الشفافية في البلديات واتحاداتها في “الغربال”: 50% فقط تمتثل لقانون الوصول إلى المعلومات


2020-05-13    |   

الشفافية في البلديات واتحاداتها في “الغربال”: 50% فقط تمتثل لقانون الوصول إلى المعلومات

أن تعرف كيف وأين يُصرف المال العام حقّ طبيعي باعتبار أنّك مواطن تقوم بواجباتك وتساهم هذا المال من خلال ما تدفعه من ضرائب، إلّا أنّ هذا الحق كان ولا يزال مطلباً في لبنان وتصدّر شعارات انتفاضة 17 تشرين وما سبقه من تحرّكات على امتداد سنوات.

انطلاقاً من هذا الواقع  أطلقت “غربال” وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  (UNDP) مشروعاً يهدف إلى تبيان مدى التزام البلديات واتحادات البلديات بالشفافية وبقانون حق الوصول إلى المعلومات.

50% من البلديات تلتزم قانون حق الوصول إلى المعلومة

منذ العام 2018 تعمل مبادرة “غربال” على موضوع تعزيز الشفافية داخل الوزارات والإدارات العامة والبلديات وحق المواطن في الوصول إلى المعلومة انطلاقاً من مبدأ أن الشفافية أساس المحاسبة، ومؤخراً اختارت المبادرة البلديات واتحاداتها كونها مهملة إلى حد كبير في الخطاب الوطني المتعلّق بالإصلاح والتنمية على الرغم من الدور الذي تؤدّيه في الحياة اليومية للناس إذ إنها تشكّل مساحة مهمة للتفاعل بين الدولة والمواطن، حسب ما يوضح أسعد ذبيان مدير “غربال”.

ويشرح ذبيان في حديث مع “المفكرة القانونية” أنّ المشروع اختار من بين 1031 بلدية الـ47 التي تخضع لأحكام قانون المحاسبة العمومية أو رقابة ديوان المحاسبة، بالإضافة إلى جميع اتحادات البلديات والتي يبلغ عددها 56، موضحاً أنّه طُلب من هذه البلديات والاتحادات بين كانون الأول وكانون الثاني الماضيين وعبر البريد المضمون نسخ عن موازناتها وحساباتها القطعية للأعوام الممتدة بين الـ 2014 إلى 2018، على أن تظهر الأبواب والوظائف والنفقات الفعليّة والإيرادات المحققة.

ردّت على هذا الطلب 24 بلدية ولكن 17 منها فقط قدمت جميع المعلومات المطلوبة، في حين قدمت 4 بلديات معلومات غير كاملة، ورفضت ثلاث بلديات الطلب خطياً، أما فيما خص اتحادات البلديات، فقد ردّ على الطلب 27 اتحاداً، إذ قدم 23 اتحاداً جميع المعلومات المطلوبة، وقدّم اتحادان معلومات غير كاملة واثنان آخران رفضا خطياً تقديم أي معلومات.

ويؤكّد ذبيان أنّ هذه الاستجابات تظهر أنّ نحو 50% من البلديات واتحاداتها فقط  تمتثل لأحكام قانون الحق في الوصول إلى المعلومات الصادر عام 2017.

الحقائق في قالب سلس

حوّل مشروع مبادرة “غربال” المعلومات التي حصل عليها والمتعلقة بالميزانيات والحسابات القطعية أي الواردات والنفقات، إلى مادة مرئية ومكتوبة سلسة سهلة القراءة، نشرها على موقع خاص بهدف تسهيل وصول المواطن إلى المعلومات التي تساعده على معرفة مداخيل البلدية والأبواب التي صرفت فيها الأموال، وبالتالي يمكنه محاسبتها على أساس أرقام ومعلومات واضحة ومحددة.

بالإضافة إلى ما تقدّم، أضاف القيّمون على المشروع 11 منطقة لتعريف سكّانها بقانون حق الوصول إلى المعلومة وآليات الوصول إليها، فضلاً عن إنشاء مواقع إلكترونية مجانية  لـ 8 بلديات واتحادين لنشر قطع الحساب والميزانية بشكل يتيح للمواطن معرفة كلّ ما يتعلق بنفقات بلديته.

المشروع لا يهدف إلى المحاسبة مباشرة!

يؤكد ذبيان أنّ الهدف الأساسي من هذا المشروع هو إعلام المواطن أين يصرف المال العام والذي تشكل أموال البلديات جزءاً منه، حتى يتمكّن من ممارسة  الرقابة والمحاسبة على أساس كيفية إدارة هذا المال، موضحاً أنّ هذا المشروع هو استكمال لعمل “غربال” ولرفع الصوت والقول للمواطن “لك الحق أن تسأل وتصل إلى المعلومة ومن ثمّ تحاسب”.

وفي هذا الإطار يوضح ذبيان أنّ هدف المشروع ليس المحاسبة ، قائلاً: “عملنا ليس أن نحاسب، نحن ننشر المعلومة بشكل واضح وسلس، ونصل إلى تحليل أوّلي لها، ليأتي دور المواطن المهتم أو الناشط السياسي أو الصحافي أو أي جهة أخرى وتحاسب على أساس المعلومة التي أتحناها لها بطريقة واضحة، ونحن بابنا مفتوح لكلّ من يطلب المساعدة”.

الشفافية مطلوبة

بلدية بتلون كانت واحدة من البلديات التي استجابت مع المشروع واستفادت منه في تعزيز الشفافية والتواصل بينها وبين مواطنيها، بشكل يعود بالنفع العام.

وفي هذا الإطار يقول رئيس بلدية بتلون مروان قيس أنّ مبدأ الشفافية وتسهيل وصول المواطنين إلى المعلومة كان معتمداً في البلدية قبل مشروع “غربال” عبر اجتماعات دورية كانت تُجرى بين البلدية والمواطنين بهدف وضعهم في صورة الميزانية المرصودة وأبواب صرفها، إلّا أنّ التعاون مع “غربال” عزّز هذا المبدأ وضمن عملياً حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات بشكل يتيح لهم المشاركة في القرارات والمحاسبة انطلاقاً من أنّ مال البلدية هو مال عام ويحقّ للناس معرفة المشاريع التي ينفق عليها وجدوى هذه المشاريع.

ويعتبر قيس أنه من إيجابيات هذه المبادرة كان تفاعل الناس معها لجهة معرفتهم بالأموال المتاحة ومن ثمّ المساهمة في تحديد طرق صرفها عبر ترتيب المشاريع حسب الأولوية، من دون أن ينفي تلقيه بعض الانتقادات لقبوله بهكذا مشروع يضع البلدية تحت المراقبة بشكل دائم.

ولا يستغرب قيس رفض العديد من البلديات واتحاداتها المشاركة في مشروع يهدف إلى الشفافية ويضمن حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة، ويعتبر أنّ الرفض لا يعني بالضرورة رغبة البلديات في إخفاء الحقائق فلكل بلدية أسبابها، مضيفاً أنه إذا كانت الوزارات ومؤسسات الدولة الكبيرة والأساسية ترفض الكشف عن حساباتها فهل تُلام البلديات؟

وفي إطار آخر يوضح قيس أنّ واردات معظم البلديات غير كافية للقيام بكل ما يتوجّب على البلدية على أكمل وجه، ولاسيّما واردات البلديات الصغيرة، لذلك قد تكون الشفافية مهمة جداً لتبيّن كلّ بلدية طريقة إدارتها للمال العام وبالتالي يُحكم عليها لجهة جودة الإدارة ونظافة الكف، مضيفاً أنّ الشفافية قد تريح البلدية أيضاً إذ يبين للناس الأموال المتاحة فلا تُلام على أمور لا تسمح ميزانيتها بالقيام بها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني