم يضرب الطفلة دلال حتى الموت

لم تستفق طرابلس بعد من صدمة الجريمة التي ذهبت ضحيتها الطفلة دلال البالغة من العمر 6 سنوات، حيث يظهر من التحقيقات وإفادات العائلة وتقرير الطبيب الشرعي أنّ المدعى عليه زوج الأم محمود. ك، الملقب “ظريفة”، قام بضرب الصغيرة حتى الموت ثم دفنها في أحد أحواش مخيم البداوي. يبدو أنّ العائلة حاولت التستّر عليه، ولكن إخباراً وصل القوى الأمنية يفيد بوقوع الجرم، فداهمت المنزل، لتكتشف تعرض الأخ الشقيق للضحية دلال ع. أندوري (5 سنوات) لعنف مشابه أدى إلى إصابات بالغة في أعلى وجهه وفي جسده، وفي العيون. وألقت القوى الأمنية القبض على المدعى عليه محمود. ك. بناءً لإشارة النائب العام في الشمال زياد شعراني. استخرجت القوى الأمنية جثة الصغيرة الضحية، وعرضتها على الطبيب الشرعي، لتتضح، وفق مصدر أمني، قسوة الجريمة لأن “الفتاة قُتلت بطريقة مروعة، وكانت مصابة بكسر في الجمجمة بسبب الضرب الذي تعرضت له، وإثر ضرب رأسها بالجدران، كما أنّها مصابة بجروح عميقة في الجسد، وحروق في الأعضاء التناسلية”. ويضيف المصدر الأمني في روايته للمفكرة القانونية “الشقيق تعرض للعنف عينه، ولديه إصابات بليغة أيضاً، ولكن شاءت الأقدار أن يبقى على قيد الحياة”. وكذلك الأم، وهي سورية الجنسية، كانت “معنّفة”، وفق المصدر نفسه، ويضيف “لم تكن المرة الأولى التي تتعرض الطفلة للضرب على يد المدعى عليه” مشيراً إلى أنّ المدعى عليه ووالدة دلال لديهم ثلاثة أطفال من زواجهم الحالي. ويشير المصدر الأمني إلى أنه “تم الاستماع إلى الوالدة المعنّفة، وتُركَت رهن التحقيق من أجل معرفة أسباب سكوتها عن العنف المتكرر”.  

ويؤكد مرجع قضائي لـ “المفكرة” أنّ النائب العام أحال الملف إلى دائرة قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار الأربعاء 26 تموز 2022، وحدّدت القاضية نصار الأربعاء المقبل موعداً للاستماع إلى المدعى عليه بعد إحضاره من مركز توقيفه. ومن المقرر أن يتم استدعاء والدة الضحية دلال من قبل القضاء أيضاً للاستماع إلى إفادتها.

في موازاة ذلك، اتخذ النائب العام قراراً بحماية الطفل ع. أندوري المُعنّف على يد زوج الأم، وبناء عليه، تم وضعه لدى جمعية لرعايته. وتؤكد أميرة سكر، رئيسة إتحاد حماية الأحداث في لبنان، أن قرار الحماية جاء بعد الاستماع إلى  الطفل أمام الضابطة العدلية بحضور مندوب الأحداث، وبعد التحقق من عدم قدرة العائلة على تأمين المأوى الصحي والسليم له، مؤكدةً أن الوالد يمكنه تقديم طلب لرؤية الطفل لدى الجمعية التي يفرض القانون بقاء إسمها سرياً.

الوالد متمسك بالقانون

يروي والد الطفلين يحيى أندوري أنّه قبل 25 يوماً، اضطر إلى إخلاء مسكنه في منطقة الحارة البرانية في طرابلس بسبب عدم قدرته على دفع الإيجار، فتواصل مع زوج الوالدة (المدعى عليه)، من أجل طلب تأمين الإقامة المؤقتة  لولديه. ويقول “بعد طلاقنا أنا ووالدة دلال قبل سنوات كنت أرعى دلال وشقيقها وأربيهما بمفردي، ومنذ عام صرفت من العمل من المؤسسة التي كنت أعمل فيها، وبدأت الحالة الاقتصادية تضيق، واضطررت إلى ترك المنزل، فلم يكن أمامي خيار إلّا وضعهما مؤقتاً لدى أمهما، ظنّاً مني أنهما سيكونا في مكان آمن”. يضيف “لم يكن هناك تواصل مباشر مع الوالدة بسبب رفض زوجها لذلك، كنت أحياناً أرسل زوجتي الجديدة إلى القبة من أجل تفقّدهم، وكانا يؤكدان لها أنهما بخير”، نافياً علمه بتعرّض طفليه للعنف من قبل زوج الأم. وظلّ الأمر كذلك، إلى أن تلقّى الخبر من أحد معارفه، بأنّ طفليه تعرّضا للضرب على يد المدعى عليه، وأنهما في حالة سيئة.

يكمل عبد الله أندوري، شقيق يحيي وعم دلال، الرواية، “صعدنا إلى منزل عائلة المدعى عليه ، وقالوا لنا أنه ضرب الفتاة عن غير قصد، وإرتطم رأسها بالحائط، مما تسبب بالوفاة. وقد قامت العائلة بالواجبات الشرعية من غسل الجثة، وتكفينها والتعجيل في دفنها”. بعد ذلك انتقل الأب إلى مخفر القبة لتقديم شكوى، حيث تم إبلاغه بأن دلال قتلت نتيجة العنف المفرط، وأن شقيقها وُضع في إحدى الجمعيات من أجل حمايته.

يؤكد الوالد يحيى أندوري تمسّكه بالقانون، مطالباً بإنزال أشدّ العقوبات بالفاعل الذي حرمه من ابنته دلال. وتعتقد عائلة أندوري أنّ إخراج الوالدة المعنّفة من كنف عائلة الزوج المتهم، ومنحها الأمان قد يؤدي إلى كشف الكثير من الحقائق. كما تطالب العائلة بلقاء ابنها ع. أندوري، البالغ من العمر ست سنوات من أجل التأكد من حالته.

المدعى فيه  من “أصحاب السوابق”

تتقاطع روايات أبناء المنطقة مع معلومات المرجع الأمني، وتقول إنّ المدعى عليه “من أصحاب السوابق وليس من أصحاب السيرة الحسنة. كما يبدو أنه ملاحق بموجب ملفات عدة، وسبق أن تم توقيفه بأمور مختلفة، يرتبط بعضها بالمخدرات، وأخرى بسبب شبهات بصلات مع مجموعات مشبوهة”.

تلفت أميرة سكر، رئيسة اتحاد حماية الأحداث، إلى ارتفاع مستوى الجرائم التي تتعرض لها الشريحة الأكثر هشاشة وضعفاً في لبنان مؤخراً من أطفال، نساء، والأشخاص ذوي الإعاقة. وتؤكد أن تدخل الاتحاد ومندوبي الأحداث خلال الاستماع للأحداث والقاصرين يأتي بناء لنص المادة 34 من قانون حماية الأحداث رقم 422/2002، التي تشير إلى أنه عند إحضار الحدث أمام النيابة العامة أو الضابطة العدلية للتحقيق معه يتوجب على المسؤول عن التحقيق أن يعلم فوراً أهله أو أولياءه أو المسؤولين عنه، إذا كان ذلك متيسراً، وأن يتصل فوراً بالمندوب الاجتماعي المعتمد ويدعوه إلى حضور التحقيق. ويجب على هذا المندوب الحضور خلال ست ساعات من تاريخ دعوته. ولا يجوز البدء في التحقيق ما لم يكن المندوب حاضراً تحت طائلة الملاحقة المسلكية. وفي حال كان حضوره متعذراً لأي سبب، على النيابة العامة أو مصلحة الأحداث في وزارة العدل أن تعين مندوباً اجتماعياً من إحدى الجمعيات المصنفة في هذه المصلحة ليحضر مع الحدث أثناء التحقيق. ولا يكتفي فقط بحضور المندوب الإجتماعي بل يكون على هذا الأخير أن يباشر بحثاً اجتماعياً ويقدّم نتائجه إلى من يقوم بالتحقيق مع الحدث.

وتشير سكر إلى أنه تم احترام هذه القواعد في قضية مقتل الطفلة دلال أندوري، وتم تأمين الحماية لشقيقها ع. أندوري لدى إحدى الجمعيات، بعد أن اتضح للمندوب، إثر “تقييم الخطر”، أنه من الأفضل حمايته من محيطه، في ظل عدم القدرة على تأمين الرعاية التامة له في الظروف الحالية.  وتتخوف سكر من ازدياد الجرائم بحق الأحداث في المرحلة المقبلة في ظل الانهيار الذي تعيشه البلاد ومحدودية الموارد لدى الجمعيات ومؤسسات الدولة، لافتة إلى دور  بعض الجمعيات في التخفيف من صعوبة ما يحدث، متمنية وصول لبنان إلى مرحلة “مجتمع بأكمله يحمي الأطفال، وليس فقط مؤسسات محددة”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، تحقيقات ، الحق في الحياة ، حقوق الطفل ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني