دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية يوم الثلاثاء في 18/4/2023، وذلك لمناقشة 5 اقتراحات مدرجة على جدول الأعمال، إثنين يتصلان بتأجيل الانتخابات البلدية وثلاثة بإدخال تعديلات على قانون الشراء العامّ. ستكون هذه الجلسة التشريعيّة الأولى لمجلس النواب منذ إعلان عدد من الكتل والنواب مقاطعتهم لأيّ جلسة لا يكون موضوعها انتخاب رئيس للجمهورية، وسط رفض هؤلاء للتشريع في ظلّ التمنّع عن انتخاب رئيس على اعتبار أنّ المجلس منعقد كهيئة ناخبة لا كهيئة تشريعية. وإذ عنونت هذه الجلسة ب “تشريع الضرورة”، فإن ثمّة اقتراحات بالغة الأهمية أقصيتْ عنه، ومن أبرزها تعديل المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية لوضع حدّ لإمكانية تعطيل عمل القضاء أو إصدار عملات نقدية أكبر من الموجودة حاليا، هذا دون الحديث عن الاستحقاقات التشريعية الكبرى التي ما تزال متأخرة سواء بما يتصل بالإصلاحات الهيكلية المالية أو استقلالية القضاء.
وقبل الغوص في مضمون جدول الأعمال، تؤكّد المفكرة القانونية على عدم جواز ربط التشريع بانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما ذهب إليه د. وسام اللحام في مطالعته التي يبنيها على تفسير الدستور ولكن الأهم على النتائج العبثيّة التي قد يسفر عنها تعطيل السلطة التشريعية إلى حين انتخاب رئيس جديد، وبخاصة في ظل التسليم الواسع باشتراط نصاب الثلثين لجلسات الانتخاب خلافا للدستور أيضا. كما تجدر الإشارة إلى أنّ مشروع جدول الأعمال تضمّن أيضا اقتراحا لتخفيض السّنة السّجنية، قبل أن يتمّ سحبُه عن جدول الأعمال من قبل مكتب المجلس.
وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني – لبنان في “المفكرة القانونية” تعليقاته حول الاقتراحات المفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة. وتسهيلًا للوصول إلى المعلومة، اعتمدْنا الترتيب نفسه الذي ورد به الجدول، مع جمْع المقترحات المتشابهة.
فهرس البنود (بإمكانك التوجه إلى أي بند منها من خلال الضغط عليه):
البند 1 و2: المجالس البلدية والاختيارية نحو تمديد ثانٍ
حسمت القوى السياسية قرارها بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، ما سيؤدّي إلى تأجيل انتخاباتها التي كانت مقرّرة الشهر المقبل، بعد تأجيل أوّل في أيّار 2022 بحجة تزامنها مع الانتخابات النيابية. يبقى فقط حسم مسألة مدة التمديد، إذ أن اقتراح القانون المُعجّل المقدّم من النائب الياس بو صعب يُحددها بـ 4 أشهر فيما يحددها اقتراح القانون المعجّل المقدّم من النائبين جهاد الصمد وسجيع عطية بسنة كاملة.
التأجيل سلك طريقه القانونيّ، وإن بشكل مخالف للأصول. فعجز الحكومة عن إجراء الانتخابات المعزو إلى أسباب مالية ولوجستية يفترض أن تعبّر عنه هي بنفسها، من خلال إقرار مشروع قانون للتأجيل، يُحوّل إلى المجلس النيابي حسب الأصول، لا أن يتحمّل نواب هذه المسؤولية بالنيابة عنها من خلال تقديم مبادرات تشريعية. هذا مع العلم أنّ وزير الداخلية والبلديات أكّد مرارا على الاستعداد التام للعملية الانتخابية في حال توفّر الاعتمادات، لا بل أنّه أدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء يوم غد (الثلاثاء 18 نيسان) بندا يتعلّق بتغطية نفقات الانتخابات البلدية، أي أنّ الحكومة لم تُعلن عن عدم قدرتها على إنجاز الاستحقاق وفق ما تزعمه الأسباب الموجبة.
ويلحظ أن الأسباب الموجبة للاقتراحيْن متشابهة لدرجة يتخيّل قارئها أنّ الكاتب واحد، حيث تنص على أنه “حيث أن إنجاز هذا الاستحقاق من قبل الحكومة (أسقط اقتراح عطية والصمد كلمة الحكومة مفضّلين عدم تحميلها المسؤولية) تعترضه الكثير من العقبات المالية والإدارية واللوجستية والنقص في الإمكانات البشرية، خاصة مع استمرار إضراب موظفي القطاع العام، وعدم جهوزية الأساتذة والموظفين للمشاركة في مراقبة هذه العملية، وحيث أنه تم تحديد موعد الجولة الأولى في بداية الشهر المقبل من دون أن يكون هنالك تقدير للقدرة على قبول طلبات الترشيح وتأمين مستنداتها مما يدل على عدم جديّة من قبلها (فات مقدمي الاقتراح الثاني أي اقتراح عطية الصمد تعديلها فلم يتضح من هي هذه الجهة التي لا جدية من قبلها رغم حذفهما الإشارة إلى مسؤولية الحكومة عدم إنجاز الاستحقاق) في إنجاز سليم لهذا الاستحقاق وحيث أن تأجيل هذه الانتخابات لمدة أربعة أشهر (سنة بحسب الاقتراح الثاني) يحول دون إمكانية حدوث فراغ عملي في البلديات والمجالس الاختيارية، بما يحفظ مصالح المواطنين وانتظام عمل هذه الإدارات المحلية”.
وكانت منظمات عدة، من بينها “المفكرة القانونية”، أصدرت بياناً أدانتْ فيه التوجّه إلى تأجيل الانتخابات، معلنة رفضها تبادل الأدوار بين الحكومة والمجلس ومشدّدة على ضرورة التزام وزارة الداخلية بالمواعيد التي أعلنت لإجراء الانتخابات. كما دعتْ الحكومة ومجلس النواب إلى تحمّل مسؤولياتهما وتأمين الأموال اللازمة لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد.
ونظرا لأهمّية الموضوع بخاصة لما يُمكن أن يحمله من تمديد للفراغ في العديد من البلديات، خصصنا المقالان التاليان لتغطية القضية. للاطّلاع عليهما:
البنود 3 و4 و5: اقتراحات لتعديل قانون الشراء العام
مع بدء تطبيق مفاعيل قانون الشراء العام في نهاية تمّوز 2022، بدأت تظهر العقبات أمام تطبيقه بنتيجة الأزمة وشحّ الموارد لدى عموم أشخاص القانون العام. إزاء ذلك، سيكون على جدول أعمال المجلس النيابي 3 اقتراحات تتعلّق بتعديلات على القانون.
الاقتراح الأول تقدّم به النوّاب جهاد الصمد، آلان عون وعلي حسن خليل بصيغة المعجّل المكرّر، أهم ما ورد فيه أنّه “يتمّ تأليف لجان التلزيم والاستلام لدى الجهات الشارية من أهل الخبرة والاختصاص وفقاً لأسس تضعها هيئة الشراء العام، على أن تكون الأولوية في تشكيل هذه اللجان للأشخاص المدرّبين على الشراء العام”. كذلك أُضيف إمكانية استبدال الفاتورة ببيان (فاتورة غير رسمية) في حال التعاقد مع جهة لا تملك رقماً مالياً مع الإبقاء على السقف المالي نفسه (100 مليون ليرة). وقد أُضيفت هذه الفقرة بعدما تبيّن أنّ الجهات الشارية ذات الموازنات الصغيرة، كأغلب البلديات، تستعين بعمّال أجانب لتأمين خدمة التنظيف اليومي للطرقات والصيانة يستحيل عليها الاستحصال من هؤلاء على فاتورة رسمية. ولتفادي إمكانية توقّف عملية الشراء بالفاتورة بسبب اشتراط وجود عرضين، أُضيف إلى الفقرة نفسها عبارة: “كما يمكن الاكتفاء بالفاتورة عند تعذّر الحصول على عرضين”. بالإضافة إلى ذلك، رمى الاقتراح إلى إدخال تعديلات أخرى تتّصل بشروط مشاركة الشركات الأجنبية تنفيذًا لأحكام قانون مقاطعة إسرائيل وأيضًا بتعديل مواعيد إرسال خطط الشراء العام من قبل الجهات الشارية إلى هيئة الشراء العام (خلال شهرين من بدء السنة المالية بدلاً من 10 أيام من تاريخ إقرار الموازنة). وقد أكد رئيس هيئة الشراء العام جان العلية لـ “المفكرة” أنّ هذه التعديلات مهمّة لتسيير عمل الجهات الشارية.
كما قدّم عدد من نواب كتلة الجمهورية القوية اقتراحا معجّلا مكرّرا يتعلّق بمعضلة مشابهة تتمثل باشتراط القانون أن تتألف لجان التلزيم والاستلام من ثلاثة موظفين من الفئة الثالثة، وهو شرط لا يمكن توافره في عدد كبير من البلديات في لبنان، خاصة الصغيرة منها، والتي قد لا يتوافر فيها أي موظف فئة ثالثة. يرمي الاقتراح إلى تعديل آلية تعيين أعضاء لجان الاستلام، بحيث يكون الاختيار من بين الواردة أسماؤهم في اللائحة الموحدة على أن يكون على الأقل أحدهم من خارج الإدارة المعنية، في حين أنّ القانون الحالي يُفيد بأنّ هؤلاء يجب أن يكونوا كلهم من داخلها. ويأتي السماح بالاختيار من اللائحة الموحدة لدى هيئة الشراء العام للسماح بحل مسألة افتقار معظم البلديات الصغرى للعدد الكافي من موظفي الفئة الثالثة.
وقد برز بالمقابل توجّه تشريعيّ مغاير من قبل النائب هادي أبو الحسن، يرمي ليس إلى تسهيل خضوع البلديات للقانون بل إلى استثنائهم منه ولو إلى حين. تمثل هذا التوجه في اقتراحه الرامي إلى إرجاء تطبيق قانون الشراء العام على البلديات باستثناء مراكز المحافظات لمدّة سنتيْن بحجة عدم امتلاك البلديات للمؤهلات والقدرات اللازمة لتطبيقه، وذلك تجنّبا للوقوع في مخالفته. وبدل تعطيل القانون بأكمله في هذا الاقتراح بحجة عدم توافر الإمكانيات اللازمة في البلديات، يُمكن الركون إلى الاقتراحيْن المذكوريْن أعلاه لضمان تطبيق القانون وبالتالي ضمان الشفافية في عمليات الشراء العام بدل تأجيل تطبيقه لمهلة لا يُتوقّع أن يتحسّن فيها واقع البلديات في ظلّ الأزمة الحالية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.