محامون تحت الوصاية القسم الأول: “آداب المحامين” تهدّد حرّياتهم ومعها الخطاب الحقوقي


2023-07-21    |   

محامون تحت الوصاية القسم الأول: “آداب المحامين” تهدّد حرّياتهم ومعها الخطاب الحقوقي

تمّ نشره على موقع المفكرة القانونية في تاريخ 5 نيسان وتمّ تحيينه في 7 أيار 2023

اتّخذ مجلس نقابة المحامين في بيروت في تاريخ 3 آذار 2023 قرارًا بتعديل بعض أحكام نظام آداب مهنة المحاماة ومناقب المحامين. وقد أدّت هذه التعديلات إلى تقييد حرية المحامين بصورة غير مسبوقة، وعلى نحو يفاقم من القيود التي كان فرضها المجلس نفسه قبل 9 سنوات في 2014. ففي حين عمد مجلس النقابة آنذاك إلى تقييد حرية المحامين في التداول في القضايا العالقة أمام القضاء بدرجة كبيرة، فإنّ قراره الأخير ذهب حدّ تقييد حريتهم في الاشتراك في النقاشات القانونية العامّة، مبقيًا لهم الحرية التامة في مناقشة القضايا السياسية والثقافية والرياضية… إلخ. لم يكتفِ المجلس بذلك بل ذهب في اتجاه تقييد حرية المحامين في انتقاد النقيب وأعضاء النقابة وزملائهم وبخاصة في فترة الانتخابات. 

واللافت أنّ مجلس النقابة اتّخذ هذا القرار بشكل فجائيّ ومن دون أيّ نقاش أو تشاور مسبق مع المحامين كأفراد أو من خلال جمعيّتهم العمومية كما يفترض أن يحصل بخصوص الآداب المهنيّة، وأنه أخذ منحى زجريًّا قوامه المنع والرقابة المسبقة من دون أن يترافق مع أي تبرير أو أسباب موجبة أو أي جهد فكري حول كيفية ممارسة المحامي حرية التعبير. وعليه، توجّب على المحامي الراغب في كنْه مبررات القرار أن يتتبع التصريحات الإعلامية للنقيب وبعض أعضاء المجلس وهي مبررات لم تخلُ من التضارب والتناقض وبدا بعضها خارج الموضوع تمامًا (مثلًا تبرير تقييد حرية المحامين في الظهور الإعلامي بمشاركة بعضهم في اقتحام دوائر عامة). فضلًا عن ذلك، تمّ التعتيم على مضمون القرار قرابة أسبوعين ليتمّ تسريبُه في 17 آذار 2023 ويُنشر بسرعة فائقة في كتيّب عن آداب المحامين في مسعى إلى جعله واقعًا غير قابل للتغيير. وما أن أعلن عن هذا القرار حتى لقي رفضًا واسعًا من جهات واسعة من المحامين وبخاصة في أوساط محامي الحراك الذين برز دورهم وحضورهم كجزء لا يتجزّأ من الخطاب الاحتجاجي والحقوقي والإصلاحي منذ حراك النفايات في 2015 وبخاصة في زمن ما بعد 17 تشرين الأول 2019. 

تبعًا لذلك، قدّم 13 محاميًا معترضًا، منهم كاتب هذا المقال، طعونًا ضد هذا القرار على خلفيّة أنّه يمسّ حريتهم بقدر ما يجرّدهم من أحد أهم أسلحتهم في الدفاع عن قضايا المجتمع، كل ذلك في ظروف اجتماعية قاسية تستدعي تشجيع هذا الدور والمحافظة عليه أكثر من أيّ وقت مضى. 

وعليه، يهدف هذا المقال إلى توضيح مضمون القرار ومخاطره وأهمّ الحجج التي تدلي بها النقابة ومعارضُوها، وذلك في ثلاثة أقسام نخصّص كلًّا منها لغايات القيود المفروضة. 

علانيّة المحاكمة في ظلام دامس

باشر مجلس نقابة المحامين في بيروت رحلته في تقييد حرية المحامين في 2014، وذلك من خلال منعهم منعًا مُطلقًا من التّداول في القضايا العالقة أمام القضاء في وسائل الإعلام والاتّصالات. ويلحظ هنا أنّ هذا المنع لا يستهدف فقط المحامي بشأن القضايا التي توكّل فيها إنّما مجمل القضايا بما فيها القضايا التي توكّل فيها زملاء له. وإذ استثنى المجلس من المنع القضايا الكبرى، فإنّه سارع إلى إخضاع التداول فيها لموافقة النقيب المسبقة. ولئن أعرض المجلس عن تعريف القضايا الكبرى، فإنّه بذلك يكون خوّل النقيب فرض تعريفه الخاصّ لها وذلك في ظلّ ممارسة رقابته المسبقة. اعترضت “المفكرة” التي كانت في أول مسيرتها آنذاك على هذا التوجّه ونشرت مقالًا نقديًا له في مسعى لثني النقابة عن إقراره، كما ذهبت إلى تبيان أسباب اختلافها مع مجلس النقابة في هذا الشأن. وبدل أن يخفّف المجلس من القيود المفروضة على الحرية، انتهت التعديلات المعتمدة منه في 2023 إلى توسيع دائرة هذا المنع وذلك من زاويتين اثنتين: أولًا، توسيع المنع ليشمل التداول في القضايا القضائية العالقة ليس فقط في وسائل الإعلام إنّما أيضًا في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والصفحات والشبكات الإلكترونية على أنواعها، وثانيًا، توسيع المنع ليشمل نشر التحقيقات أو الملفات قيد النظر. 

وبذلك، بدا نظام آداب المحامين المعتمد في 2014 و2023 وكأنّه يسعى إلى تجريد المُحامين من أيّ إمكانيّة للاحتكام إلى الرأي العامّ أو المساهمة في صناعة رأي عامّ بشأن القضايا القضائيّة العالقة أمام المحاكم أو حتى الاشتراك في أيّ نقاش عامّ حولها فضلًا عن تجريدهم من حرية نشر وقائع هذه الدّعاوى وإن من دون أيّ تعليق. وبكلام آخر، إنّه يؤدي إلى الانتقاص ليس فقط من حرية المحامين ولكن أيضًا من قدراتهم في أداء واجبهم في الدّفاع عن أيّ من هذه القضايا سواء كانُوا وكلاء فيها أو مجرّد مناصرين لها. وما يزيد من خطورة هذا القرار هو صدوره في ظرف اجتماعيّ باتت فئاتٌ واسعة من الشعب تعاني فيه من مظالم كثيرة من دون أن تتمكن من وضع حدّ لها بفعل التدخّلات المتمادية في القضاء والتنمر الإعلامي الواسع على أي قاض يتجرّأ على ملاحقة أي جهة نافذة وصولًا إلى تعطيل أهمّ التّحقيقات بشكل شبه كامل من خلال لعبة اختصام القضاة والتي أشار إليها ائتلاف استقلال القضاء في عدد من بياناته؛ هذا فضلًا عن التضليل الإعلامي الذي غالبًا ما يترصّد أي اتجاه قضائي للكشف عن الفساد. فماذا يُنتظر من المحامين في هذه القضايا أن يفعلوا؟ أن يلزموا الصمت؟ أن يمارسوا فنّ البكاء؟ أم أنّ عليهم على العكس من ذلك أن يقاتلوا بشراسة بما لديهم من معرفة قانونية وعلم بما يحصل في كواليس القضاء لنصرة القضايا التي كلفوا بالدفاع عنها وإعادة تصويب الوقائع في مواجهة كمّ من التضليل؟ بداهة الجواب على هذا السؤال هي التي توجب القول ببداهة افتئات مجلس النقابة على حرية المحامين ودورهم.      

بالطبع، كان بإمكان النقابة أن تجهد لترسيخ معرفة المحامين والتزامهم بقواعد أخلاقية مهنية تحول دون ممارسة ضغوط غير مشروعة على القضاء أو أيّ إساءة في استخدام الوسائل الإعلامية، لكن أن تلجأ حصرًا إلى خياريْ المنع الشامل والرقابة المسبقة من دون أيّ ضوابط، فإنّها بذلك تجاوزت بكثير مبدأيْ الضرورة والتناسب وجعلت قراراتها منافية تمامًا لمبادئ حرية التعبير المضمونة دستوريًا ودوليًا.  

إفقار النقاش القانوني العامّ وتعليبه 

كما سبق بيانه، لم يكتفِ مجلس النقابة في 2023 بتقييد حرية المحامين في التداول في القضايا العالقة أمام القضاء، إنّما اندفع إلى إخضاع حرية هؤلاء في المشاركة في ندوات وحوارات إعلامية أيضًا للرقابة المسبقة من قبل نقيب المحامين. وعليه، حوّل المجلس حرّيات المحامين في هذا المجال من حرّيات يضمنها الدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى حرّيات يتحكّم نقيب المحامين بمنحها أو حجبها. وما يفاقم من هذه المخالفة أنّ القرار لم يحدّد أيّ ضوابط لممارسة هذه الرقابة، كأن يحدّد آلية تقديم طلب الإذن أو مهلة لمنحه أو حجبه أو المعايير التي قد يُبنى عليها قرار النقيب أو آلية الطعن في قراره. فكأنّما هي رقابة مسبقة مطلقة تحتمل كل أنواع الاستنساب ولا تخضع لأيّ مساءلة. ومن شأن ذلك أن يخوّل نقيب المحامين اتّخاذ قرارات انطلاقًا من اعتبارات يغلب عليها الطابع الشخصي، كأن يجامل من يريد أو يعاقب (عقوبة مقنعة) من يريد من دون أي محاكمة. كما من شأنه أن يخوّله أن يبدّي توجهات قانونية معيّنة على حساب أخرى من خلال فتح المجال الإعلامي أمامها مقابل إغلاق هذا المجال أمام التوجّهات المعارضة. 

ومؤدّى ذلك ليس فقط تقييد حرية المحامين في التداول في الأمور التي تخصّصوا بها إنما إفقار النقاش العامّ القانوني وتهديد الخطاب الاحتجاجي والحقوقيّ وحرمان المجتمع من تلقّي معارفهم القانونية في فترةٍ قد يكون فيها بأمسّ الحاجة إليها، وبخاصّة في ظلّ تقاعس السلطات السياسيّة عن تقديم أيّ حلول للأزمة المعيشية والمالية والاقتصادية المتفاقمة وتغليب المصالح الفئويّة على المصلحة العامّة ومنها التهيؤ لبيع أصول الدولة لصالح المصارف وكبار المودعين. فما عسى يفعل المحامون في أزمة كهذه؟ هل يلزمون الصمت أم يتعيّن عليهم على العكس من ذلك بذل قصارى جهودهم لتصويب النّقاش العام وبناء رأي عامّ مؤيّد للإصلاحات الضرورية ومعارض للمشاريع والخطط التي قد تزيد من دمار المجتمع؟ فهل يعقل أن يخضع من تخصّص بالقانون للرقابة المسبقة لتُترك المنابر مفتوحة من دون رقابة ولا ضوابط لمن لا يعرف أو على الأقل لمن ليس متخصصًا بالقانون؟ وبالمقابل، ما معنى أن يخضع ظهور المحامي في المجال الذي تخصص فيه للرقابة المسبقة فيما تبقى المنابر مفتوحة أمامه للحديث في كل الأمور التي ليس متخصصًا فيها؟ لا مجال لفهم ذلك إلّا على أنّه مسعى لإسكات من يعرف أو لتعليب النقاشات العامّة القانونية وتوجيهها في هذا الظرف حيث يخوض المجتمع معارك قانونية يكتسي بعضها أهمية قصوى بالنسبة إلى حاضره ومستقبله. ويكفي لإدراك ذلك أن نستذكر الدور الذي أدّاه المحامون، ومنهم محامو “المفكرة القانونية” ومحامو “لجنة الدفاع عن المودعين” في نقابة المحامين وروابط المودعين في معركة قانون رفع السرية المصرفية أو معارك القوانين المالية المطروحة حاليًا.  

يُضاف إلى ذلك أنّ هذه السلطة المستجدّة قد تنقلب تمامًا على النقيب الذي يبدو اليوم مزهوًا بها وتتحوّل إلى كرة نار في يديه، بحيث يتمّ تحميله مسؤولية ما قد يصرّح به أيّ محامٍ حصل على إذن منه بالظهور الإعلامي، أقلّه كلّما توفّرت لديه معطيات تشير إلى وجهة تصريحات المحامي المذكور. وبذلك، يُخشى أن يصبح نقيب المحامين في موقع لا يحسد عليه بين سندان المحامين التوّاقين إلى ممارسة حرّيتهم ودورهم ومطرقة القوى النافذة المتضررة من هذه الحرية. فإمّا يجامل المحامين وتهاجمه هذه القوى وصولًا إلى تحميله المسؤولية القانونية أو أقلّه السياسية عن عدم لجم حريتهم، أو يجامل هذه القوى ويتحوّل إلى أداة قمعيّة للمحامين لصالح هؤلاء مع ما قد يعرّضه هنا أيضًا لملاحقات وانتقادات كثيرة، تنتهي عاجلًا أم آجلًا إلى تظهيره مظهر “الرقيب” أو الشرطي المعادي للحرية. 

مجلس النقابة أعلى من المساءلة

الأمر الأخير الذي آل إليه القرار هو تعديل المادة 41 من نظام آداب المهنة في اتّجاه حظر توجيه عبارات جارحة إلى النقيب وأعضاء النقابة وزملائه لا سيّما خلال الانتخابات النقابيّة. ويفهم من هذا الحظر أنّ على المحامي أن يمتنع عن انتقاد أيّ زميل له، ليس فقط في الشؤون المهنية، إنّما أيضًا في أيّ شأنٍ عامّ بما فيه احتمال تورّطه في الفساد أو التدخّل في القضاء أو جريمة بيئيّة أو ماليّة إلخ… بل أنّ عليه أن يمتنع عن أيّ انتقاد لزميل له حتى إذا ترشّح هذا الأخير لتمثيل المحامين في مجلس النقابة والتحكّم في جوانب عدّة من مساراتهم المهنية، بما فيها مساره المهني. وقد بدا مجلس النقابة هنا وكأنّه يعمد إلى استخدام سلطته لتحصين صورته وصورة أعضائه، ومنع نشر أيّ حقائق بشأنهم حتى في الانتخابات حيث يجب أن يتقدّم إليها كل مرشح على حقيقته على اعتبار أنّ الانتخابات هي تفويض بالتمثيل لا يصحّ أن يحصل بالمواربة أو الخداع أو التستّر. وهنا أيضًا يؤدّي هذا الحظر إلى تقييد الحريّة بصورة تعسّفية وغير مبرّرة، وبخاصّة أنّ الحظر أتى هنا أيضًا شاملًا من دون أيّة معايير أو ضوابط أو استثناءات. 

كان ينتظر أن تتدخل النقابة لتمنع اشتراك أي محام في ممارسات التدخّل في القضاء أو في استخدام أيّ من الوسائل غير المشروعة في أدائه لمهامه، على حساب زملائه والعدالة وبما يشكّل منافسة غير مشروعة ضدّ محامين لا يقبلون استخدام أيّ من الوسائل غير المشروعة. لكن أن يتدخّل مجلس النقابة لمنع انتقاد أيّ محامٍ مهما كانت أفعاله شائنة، فيُخشى أن يؤدّي ذلك إلى فرض قانون الصمت على الوسائل غير المشروعة، بما يعزّز ويزيد من حضورها وتاليًا من المنافسة غير المشروعة. هذا عدا عن أنّ تدبيرًا كهذا يؤدي عمليًا إلى الحدّ من قدرة المحامين على الكشف عن الفساد خلافًا للمادة 13 من اتفاقية مكافحة الفساد التي توجب على الدولة بكامل مؤسساتها (ويفهم ضمنها النقابات المهنية المؤسسة قانونًا) تشجيع القوى الاجتماعية على فضح الفساد لا وضع القيود أمامه. 

أهم الحجج التي تضمّنتها الدعوى التي رفعها المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” لإبطال قرار نقابة المحامين في بيروت بتقييد حريات المحامين والصادر في تاريخ 3/3/2023: 
أ- أنّه يمسّ بجوهر حرية التعبير، طالما أنّه يحوّل حرية التعبير من حرية مضمونة إلى حرية بإمكان نقيب المحامين منحها أو حجبها من دون أي ضوابط،   ب- أنّه صادر عن مرجع غير صالح، طالما أنّ للمشرّع وحده حق تقييد الحرية وفق المادة 13 من الدستور والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وليس له تفويض هذه الصلاحية إلى أي سلطة تنظيمية،ت- أنّه يخالف مبادئ الأمم المتحدة بشأن دور المحامين (1990) وبخاصة الفقرة 23 منها التي نصّت صراحة على أنّ “للمحامين شأنهم شأن أي مواطن آخر، الحق في حرية التعبير وتكوين الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات. ويحق لهم، بصفة خاصة، المشاركة في المناقشات العامة المتعلقة بالقانون وإقامة العدل وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها”.ث- أنّه يقيّد حريّة التعبير بصورة غير مبرّرة وخلافًا لمبدأيْ الضرورة والتناسب. وهنا يسهب استحضار الدعوى في إجراء الفحص الثلاثي للتناسب والملاءمة triple test على ضوء المادة 19 من العهد المذكور التي تمنع أيّ تقييد من أيّ نوع كان لحرية الاشتراك في نقاشات عامة. وتبيّن الدعوى أنّ الشروط الثلاثة لمبدأ التناسب غير متوفّرة: الشرط الأول المفقود وهو شرط التلاؤم بين تقييد الحرية والنتيجة المرجوّة، حيث لا يوجد أيّ دليل على أنّ من شأن إخضاع الظهور الإعلامي للمحامين للإذن المسبق لنقيب المحامين أن يوقف الفوضى والدعاية، وبخاصّة في ظلّ كثرة عدد المحامين وغياب أي معايير أو آلية لممارسة هذه الرقابة. الشرط الثاني المفقود وهو عدم وجود طرق أقلّ كلفة على الحرية للوصول إلى الغاية المنشودة. فلا يكفي لتبرير الضرورة الحديث عن حصول فوضى بل يقتضي أيضًا إثبات أنّه لا يمكن وضع حدّ لهذه الفوضى أو لهذه المخالفات إلّا عن طريق الرقابة المسبقة وتحديدًا احتكار نقيب المحامين سلطة إعطاء الإذن بالظهور الإعلامي أو حجبه، فيما أنّ بإمكان النقابة التدخّل لضبط أي مخالفة لآداب المحامين عن طريق الرقابة اللاحقة من دون التدخّل للحد من حرية المحامين جميعًا. وما يؤكد ذلك هو أنّ نقيب المحامين يؤكّد أنّ مثيري الفوضى لا يتعدّى عددهم عدد أصابع اليد، الأمر الذي بالإمكان وضع حد له من خلال محاسبتهم في حال خروجهم فعليًا عن أصول المهنة.الشرط الثالث المفقود وهو الشرط القائم على التناسب بمعناه الضيّق، حيث من البيّن أنّ القيود المفروضة تتجاوز من حيث ضررها بكثير النتيجة المرجوّة، وتسبّب في جسم المحاماة أضرارًا أكبر بكثير من الفوضى التي تدّعي معالجتها. فهل تتخيّلون مثلًا فرض الرقابة المسبقة على الإعلام بحجّة أنّ بعض الإعلام ارتكب إحدى جرائم المطبوعات؟ أو هل تتخيّلون فرض منع التجول ليلًا على مدينة كاملة بحجّة أنّ جريمة حصلت ذات ليلة؟   ث- أنّه يرشح عن تحوير للسلطة طالما أنّ مجلس النقابة استخدم سلطته لتحصين النقيب وأعضائه حيال أي نقد إعلامي، وهو أمر يتعارض مع المادة 13 من اتفاقية مكافحة الفساد التي التزمت بموجبها الدولة تشجيع القوى غير الحكومية والإعلام على المساهمة في كشف الفساد. 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني