توقيف “الجوكر” ينغّص عيد الاستقلال في صيدا


2019-11-24    |   

توقيف “الجوكر” ينغّص عيد الاستقلال في صيدا

شهدت صيدا الجمعة 22 تشرين الثاني احتفالاً شعبياً بعيد الاستقلال هو الأول من نوعه في المدينة. وجابت مسيرة من أفواج الاختصاصيين والمواطنين والناشطين شوارع المدينة على وقع الموسيقى والهتافات. ولكن حدثاً نغّص فرحة هذا اليوم تمثّل بتوقيف الشاب محمد البسيوني الملقّب بـ”الجوكر” لمدة خمس ساعات في “ثكنة زغيب” في صيدا.

احتفال شعبي مدني 

قبل ساعات من توقيف محمد، كانت المدينة تعيش “عرساً” حقيقياً منذ الصباح. إذ بدأ نهار المدينة بفطور جماعي في “ساحة إيليا” وانتهى بحفل غنائي مع المغني إبراهيم الأحمد الذي زار المدينة مرة أخرى ليحيي معها عيد الاستقلال. وكان المغنّي أحمد قعبور زار المدينة أيضاً وغنّى مع المتظاهرين فيها أغنية “أناديكم”، معبّراً عن رغبته بـ”إمضاء يوم  كامل في صيدا” واعداً المتظاهرين بالعودة قريباً.

ونظّم المتظاهرون في صيدا مسيرة ضمّت أفواج مدنية بحسب الاختصاص، تقدّمها فوج الأطباء الذين ساروا بستراتهم البيضاء خلف فوجٍ كشفي يعزف الموسيقى ويرفع الأعلام وخلف الشاب مصباح الذي اشتهر في المدينة خلال الأيام الأخيرة بسبب بقائه وحيداً خلال النهار رافعاً العلم اللبناني في ساحة إيليا، رافضاً ترك الساحة لأنه “عندما يترك آخر واحد بيننا الساحة، تموت الثورة”.

ولم يقتصر المشاركون في المسيرة على أصحاب الاختصاص بل كانت مسيرة “شعبية” بكل ما تحمل الكلمة من معنى، إذ شارك كثيرون من سكان المدينة وجوارها من مختلف الفئات العمرية في المسيرة التي جابت شوارع المدينة، مرددين هتافات الثورة التي صدحت في فضاء المدينة طوال النهار. وانتهت المسيرة برفع المتظاهرين أوراقاً ملوّنة بالأبيض والأحمر والأخضر ليرسموا العلم اللبناني في “ساحة إيليا”.

توقيف غير مبرر

شارك الشاب محمد البسيوني، 30 عاماً، في نشاط تشكيل العلم أسوة بغيره من أبناء المدينة. وكان قد رسم على وجه ملامح “الجوكر” الشهير الذي اقترن اسمه مؤخراً بالثورة على قوى الأمر الواقع بعد عرض فيلم “جوكر” في دور السينما أوائل شهر تشرين الأول. فبحسب شقيقه كرم، يعبّر محمد وهو مصمّم غرافيكي يعمل لحسابه الخاص، “عن آرائه من خلال الفن ويتظاهر على طريقته الخاصة”.

وبالإضافة إلى وجه الجوكر كان محمد يحمل يافطة كتب عليها “الديناصورات انقرضوا.. الفينيقيين خلصوا.. الفرنسيين هربوا.. انتو ليش بعدكن.. حلّوا عنّا الناس تعبت..” إضافة إلى صور الرؤساء الثلاثة كتب على وجوههم “كلّكن يعني كلّكن”.

يشرح كرم لـ”المفكرة” أن مضمون اليافطة وتنكّر محمد بوجه الجوكر أثارا ريبة بعض الحاضرين. فحاول البعض إخراجه من الساحة وتعرّض أحد هؤلاء له بالضرب. ويضيف: “على أثر الشجار، تدخل عناصر الجيش واعتقلوا محمد، وحده من دون الأشخاص الآخرين الذين شاركوا في الشجار”.

انتشر خبر توقيف محمد بين الناشطين والمتظاهرين سريعاً فبدأت المطالبات بالإفراج عنه بشكلٍ سريع تنتشر على شبكات الإعلام الاجتماعي. وفي حين اعتبر البعض أن توقيفه أتى على خلفية اليافطة التي كان يحملها وأنّ تهمته قد تكون المساس بشخص رئيس الجمهورية، يقول كرم أنّ أحد المحامين الذي تطوّع للدفاع عن محمد شرح له أنّ “أياً من هذه التهم لا تنطبق على محمد ولم يكن هناك تهمة واضحة لتوقيفه”.

لم تكن تلك المشاركة الأولى لمحمد في التظاهرات في صيدا ولا المرة الأولى التي يتواجد فيها في ساحة إيليا. والمفارقة أنّه معروف في أوساط صيدا نظراً لعلاقاته الواسعة في المدينة. وعن ذلك يقول كرم: “لو عرف المتواجدون في الساحة أنّ خلف وجه الجوكر أخي محمد لما ارتاب أحد منه ولما عاملوه بهذه الطريقة”.

وتساءل كثيرون عن سبب رسم محمد قناع “الجوكر” على وجهه باعتباره شخصية “شريرة”. وعن ذلك يوضح كرم: “شرح لي محمد أنه يرى الجوكر شخصاً جيداً لكن الظروف التي عايشها جعلته إنسان سيئاً. وارتدى أخي سترة عليها شعار بات مان، ليقول أنّ النظام يرانا أشرار ولكننا في الواقع أبطال وضحايا ظروفنا المعيشية”.

بعد انتظار دام حوالي 5 ساعات من دون معرفة مكان احتجاز محمد، تلقى شقيقه كرم اتصالاً يبلغه بقرار الإفراج عنه من “مخفر صيدا القديمة”. خرج محمد وقد بانت ملامح وجهه. وبدا حزيناً ومحبطاً وقرر عدم العودة إلى الساحة. ويقول كرم إنّ “محمد تعرّض لتعنيف جسدي بالغ في الساحة من المتظاهرين ومن عناصر الجيش. وهو منذ ذلك الوقت في حالة نفسية سيئة جداً ولا يرد على أي من الاتصالات الهاتفية. وقد حاول بعض المتظاهرين في الساحة الحديث معه ليعود إليها لكنه رفض”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني