تقع حقوق الموقوفين، المحرومين من حرّيتهم بانتظار محاكمتهم، بين فكيّ التعطيل القضائي ومشاكل السَّوق إلى المحاكمات. عاملان أساسيان باتا السبب الرئيسي لمعاناتهم يُضافان إلى مشاكل أساسية لطالما عانت منها العدالة في لبنان، ويتمثّلان ببطء المحاكمات والاستخدامالمفرطللتوقيفالاحتياطي. فقد تخطّت نسبة الموقوفين بدون محاكمات 65%، بحسب مديرية السجون في وزارة العدل، الأمر الذي أدّى إلى اكتظاظ السجون والنظارات. وتتفاقم هذه المشاكل أمام واقع كارثي للسجون نتيجة الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الخدمات الصحيّة والغذائية واللوجستية فيها.
وعام 2024 لا يُبشّر بالخير بالنسبة للعدالة والحرية الشخصية، إذ انطلق العام مع إعلان المساعدين القضائيين الاعتكاف للمطالبة بتحسين رواتبهم بعدما انهارت قيمتها جرّاء انهيار سعر الصرف في ظلّ غياب أي خطّة حكومية للنهوض بالقطاع العام، وتعطيلالمحاكمالعسكرية لشهر ونصف، عدا عن شكاوى المحامين من انخفاض أعداد القضاة العدليين. هذا في الوقت الذي انخفض فيه معدّل حضور بعض القضاة إلى المحاكم من مرّة ومرتين في الأسبوع إلى مرتين أو مرّة في الشهر. وهذا الأمر يؤدي إلى إطالة الأمد بين الجلسات، وبالتالي تأخّر البتّ بملفات الموقوفين.
أربع سنوات من تعطيل العدليّات
أربع سنوات والتعطيل سيّد الموقف في القضاء. فعدا عن جائحة كورونا عام 2020 التي أدّت إلى التعطيل الجزئي للعمل، تتالت الإضرابات والاعتكافات التي طالت القضاء في السنوات الأخيرة وأثّرت بشكل مباشر على استمرار حجز حرّية الموقوفين إذ لم تستثنهم بعض هذه الاعتكافات. فلنحو 7 أشهر في العام 2021، بين شهر أيّار وشهر تشرين الثاني، كانت العدليّات في حالة تعطّل جزئي بسبب اعتكافات متقطّعة للمساعدين القضائيين، فيما كان العام 2022 الأصعب على العدالة باعتكاف المساعدين القضائيين بشكل متقطّع بين شهر شباط وآب، تخلّلها أحيانًا حضور إلى العمل ليوم واحد أو ثلاثة أيّام فقط في الأسبوع. أما القضاة فاعتكفوا لأكثر من خمسة أشهر متواصلة، من شهر آب إلى 5 كانون الثاني 2023. وشهد العام 2023، اعتكافات متقطعة أيضًا للمساعدين القضائيين بين شهري شباط ونيسان، بالإضافة إلى اعتكاف جزئي للقضاة لأقلّ من شهر في أيلول. وعليه، خلال 4 سنوات كانت المحاكم معطّلة بشكل شبه تام لما مجموعه عامان كاملان.
وقد بدأ العام 2024، باعتكاف المساعدينالقضائيين في 1 شباط واستمرّ بشكل جزئي إلى 18 شباط، واستثنى المساعدون القضائيون من اعتكافهم الموقوفين في اليومين الأوّلين. ويوم الإثنين في 19 شباط عاد المساعدون القضائيون إلى العمل في بيروت بعدما أخذوا موافقة وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري على ثلاثة أمور تُحسّن من عائدات صندوق المساعدين القضائيين لكنّها لا تشمل رواتبهم. وهي: رفع جباية صندوق التعاضد ما يُساهم في رفع قيمة المساعدة المالية لنحو الضعفين، وتركيب ماكينات طوابع أميرية في قصر العدل وإدخال نسبة من وارداتها للصندوق. كما حصل المساعدون على موافقة من وزير العدل على مشروع قانون رسم المساعدين القضائيين الذي من شأنه رفع عائدات الصندوق. لم يُجمع المساعدون القضائيون على قرار فكّ الاعتكاف بناء على هذه التطورات، لأنّ مُعظمهم مصرّون على المضي بالاعتكاف بهدف تحسين رواتبهم، ففتحت المحاكم في بيروت فيما لا تزال متوقّفة في معظم المحافظات.
ويستثني هذا الاعتكاف ملفات الموقوفين، لكن تبقى حرّيتهم أداة تُستخدم للتلويح بالتصعيد. ففي اليومين الأوّلين من اعتكافهم، في 1 و2 شباط، أعلن المساعدون القضائيون عدم استثناء أي معاملة من الاعتكاف سوى ما يتعلّق بالمهل القانونيّة (كتقديم طلب استئناف أو تمييز خلال المهلة المحددة في القانون).
وكان تعطيلالمحكمةالعسكريّة لنحو شهر بين كانون الثاني وشباط هذا العام، جرّاء الخلاف بين قائد الجيش العماد جوزيف عون ووزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم حول تعيين الضباط المستشارين، أحد أسباب معاناة الموقوفين. وقد انتهى الخلاف بتوقيع الوزير سليم على اقتراح التعيينات الصادر عن المجلس العسكري بشكله الكامل، بعد أن كان قد رفض التوقيع عليه سابقًا بسبب عدم حيازة الضبّاط المقترحين على إجازة في الحقوق. وبالتالي عاد العمل إلى المحكمة العسكرية بشكل طبيعي في 19 شباط، إلّا أنّ بعض ملفات الموقوفين التي كان من المفترض النظر فيها في شهر كانون الثاني أرجئت لشهور إضافية.
“ألم يكن بإمكان القاضي محاكمته وهو خارج السجن؟”
يقول حُسام (اسم مستعار) وهو سجين سابق في رومية لـ “المفكرة” إنّ “تعطيل الجلسة يعني بالنسبة للموقوف المزيد من الأشهر من دون محاكمة، أي المزيد من انتظار مصير مجهول”. ويُشير عند إعلامه أنّ بعض المساعدين القضائيين فكّوا اعتكافهم: “غدًا ستعود المحاكم لتتعطّل بسبب عدم حلّ المشاكل الأساسية التي اعتكفوا لأجلها، أي المشاكل الاقتصاديّة”.
ويعتب حُسام على القضاة “لأنّهم لا يقومون بواجباتهم في زيارة السجون وفي الوقت عينه يوقفون الناس وثمّ يتأخرون بمحاكمتهم”. ويتحدّاهم بأن يزوروا السجون وينظروا بأنفسهم إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه النزلاء. ويروي حسام أنّه حين كان موقوفًا في العام 2022 تعطّلت جلساته عدّة مرّات، “من بينها مرّة بسبب اعتكاف القضاة، ومرّة بسبب عدم توفّر آليات سَوق، فالقوى الأمنية تحتاج أقلّه إلى ثلاث آليات لمواكبة الآلية التي يُنقل فيها الموقوف” حسب تعبيره.
ويسأل حسام “أين حقوق الإنسان، هل من ارتكب جرمًا تنتزع منه كرامته؟”. ويتابع “من يدخل السجن انخرب بيته، هناك أشخاص تفكّكت عائلاتها بسبب تأخّر المحاكمات”. ويصف ما يتعرّض له السجناء بـ “جريمة تعذيب، فالحرمان من الحقوق الإنسانية هو تعذيب”. ويشرح: “هناك سجناء يأكلون وجبة واحدة في اليوم لأنّهم لا يملكون المال، وآخرون يُعانون من مشاكل في الأمعاء بسبب رداءة الطعام”.
وتبرز مسألة عدم الالتزام بمهل التوقيف القانونية والاستخدامالمفرطللتوقيفالاحتياطي في ما ترويه وداد، التي أتت إلى قصر العدل في بيروت لتحصل على توقيع القاضي على تنفيذ قرار إخلاء سبيل ابنها (29 عامًا) الذي صدر حكم ببراءته بعدما أوقف لعام وشهر. تتحسّر وداد على الشهور التي خسرها من حياته في قضية هو بريء منها وتسأل: “ألم يكن بإمكان القاضي محاكمته وهو خارج السجن؟ فمنذ توقيفه لم يواجَه ابني بأي دليل على أنّه ارتكب أي جرم لكن كان هناك صعوبة في إقناع القاضي بذلك، لأنّ الملف كبير وفيه أشخاص مدعى عليهم بجنايات”.
لا تقتصر آثار التوقيف الاحتياطي على حجز حريّة الموقوفين، بل تطال عائلاتهم التي تتكبّد كلفة اقتصادية إضافية في ظلّ الأزمة الحالية. وتسرد وداد كيف شكّل توقيف ابنها أزمة مالية على العائلة “حين أوقف تمّ احتجازه في مخفر طريق الجديدة لمدّة أربعة أشهر، كنت أطبخ بشكل يومي وأوصل الطعام له إلى المخفر، كان يقول لي إنّ النزلاء في المخفر ليس لديهم من يجلب لهم الطعام، وأنّه يشعر بالخجل حين يأكل أمامهم، فبدأت أزيد كمّيات الطعام ليأكلوا معه”. وتُضيف “منذ أن تمّ نقله إلى رومية باتت الزيارة مشقّة لا يمكنني تحمّلها، أزوره مرّة أو مرّتين في الشهر وأشتري له المنتجات من الحانوت”. وتشير إلى أنّها تتكبّد أعباء مالية تتخطى 20 مليون ليرة في الشهر، والتي تُشكل أكثر من نصف راتبها.
حليمة التي حوكم ابنها (23 عامًا) في المحكمة العسكرية بالحبس لمدة 15 عامًا، تتأمّل خيرًا من عودة محكمة التمييز العسكرية للعمل بعد تعطلّها لنحو شهر، وتقول لـ “المفكرة” إنّ ابنها تقدّم بطلب تمييز بعد صدور الحكم في حقّه ووافقت محكمة التمييز العسكرية على الطلب لكنّ القاضي لم يُعيّن جلسة محاكمة بسبب تعطيل المحكمة. وعليه، تنتظر حليمة جوابًا من وكيلة ابنها لتخبرها إذا ما عُيّن له جلسة، مشيرةً إلى أنّ هذا الانتظار أصعب من أربع سنوات انتظرتها ليصدر الحكم، “لأنّني هذه المرّة أتمنى أن يُخفّض له القاضي سنوات السجن”. وتتابع: “كسرلي ضهري، وأنا أُعاني من ترقّق العظام ولا أقوى على زيارته في السجن”. وتُضيف: “منذ أن نُقل إلى رومية زرته مرّة وحيدة، وما عدت أزوره، إذ أنّ وضعي الصحّي أيضًا لا يسمح لي بالذهاب إلى رومية والانتظار لساعات ليسمحوا لي بالدخول، إضافة إلى أنّني شعرت بالإهانة من الطريقة التي يتعاملون فيها معنا خلال التفتيش”. وتستعيض حليمة عن زيارة ابنها بإرسال المال له مع الأهالي الّذين يقصدون السجن كلّ فترة، “فالمال الذي سأدفعه كلفة نقل من الأفضل أن أعطيه إياه” حسب تعبيرها.
وكذلك أرجئت جلسة للموقوف محمد (اسم مستعار) كانت مقرّرة في 20 كانون الثاني أمام المحكمة العسكرية الدائمة، ولم يعرف ذووه حتّى اللحظة إلى متى أرجئت. يؤكّد قريبه أنّه “مرّ ثمانية أشهر على توقيفه بتهمة لا تتخطى عقوبتها السنة” (أي تسعة أشهر سجن). ويُضيف: “نحن نثق في براءته من التهمة، ماذا لو صدر حكم براءة فعلًا، من يعّوض الأشهر التي أمضاها في السجن؟”.
نسبة الموقوفين تتخطى 60 بالمئة
مجموع المحتجزين في السجون والنظارات (مديرية السجون)
6501
موقوفون
3944
60.67%
محكومون
2557
39.33%
جدول رقم 1: عدد المحتجزين بحسب الأرقام الخاصّة بمديريّة السجون في وزارة العدل، فإنّ أعداد نزلاء السجون (25 سجنًا) والنظارات (8 نظارات) بلغ 6501 في آخر العام 2023. و60.67% من هؤلاء هم من بين غير المحكومين. وعلى المقلب الآخر، تُظهر أرقام لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت المتعلّقة بالسجون تباينًا، إذ تُشير إلى أنّ نسبة الموقوفين 82%. وقد علمت “المفكرة” أنّ هذا التباين ناتج عن اختلاف في منهجية التعداد لدى لجنة السجون، إذ يحصل التعداد وفقًا لعدد الملفات القضائية وليس لعدد الأشخاص الموقوفين والمحكومين، فإذا كان الشخص موقوفًا في أكثر من ملف يتمّ احتساب جميع ملفاته، أمّا إذا كان محكومًا وفي الوقت عينه موقوفًا في ملف آخر، يتم احتسابه موقوف.
جدول رقم 2: التباين في الأرقام الخاصة بالموقوفين والمحكومين في السجون باستثناء النظارات
2023
مديرية السجون
لجنة السجون في نقابة المحامين
موقوفون في السجون
3944
5129
محكومون في السجون
2545
1068
مجموع
6489
6197
نسبة مئوية للموقوفين
60.78
82.8
ولا تشمل أرقام مديريّة السجون أعداد الموقوفين في نظارات القطعات الأمنية والمخافر، فيما تكشف أرقام لجنة السجون في نقابة المحامين عن وجود نحو 1555 موقوفًا في النظارات لدى القطعات الأمنية التابعة للمديرية العامّة للقوى الأمن الداخلي. كما لا تشمل هذه الأرقام أعداد الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية الأخرى كالجيش والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية. عدا عن ذلك، تُشير مصادر نقابة المحامين لـ “المفكرة” إلى وجود “عجز في البتّ في طلبات إخلاءات السبيل يتراوح بين 800 و1000 طلب في قضايا الجنح، وهي قضايا في حال “البت بها تُساهم في تخفيض نسبة الموقوفين بنحو ثمانية بالمئة”.
تعذّر السَّوق يُعطّل جلسات الموقوفين
مشاكل السَّوق ليست جديدة، إنّما ازدادت بشكل ملحوظ خلال الأزمة الاقتصادية، بخاصّة مع تدنّي قيمة مساهمات الدولة في السجون، ممّا أدّى إلى تعذّر صيانة بعض الآليات. هذا عدا عن النقص في العديد والناتج عن وقف التوظيف في القطاعات العامّة منذ العام 2019 سندًا لقانون الموازنة رقم 144/2019 في الوقت الذي يتقاعد فيه سنويًا نحو 500 عنصر بحسب تصريح سابق لمصدر في القوى الأمن الداخلي لـ “المفكرة”.
تُظهر أرقام مديريّة السجون في وزارة العدل أنّ نسبة تعذّر سَوق الموقوفين إلى المحاكم تتراوح بين 35 و45% بين العامين 2020 و2023. وتلحظ الأرقام نسبة عالية من تعذّر السَّوق بسبب النقص في العديد والآليات، والتي تتراوح بين 20 و28% باستثناء العام 2020 الذي كانت فيه النسبة 8.8%. ويُشار إلى أنّه في هذه الفترة اعتمد بعض القضاة إجراء الجلسات عن بعد عبر الإنترنت أو في المحكمة التي تمّ تشييدها في سجن رومية، وهي إجراءات تطرح تساؤلات حول مدى ضمانها لمعايير المحاكمة العادلة.
يقول رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت المحامي جوزيف عيد لـ “المفكرة” إنّ تعذّر السَّوق هو أحد أسباب تأخّر البتّ بملفات الموقوفين، وذلك يعود إلى عدم قدرة قوى الأمن الداخلي على صيانة الآليات إضافة إلى النقص بالعديد، لافتًا إلى أنّ نقابة المحامين تبرّعت بصيانة 30 آلية فيما الحاجة تتخطى ذلك. ويُشير عيد إلى مشكلة ثانية تتمثل بعدم تطبيق قانون أصول المحاكمات الجزائية وفقًا للنص، ما يؤدي إلى زيادة أعداد الموقوفين بخاصّة في الجنح والجرائم المالية التي يُمكن الاستعاضة فيها عن السجن بعقوبة بديلة.
جدول رقم 3: نسبة السوق من السجون والنظارات
السنة
العمليات المنفّذة
نسبة مئوية
العمليات المتعذّرة
النسبة
مجموع
2020
10123
55.2%
8217
44.7%
18340
2021
14360
59.7%
9691
40.3%
24051
2022
11871
59%
8050
41%
19921
2023
14520
64.5%
8017
35.5%
22537
جدول رقم 4: أسباب تعذّر السوق
السنة
نقص في العديد والآليات
كورونا وأسباب صحية
تعذر السوق لسبب متعلّق بالمحكمة
عدم حضور قاض أو تمنّع السجين عن حضور الجلسة
2020
8.8%
27.20%
2.9%
5.9%
2021
20.4%
8.37%
6.89%
4.89%
2022
27.4%
0
0
13.5%
2023
28.4%
1.8%
2.8%
2.5%
يضيف الرئيس السابق للجنة السجون في نقابة المحامين في طرابلس المحامي محمد صبلوح سببًا آخر لارتفاع أعداد الموقوفين، إذ يؤكد لـ “المفكرة” أنّ “مشاكل الموقوفين كارثة، فالقضاة باتوا يتولّون أكثر من غرفة وذلك يؤدي إلى ارتفاع أعداد الملفات التي ينظرون فيها، ممّا يؤدي إلى تأخر البت بالقضايا وبخاصّة القضايا الجزائية”. وبخصوص عجز القوى الأمنيّة عن نقل الموقوفين إلى المحاكم كما في السابق، يقول: “نسمع من إدارات السجون أنّها لا تنقل موقوفًا واحدًا إلى جلسة بل ينتظرون حتى يكون هناك عدد معقول من الموقوفين ليتمّ نقلهم معًا، وذلك يعود إلى كلفة النقل المرتفعة عليهم، بخاصّة من السجون البعيدة عن موقع المحكمة”.
ويلفت صبلوح إلى مسألة أخرى وهي التبليغات التي تتصل بالملفات الجزائية، إذ “يتكبّد المحامون كلفة التبليغ التي باتت تتراوح بين 500 و700 ألف ليرة، ثمّ يُفاجئ المحامي في موعد الجلسة باعتكاف المساعدين القضائيين أو بعدم حضور القاضي” بحسب تعبيره.
البرد أنهك السجناء
تعتبر ظروف الاحتجاز في السجون أقسى ما يُقلق الأهالي والموقوفين. ويشكّل سجنرومية أحد أكبر الأمثلة على هذهالظروفالصعبة، “الطعام رديء والبرد أنهك عظامنا، والاكتظاظ يخنق السجناء”، بحسب تعبير السجين السابق حُسام. ويُضيف: “لا دواء ولا طبابة، فهناك طبيب واحد لكلّ مبنى يضمّ 450 سجينًا، وهو يأتي يومين في الأسبوع ويبقى لساعتين فقط”. ويلفت إلى أنّ “الأطباء قلّصوا زياراتهم إلى السجن بشكل كبير بسبب تدنّي قيمة البدلات التي يتقاضونها من المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي”، وهوماوثقتّه “المفكّرة” سابقًا. ويُتابع أنّه “في الحالات الطارئة، وفي حال لم يكن هناك طبيب في المبنى، يأتي طبيب من مبنى آخر، وينتظره المريض لأكثر من تلث ساعة، وإذا ما تبيّن أنّ المريض يحتاج دخول مستشفى فيتمّ نقله إلى مستشفى ضهر الباشق وهي المستشفى الأقرب، لكنّها لا تستقبله لأنّه لا يوجد من يدفع المال”. ويروي أنّ أحد السجناء في المبنى “ب” “كان يُعاني من أوجاع بسبب التهاب المرارة، وبسبب التأخر بتأمين المال لدخول المستشفى انفجرت المرارة وانتشر الالتهاب في أعضاء أخرى، فتمّ نقله إلى المستشفى الحكومي في طرابلس ولم يتم إدخاله إلّا بعد تأمين المبلغ المالي، حيث انتظر لنحو 9 ساعات في الطوارئ”.
ويُؤكّد حسام أنّ “التدفئة غير متوفّرة في السجن، فالإدارة أعطت كلّ سجين ثلاث حرامات يستخدمها حين ينام، وفي النهار ماذا يفعل؟ هل عليه أن يبقى متغطيًا حتّى يشعر بالدفئ، ألا يحتاج أن يتحرّك؟”. وعن مياه الشرب يقول إنّ “فلتر الماء لم يُنظّف منذ نحو ثلاث سنوات، لذا يشتري السجناء الماء من الحانوت وهو ما يكلّفه نحو مليوني ليرة في الشهر”. ويتابع أنّ المياه الساخنة غير متوفّرة الاستحمام لذلك يقوم السجناء بعملية خطرة تقوم على صعقها بالكهرباء: “يستخدم السجين عصا حديدية ويربط بها شريط كهرباء ويضعها في الماء حتّى تسخن”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.