“
عن موضوع تعديل القانون وتحويل الشرفات إلى فضاء داخلي
في إطار بحثنا عن تحوّل وجهة استعمال الشرفات في مباني بيروت السكنيّة، طالعنا تعميم صادر عن وزارة المالية يستعيدُ مختلف التعديلات القانونيّة التي تُنَظّم اليوم عملية إقفال المساحات المفتوحة في الأبنية الجديدة والقديمة. يتطرق التعميم الصادر في 1 كانون الأول 2015 إلى تقدير القيمة التأجيرية للمباني السكنية:
[…] شرّع قانون البناء رقم 646 تاريخ 11/12/2004 إغلاق الشرفات بكافة أنواع الألواح الزجاجية الشفافة المتحركة بما فيها تلك المزودة بإطارات من الألمنيوم الملوّن وبالتالي أصبحت مساحات هذه الشرفات مهيأة لتكون من ضمن المساحات المستعملة أو المستثمرة للوحدات العقارية[1].
ففي كانون الأول من العام 2004[2]، طرحت التعديلات التي أُدخلت على قانون البناء لعام 1983 في بادئ الأمر إمكانية إغلاق الشرفات بـ”درفات متحركة” فقط، تكون “مصنّعة من مواد شفافة غير ملوّنة والتي توضع على الشرفات بمثابة برادي تقليدية”[3]. وعلى الرغم من بساطته، سرعان ما فتح هذا الاقتراح الباب أمام تحولات في نسيج المدينة المعماري على نطاق واسع يطال الأبنية الموجودة والمشاريع الجديدة على حدٍ سواء. فمنذ صدور التعميم، عملت المشاريع الجديدة على تركيب ألواح الزجاج للمساحات المفتوحة فيها. أمّا في الأبنية القديمة فقد أضحى إقفال الشرفات مُتاحاً ومسموحاً بحسب رغبة السكّان. قبل ذلك التاريخ، أي العام 2004، وبالرغم من ظهور شرفات مغلقة في العاصمة، كانت الواجهات الرئيسية للمباني السكنية ما تزال بمنأى عن هذه التغييرات الجذريّة كونها كانت ما تزال غير قانونيّة. إلا أنّه كان من الممكن آنذاك رصد أشكال أخرى من ممارسات السكّان العفويّة، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: استبدال هياكل الأبواب الحديديّة بأُخرى متحركة من الألمنيوم، أو الاستعاضة عن مصابيح الإنارة الجدارية الخارجية بأُخرى مُتدلّية، عدا عن التغييرات في ألوان الواجهات ومواد إكسائها أو فتح وإلغاء كاسرات الشمس أو إصلاح الأضرار الناجمة عن الحرب اللبنانية الطويلة.
تبقى الإشارة إلى فئة أخرى من التغييرات تعودُ لحقبة أقدم نسبياً (نراها منذ الستينيّات) وهي رفع مستوى درابزين بعض الشرفات في هدف حماية الأطفال بشكل أساسي.
لكن الممارسات الوحيدة التي قد تذكّر بأحكام قانون العام 2004، من باب الإقفال والحماية وليس لتغيير وظيفة المساحة الخارجية، يمكن التماسها في حالات تركيب قضبان حديدية للشرفات أو النوافذ للحدّ من احتمالات السرقة مع ارتفاع مستوى الجريمة إبّان الحرب. فبهدف الحماية، يضحّي العديد من سكّان الطابقين الأرضي أو الأول بالمنظر الخارجي عبر التخلّي عن الممارسات الإعتياديّة في مساحة الشرفات. فبهذا يتحوّل البلكون أو الفرندا كما تُسمّى الشرفة بالعاميّة اللبنانية، من مساحة وسيطة بين الشقة والمدينة إلى غرفة ذات استخدام أقل حيوية. كما أن الدرابزين، بعد أن فقد دوره كمسند للأيدي، يتوقّف عن تقديم أي تفاعل ملموسٍ بين المستخدم والشرفة. زد على ذلك التشبيه الحتمي بقفص الحيوانات أو زنزانة السجن الذي هو كفيلٌ بثني الساكن عن الاقتراب من حدود كان يرتادها سابقاً. من جهة أخرى أيضاً، تصبح المساحة المعرّضة لتراكم الغبار أكبر نظراً إلى ارتفاع قضبان الحديد، فتعصى عليها بذلك محاولات التنظيف التقليدية التي يتم التخلّي عنها أصلاً بسبب شح المياه. هكذا يصبح هذا الحيّز الخارجي المغلق على صورة المدينة في زمن الحرب، أشبه بمساحة مهملة متروكة لمصيرها، يواجهها سكانها بالنفور وبالابتعاد.
إلا أنّ هذا النموذج من الإغلاق القسري لا يشبه الممارسات الحالية الناشئة عن قانون العام 2004 إلا من خلال المبدأ العام القاضي بفصل الخارج عن الداخل. فما هو الفارق بين موقف الأمس واليوم؟ إنّ البيئة المدينيّة العدائية التي دفعت سكانها إلى الإنطواء على أنفسهم في الداخل سابقاً، لم تعد اليوم تؤخذ في عين الاعتبار حتّى، لا بل أصبحت مرفوضة أو غير موجودة. وبدلاً من الإنطلاق من فكرة الانسحاب من المدينة، يُعتبر تحويل المساحة الخارجية إلى مساحة داخلية جديدة في أيّامنا دليلاً على انفصال تام ليس عن المدينة فحسب بل أيضاً عن المحيط الأقرب أي البناء الذي يحتوي على الوحدة السكنيّة. ثمّة ثلاثة مستويات من هذا الانفصال نُحدّدها في ما يلي:
ترمزُ عمليّة الإقفال أولاً إلى انفصال حسّي عن المحيط يتمّ من خلال تسليط الضوء على الجوانب السلبية وغير المرغوب بها للمدينة تبريراً لعمليّة الانغلاق بل الانطواء هذه. فبشاعة البناء في الحي مثلاً، وتلوّث الهواء، وفترات الحرّ الطويلة، والابتعاد عن هواية زرع النباتات المنزليّة، تصبح جميعها حججاً تمهّدُ لعملية الانفصال هذه.
أمّا المستوى الثاني فيظهر في العلاقة مع المحيط المعماري أي البناء نفسه. فعدم الاكتراث بالهندسة المعمارية بشكل عام لدى المواطنين والتخلّي لا بل ازدراء كل ما يعتبر “قديماً” إضافةً إلى القناعة بأن أي محاولة تجديد تحمل حتماً قيمةً جماليّة إضافيّة، هي جميعها عناصر لا تعمل إلا على تأكيد هذا الخيار.
أمّا المستوى الثالث من هذا الانفصال، فيكمن بلا شك في دلالته المباشرة على إفراط السكّان في رفع أهمية المساحة الشخصية على حساب المساحة المشتركة أو الشكل الخارجي للمبنى. فبدلاً من تكييف متطلبات الحياة اليومية مع طبيعة الشقة، يسود اتجاه معاكس يتمثل في فرض صورة المسكن المثالي على أية مساحة مبنيّة بغض النظر عن مدى ملاءمة المبنى لهذه الصورة. بهذا تتحوّل رغبة الأسرة في زيادة مساحة الاستقبال، واستحداث غرفة جلوس أو حتى غرفة خادمة غير متوفرة في الشقق متوسطة الحجم، إلى حاجة لا غنى عنها. ومع تحميل المساحات الخارجية الثقل الأكبر، يتحوّل افتراض وجود نقص ما في التصميم الأساسي للشقة، وتراجع ثقافة الحفاظ على العمارة القديمة وسط الفورة العمرانيّة، وهيمنة نماذج المساكن الفخمة، والانفصال عن المدينة، تتحوّل جميعها إلى عوامل ثابتة تستمدّ من القانون الجديد هذا شرعيةً أكبر تعزز من الانطواء وتُرسّخ قواعده في المجتمع.
قصّة أحد المباني السكنيّة
لتوضيح ما أتينا عليه، يأخذنا مسارنا الآن إلى قصة إحدى البنايات السكنيّة من ضاحية قريبة لبيروت. شُيّد هذا المبنى المؤلف من خمس طبقات في عام 1963، يتواجد فيها اثنتا عشرة شقة سكّانها أغلبهم من المالكين. وقد حافظت واجهة المبنى حتى فترةٍ غير بعيدة على شكلها الأصلي الذي ميّزه تناغم بين مساحات فارغة ومليئة عولجت الأحجام فيها بما يُعرف بالطلاء المجرّح المنتشر في عمارة بيروت آنذاك. كلّل لعبة الأحجام هذه درابزين معدني ذو شكل هندسي بسيط حدّد بأسلوب جذّاب شرفتي الشقتين المشرفتين على الشارع الرئيسي عند كلّ طابق.
ولعلّ أول خلل أصاب هذا التجانس في التركيب الهندسي المميّز ظهر مع إضافة ستائر القماش الحاجبة كفواصل مُتحرّكة وهي الفواصل المنتشرة على آلاف الشرفات في بيروت. ويعود استخدام هذا النموذج للعزل بين الدّاخل والخارج في مبنى سن الفيل هذا، كما في مبانٍ أخرى، إلى النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين. ففي البداية، وُضعت هذه الستائر على الشرفة الرئيسية كبديل عن ستائر الألومينيوم الداخلية التي كانت تُرافق الأبواب والواجهات الزجاجية منذ تشييد المبنى. وبعد أن تهالكت الستائر المعدنيّة هذه إلى حدٍ كبير، استبُدلت بأُخرى داخليّة من القماش أكثر عملية وفقاً لشهادة العديد من السكان. هكذا، ألغيت الستائر الأصليّة واستُبدلت من الدّاخل ومن الخارج أيضاً بأُخرى أبسط وأمتن تضمن استخدام الشرفة بطريقة مريحة. ففي فصل الصيف، بحسب أحد السكان القدامى، لا تسمح هذه الستائر الخارجية بالحماية من الشمس فحسب بل تحمي الأسرة من النظرات المتطفّلة خلال إقامة الموائد العائلية في الخارج أو في حال رغب أحد القاطنين الذكور أن يأخذ قيلولته عاري الصدر أو بملابسه الداخليةـ مع بدء أفول القبول الاجتماعي لهذه العادة الأخيرة. لاحقاً، بدأ استعمالُ الستائر الخارجيّة على شرفات المطبخ أيضاً حيث تراكم العائلة شتّى أنواع الأغراض. وعلى الرّغم من كونها مكاناً للتخزين أو مساحة خاصة جديدة، بقيت الشرفات المغطاة تُعتبر مساحة خارجية كما أكّد الساكن القديم نفسه.
ولكن وصول مشترٍ جديد إلى إحدى الشقتين في الطبقة العلوية في عام 2017، سوف يغيّر الوضع كليّاً. فبعد أشغال شاقة تضمّنت هدم جدران وإزالة البلاط القديم، وتغيير الأبواب والنوافذ، اقترح المالك الجديد إلغاء الدرابزين في الواجهة الرئيسية واستبداله بحواجز شفافة على غرار المشاريع العقارية الحديثة. ونقل المالك الجديد، الفخور بالتكاليف التي أنفقها على ورشته، فكرته تلك إلى السكان الآخرين عبر رسالة على تطبيق “واتساب” يقول فيها إنه “من أجل إغلاق الشرفات بطريقة متجانسة، أقترح عليكم الرسم التالي”. وقبل سؤال جيرانه حتّى عمّا إذا كانوا ينوون إجراء تغييرات على المساحات الخارجية لشققهم، بدا الجار الجديد مقتنعاً تماماً بحتمية هذا الإجراء. إلا أنّ كلفة المشروع الطموح المتوقعة كانت كفيلة للتخفيف من همّة أي من السكّان، دافعةً بالمالك الجديد مُرغماً إلى إعادة الدرابزين إلى ما كان عليه، مع تعديل بسيط على موقعه الأصلي لتثبيت هيكل الألمنيوم العازل للشقّة الموسّعة عن الخارج. هكذا بدأت التغييرات الطارئة الصغيرة منها والكبيرة بحثّ باقي السكّان ممّن كانوا قد أثنوا على اقتراح تغيير الواجهة على اتّباع نموذج ورشة الطابق العلوي من خلال هدم الجدران الفاصلة بين غرفة الجلوس والمساحة الخارجية. عدا عمّا يحمله هذا المثل من دلالة على الاعتقاد السائد بضرورة إلغاء المساحات الخارجية من مساكن المدينة، فإنّ بعض مواقف سكان بناية سنّ الفيل هذه المنقولة شفهياً أو خطياً عبر محاضر لجنة البناية حول موضوع إقفال الشرفات تحملُ بدورها دلالات هامّة. ولعلّ أبرز هذه الدلالات هو تنصّل غالبيّة القاطنين من أي تدخلٍ أو مبادرة لوقف الأعمال التي قد تعرّض وحدة الواجهة للتفكك من جرّاء مشروع المالك الجديد، ناهيك عن عدم مبالاة البعض الآخر بهذا الموضوع أساساً. فتحتَ ذريعة احترام حرية الجار الذي لا يضر غيره بحسب رأيهم، عبّر هؤلاء بشكلٍ غير مباشر عن استغنائهم عن أي رابطٍ بجماليّة المبنى أو حتّى بإدارة تحولاته. فبحسب قولهم إذا ما قام أحدٌ بالاعتراض على ما يقوم به غيره من المالكين من أعمال، فقد يرتدّ هذا الأخير عليهم في وقتٍ لاحق فيمنعهم من استخدام الأقسام المشتركة لوضع خزانات إضافية للمياه مثلاً أو أنّه قد يتدخل بدوره في ما يقيمون به بشرفاتهم أو يعترض على أي اقتراح آخر. أمّا القسم الثّاني من المالكين فقد خلُص للقول أنّ إغلاق الشرفات في يومٍ من الأيام هو الحل الوحيد لإعادة مظهر متجانس إلى واجهة البناء التي باتت “فقيرة” اليوم على حدّ تعبيرهم نتيجة استخدام الستائر الخارجيّة. فمع المحافظة على الدرابزين الحديدي وأشكال البناء الأصليّة، “لابدّ من اغلاق الشرفات في يومٍ من الأيّام”.
تبدّلٌ في المعاني
هل يعتبر إذاً التعديل في قانون البناء المحرّك الأساسي لنزعة إقفال الشرفات هذه الآخذة في التكاثر؟ أتت إجابات قدمتها مجموعة من سكان مبانٍ من فترة ما قبل الحرب في أحياء مختلفة من بيروت، كمؤشّرٍ عن تحوّل هذه العادات التي أصبحت متجذّرة اليوم في الثقافة السكنية الحضرية في لبنان. فإذا كان السماح بإغلاق الشرفات في البداية حلاً لاستخدامها في فصل الشتاء أو لتركيب أجهزة التكييف فيها أيّام الصيف، فهو في طور التحوّل إلى دعوة شبه مُباشرة إلى الانطواء تحت تأثير المشاريع المعاصرة والفخمة، والتي باتت مصدر إلهام لآلاف العائلات اللبنانيّة. فشرفات الشقق الحديثة التي صُمّمت مُغلقةً بألواح الزجاج منذ بداية المشاريع قبل أن تُسكن حتّى، توحي بطرق جديدة لاستخدام المساحات الخارجية. أمّا عمليّة إعادة تأهيل أو تجديد شقق مباني فترة الخمسينيات إلى السبعينيات فستلحق حُكماً بالمعايير الجماليّة التي أعيد إرساؤها وفقاً لهذا النموذج من التصميم المعاصر في البنايات الجديدة المقفلة.
يسترعي انتباهنا التطوّر اللغوي والمعنوي للمصطلحات المُستخدمة لدى العامّة في هذا السياق. فمن صيغة بسيطة مثل “تركيب الزجاج” (“تأزيز” باللهجة اللبنانيّة المحكية) التي لطالما استخدمت حتى قبل تعديل قانون البناء، نلاحظ بعدها انتشار مصطلح “إغلاق” (“تسكير”) المساحة في شيءٍ من القبول بالانقطاع عن الخارج، قبل الوصول مؤخراً مع انتفاء أي شعور بالذنب تجاه هذا الإغلاق إلى تعبير “إلغاء” الشرفة الذي تبنّاه معظم سكّان المدينة.
في المرحلة الأخيرة من هذا التطوّر اللغوي، تأتي عبارة “فتح الشرفة” لتعلن تحوّلاً كاملاً في المعنى نفسه لمصطلح “الفتح” المتعارف عليه: فبهدف إعادة توظيف الشرفة، التي تعتبر وفقاً لهذا المنطق المعاصر غرفة كباقي غرف البيت، يأتي الحل عبر فتحها على الداخل لكي يستفاد منها كفضاء إضافي. بهذا، يتوقف السكّان عن البحث عن معنى للشرفة في الحيّز الخارجي الذي يتحوّل إلى مجرّد امتداد لغرف الاستقبال الواسعة التي تميّز شقق بيروت.
من مساحة خارجية ضرورية للمسكن إلى حيزٍ مهملٍ تنتهشه المساحات الداخلية، تعكس شرفات الأبنية اليوم ممارسات السكّان المتنوعة بل المتناقضة في ما بينها والتي تزيد من تعقيد المشهد العام في المدن اللبنانية الكبرى. فإذا كنّا في معظم الأحيان نردّ النزعة إلى الإغلاق إلى الطابع العدائي الذي يطغى على البيئة الخارجيّة، فإن هذا الخيار يدلّ أيضاً على تقوقع في الثقافة الحضرية اليوم التي تُنتج رفضاً مستمراً للآخرين. ويبقى التوازن السليم في تحليل الفرضيّتين حاسماً للوصول إلى فهم صحيح لهذه الظاهرة.
- نشر هذا المقال في العدد | 60 | حزيران 2019، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
منحة السكن ومحنته
- لقراءة المقال باللغة الانجليزية اضغطوا على الرابط أدناه:
Beirut’s Balconies: The Transformation of Urban Residential Culture
[1] تعميم رقم 4414 بتاريخ 1 كانون الأول 2015 الصادر عن وزارة المالية “المتعلّق باعتبار مساحة الشرفات من ضمن مساحة الوحدة لدى تقديرالقيم التأجيريّة
[2] قانون رقم 646 تاريخ 11كانون الأوّل 2004 تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 148 تاريخ 16 أيلول 1983 قانون البناء
[3] المادة 14 (معدل الاستثمار السطحي وعامل الاستثمار العام) من القانون رقم 646 ـ تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 148 تاريخ 16/9/1983، 11 ـ 12 ـ 2004.
“