التّحرير في مصر يمرّ من فلسطين


2024-02-09    |   

التّحرير في مصر يمرّ من فلسطين
صورة لحسام الحملاوي، من مسيرة تضامنيّة مع الانتفاضة الفلسطينيّة في ميدان التحرير بتاريخ 13 مايو 2011

منذ أكتوبر الماضي، عاد النظام المصري إلى دائرة الضوء مرة أخرى. إذ يتساءل الكثيرون لماذا تتواطأ القاهرة بإغلاق معبر رفح في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل. ولكن موقف النظام يمكن فهمه إذا أخذنا بعين الاعتبار كيف تنظر السلطة في القاهرة إلى الفلسطينيين كمصدر تهديد وعدم استقرار وإلهام للمصريين للثورة. لقد كانت القضية الفلسطينية دائمًا عاملاً تثويرياً للشعب المصري. معظم نقاط التحول، إن لم يكن كلّها، في تاريخ المعارضة في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، كانت، بشكل مباشر أو غير مباشر، نتاجًا لما يحدث في فلسطين. 

1968 إلى 1977 انتفاضة الخبز

تميل أغلب الأدبيات التي تناقش 1968، عام الثورة العالمية، إلى التركيز على انتفاضة الطلبة والعمال في مايو بفرنسا وصعود الحركات الاجتماعية والمناهضة للحرب في أوروبا والولايات المتحدة. وتتغافل عن حقيقة أنه كان للعالم العربي عام 1968 الخاص به، وهو أمر نادراً ما يتم تأريخه.

في أعقاب الهزيمة الكارثية على يد إسرائيل عام 1967، نظّم طلاب المدارس والعمال المصريون، وخاصة في حلوان، جنوب القاهرة، مع طلاب الجامعات احتجاجات حاشدة. نزلوا إلى الشوارع في فبراير 1968 للمطالبة بمحاسبة كبار ضباط الجيش والرئيس جمال عبد الناصر نفسه. قُمِعَ هذا التمرّد بالقوة، ولكنّ عبد الناصر وعد الجماهير بإصلاحات ديمقراطية، سمّيت آنذاك ببيان 30 مارس. واندلعتْ موجةٌ أخرى من المظاهرات المناهضة للنظام في نوفمبر من العام نفسه في الإسكندرية، وكانت أقوى من تلك التي اندلعت في فبراير. وتحوّلت شوارع المدينة الساحلية إلى ساحة اشتباكات دامية مع قوات الأمن. واستدعى النظام مروحيّات تابعة للجيش حلّقت على ارتفاع منخفض لترويع الطلاب. وسارعت الصحف إلى التنديد بالمتظاهرين ووصفتهم بـ”عملاء إسرائيل”.

أسهمت تلك المظاهرات الحاشدة في دفع عبد الناصر إلى إعلان “حرب الاستنزاف” ضدّ قوات الاحتلال الإسرائيلي في سيناء. كما أسهمت في إطلاق “الموجة الشيوعية الثالثة” في مصر. بدأت منظمات ثورية جديدة في التشكل ولعبت دورًا مركزيًا في الانتفاضات الطلابية في الفترة من 1971 إلى 1973، والتي ضغطتْ على خليفة عبد الناصر، أنور السادات، لحمله على شنّ حرب محدودة لتحرير أجزاء من شبه جزيرة سيناء.

أعطتْ حرب أكتوبر 1973 السادات شعبية سياسية مؤقتة، واستراحة لالتقاط أنفاسه، قدّم نفسه فيها كـ”بطل حرب العبور”، ولكن سرعان ما برزت المسألة الاجتماعية إلى الواجهة. ففي عام 1974، شرع السادات في أول محاولة للنظام للانتقال إلى الليبرالية الجديدة، والتي أطلق عليها اسم سياسة الانفتاح. وفي العام التالي، بدأت الحركة العمالية في المقاومة، فاندلعتْ إضرابات في حلوان وشبرا والمحلة. 

استمرّت موجة الإضرابات العمالية والاحتجاجات الطلابية، ممهدة الطريق أمام “انتفاضة الخبز” عام 1977، والتي شهدت إضرابًا عاماً ويومين من معارك الشوارع مع الشرطة في جميع أنحاء البلاد، بسبب إجراءات التقشف التي تضمنت إلغاء الدعم على الخبز ومواد الغذاء الأساسية. أجبر السادات على أن يلغي قراراته التقشفية ويرسل الجيش لإخماد الانتفاضة.

كانت فلسطين حاضرة دائما في الخلفية كعامل تثوير. إذ مثّلت معركة الكرامة في مارس 1968، والتي شهدت هزم الفدائيين لقوة إسرائيلية على الضفة الشرقية لنهر الأردن، مصدر إلهام للحركة الاجتماعية الناشئة حديثًا في مصر. عقد الطلاب المتظاهرون مقارنات بين المقاومة البطولية للفلسطينيين والأداء الكارثي للجيوش العربية التقليدية في حرب 1967. وقد أثيرت مثل هذه المقارنات بشكل منتظم في السنوات التالية، عندما انتقد الطلاب السادات مستنكرين مماطلته في خوض حرب التحرير. وكانت الرسالة: إذا كان الفلسطينيون قادرين على القيام بذلك، فلماذا لا نفعل ذلك نحن أيضاً؟

وكانت الحركة الاجتماعية – التي بزغت من هذه الأحداث وقادت في السنوات التالية الحراك الذي أدى في نهاية المطاف إلى انتفاضة عام 1977 – يقودها خريجو المجموعات الطلابية اليسارية التي كانت تسمى “جمعيات أنصار الثورة الفلسطينية”.

وبعد قمع الانتفاضة، سارع السادات إلى عقد معاهدة سلام مع إسرائيل، في محاولة يائسة للحصول على دعم الولايات المتحدة للحفاظ على نظامه..

1987 الانتفاضة الفلسطينية الأولى إلى 1992 اندلاع “الحرب على الإرهاب” 

كانت هزيمة انتفاضة 1977 في الواقع بمثابة نهاية للموجة الشيوعية الثالثة، على الرغم من أن وفاتها الرسمية عادة ما تؤرخ بانهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الستالينية في عام 1991.

كانت فترة الثمانينيات في مصر سنوات ركود، ليس فقط اقتصادياً، ولكن أيضًا سياسيا واجتماعيا، تخللتها بعض الهبات العفوية من الاحتجاجات المناهضة للنظام، معظمها في حرم الجامعات، على صلة بالقضية الفلسطينية.

ولكن مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتعشت المعارضة السياسية مرة أخرى. اجتاحت الاحتجاجات الجامعات المصرية والنقابات المهنية تضامناً مع الفلسطينيين، وسرعان ما تحوّلت إلى مواجهات مع قوات الأمن. رفع المتظاهرون شعارات تطالب بالديمقراطية، وتفكيك الأجهزة الأمنية، وقطع العلاقات مع إسرائيل التي أنشأت بعثة دبلوماسية في الجيزة، على مسافة قريبة من جامعة القاهرة.

وكانت الاحتجاجات قوية لدرجة أنّ وزير الإعلام في عهد حسني مبارك، صفوت الشريف، أصدر توجيهات إلى التلفزيون الحكومي للحدّ من تغطية الأخبار المتعلقة بفلسطين. كما استخدم النظام دعم ياسر عرفات للغزو العراقي للكويت عام 1990 لتشويه صورة الفلسطينيين وشيطنتهم.

وجّهت حرب الخليج عام 1991 التي قادتها الولايات المتحدة، وما تلاها من مفاوضات “السلام” في “الشرق الأوسط الجديد”، ضربة ساحقة للانتفاضة الفلسطينية وقوّت في المقابل شوكة وكلاء الولايات المتحدة في المنطقة، بما فيهم مبارك.

لا يمكننا أن نفصل بين احتواء الانتفاضة الفلسطينية الأولى وبين بداية عملية أوسلو وتوحش الأنظمة العربية في مواجهة شعوبها. وليس من قبيل المصادفة أنّ حرب مصر الأولى على “الإرهاب” أعلنت في عام 1992، في نفس العام الذي شرع فيه النظام في تحوله إلى الليبرالية الجديدة تحت رعاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وعلى الرغم من أنّ الهدف المعلن كان محاربة التنظيمات الإسلامية المسلحة مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي، إلا أنّ النظام استهدف جميع أشكال المعارضة يمينا ويسارا والسلمي والعنيف منها من دون استثناء. 

لقد بدأت سنوات دراستي الجامعية في عام 1995، في ذروة الحرب على الإرهاب. وأتذكر جيداً كيف كانت القاهرة تحت احتلال الشرطة على مدار الساعة، وانتشرت نقاط التفتيش (أو الكمائن كما تسمى بمصر)، وعمليات التفتيش العشوائية، والاغتيالات، والاعتقالات الجماعية. وكانت الأحزاب السياسية المعارضة تحت الحصار. وتراجعت الحركة العمالية وخفّت حدّة النضالات الاجتماعية. ووضعت النقابات المهنية تحت سيطرة الدولة. وأحيل الآلاف إلى المحاكم العسكرية والاستثنائية. ولم يكن بوسع أحد أن يهمس باسم مبارك، سواء في هتافات احتجاجية، أو في مقال صحفي، أو في محادثة هاتفية.

كيف وصلنا من هذا الوضع إلى الثورة التي أطاحت بمبارك وعائلته بعد عقد من الزمن، في عام 2011؟ مرة أخرى الإجابة فلسطين.

2000 الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى 2011 ثورة يناير

أدى اندلاع الانتفاضة، في 28 سبتمبر 2000، إلى زلزال في مصر والمنطقة. تكشّف للعرب أن أنظمتهم إما أنها عاجزة عن وقف العدوان الإسرائيلي، أو على نحو أكثر دقة، أنها متواطئة في إخضاع الفلسطينيين. 

ومن خلال المحطات التلفزيونية الفضائية الصاعدة آنذاك مثل قناة الجزيرة، شاهد ملايين المصريين صورًا حيّة للفظائع الإسرائيلية ولأطفالٍ فلسطينيين وهم يقاومون الدبابات بالحجارة. بدأ الناس على الفور في المقارنة بين اضطهاد الفلسطينيين على يد الصهاينة والقمع الذي كان يواجهه المصريون في ظل حكم مبارك. وخلصوا إلى أنه إذا تمكن هؤلاء الأطفال من التغلب على دبابات الجيش الإسرائيلي الجبارة، فيمكننا أن نتغلب على مدرعات شرطة مبارك.

اندلعت احتجاجات تضامنية حاشدة في حرم الجامعات المصرية خلال الأسبوع الأول من أكتوبر 2000. ولأول مرة منذ عقود خرج طلاب المدارس الثانوية ورياض الأطفال إلى الشوارع وهم يلوّحون بالأعلام الفلسطينية. وشهدت النقابات المهنية، التي كانت خاملة في السنوات السابقة، انتعاشاً في نشاطها. لكنّ عودة الحراك في الشارع قوبلت بالقمع الوحشي. فهاجمت الشرطة المظاهرات واعتقلت أعداداً ضخمة من الطلاب. كانت هذه تجربتي الأولى في الاحتجاز والتعذيب على يد جهاز مباحث أمن الدولة.

هدأت الاحتجاجات مؤقتا نتيجة للقمع، لتشتعل من جديد في إبريل 2002 عندما أرسل أرييل شارون دباباته إلى الضفة الغربية، مخلفا وراءه سلسلة من الدماء والمذابح في جنين ومدن أخرى. على مدى يومين، خاض الطلاب المصريون معارك مع الشرطة في شوارع الجيزة، فيما أُطلق عليه اسم “انتفاضة جامعة القاهرة”. وكانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها الآلاف يهتفون ضد مبارك: “حسني مبارك زي شارون. نفس الشكل ونفس اللون!”

تمّ قمع موجة الاحتجاج مرة أخرى بالقوة، لكنّ شيئًا ما كان يتغير بالفعل في المزاج العام. وكان جدار الخوف الذي أقامه مبارك في العقديْن الماضيين ينهار ببطء. كما كانت المنظمات الناشطة في الجامعات وخارجها تنمو أيضًا.

ومع غزو العراق، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع في العاصمة والمحافظات، فيما اعتبر أكبر احتجاجات شهدتها مصر منذ انتفاضة 1977. تحوّل وسط القاهرة إلى ساحة من المعارك المتواصلة مع قوات الأمن، وأحرق المتظاهرون صور مبارك، ومزقوا لافتات الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب بالحجارة مثلما يفعل الفلسطينيون. سيطر المتظاهرون على ميدان التحرير لمدة يومين، فيما كان بمثابة بروفة للانتفاضة التي اندلعت بعد عقدٍ من الزمن.

على مدى ثلاث سنوات متتالية، خلقت هذه التعبئة حول فلسطين والعراق للناشطين المصريين هامشًا يمكنهم من خلاله تنظيم وإقامة احتجاجات في الشوارع، والتي كانت في السابق خطوطًا حمراء. وليس من قبيل المصادفة أنّ حركة “كفاية” المناهضة لمبارك انطلقت في أعقاب مثل هذه التحركات، في ديسمبر 2004، من قبل نفس المنظمين الذين قادوا حركة التضامن مع فلسطين والمناهضة للحرب على العراق.

نظمت “كفاية” مظاهرات صغيرة الحجم في الشوارع، واجتذبتْ الطلاب والمهنيين والمثقفين من الطبقة المتوسطة، لكنها لم تتمكن من خلق جذور لدى الطبقة العاملة المصرية. ومع ذلك، تبنت الحركة استراتيجية واعية لنشر صور الحراك، من خلال وسائل الإعلام التقليدية والإنترنت إلى أوسع جمهور ممكن في ذلك الوقت، لمحاولة خلق “تأثير الدومينو”. ساهمت الصور المنشورة للعشرات (وأحيانًا المئات) وهم يهتفون ضد مبارك ويحرقون ملصقاته في إحداث حالة من الذهول في البلاد. وتحطم صنم مبارك إلى الأبد، وكانت بمثابة رسالة إلى الجمهور مفادها أنه يمكن للمرء أن يواجه من هم في السلطة، سواء في الحكومة أو في مكان العمل.

وفي هذا السياق، أضربت 3000 عاملة في صناعة الملابس بالمحلة، في قلب دلتا النيل، في ديسمبر 2006، للمطالبة بمنحة مالية وعد بها رئيس الوزراء أحمد نظيف وحاول التملص من وعده. وسريعا ما امتد الإضراب لباقي عنابر الشركة. انتصر العمال بعد ثلاثة أيام من الصمود، مفجرين أكبر وأطول إضراب شهدته مصر منذ عام 1946.

تصاعدت هذه الإضرابات إلى انتفاضتين محليتين في عام 2008، في المحلة والبرلس، حيث أسقط المتظاهرون لافتات وصور مبارك. وسرعان ما تجاوز المضربون عالم الاقتصاد إلى المجال السياسي. كما شاركت القيادات العمالية بانتظام في فعاليات التضامن مع فلسطين.

هذه هي الحركة الاجتماعية التي مهدت الطريق لثورة يناير 2011 التي أطاحت أخيراً بحسني مبارك. وفي ميدان التحرير، كانت الأعلام الفلسطينية حاضرة في كلّ حشد تقريبًا، في حين هلع القادة الإسرائيليون على فقدان مبارك وشاهدوا بخوف كيف اقتحم الثوار السفارة الإسرائيلية في القاهرة مرتين مطالبين بإنهاء العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب.

2013 الثورة المضادة 

هدف الانقلاب العسكري، الذي قاده وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، إلى القضاء على الثورة، وأي قضية يتبناها الثوار. ومن الطبيعي أن تأتي فلسطين على رأس القائمة. وبينما شرع السيسي في مجازره في النصف الثاني من عام 2013، قام أيضًا بتشديد الحصار على غزة، وشيطن حماس في وسائل الإعلام، وتعاون بشكل فعال مع إسرائيل في حربها على غزة عام 2014.

استقبلت تل أبيب أخبار انقلاب السيسي بالترحاب، وأقامت علاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع النظام الجديد، وسوقت للسيسي في الولايات المتحدة والغرب باعتباره الأمل الوحيد لإنقاذ مصر من “الإرهابيين”. وفي المقابل، سمح السيسي للقوات الجوية الإسرائيلية بالعمل في سيناء، وتنفيذ مئات الضربات ضد أهداف إرهابية مزعومة.

ومع ذلك، أثبتت حماس قدرتها على الصمود، على الرغم من الحصار المصري الإسرائيلي. 

وبعد خسائر فادحة في حربه في سيناء ضد داعش، اضطر السيسي إلى اللجوء إلى حماس بحلول عام 2017 لمساعدته في حراسة الحدود، ومنع تدفق السلفيين من غزة – الذين يكرهون حماس – إلى مصر للمشاركة في التمرد ضدّ الجيش المصري.

وعلى الرغم من هذا التقارب والتخفيف النسبي للحصار، ظل الوضع الإنساني في غزة سيئا. وفي الوقت نفسه، حاول السيسي تقديم نظامه كوسيط ذي مصداقية للرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا جو بايدن، قادر على التوسط في هدنة أو تسويات سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، في محاولة لاستعادة بعض نفوذ القاهرة الإقليمي المفقود.

منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي قام السيسي بإغلاق معبر رفح مرة أخرى استجابة للضغوط الإسرائيلية، ولم يسمح إلا لأعداد ضئيلة من المصابين في غزة بالمغادرة إلى مصر للحصول على العلاج الطبي، وذلك فقط بعد موافقة إسرائيل على قائمة الأسماء. وتقوم القوات الإسرائيلية أولاً بتفتيش شاحنات المساعدات الشحيحة التي تدخل إلى غزة قبل السماح لها بالدخول. نظام السيسي في الواقع جزء أصيل متواطئ من المجهود الحربي الإسرائيلي.

ولكن بين جموع المصريين، لا يزال الشعور الجارف بالتضامن مع الفلسطينيين قائما. وتُرى الأعلام الفلسطينية على السيارات والمحلات التجارية والبضائع. ولا تزال حملات المقاطعة التي تستهدف العلامات التجارية العالمية التي تدعم إسرائيل تتوسع. وأصبح أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، بطلاً في أعين المصريين.

ومما يثير رعب النظام أنّ الهجوم الإسرائيلي على غزة يؤدي ببطء لإحياء النشاط السياسي، الذي وأده السيسي على مدى العقد الماضي. فخلال الأسبوع الأول من الحرب في أكتوبر، اندلعت احتجاجات عفوية في شوارع القاهرة والمحافظات، مما فاجأ قوات الأمن. وشهدت الجامعات لأول مرة منذ سنوات مظاهرات قام بها طلاب لم يعتركوا السياسة قبل ذلك.

حاول النظام اختطاف موجة الاحتجاج ودعا إلى احتجاجات برعاية الدولة، في 20 أكتوبر، لدعم جهود السيسي الدبلوماسية، وتصويره كمدافع عن الأمن القومي. ولكن جاءت الدعوة بنتائج عكسية. للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمن، توافد المصريون بأعداد كبيرة على ميدان التحرير، مرددين هتافات ثورة يناير 2011. وبعد أن فرقتهم قوات مكافحة الشغب، مزق المتظاهرون لافتات السيسي في وسط القاهرة، واندلعت اشتباكات في الشوارع مع قوات الأمن.

لقد هدأت الاحتجاجات، في الوقت الحالي على الأقل. ولكن هناك بالفعل حجر ألقي في المياه الراكدة. لقد ولد في مصر جيل جديد من النشطاء، وأمامهم طريق طويل لإحياء الحركة الثورية. ومرة أخرى، نحن مدينون لفلسطين.

انشر المقال

متوفر من خلال:

أحزاب سياسية ، مقالات ، فلسطين ، مصر



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني