في أيّار الماضي وقبيل دخول فراس حمدان مبنى البرلمان نائباً باسم الثورة وفي صدره شظية أصيب بها خلالها، توقف في أعلى الدرج المؤدّي إلى المجلس وغطّى إحدى عينيه بيده في إشارة منه إلى أنّه سيحمل قضيّة من فقدوا أعينهم خلال تحرّكات 17 تشرين.
بعد أشهر على دخوله البرلمان مع 12 نائباً آخراً سُميّوا حينها بنواب الثورة، وخلال إحدى جلسات انتخاب رئيس الجمهوريّة، علّق رئيس مجلس النواب على ورقة ملغاة كُتب عليها “العدالة لجرحى الثورة برصاص شرطة مجلس النواب”: بالقول: “يجب أن نشكرهم ونشكر القوى الأمنية والجيش” وذلك من دون أن يعترض أحد من النوّاب على هذا التعليق.
“صمت النوّاب حينها كان أصعب من التعليق نفسه، لكنّه أكّد المؤكّد بأنّ لا ثقة في هذه السلطة”، تقول إيمان جلّول (46 عاماً) وهي واحدة من 12 شخصاً على الأقل فقدوا إحدى أعينهم في تظاهرات منذ اندلاع انتفاضة السابع عشر من تشرين الأوّل 2019، نتيجة استخدام القوى الأمنية المفرط للرصاص المطاطي والحي والقنابل المسيلة للدموع. وقد وثّقت “المفكّرة القانونية” و”لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين” إطلاق الرّصاص المطّاطي على المتظاهرين من مسافات قريبة وغير آمنة، مما أدّى إلى إصابات بليغة وخطيرة، أبرزها إصابات في الوجه وفي الرأس والأذن والقدم، بالإضافة إلى إصابات في الأصابع والأعضاء التناسلية. وقد حصلت الإصابات التي أدّت إلى فقدان إحدى العينين على ثلاث مراحل: الأولى في اليوم الثاني لاندلاع الانتفاضة في 18 تشرين الأوّل 2019 (إصابة واحدة)، والثانية في منتصف كانون الأوّل 2020 (4 إصابات) والثالثة في 8 آب 2020 بعد تفجير مرفأ بيروت (7 إصابات).
12 شخصاً اضطروا إلى إجراء عشرات العمليات الجراحية من دون أن تتكفّل الدولة بعلاج معظمهم، ومن دون أن يتمكّن واحد منهم من محاسبة الجاني على الرغم من لجوء معظمهم إلى القضاء.
اليوم وبعد ثلاث سنوات وفي ظلّ تغييب قضيّتهم ومعها حقّهم في التعويض والمحاسبة، يسعى هؤلاء إلى إيجاد إطار يجمعهم، ويحاولون تأسيس جمعيّة يوصلون من خلالها صوتهم ليذكّروا السلطة بأنّهم أصحاب حقّ، وبأنّ “لا يموت حقّ وراءه مطالب” كما يقول جاد اسطفان ( 29 عاماً).
عن الإصابة وما بعدها
يعيش معظم هؤلاء حالياً وضعاً اجتماعياً صعباً جداً، فالانهيار الاقتصادي كان أشدّ وطأة عليهم، إذ لم يعد معظمهم قادراً على العمل أو أقلّه القيام بالعمل الذي كان يقوم به سابقاً. “كنت سائق سيارة أجرة مستأجرة، ما عدت أستطيع القيام بالأمر بعدما فقدت عيني، عملت فترة سائق “توك توك” في وادي خالد، واليوم أنا بلا عمل” يقول عمر العلي (30 عاماً) الذي حرمته الدولة كما باقي ضحايا انتفاضة 17 تشرين حتى من بطاقة معوّق يستفيد عبرها من مساعدة اجتماعيّة هو الذي فقد إحدى عينيه خلال تظاهرة 8 آب 2020 في ساحة الشهداء حين رُمي بقنبلة على وجهه مباشرة. “نحن نرى بعين واحدة وبالنسبة للدولة من يستحقّ بطاقة معوّق هو من فقد بصره كليّاً” يقول عبد الله الحاج الذي أصيب أيضاً في 8 آب 2020.
عند الساعة السادسة والربع من ذلك اليوم، كان عبد الله واقفاً مع مئات المحتجّين في محيط مجلس النوّاب جهة العازاريّة حين صوّب عنصر من الجيش سلاحه باتّجاه وجهه وأصابه في عينه برصاص مطّاطي عن بعد عشرة أمتار على الأقل، ليُنقل بعدها إلى المستشفى حيث أخبره الطبيب أنّه تمّ استئصال إحدى عينيه، ويقول: “لم أتوقّع أن يصوّب عليّ مباشرة، وإن صُوّب فعلى رجلي مثلاً، أنا لست ضرّيب حجر، عمري 56 عاماً، عيني كانت عملي فأنا مصوّر، راحت عيني، وراح شغلي”.
منذ ذلك التاريخ حتّى اليوم خضع عبدالله لأربع عمليات طبيّة، كلّفته أكثر من 5 آلاف دولار، آخرها كانت قبل شهرين، وكلّها على حسابه الخاص، “كانت أحوالي المادية تسمح بذلك، لم أطلب المساعدة من أحد، نحن لسنا عالة على أحد، ولا نحمّل أحداً منّية” يقول عبدالله لـ “المفكرة”.
أحوال عبد الله تبدّلت اليوم، فهو المصوّر الذي كان يملك “استديو” في قريته لم يعد قادراً على العمل بعين واحدة حتّى أنّه اضطر مؤخراً لبيع جميع كاميراته من أجل العلاج والمعيشة كما يقول، مضيفاً: “ما عدت أعمل، ابني درس التصوير، قسّطنا له كاميرا وهو يعمل مكاني حالياً”.
ما يقوله عبدا لله عن الوضع الاقتصادي وعن تأثير فقدان العين على عمله تكرّره أيضاً إيمان جلّول التي أصيبت في 8 آب 2020 أيضاً في محيط مجلس النواب جهة العازاريّة بقنبلة صُوّبت على وجهها أفقدتها إحدى عينيها.
تروي إيمان ما حصل معها بالتفصيل يومها، وكأنّه بالأمس وتقول: “كنت في محيط مجلس النواب، بدأ الشغب، وما عدت أرى من دخان القنابل، ركضت أبحث عن ابنتي التي كانت معي، وفجأة شعرت بشيء على وجهي، وقعت على الأرض أصبت برأسي وتكسّرت أسناني، وبعدها عرفت أنيّ خسرت عيني”.
لم يخطر في بال إيمان جلّول، الأربعينيّة، يوما أنّها ستُكمل حياتها بعين واحدة، فكلّ ما كانت تريده التغيير، التغيير من أجل وطن أفضل لها ولأولادها الستّة، تغيير كانت تراه وتناضل من أجله بعينيها الاثنتين وباتت اليوم تناضل من أجله بعين واحدة وإن كانت لا تزال تراه بالاثنتين، على حدّ تعبيرها.
كانت إيمان تعمل محاسبة في شركة في الكورة، إلّا أنّه وبسبب فقدان إحدى عينيها لم تعد قادرة على الاستمرار بهذا العمل، فتركته لتعمل سكرتيرة في الشركة نفسها، “أصبحت أخطئ، نظري لم يعد يُسعفني، طلبت من صاحب العمل تغيير وظيفتي بما يتناسب مع وضعي الصحي، الحمد لله ما زلت أعمل، راتبي بالتأكيد لم يعد كما كان حين كنت محاسبة، وإخوتي يساعدونني، لن أقبل أن أكون عالة على أحد، ولا أربّح الوطن منيّة، ما زلت أشارك بالتحرّكات وأحلم بوطن أفضل”، تقول إيمان.
على الرغم من الأمل والحماسة والإصرار على الاستمرار بحياتها كما كانت سابقاً، لا تُخفي إيمان إحساسها بالمرارة وتأثير فقدان عينها على الجانب النفسي، إذ تقول “في كتير إشيا خسرتا، لم أعد أشارك في المناسبات، أرتبك حين أتعثّر بسبب ضعف نظري وأنا في الأربعين من عمري، ليس سهلاً أن تكوني امرأة بعين واحدة، لكنّني كنت من أوّل من نزل إلى الشارع وسأكون آخر من يخرج منه، وسأبقى أبحث عن غد أفضل لأبنائي”.
تماماً كما إيمان، يحاول جاد اسطفان (29 عاماً) أنّ يكمل حياته ويعتبر أنّ لا منّية لأحد على وطنه وأنّ عينه ذهبت في انتفاضة كانت شرارة ضروريّة نحو وطن أفضل. حين نسأله إن كان لا يزال مستعداً للمشاركة في تحرّكات مطلبيّة يتنهّد ويجيب: “ما بقى شارك بصدر عار، هذه السلطة لا تعرف معنى السلميّة، أنا شاركت بتظاهرة 8 آب بعد أشهر على إصابتي، ولكن عندما سمعت أصوات سيارات الإسعاف عرفت أني أعاني من تروما، نعم سأشارك، التغيير آت ونحن لم نفشل، نحن نراكم، نحن نموت حين نتوقّف عن العمل، إذا توقّفنا تكون السلطة انتصرت”.
كان جاد من أوّل الأشخاص الذين فقدوا إحدى أعينهم في انتفاضة 17 تشرين، إذ أصيب في 18 تشرين الأول 2019 خلال تظاهرة حاشدة في شارع المصارف جهة السرايا الحكوميّة. يُخبر جاد تفاصيل تلك الليلة ويقول لـ “المفكرة:” التظاهرات كانت سلميّة، الإحساس كان جميلاً جداً بأن ترى ذلك العدد من المتظاهرين الساعين إلى التغيير، فجأة بدأ الشغب، طابور خامس ربما، بدأ البعض يضرب حجارة، كنت أتحدث مع الدرك وفجأة رُميت قنبلة على وجهي من مسافة قريبة، لم أفهم ما الذي يحصل، لم أفقد الوعي ولكنّي ظننت أني ميت، فلم أستطع أن أصرخ، أو أن أتكلم، رميت نفسي على الأرض علّ أحدهم يراني وينتشلني”.
بعد خمسة أيام من الحادثة عرف جاد أنّه فقد إحدى عينيه، أجرى من وقتها حتى اليوم 5 عمليات على حساب وزارة الصحّة (وزارة الصحّة تكفّلت بكلّ من أصيب في التظاهرات في تلك الليلة)، لم يضع جاد عيناً اصطناعية (بروتيز) مكان عينه ولكنّه لا يخلع غطاء العين (البادج)، الذي صار جزءاً من وجهه.
كان جاد يعمل في مجال الإضاءة وهو يملك وصديقه ملهى ليلياً صغيراً. بعد العام 2019 ومع بدء الانهيار الاقتصادي اضطرّا إلى إقفاله وبما أنّ نظره لم يعد يسمح له بممارسة عمله الذي يحبّ أي الإضاءة غيّر مجال عمله: “فتحت مكتباً في منزلي حيث أعمل في مجال تقديم الاستشارات في قطاع الاستثمارات”.
لا يجد من فقدوا أعينهم خلال انتفاضة 17 تشرين أيّ نفع للحديث عن وضعهم، “تحدّثنا كثيراً ولم يتغيّر شيء، شو نفع الحكي” يقول نسيم محسن الذي فقد إحدى عينيه في محيط مجلس النواب جهة مسجد الأمين في الثامن من آب 2020 أيضاً.
مبادرة تشريعية لمحاولة إنصاف ضحايا 17 تشرين
تقدّم النائب فراس حمدان في العام 2022 باقتراح قانون معجّل مكرّر يتعلق “بتعويض ذوي الضحايا والمتضررين جسدياً بسبب العنف المفرط الأمني الحاصل خلال الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 17 تشرين الأوّل 2019”.
ويتضمّن اقتراح القانون ثلاثة بنود أساسية لتعويض المتظاهرين الذين فقدوا حياتهم أو أُصيبوا بإعاقة أو بجروح، وهي إخضاع ذوي المتظاهرين الذين فقدوا حياتهم إلى نظام التعويض العسكري، وإخضاع الأشخاص المدنيين الذين أصيبوا بإعاقة كاملة أو جزئيّة من جرّاء العنف الأمني المفرط منذ 17 تشرين الأوّل 2019 للتقديمات الصحّية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدى الحياة ومن القانون المتعلّق بحقوق ذوي الاحتياجات الإضافية رقم 220 تاريخ 29/5/2000، فضلاً عن حق المتظاهرين الذين أصيبوا بأضرار جسدية في المطالبة بالتعويضات عن هذه الأضرار أمام القضاء المختص.
وكانت “المفكرة” اعتبرت في قراءة لاقتراح القانون أنّه يحتاج ومن أجل تحقيق غاياته إلى تعديلات، منها إرساء آلية تحديد الأشخاص المستفيدين منه فضلاً عن ضمان نظام تعويضي منصف، بالإضافة إلى ضرورة تمكين ذوي ضحايا التظاهر والمتضرّرين من تحصيل تعويضاتهم من جهة مدنية وليس عسكرية.
ثلاث سنوات من اللا محاسبة
يعرف من فقد عينه جيّداً بأنّ أيّ حكم قضائي وإن كان لصالحه لن يُعيد إليه ما فقده، ولكنّه سيُعطي أملاً بدولة يسودها القانون، أملاً بدولة تحمي مواطنيها، “يجب أن يُحاسب من أطلق الرصاص على عيني، لا شيء يُعيد عيني، ولكنني سأرتاح عندما يعلو صوت القانون وأرى من أفقدني عيني داخل السجن” يقول حسين الراشد الذي أصيب في 8 آب 2020 في عينه بعدما وجّه شخص بلباس مدني عن قصد، على حد تعبيره، رصاصة مطاطية إلى وجهه مباشرة أمام فندق “لوغراي”.
يأمل حسين الذي وكّل مؤخراً محامياً لتقديم دعوى قضائيّة أن يأخذ القضاء مجراه إلّا أنّ من سبقوه إلى تقديم الدعاوى يرون أنّ القضاء يعمل على قاعدة” إمّا يموت السلطان أو أموت أنا أو يموت الحمار” في إشارة إلى المماطلة وحفظ القضايا.
لم تعلن النيابات العامة أو الاجهزة الأمنية عن أي تحقيقات في العنف الأمني المفرط خلال التظاهرات، كما امتنعت النيابات العامة عن التحقيق جدياً في الشكاوى المقدمة من قبل المتظاهرين فيما استمرّت في ملاحقتهم على خلافية مشاركتهم في التظاهرت. ولم يتخذ مجلس النوّاب اي خطوة في اتجاه مساءلة الحكومة أو قادة الأجهزة الأمنية بشأنه، فبقيت كل هذه الجرائم من دون اي محاسبة. لكن 8 أشخاص ممّن فقدوا أعينهم لجأوا إلى القضاء، خمسة منهم إلى مجلس شورى الدولة والباقي إلى القضاء الجزائي الذي حوّل بدوره عدداً منهم إلى القضاء العسكري.
وفي التفاصيل يوضح المحامي مازن حطيط أنّه تمّ تقديم شكاوى إلى النيابة العامة التمييزية لمجموعة أشخاص أصيبوا في تاريخي 8 و11 آب 2020 ومنهم كانت إصاباتهم في العيون، مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّ النيابة أحالت الشكاوى إلى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة الذي حوّلها إلى فصيلة وسط بيروت مكان وقوع الاعتداء.
ويشرح حطيط أنّ مفوّض الحكومة بالإنابة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي قرّر استدعاء المدّعين (المصابين) للإدلاء بإفاداتهم على غير العادة، وأنّهم نزلوا وأدلوا بإفاداتهم ولكن لم يحصل أيّ تطوّر في القضية بعدها، إذ لا يزال الملف موجوداً في فصيلة وسط بيروت، مضيفاً “قدّمنا أكثر من كتاب لعقيقي لتحريك الملف، وتقدّمنا بطلب إفادة بمسار ومصير الشكاوى ولم نحصل على أي رد”.
ويشير حطيط إلى أنّه أثناء مراجعته لمفوّض الحكومة للمطالبة بتحريك الملف بخاصّة بعد إبراز صور لمن أطلقوا النار بلباس مدني، قال عقيقي “أريد أن أحمي البلد” ما اعتبره حطيط انحيازاً لشرطة المجلس فكان ردّه “حماية البلد تكون بوضع من أطلق النار في السجن”.
وليس بعيداً تقول المحامية ديالا شحادة موكلة أحد الذين فقدوا أعينهم يوم 8 آب، أنّها تقدّمت بشكوى لدى النائب العام التمييزي ضد مجموعة حرس مجلس النواب باعتبارها “عصابة مسلحة لا تتبع لأي جهاز أمني مرخص” وأنّه تمّت إحالة الشكوى إلى المباحث الجنائيّة.
وتشير شحادة في حديث مع “المفكرة” إلى أنّها طلبت من خلال الشكوى سحب كاميرات مسجد الأمين والمباني المجاورة واستدعاء نبيه بري “بصفته المسؤول عن الإشراف على أمن المجلس بحسب النظام الداخلي لمجلس النواب” بالإضافة إلى شهادة وزيرة الداخلية ريا الحسن بصفتها وزيرة داخلية سابقة صرحت في الإعلام خلال ولايتها بأنّ حرس المجلس لا يتبعون إلى قوى الأمن الداخلي ولا إلى أي قوى رسمية بل إلى رئيس المجلس مباشرة.
وأضافت شحادة أنّ المدعي العام التمييزي امتنع عن استدعاء بري والحسن وانتهت التحقيقات الأوّلية بعدما خلصت إلى عدم رصد أي وجه لأي معتد في الكاميرات المسحوبة، وتمّ حفظ الشكوى لعدم كفاية الأدلة، مشيرة إلى امتناع القضاء عن تسليم داتا الكاميرات إلى المحامين حينها.
هذا وفضّل بعض من أصيب بأعينهم ( 5 أشخاص، منهم 4 فقدوا إحدى أعينهم) اللجوء إلى مجلس شورى الدولة بدلاً من القضاء الجزائي. وفي هذا الإطار يقول المحامي حسام الحاج وكيل هؤلاء إنّ اللجوء إلى مجلس شورى الدولة كان لاستحالة تحديد الشخص مطلق النار موضحاً في حديث مع “المفكرة” أنّ الدعوى أمام مجلس شورى الدولة موّجهة ضدّ الدولة اللبنانية وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي، وأنها ركّزت على الإفراط في استخدام القوّة ضد أشخاص عزّل، فضلاً عن التركيز لجهة التعويضات على أنّ الأضرار التي لحقت بهؤلاء الأشخاص ليست آنيّة، وهي أضرار متعدّدة، منها التأثير على فرصهم بالعمل والزواج مثلاً.
ويشرح الحاج في حديث مع “المفكرة” أنّه بسبب ضعف القدرة المالية للمدّعين تقدّم بطلب معونة قضائية في شهر حزيران 2021 لتأتي الموافقة عليها بعد أربعة أشهر، موضحاً أنّه في نهاية العام 2021 قدّم المراجعة وبعد شهر تبلّغت الدولة المستدعى بوجهها وبعد 6 أشهر قدّمت الدولة طلب تمديد مهلة ليتقرر إعطاءها شهراً واحدة للجواب.
ويُضيف الحاج أنّه في ظلّ المماطلة وحتى تاريخه، قدمت الدولة لائحة جوابية واحدة في تموز العام الماضي جاء فيها أنّ الكثير من عناصر قوى الأمن تعرّضوا لإصابات فاضطروا إلى استخدام العنف، مشيراً إلى أنّ الجواب شكّك بالتقارير الطبية. واعتبر أنّ المسافات كانت بعيدة من دون أي إثبات رغم أنّ التقارير تتحدث عن إصابات عن 3 و 4 أمتار. وتمنّى الحاج من مجلس شورى الدولة الالتزام بالمهل والإسراع بالبتّ.
وفي ظلّ عدم شعور من فقدوا أعينهم بإمكانيّة إنصافهم في القضاء المحلّي حاول عبدالله الحاج اللجوء إلى القضاء الدولي إذ يُخبر “المفكّرة” أنّه حضّر ملفاً مع محامين في الخارج تبرعوا لمساعته، إلّا أنّه تبيّن له بعدها أنّه لا يمكن التحرك دولياً من دون الحصول على حكم داخلي، “التحرّك دولياً مشروط بأن تكون الدولة لم تأخذ حقك” لذلك أتمنى أن يصدر أيّ حكم في الداخل وإن لم يكن لصالحي حتى أتحرّك دولياً.
توحيد الجهود بحثاً عن العدالة
في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب وشعورهم بضرورة الوصول إلى حقّهم في محاسبة الجناة، يسعى الأشخاص الذين فقدوا إحدى أعينهم إلى تأسيس جمعية. “بعد 3 سنوات نحاول أنّ نجمّع أنفسنا، لنشعر أنّ لدينا جمعية، لتبقى قضيّتنا حاضرة، الهدف بشكل أساسي مقاضاة الدولة ومساعدة الأشخاص الذين فقدوا أعينهم، ومعظمهم في وضع يُرثى له اقتصادياً” يقول عبد الله.
وفي هذا الإطار يقول واصف الحركة المحامي الذي يُتابع تأسيس الجمعيّة من الناحية القانونيّة إنّ الأشخاص الذين فقدوا أعينهم خلال انتفاضة تشرين يعملون جنباً إلى جنب منذ فترة، ولكنّهم أرادوا مؤخراً تأطير تجمّعهم قانونياً تحت عدد من العناوين، منها التأكيد على أنّهم لن يقبلوا أيّ إسفاف بالعقاب، وتحويل قضيتهم إلى قضية قابلة دائماً للملاحقة بشكل جماعي، فضلاً عن الجانب التكافلي بين الشباب أنفسهم الذين يعانون من أزمات اقتصادية فأغلبهم بلا عمل. ويضيف الحركة في حديث مع “المفكرة” أنّ الجمعيّة تهدف أيضاً إلى التذكير بهؤلاء الأشخاص وإيجاد مساحة للتواصل مع الناس”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.