أساتذة الجامعة اللبنانيّة في الشارع: نصب خيم أمام السراي الحكومي


2022-04-11    |   

أساتذة الجامعة اللبنانيّة في الشارع: نصب خيم أمام السراي الحكومي
من اعتصام الاساتذة المفتوح تصوير: إيناس شرّي

بعد أكثر من أربعة أسابيع على إعلان الرابطة التنفيذية للأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية التوقّف القسري عن الأعمال الأكاديمية كافة، وفي ظلّ استمرار الأساتذة المتعاقدين بالساعة بالإضراب الذي أعلنوه بداية العام، وأمام إدارة الظهر من قبل السلطة عن مطالبهم، وربطها بالمحاصصة في ملف تعيين العمداء وغيرها من الملفات المرتبطة بالجامعة الوطنية، صعّد الأساتذة تحرّكاتهم عبر إعلان الاعتصام المفتوح أمام السراي الحكومي حيث نصبوا الخيم مطالبين بإقرار ملفات الجامعة الأساسية العالقة في مجلس الوزراء وعلى رأسها ملف التفرّغ.

ويأتي تصعيد الأساتذة في وقت يصرّ فيه بعض مديري الكليّات والعمداء على إجراء إمتحانات الفصل الأول عبر الضغط على الأساتذة والطلاب و الاستعانة بموظفين للمراقبة في الكليات التي التزم جزء كبير من أساتذتها بالتوقّف القسري عن الأعمال الأكاديميّة، كما حصل في كلّية الآداب والعلوم الإنسانية الفرع الأوّل حيث انطلقت اليوم الامتحانات في ظلّ مقاطعة عدد من الأساتذة والطلاب، ففيما كان هناك أساتذة وطلاب  داخل قاعات الامتحانات في هذه الكليّة كان طلاب وأساتذة آخرون من الكليّة نفسها يعتصمون أمام مبنى إدارة الكليّة، وأمام السراي.

اعتصام مفتوح أمام السراي

وكانت اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية نظّمت صباح اليوم الاثنين 11/4/2022 اعتصاما مؤكدة أنّه سيكون مفتوحا حتى إقرار ملف التفرّغ، وأنّ عددا من الأساتذة سيبيتون في الخيم التي نُصبت على مدخل السراي الحكومي في محاولة لإيصال صوتهم بعدما لم تتّخذ السلطة أي خطوة على الرغم من وصول الجامعة إلى مرحلة خطرة تهدّد وجودها.

وفي هذا الإطار أشار المتحدّث باسم اللجنة الأستاذ حامد حامد إلى أنّ الجامعة باتت مهددة بالزوال ومتروكة لمصير أسود عن سابق تصور من قبل السلطة، إذ تتعرّض للتدمير الممنهج، متوجها في كلمة له خلال الإعتصام إلى من أسماهم “أصحاب القرار” أي الرؤساء الثلاثة والقيمين على الجامعة بأن ينقذوا هذا الصرح الوطني من الانهيار كي لا يسقط على رؤوس الجميع.

وسأل حامد عن سبب عدم تحديد جلسة وزارية طارئة للجامعة لإقرار الملفات الملحة وعلى رأسها ملف تفرغ الاساتذة المتعاقدين بالساعة ولاسيما أن هذا الملف، حسب حامد، قد انتهى به المطاف إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

 وأعلن حامد باسم اللجنة أنّ الأساتذة سيضطرون مرغمين إلى انتهاج وسائل تصعيدية أولها وليس آخرها الاعتصام المستمر والمفتوح الذي بدأ أمام السراي الحكومية.

ويُشار إلى أنّ ملف التفرّغ والذي كانت الجامعة اللبنانية قد أنهته بداية العام ووعد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بإقراره في شباط الماضي، لا يزال متوقفا بسبب ربط إقراره بملف تعيين العمداء المتوقف بدوره بسبب المحاصصة السياسية.

ويطالب الأساتذة بإقرار 4 ملفات ملف العمداء، ملف التفرّغ، ملف الملاك، وملف المدربين الذين يطالبوا بأن يقبضوا راتبهم بشكل شهري بدلا من نصف سنوي.

وشارك عدد من الأساتذة المتفرغين بالإعتصام بعدما أكّدت الرابطة دعمها له، وأكّد عضو الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين الأستاذ مجتبى مرتضى أنّ الأساتذة سواء كانوا متعاقدين أو متفرغين أو ملاك يجب أن يتوحدوا على قضايا الجامعة اللبنانية كلّها ولاسيّما أنّ مستقبلها بات بخطر، طالبا من الشعب التحرّك لإنقاذ الجامعة في ظلّ عدم تحرّك المعنيين.

الطلاب يرفضون إجراء الامتحانات 

من اعتصام طلاب الجامعة اللبنانية – تصوير إيناس شرّي

تزامنا مع إعلان الأساتذة الإعتصام المفتوح اعتصم عدد من طلاب الجامعة اللبنانية أمام مبنى إدارة كليّة الآداب دعما لأساتذتهم ورفضهم للضغوط التي يتعرضون إليها وأساتذتهم لإجراء الإمتحانات.

وأشار طالب كليّة الآثار محمد علي ماجد أنّ تحرّك الطلاب هو للتأكيد على أنّ مطالب الأساتذة والموظفين في الجامعة اللبنانية لا تنفصل عن مطالب الطلّاب، وأنّه لا يمكن وضع الطلاب بوجه الأساتذة إذ إنّ أي انتقاص لحقوق الأساتذة أو العاملين في الجامعة يعني بالضرورة ضرب الجامعة الوطنيّة التي تعتبر الصرح التعليمي الوحيد المتاح لجزء كبير جدا من الطلاب في لبنان.

وأشار ماجد في حديث مع “المفكرة القانونيّة” إلى أنّ الطلاب تفاجئوا بإعلامهم بموعد الامتحانات قبل ثلاثة أيام فقط من إجرائها وكأنّ هناك من يريد وضع الأساتذة والطلاب تحت الأمر الواقع في الوقت الذي يعاني الطالب من إهمال السلطة للجامعة إذ يضطر الطلّاب ومنذ سنتين إلى تنظيف مقاعدهم بسبب عدم قدرة الجامعة توفير هذه الخدمة، ويعانون بسبب شح الكهرباء والأوراق والحبر وغيرها من الأمور التي أدّت إلى توقف الجامعة قسرا.

وعلى الرغم من إعلان رابطة الأساتذة التوقف القسري عن كافة الأعمال الأكاديمة والتي من ضمنها إجراء الامتحانات، أصدر عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالتكليف أحمد محمد رباح تعميما أشار فيه بأنّ  

المادة 54 من قانون تنظيم الجامعة اللبنانية تنص على أن يدير العميد أو المدير أعمال الامتحانات  في كليته ويشرف على نظامها ويقترح تعيين المراقبين، وأنّ المادة 81  التي تتحدث عن صلاحيات الأقسام لا تعطي رئيس القسم أو مجلسه أي دور في إدارة  الامتحانات في الفروع.

وأضاف البيان أنّه انطلاقا مما تقدّم تمّ تكليف مديري الفروع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية القيام بواجبهم والإشراف على الامتحانات وتنفيذها وعدم السماح لأحد بالتدخل.

وفي الإطار نفسه عمّمت مديرة كلية الآداب والعلوم الإنسانية الفرع الأول دكتورة سها حمود أن الامتحانات ستجرى ابتداء من اليوم الاثنين لجميع الأقسام ما عدا قسم علم النفس الذي سيبدأ يوم الأربعاء وفق البرامج المعلنة لكل قسم مشيرة إلى اعتبار أي طالب يتخلف عن الحضور، غائبا.

وكان أساتذة عدد من أقسام كليّة الآداب أصدروا بيانات أكدوا خلالها عدم إجرائهم الامتحانات، إذ رأى بيان صادر عن أساتذة قسم الجغرافيا في كلية الآداب أنّه “دفاعا عن الجامعة وأهلها وتماشيا مع الموقف النقابي للرابطة، قرّر أساتذة قسم الجغرافيا في الفرع الأول عدم المشاركة في الامتحانات انسجامآ مع قرار الهيئة التنفيذية للرابطة و مندوبي كلية الآداب، ريثما تتحقق المطالب والحقوق”.

كما أكّد أساتذة قسم علم النفس  في بيان أنّه “عملا بقرار الرابطة لن يشارك أساتذة علم النفس الفرع الأول  بالمراقبة والتصحيح  في الإمتحانات”.

وفي ظلّ إصرار كلّ من عميد كليّة الآداب ومديرتها على إجراء الإمتحانات انطلقت هذه الامتحانات بمقاطعة من عدد من الأساتذة والطلاب فبينما كان بعض الأساتذة والطلاب يعتصمون كان أساتذة وطلاب آخرون من الكليّة عينها داخل قاعات الامتحانات، ما عدا كليّة الآثار التي توحّد جميع طلابها حول عدم دخول قاعة الامتحانات وأصدروا بيانا أكّدوا فيه رفضهم لأي مساومة على حقوقهم معلنين مقاطعة الامتحانات.

وأشار عدد من الطلاب الذين التقت بهم المفكرة يستعدون لدخول قاعات الامتحانات، إلى أنّ ما يدفعهم إلى عدم المقاطعة هو خوفهم من أن لا تعاد الامتحانات فيخسرون سنة دراسيّة ولاسيّما في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وقالت إحدى طالبات كليّة الآداب:” لو أنّ مقاطعة الطلاب مرفقة بموعد آخر للإمتحانات لالتزمنا، ولكنّ نخاف أن ندفع نحن الثمن، نحن لسنا ضد مطالب أساتذة الجامعة ولكنّي على سبيل المثال، أنا لا أتحمل ضياع عام دراسي، وإذا حُددت الامتحانات بالصيف لن يمكنني إجراءها، فأنا أعمل خلال الصيف حتى أستطيع إكمال دراستي”.

وتحدّث عدد من الطلاب عن رسائل تلقوها من المجلس الطلابي للجامعة والذي تسيطر عليه أحزاب السلطة تعلمهم بأن الامتحانات سوف تُجرى بموعدها وأنّه ستتم الاستعانة بموظفين من الجامعة للمراقبة في ظلّ رفض الأساتذة كسر التوقّف القسري عن الأعمال الأكاديمية، وجاء في إحدى الرسائل التي أرسلها طلاب إلى المفكرة، أنّ الامتحانات سوف تُصحح مع ملاحظة كتبت بين قوسين تؤكّد بأن الأستاذ الذي يرفض تصحيح مادته سيُعاقب”، وأنّ أي أستاذ لا يصحّح سيؤتى ببدل منه من جامعة أخرى.

وفي هذا الإطار يؤكّد عضو الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة مجتبى مرتضى في حديث مع “المفكرة” أنّه لا يمكن القول إنّ هناك إمتحانات تجرى إنما اجتهادات من بعض الأساتذة وبعض العمداء الذين اعتقدوا أن ما يفعلونه مع مصلحة الطلاب وكأن الأساتذة المتوقفين قسرا يعملون ضد مصلحة الطلّاب مضيفا: “بالعكس تماما نحن الأحرص على مصلحة الطلاب ونحن نريد الحفاظ على الجامعة لذلك هناك كلية واحدة تجري فيها الامتحانات وهي كليّة الآداب وكان من ممكن تفادي الأمر بالنقاش ولكن العميد اتخذ القرار وليتحمّل مسؤوليته”.

وفي السياق نفسه تشير عضو الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين، أستاذة كلية التربية ندى أبو علي، خلال مشاركتها في اعتصام الطلاب، إلى أنّ التوقّف عن الأعمال الأكاديمية جاء قسريا وأنّ كلّ ما يطالب به الأساتذة هو بعض الحلول المستدامة للحفاظ على الصرح الأكاديمي الوطني من أساتذة وموظفين ومدربين وطلاب ومخرجات تعليمية.

وسألت أبو علي الذين ضغطوا لإجراء الامتحانات عن “العدالة ومصلحة الطلاب حين يكون طالب في قاعة الامتحانات وآخر في الشارع يطالب باستمرار الجامعة”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

سلطات إدارية ، مؤسسات عامة ، أحزاب سياسية ، لبنان ، مقالات ، الحق في الصحة والتعليم



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني