أهالي الضحايا: فرح قليل بعودة البيطار وحذر من خطوة المستدعين المقبلة


2021-10-05    |   

أهالي الضحايا: فرح قليل بعودة البيطار وحذر من خطوة المستدعين المقبلة
والدة الضحية إبراهيم الأمين

بات للمكان خصوصيّته، باتت الحجارة ومكان وضع الصور والشموع معروفاً، حتى الشجرة الوارفة التي تغطّي بوابة المرفأ بات حفيف أوراقها مألوفاً. إنّه اليوم الرابع من الشهر، موعد ينتظره الأهالي والصحافيون والمناصرون للتلاقي والحديث وتسجيل المواقف، أما الأهالي فينتظرونه لتجديد عهودهم التي قطعوها لضحاياهم، “لمّا نوقف ننزل، قضيتنا رح تموت حتى لو بقينا 2 بدنا نضل ننزل”.

“عدالة، حقيقة، محاسبة” هو الشعار الذي رفعه أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت أمس الإثنين خلال وقفتهم الشهرية أمس الإثنين أمام بوابة المرفأ رقم 3، وكانت وقفة الأمس بخلاف سابقاتها مليئة بالأمل والفرح بعد صدور قرار محكمة الاستئناف بالإجماع ردّ طلب الرد المقدم من النواب غازي زعيتر ونهاد المشنوق وعلي حسن خليل لعدم الاختصاص النوعي وإلزام كل من المستدعي النائب نهاد المشنوق والمستدعيين النائبين غازي زعيتر وعلي خسن خليل بالاشتراك بينهما دفع غرامة مقدارها 800 ألف ليرة لبنانية سنداً لأحكام المادة 127 مدنيّة. وهو قرار يخوّل القاضي بيطار معاودة مزاولة مهامه بعد توقفٍ دام حوالي الأسبوع. 

إذاً ربح الأهالي جولتهم الأولى مع السياسيين المدّعى عليهم إلّا أنّ بالهم لم يهدأ بعد، فهم ما زالوا بانتظار قرار محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية رندا كفوري التي ستبتّ بدعوى الارتياب المشروع المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، علماً أنّ هذه الدعوى لا توقف التحقيق. 

في عيون الأهالي بريق مختلف، بريق عودة الأمل

في زحمة المطالب والاعتصامات، لم ينس الأهالي شوقهم ولحظات مضت مع ضحاياهم، في ظلّ الشجرة تتخذ فاطمة علّيق زوجة الضحية حسين البشر مجلساً لها، من مكانها تراقب الجمع وتنفث دخان سيجارتها. تعرّج أمهات الضحايا عليها الواحدة تلو الأخرى يشاركنها أحاديث قصيرة ومنهنّ من يشاركنها بسيجارة. لا تأبه زوجة البشر بما يجري في المحاكم وتفاصيل القرارات التي تصدر، تأتي للمشاركة في الوقفات والاعتصامات من الجنوب في حافلات نقل خاصّة لتقف مع الأهالي “نحن هيدي قضيّتنا وأنا هول الناس صاروا أهلي وسندي بعد جوزي بدي أعرف مين أخذ مني حبيبي”. تحت هذه الشجرة  التي كان البشر يمر بها يومياً للدخول إلى مكان عمله في إهراءات القمح، تعود زوجته بذكرياتها طفلة بعمر الثالثة عشر، “حبّيته كان عمري 13 خطبت عمري 16 وتجوّزت عمري 18 سنة، كان سندي ورفيقي”. ثلاثون عاماً قضتها البشر وحبيبها في منزلهما، تستيقظ معه صباحاً قبل ذهابه إلى العمل وتنتظره عند المساء، “ما كان عندي شي بالحياة إلّا هو الله ما رزقنا أولاد بس كنّا مبسوطين”. تستذكر لحظات قدومه إلى المنزل، وتقول إنّها ما زالت تشعر بوجوده بقربها، “بعدني لهلق عند موعد رجوعه من الشغل بسمع صوت مفاتيحه عالباب بقوم بفتح مثل ما كنت استقبله عالباب بس ما بلاقيه. اليوم بات الحديث عن الذكريات يأتي مع ابتسامة خفيفة وابتسامة حسرة على أيام لا تعوّض سعادتها بثمن. 

كلعبة الشطرنج، هذا هو حال الأهالي والسياسيين المدعى عليهم، نقلة الحجر الرابحة لا تعني انتهاء الجولة، الأهالي اليوم وإن ربحوا الجولة هم في حالة ترّقب بانتظار نقلة الخصوم، “اليوم يوم فرح، هيدي ضرب مهمة على راسهم” يقول والد الشهيد حسام البطل الذي يعرّف عن نفسه بأنّه “أبو حسام”، معتبراً أنّ استمرار الوقفات الاحتجاجية ضروري لاستمرار القضية وثباتها “هيدا القتل ببلاش بدّو يروح، بدنا نعرف الحقيقة ما بجوز”. 

أما والد الضحية جيسيكا فيصنّف قرار محكمة الاستئناف بأنّه بمثابة المدماك الأوّل لبناء العدالة وبناء لبنان جديد، “لازم القضاة الشرفاء لي ما بيخافوا الموت يضربوا بيد من حديد، بدنا محاسبة المجرم والمهمل والمرتشي”. 

ريما الزاهد شقيقة الضحية أمين الزاهد، تشتهر بين الأهالي بصلابتها، وفيما ينطلق لسانها حازماً لاذعاً تجاه المتهمين والمسؤولين تنهمر الدموع من عينيها في لحظة عابرة، بالأمس كانت تبكي فرحاً وشوقاً وقلقاً، “نحن بمعركة قاعدين على أعصابنا، كلّ الوقت حاسين أنه بأي لحظة ممكن حدا يغدرنا وتجينا الضربة، وممكن يتكاتفوا علينا، ما عنا أمان بهيدا البلد”. 

خلال الوقفة الاحتجاجية

حطيط للمناصرين: أبعدوا قضيتنا عن التسييس 

وجّه إبراهيم حطيط الناطق الرسمي باسم أهالي ضحايا تفجير المرفأ وشقيق الضحية ثروت حطيط في كلمته رسالة شكرٍ إلى الرئيس إيليا ومعاونيه على حكمهم العادل والجريء وذلك لردّهم طلب الرد الظالم على حد قوله “ريّس إيليا كنت عند حسن ظنّنا بك وكما سمعنا عنك”، وتمنّى حطيط من القاضية رندا كفوري أن تحكم بالعدل الذي أقسمته “رحمة بأولئك النسوة من أمهات وزوجات وبنات وأخوات الضحايا والشهداء وأطفالهن”.

واعتبر حطيط “أن قرار القاضي إيليا دليل على أنّه لا يزال في القضاء بعض الخير المتمثل ببعض القضاة النزيهين الذين يؤازرون قاضي التحقيق بيطار في مسيرته للوصول إلى الحقيقة والعدالة في جريمة العصر” .

وتطرّق حطيط إلى ما جرى نهار الأربعاء الفائت خلال اعتصام الأهالي أمام مبنى قصر العدل حيث هتف المحتجّون المناصرون ضدّ أحد الأحزاب دون غيرها واعتبر أنّ “ما جرى هو عملية فاضحة لنقل القضية إلى الصراعات السياسية الداخلية”. وقال إنّ لجنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ ترفض الأمر رفضاً قاطعاً، “نحن لا نريد تضييع البوصلة ولأنّ دماء شهدائنا وضحايانا الذين قضوا في التفجير ستذهب هدراً من دون الكشف عن حقيقة ما جرى في الرابع من آب”.

ودعا حطيط القاضي بيطار إلى السرعة في إتمام إجراءاته التي بدأها باستجواب المتّهمين قبل أن يتاح لهم اللعب على القوانين لتقطيع الوقت وصولاً لحصاناتهم المشكوك بأمرها أصلاً على حد قوله.

وطالبه بمعرفة كيف قضى شقيقه والضحايا، موجّهاً عدّة أسئلة إليه: “هل ما حصل كان انفجاراً أو تفجيراً، نعم نريد أن نعرف النتيجة التي توصّلتم إليها وتوصّل إليها المحقّقون الذين حضروا من خارج لبنان، لناحية كيفية حصول ما حصل”. 

وأوضح حطيط أنّ الاهالي ما عادوا يعيرون اهتماماً بأيّة اعتباراتٍ سياسيةٍ أو قانونيةٍ، بعدما ذهب المتهمون لما ذهبوا إليه من دون أي اعتبارات لمشاعرهم كونه يوجد اجتهاداتٍ ومخارجٍ لكل شيء في هذا البلد الذي تدخل فيه المزايدات والاستثمارات السياسة حتى في دماء الأبرياء.

وشدّد حطيط على أنّ ما يريده الأهالي “اليوم قبل الغد هو معرفة كيف خسرنا شهداءنا وضحايانا ربطاً بذلك الإعلان صريح ورسمي لكيفية وصول الباخرة الموت روسوس إلى لبنان ومن هم أصحابها؟ وإلى أين كانت متّجهة؟ ومن استفاد منها وصولاً لانفجار شحنتها؟”. 

كذلك تطرّق حطيط إلى موضوع شاحنة النيترات الذي تمّ ضبطها وتوقيفها الأسبوع الفائت في البقاع، مطالباً الأجهزة الأمنية والقضائية المعنية مصارحة أهالي الشهداء واللبنانيين بشكل شفّاف حول ما إذا كانت هذه النيترات مرتبطة بما حصل في كارثة المرفأ، كما طالب بعدم تشكيل مظلّات سياسية أو طائفية ومذهبية لصاحب هذه النيترات. وختم حطيط كلمته مشدداً على مبدأ أنّ الأهالي لا يتّهمون إلّا من يتّهمه القضاء متوجّهاً إلى المتعاطفين والمؤيّدين بعدم تمييع القضية وتسييسها. 

فودوليان نعم لتطبيق القانون 196/2020 وإنصاف الجرحى 

أما رئيسة “جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت” ماريانا فودوليان شقيقة الضحية غايا فودوليان فتحدّثت في كلمتها عن ارتفاع أعداد الضحايا وازدياد معاناة الجرحى في ظلّ غياب الدولة، “من 7 أيام الجريح إبراهيم حرب ودّع الحياة وانضمّ لضحايانا، وهناك العديد من الجرحى يعانون في المستشفيات ويعالجون على نفقتهم الخاصة وما حدا سائل عنهم على الرغم من وجود القانون 196/2020 الصادر بتاريخ 10-12-2020 لي بيقول إنّهم مشمولين بالعلاج مدى الحياة ولكن هذا القانون لم يتمّ تطبيقه”. 

وتساءلت فودوليان: “هل القانون هو فقط لحماية المجرمين الهاربين؟ نهار لي ودّع إبراهيم الحياة كانوا كمان عم يخلّونا نودّع التحقيق بكفّ القاضي بيطار كرمال يهربوا من المحاسبة”. 

وطلبت فودوليان من الشعب اللبناني أن يكون مع الأهالي  تحت شعار “عدالة، حقيقة ومحاسبة”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، تحقيقات ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني