منذ توليه حقيبة العمل، عُرف عن وزير العمل سجعان قزي تشدده في منح الإجازات للأجانب وحصر مزيد من المهن باللبنانيين، تحت شعار حماية اليد العاملة اللبنانية. وقد أدّت أزمة اللجوء السوري المستمرة منذ عام 2011 إلى إبراز هذا التشدّد، خصوصاً بعدما علّقت وزارة العمل منح الإقامات للسوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين على تعهدهم بعدم العمل في لبنان. هذه الأزمة التي لا تزال حديثة نسبياً، تلتقي مع معاناة طويلة للاجئين الفلسطينيين على صعيد الحق بالعمل، والتي بدأت بوادر الحل فيها عام 2010، مع تعديل قانوني العمل والضمان الإجتماعي، من دون تنعكس بعد على أرض الواقع. و كان لا بدّ إذاً من الإستماع إلى آراء الوزير قزي. فما هي حقيقة التشدد في هذا المجال؟ وهل هو يبني سياسات الوزارة على دراسات أو أرقام لسوق العمل، أم أنها تبقى نتاج مزيج من الإنطباعات والمقاربات التي يغلب عليها الطابع الشخصي؟
ومن أبرز الخلاصات التي سجّلتها المفكرة القانونية في ختام هذه المقابلة، هي الآتية:
1- أن قزي يفاخر بأنه يعمل على حماية اليد العاملة اللبنانية. إلا أن أدوات التّنفيذ تبدو استنسابية وخاضعة لرؤيته الشخصية بما فيها أحياناً من مسلمات وآراء مسبقة، كما أنها تكاد تكون عشوائية بغياب أي دراسات حول حاجات سوق العمل اللبناني. وهي في أحسن الأحوال تخضع لمطالب أصحاب العمل في هذه السوق كالمستشفيات أو متعهدي البناء.
2- أنه يعزو المشكلة الى العديد من العناصر الخارجة عنه. وهو بهذا المعنى، لا يجد حرجاً في تسمية نفسه ب”الوزير العاجز”. فمن العراقيل، قانون العمل الذي “مر عليه الزمن”، وتركيبة الوزارة والإدارات التابعة لها لناحية عديد الموظفين، والتوظيفات التي حصلت خلال مرحلة “الوجود السوري” بالإضافة إلى عدم تعاون الأمن العام مع الوزارة وغياب الجدية لدى معظم اللبنانيين العاطلين عن العمل في إيجاد فرصة عمل. كما أنه صوّب خلال المقابلة على النيابات العامة التي لا تبذل جهداً في متابعة محاضر المخالفات.
أجرى المقابلة كلا من المحاميين غيدة فرنجية وكريم نمور والصحافية إلهام برجس من المفكرة القانونية. وتولت تحرير النصّ إلهام برجس.
المفكرة: من المعلوم أنكم تشددتم تجاه منح رخص عمل للأجانب. وفق أي معايير تقررون منع إجازة عمل أو السماح بها؟ بمَ تميزتم عن الوزراء السابقين في هذا المجال؟
الوزير قزي:الوزارة عادةً تفتح تحقيقات عندما تستلم طلبات منح إجازات عمل لأجانب. أنا شخصياً أقوم بقراءة المعاملات. أمس مثلاً مستشفى ترسل الينا طلب لإجازات عمل لـ13 عامل تنظيفات سورياً. عند مراجعة الملفات، يظهر من “صور الأشخاص أن كل واحد منهم خرج يكون محل بان كيمون بالأمم المتحدة”، كيف بدو يكون عامل تنظيفات؟”
لدي 3 طرق للإستفسار: وهذا أمر لم يقم به أي وزير من قبلي. أتصل على أرقام مقدمي الطلبات وأسألهم عنها. ما أستطيع قوله هو أن 90% من شكوكي تكون في محلها، لا سيما أن هناك دولا تذكر في جوازات سفرها مهنة الشخص.
مثلاً، محل عطورات عربية، زارني مالكه وطلب إذن عمل لفتاة في التنظيفات. قدم الطلب. “تطلعت بالطلب شفت البنت اي والله ملكة جمال، وجمالها مش جمال عادي، يعني الجمال لبتكون البنت حلوة بس ما بتوحي بأي شي مش أخلاقي، هيديك غير”. اتصلت في. قلي لأ هيدي مديرة المؤسسة وهي صديقتي”.
كما تمتنع الوزارة كلياً عن منح إجازات عمل في وظيفة “الموارد البشرية”، ذلك أن الأجنبي في هذه الوظيفة سيعمل على توظيف أبناء جنسيته. وهذا ما حصل معي حين منحت فلسطينيا إجازة عمل كمدير موارد بشرية في أحد فنادق بيروت. بنتيجة ذلك، ارتفع عدد الموظفين الفلسطينيين في الفندق إلى 33 من بينهم رئيس جهاز الأمن. الفلسطينيون ضحايا ولكن هناك وضع أمني في البلد وهم موجودون في مخيمات تحوي “بؤر الإرهاب”. أما بالنسبة للفلسطينيين- السوريين، فوزارة العمل لا تمنحهم الإذن بالعمل بالمطلق كون القانون اللبناني يمنع. وأنا من جهتي أكيد لا أريد منحهم هذه الإجازات”.
المفكرة: ماذا عن قرار حصر بعض المهن باللبنانيين؟
الوزير قزي:وزارة العمل وأنا كوزير لا نقوم بأي تصرف خارج إطار قانون العمل الذي يحتاج الى “نفضة”. فهناك قضايا، اذا لم تكن مشمولة في قانون العمل، يظهر وزير العمل وكأنه رجعي، متخلف بسبب عدم تجاوبه مع طلبات محقة تطرح من قبل الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية وجمعيات المجتمع المدني. من جهتي، ألفت لجنة من 3 قضاة و3 أساتذة جامعيين لإعادة النظر بقانون العمل وأنهت مهامها. سنرسل التعديلات المقترحة إلى جمعية الصناعيين وتجار بيروت والإتحاد العمالي العام ومنظمة العمل الدولية، ليعطوا آراءهم بشأنه. إلا أن إقرار التعديل في النهاية يحتاج لمجلس النواب.
بالنسبة لمرسوم حصر المهن باللبنانيين، وزارة العمل موجودة قبلي وقانون العمل كذلك وهذه المراسيم موجودة قبلي. ولكن حصلت ضجة معي لأني “وزير عم يعمل حركة”، لا أحد كان يسمع بوزارة العمل من قبل. مسألة أن الناس يسمعون بالوزارة “بالمنيح أو بالسيئ” موضوع آخر، المهم أنه هناك حركة.
قرار حصر المهن يصدر بشكل دوري سنوياً. أنا لا أخفي أنني تفاجأت بوجود قرار من هذا النوع في الوزارة يصدر كل سنة. أجد هذا المرسوم ” شرّاً لا بد منه”. فمن جهة أتساءل أين نحن وكيف نضع مراسيم تحصر العمل بأشخاص دون غيرهم؟ من جهة أخرى، رأيت أن لبنان يمرّ بوضع استثنائي وأنّ هناك فقر وبطالة وأزمة معيشية وإجتماعية.
أ
عتقد أن هذا المرسوم يؤمن حماية لليد العاملة اللبنانية. بالمقابل، وضعت فيه بعض الإستثناءات للفلسطيني والسوري.”قامت القيامة، عنصري الوزير” حصر السوريين بـ3 قطاعات. أنا لم أحصرهم، “إنتو يا إخوانا السوريين من وقت بتجو على لبنان قبل الحرب وقبل الإستقلال إنتو بتشتغلو بـ 3 قطاعات: الزراعة والبناء والتنظيفات، يعني ما إخترعنا شي جديد”. إذاً لست أنا من قام بالتحديد هم من حددوا أنفسهم وأنا أعلنت عنهم.
ولكن، حتى المهن المحصورة باللبنانيين، تصبح الوظيفة فيها مفتوحة أمام كل الجنسيات في الحالة التي لا يتمكن صاحب العمل من توظيف لبناني فيها خلال ثلاثة أشهر ضمن المواصفات التي يريدها. ويكون عليه أن يثبت ذلك من خلال تقديم ما فعله خلال الأشهر الثلاثة للبحث عن لبناني.
المفكرة: ما هو الواقع الخاص بمهنة التمريض؟
الوزير قزي:هناك حاجة كبيرة للممرضين في لبنان. زارني أصحاب نقابة المستشفيات وطلبوا مني أن آذن لهم بتوظيف ممرضين وممرضات أجانب، بسبب نقص عدد اللبنانيين منهم. وهذا الأمر ليس خاطئا جداً، لأن الممرضات اللبنانيات الكفوءات يهاجرن إما إلى سويسرا وإما إلى باريس أو إلى دبي أو قطر. فسمحت بذلك من دون أن أعلن عنه، وأبلغت الوزارة بشكل غير رسمي أن المستشفيات التي توظف غير اللبنانيين “مرقولن ياها“[1].
المفكرة: هل يوجد دراسات حول حاجات سوق العمل تراعونها عند إصدار هذا القرار، أو عند الإمتناع عن منح رخص عمل؟
الوزير قزي:ليس لدينا دراسة حول سوق العمل في لبنان. آخر دراسة وضعت عام 2008 – 2009، قامت بها منظمة العمل الدولية. ولكن تغيرت الأمور منذ 2008 إلى اليوم. نحن اليوم بصدد إصدار دراسة أعدت بالتعاون مع جمعية تجار بيروت وبتمويل من بنك سوسيته جنرال في لبنان (SGBL) وهي حصراً حول سوق العمل في القطاع التجاري. أنا أنتظر الحصول على إجابة من كل من مؤسسة العمل العربية والبنك الدولي ومنظمة العمل الدولية بخصوص التعاون معهم للقيام بدراسة مشتركة حول سوق العمل في لبنان وحاجاته. بالمقابل، طلبنا من بنك (لم يذكر اسمه) أن يساعدنا لتمويل دراسة حول سوق العمل ككل، فقدم 15000 دولاراً أميركياً فقط. وهذه الدراسة “حقها” مليون ونص دولار.
المفكرة: هل تعتمدون نظام كوتا أو حد أقصى لمنح إجازات عمل لجنسيات معينة، أو في مهن معينة؟
الوزير قزي:لا يمكنني أن أمنح كوتا. فمثلاً 90% من عمال شركة سوكلين أجانب وهم عمال تنظيفات، ولا يوجد لبنانيون يعملون في هذه المهنة. بالتالي عليّ أن أمنح إجازات عمل لأجانب بنسب كبيرة في هذا المجال. ولكن في المصارف، لا أستطيع أن أمنح ولو حتى 25% إجازات عمل لأجانب في ظل حالة البطالة. أنا أحكم إنطلاقاً من نوع المهنة. فلو تبين ألا وجود لعمال مصارف لبنانيين، أفتح المجال للأجانب.
المفكرة:هل لديكم إحصاءات حول العمل غير المرخص؟ ما هي الإجراءات المتخذة بحق أصحاب العمل للحد من العمل غير المرخص؟
الوزير قزي:ليس لدينا إحصاءات في هذا المجال،دخلنا الى “سوبر ماركت”، وجدنا 42 عاملا سوريا يعملون من دون إجازة عمل. حررنا لصاحبها ضبط بـ 2.700.000 ل.ل. ولكن بشكل عام “في وزير ما في وزارة”. من أصل 262 موظفا مفترضا للوزارة، هناك 123 موظفا فقط.[2] ولكن، أنا وزير عمل وهي وزارة إدارية.ما نقوم به أننا نرسل مفتشاً الى المؤسسة، حيث نحرر الضبط. الأسبوع الفائت ضبطنا 16 مؤسسة من كبار المؤسسات في لبنان لوجود مخالفات عمل. في حال تم دفع الضبط خلال 15 يوم تصبح قيمة الضبط 250 ألف فقط. اذا لم تدفع خلال 15 يوم، تحول الى النيابة العامة و“بتنام”. نتصل بالأمن الداخلي والأمن العام والبلديات، نطلب أن يساعدونا، “ما بيعملو شي”.
المفكرة: هل تعترف وزارة العمل لأبناء اللبنانية بحق العمل بشكل تلقائي كاللبنانيين إنطلاقاً من حيازتهم مستند إقامة المجاملة؟ وهل من تسهيلات خاصة بهذا الشأن؟
الوزير قزي:أبناء اللبنانية كأي أجنبي آخر، يجب أن يحصلوا على إجازة عمل، والإقامة التي يحصلون عليها لا تسمح لهم بحدّ ذاتها بالعمل. ولكن معاملتهم خاصة: فأي شخص أمه لبنانية يُمنح مباشرة إجازة عمل.لا فكرة لدي عن التسهيلات المالية اذا كانت موجودة. [3]
المفكرة:ماذا عن الأشخاص الذين جنسيتهم قيد الدرس وهم مولودون ويعيشون في لبنان؟
الوزير قزي:لم تمر علي هذه الحالات. لكن نمنحهم إجازة عمل مباشرة .
حق العمل للفلسطينيين
المفكرة: عام 2010، صدر قانون سهل للفلسطينيين شروط العمل وضمن لهم تعويض نهاية الخدمة بشرط أن يكونو حائزين على إجازة عمل، كما استثنتهم الوزارة من قرار حصر المهن. هل زاد عدد الفلسطينيين المرخص لهم بعد 2010؟
الوزير قوي:استثناء الحصرية لا يعني عدم وجود أفضلية للبناني. واجبي مع 25 % بطالة، 36% منهم بعمر الشباب، أن أختار اللبناني. ولكن وزارة العمل تعطي رخص عمل للفلسطينيين. ولا وزير أعطى للفلسطينيين رخص عمل بقدر ما أعطيت أنا[4].
المفكرة: ماذا عن تجديد رخص العمل للاجئين الفلسطينيين، هل أصبحت إجراء شكلياً بالأخص بعد تعديل القانون؟
الوزير قزي:“ما في فلسطيني أو غير فلسطيني”. تجديد اجازة العمل ترتبط بالطلب الأول. على سبيل المثال عندما يطلب صاحب العمل اجازة لشخص أجنبي، ويحدد أن مدة العقد معه لفترة محددة، تتجدد الإجازة خلال هذه الفترة حصراً.
تجديد اجازات العمل الفئة الأولى لم تكن تمر بالوزير سابقاً، بل كانت تجدد في المصالح بشكل تلقائي. منذ فترة وجيزة، طلبت أن تعرض عليّ جميع طلبات إجازات العمل للفئة الأولى. والآن طلبات إجازات العمل تعرض علي كلها باستثناء طلبات إجازات العمل للعاملات بالخدمة المنزلية.
المفكرة: ما هي المهن التي تتلقون عادةً طلبات إجازات عمل في إطارها من قبل اللاجئين الفلسطينيين؟ وما هي المهن التي تمنحون فيها تراخيص؟
الوزير قزي:سوق العمل انفتح بسبب غياب الدولة وبسبب عدم وجود أصحاب عمل يهتمون بالمجتمع اللبناني وشباب وشابات لبنان. ولكن أكثر قطاعات يطلب فيها إجازات عمل لفلسطينيين، هي قطاعات التمريض والمعلوماتية وكل مهن الـparamedical والجمعيات غير الحكومية، وورش البناء كأعمال صيانة ومهندسين، ومديري مبيعات، وسائقي تكسي، ونادل في المطاعم والفنادق.
حق العمل للسوريين
المفكرة: ما هي الشروط التي تطلبونها من السوريين للإستحصال على رخص عمل في لبنان؟ وهل هذه الطلبات تقبل بالنسبة لمهن محددة حصراً؟ هل يمكن أن يكون السوري فئة أولى أو ثانية أو مهنة حرة؟[5]
الوزير قزي:“بيجي واحد بيعرض علي 10 آلاف دولاراً أميركياً و15 ألف دولاراً أميركياً… شو اجازة عمل لسوري بلبنان؟ إجازة عمل لسوري بلبنان نصف الطريق إلى تجنيسه. “[6]
أمس، اتصل بي “رجل سياسي” يطلب تمرير إجازة عمل لرجل أعمال سوري في لبنان. والمشروع أن ينشئ شركة تنظيفات. رفضت، لأنه مشروع منافس للكثير من المشاريع اللبنانية المماثلة والموجودة. لا مشكلة لدي كيف يفسر موقفي، وطني أو عنصري. أنا أعتقد أنني أتصرف بشكل صحيح.
بشكل عام، أقوم بالتوسع بإعطاء إجازات عمل للسوريين قليلاً[7]. ويعود ذلك الى نقص عدد اليد العاملة اللبنانية في بعض المهن، مثل العمارة. لكن، الأخطر من منافسة اليد العاملة السورية لليد العاملة اللبنانية هي منافسة رجال الأعمال السوريين لرجال الأعمال اللبنانيين. فالعامل السوري يأخذ مكان عامل لبناني واحد في سوق العمل وبالتالي الخسارة محدودة. ولكن عندما يأتي رجل أعمال سوري ويفتتح مصنع للحلويات في زحلة ويوظف سوريين من دون إستصدار رخص عمل لهم ويدفع لهم ما هو دون الحد الأدنى، ويبيع بأسعار أرخص، يقفل بالمقابل محل الحلويات اللبناني، والخسارة هنا تتعلق بأكثر من لبناني.
المفكرة: هل أثرت إجراءات الأمن العام الصادرة في بداية عام 2015 على تراخيص العمل؟
الوزير قزي:“شرعوا العمل غير الشرعي”. يأتي شخص ويضع رأسمالاً كبيراً في أحد المصارف وينشئ شركة وهمية. لماذا كل هذه الكلفة؟ للحصول على إقامة تجدد سنوياً! [8]
يأتي مقاول، ويستخدم 3000 عاملاً سورياً لبناء مجمع وذلك بناءً على الإقامة والكفالة من دون اجازات عمل. عندما نلاحق الموضوع يتحجج المقاولون بعدم إحتساب كلفة إجازات عند تقديمهم العروضات.
المفكرة: هل تواصلتم مع الأمن العام لمناقشة هذه الإشكاليات؟
الوزير قزي:عملت اللازم ما بدنا نفوت بهالقصص عنا مشاكل كفاية.
المفكرة:هل تجد أن الإتفاقيات بين لبنان وسوريا كانت تسهل أمور عمل السوريين في لبنان؟
الوزير قزي:لا نحتاج لإتفاقيات بين لبنان وسوريا. العامل السوري حاجة للسوق اللبنانية. واللبناني بدل أن يستخدم شخصا “بنغلادشياً أو هندياً”، لماذا لا أوظف فلسطينياً مثلاً، وكلفته أقل. “بس عندك الأجهزة ما بتنصح لأسباب أمنية”.
المفكرة: ما تعليقكم على توصيات هيومن رايس ووتش في تقريرها الفائت، بإلغاء التعهد بعدم العمل للسوريين المسجلين لدى المفوضية؟
الوزير قزي:“التعهد بعدم العمل” لم يكن بناء على طلب لبناني، بل بطلب من المفوضية العليا لشؤون اللاجئينUNHCR عام 2011. الآن عندما أصبحت “العودة بعيدة والحرب طويلة صار بدن يشغلوهن عنا”.
المفكرة: ماذا عن عمل السوريين في جمعيات إغاثة اللاجئين؟
الوزير قزي:لا مشكلة مع عمل أي سوري في إطار إغاثة النازحين السوريين. صحيح أنني جمدت إجازات العمل للجمعيات خلال مرحلة معينة، وكان ذلك لأسباب أمنية وطال كل الأجانب، مع العلم أن السوريين هم الأقل خطراً في هذا المجال.
المفكرة: سجل عنكم أنكم تعارضون ربط تقديم المساعدات في مؤتمر لندن للمانحين بإيجاد فرص عمل للسوريين؟
الوزير قزي:نحن نرفض مبدأ الشرط. لاحقاً يشترطون إعطاءهم الجنسية لمنح المساعدات. لدينا تجربة مع اللجوء الفلسطيني.[9]
العاملات في الخدمة المنزلية
المفكرة: ما هي أبرز السياسات التي تعتقدون أنكم تميزتم بها في مجال العاملات في الخدمة المنزلية؟
الوزير قزي:أقفلت 72 مكتب استخدام منذ تولي الوزارة. بالمقابل لم أمنح أي رخصة لفتح مكاتب جديدة. مسألة العمل في الخدمة المنزلية مشكلة من مشاكل قانون العمل. نظام الكفالة بالنسبة للعاملات في الخدمة المنزلية هو نظام متخلف وضدّ حقوق الإنسان. وأنا ضدّ هذا النظام. ولكن ليس المهم أن نضع نظاما بديلا عنه على الأوراق، “تمام متل مش مهم نعمل فستان حلو المهم يكون عالقياس” .
ليس لدينا قانون عمل قادر أن يواكب إلغاء نظام الكفالة وأكثر من ذلك لا نملك أجهزة دولة لبنانية قادرة على تنفيذ نظام بديل عن نظام الكفالة. من هنا “ما بين أن يكون لدي جرح في إصبعي أو نزيف في يدي، أنا اخترت الجرح على النزيف”. إلغاء هذا انظام لا يحتاج فقط الى قانون بل الى أجهزة دولة ونظام عام يحمي الفتاة عند خروجها من منزل أصحاب عملها. بالتالي يجب أن يكون هناك دولة تحمي صاحب العمل والعامل وليس فقط قانون. في لبنان لا يوجد دولة بمقدورها حماية أي كان.
المفكرة: عرفتم بمعارضتكم الشديدة لإقامة نقابة للعاملات في الخدمة المنزلية، ألا تجدون أنه من المهم أن يكون هنالك تمثيل لعاملات المنازل في المفاوضات حول الشؤون الخاصة بهن/م؟
الوزير قزي:القانون لا يسمح لي بالترخيص لهن بإنشاء نقابة. برأيي هناك فارق ما بين التمثيل والقدرة في طرح مطالبهم وتحسين أوضاعهم وشروط عملهم من جهة وتأسيس نقابة من جهة أخرى. كان بإمكانهن الإنضمام إلى نقابة للبنانيات العاملات في الخدمة المنزلية، لكن هذه النقابة غير موجودة.
المفكرة: إلام تنفيذ القانون لجهة ضمان حق المعوقين بالعمل؟
الوزير قزي:تسلمت كتاباً من مجلس ادارة الضمان الإجتماعي يعتذر فيه عن فرض المذكرة التي طلبت فيها إلزام كل مؤسسة أن توظف 3% معوقين، بحجة أن ممثلي رجال الأعمال بمجلس إدارة الضمان رفضوا ذلك. أجبت “القانون اللبناني أهمّ من مجلس ادارة الضمان، والمذكرة التي أرسلتها للضمان يقتضي احترامها”. الوزارة من جهتها تخطت كوتا الموظفين المعوقين.
نشر هذا المقال في العدد | 36 |شباط/ فبراير/ 2016 ، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
إصلاح القضاء: المفكرة تنبش دروساً من الماضي
[1]المنصوص عنها في الكتاب الثالث – الباب الثاني من قانون العقوبات العسكرية.
[1]– لم يوضح الوزير قزي ماهية تمرير عمل الأجانب في المستشفيات الخاصة، وهذا التمرير يجوز في إطار إحتمالين، أن تمنح إجازات العمل للممرضين عند طلبها رغم قرار المنع، أو أن تمتنع الوزارة عن محاسبة المستشفيات في حال وجود ممرضين أجانب غير مرخصين. ان سلوك الوزارة المسلك الأول يؤدي الى وضع الممرضين/ات في حالة غير مستقرة مع تغير الوزراء نظراً لإمكانية الامتناع اللاحق عن تجديد الإجازات. أما المسلك الثاني، فيعني حرمان الفلسطينيين تحديداً من الإستفادة من فروع الضمان الإجتماعي وفقاً لتعديلات 2010 ويجعلهم في وضع أكثر هشاشة.
[2]– يقول الوزير الأمر نفسه بالنسبة للمؤسسة العامة للإستخدام، فهي في القانون مؤلفة من 148 موظف وموظفة فيها، أما على أرض الواقع يعمل فيها 29 .
[3]– لا وجود لنص خاص في القوانين المرعية الإجراء بأبناء اللبنانية، بالمقابل يستفيد أبناء اللبنانيات من والد مصري أو سوري من الميزات التي يتمتعون بها بموجب “شرط المعاملة بالمثل” أي بسبب جنسيتهم وليس انتماءهم لوالدتهم. والحال أن المصريين يتمتعون بإعفاء كامل من الرسوم، بينما يلتزم السوريون بدفع 25% من قيمة الإجازة.
[4]لم يتسن لنا التحقق من صحة هذه الفرضية.
[5]– يمكن التمييز بين فأتين من السوريين اللاجئين الى لبنان بسبب الحرب السورية. فئة أولى مسجلة لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة وهي تحصل على بعض المساعدات من قبلها، لا تستطيع العمل أبداً في لبنان تحت طائلة خسارة هذه المساعدات. وفئة أخرى غير مسجلة لدى الأمم المتحدة موجودة في لبنان بموجب اقامة تمنح بموجب وجود كفيل لبناني، أو إقامة دراسة للطلاب، وهي تخضع لشرط التعهد بعدم العمل. يستثنى من هذه الإقامات التجار الذين يدخلون الى لبنان بهذه الصفة، أوالسياح من السوريين.
[6]– يقول الوزير قزي ذلك في اطار حديثه عن مدى تأثير الوجود السوري لاحقاً على منح اجازات عمل للسوريين في وظائف فئة أولى، وهو اليوم يواجه هذا الواقع الذي تحول من الضغط الأمني الى محاولات رشوة بمبالغ كبيرة، من خلال تخفيض عدد هذه الإجازات والإمتناع عن تجديد الكثير منها.
5- يرد الوزير التوسع في منح إجازات العمل للسوريين في مجال العمارة الى النقص في اليد العاملة اللبنانية في هذا المجال. والتوسع في هذا المجال يبدو كما في حالة التمرييض، طبقاً لقرار استنسابي منه ومن دون معايير واضحة.
[8]– يقصد الوزير بالعمل غير الشرعي العمل من دون إجازة بسبب نظام الكفالة الذي فرضه الأمن العام، أو بسبب انشاء شركات وهمية من قبل السوريين المقتدرين للتمكن من البقاء في لبنان.
[9]– كان لرئيس الحكومة تمام سلام الذي مثل لبنان في مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن موقف متمايز، وإعتبر في الكلمة التي ألقاها في لندن أن “هذا المؤتمر يجب أن يشكل نقلة في الإستجابة الدولية للأزمة ونجاح المؤتمر رهن بتطبيق حزمة من الإلتزامات المتبادلة بين الحكومة اللبنانية وجميع الشركاء الدوليين”.