“الصحافة مش مكسر عصا”: 100 اعتداء في 2020 على الصحافيين حتى الآن


2020-07-05    |   

“الصحافة مش مكسر عصا”: 100 اعتداء في 2020 على الصحافيين حتى الآن

اعتصم عشرات الصحافيين الخميس 2 تموز أمام وزارة الإعلام في الحمرا-بيروت احتجاجاً على الاعتداء على زملاء لهم  في مطار رفيق الحريري الدولي في 1 تموز أثناء تغطيتهم لليوم الأول لافتتاح المطار بعد إغلاق دام 3 اشهر ونصف. ومشى المعتصمون في مسيرة إلى وزارة الداخليّة تحت عنوان “الصحافة مش مكسر عصا” للتأكيد على الوقوف “ضد عسكرة الحريات”.

الاعتداء على الصحافة ليس الأول من نوعه، حيث تعمد السلطة  إلى قمع الإعلام رغبة منها في التعتيم على بعض الأمور التي تحصل على الأرض. مثل حوادث الاعتداء على المتظاهرين، والضرب المبرح الذي يتلقونه من قبل عناصر القوى الأمنية، وآخرها حادثتي قمع الصحافة حصلتا في غضون أسبوع فقط. حصل الأول  أثناء تغطية تحركات شعبية في 28 حزيران في محلة جل الديب، فيما وقع الثاني على الصحافيين في المطار أثناء استصراحهم العائدين إلى بيروت الذين شكوا من سوء التنظيم وتكبّدهم تكاليف غير مبررة بالنسبة لفحوصات الـ PCR والتأمين الصحّي وغيره.

وتعتبر الأرقام التي ينقلها المسؤول الإعلامي في مؤسسة سمير قصير جاد شحرور لـ “المفكرة القانونية” حول وتيرة الإنتهاكات بحق الصحافة صادمة وتؤشّر إلى خطر كبير يواجه الصحافة الحرّة المنتقدة للسلطة، إذ يؤكد حدوث “أكثر من 100 انتهاك بحق الصحافيين في لبنان خلال 2020، مشيراً إلى حصول 20 حالة انتهاك بحق الصحافيين في شهر حزيران وحده”. اتخذت غالبية الانتهاكات، بحسب شحرور،  شكل “اعتداءات بالضرب ومنع التصوير، واستدعاءات أمنية”. ويشرح أنّ السلطة كانت تلجأ في السابق للاستدعاءات الأمنية كوسيلة للتهديد، لكنها لم تعد تكتفي بذلك بسبب عدم فعاليتها، فلجأت مؤخراً إلى رفع منسوب الاعتداءات التي تحصل على الأرض من ضرب وتكسير ومنع تصوير.

في الاعتداء الأخير (المطار) حاول جهاز أمن المطار التعتيم على شكاوى العائدين من السفر، رغبة بحصر المشهد بـ”الصورة الإيجابية” عن افتتاح المطار. وفي تصريحه للإعلام أكدّ رئيس جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط أنّ “الإعلام عليه أن يأخذ صورة إيجابية وليس سلبية”. ونفى ضومط حصول أي اعتداء على الصحافيين  خلاف ما أكده بعض المصورين. واتهم الإعلاميين بأنهم “خلقوا فوضى”، و”ما عم يلتزموا”. و”قبل وصول الطائرة الأولى”، وفق المصور الصحافي حسن شعبان، كان هناك تعليمات وضعتها إدارة المطار تفرض ضرورة التباعد الاجتماعي، على شكل خطوط صفراء ألصقت على الأرض لإعلام زائري المطار بالمسافة الآمنة. هذا الأمر لم يترجم لحظة دخول الزائرين، فحصل اكتظاظ كبير، وغياب للتنظيم. الأمر الذي أظهر فشل الإدارة في تنظيم حركة خروج المسافرين وعدم احترام الاجراءات الآمنة”.

وحين ذهب الصحافيون إلى استصراح المسافرين عن ظروف السفر والشروط التي فرضت عليهم للعودة، عبّر العشرات من بينهم عن غضبهم  من الزامهم بفحصي PCR الأول في البلد الذي يعودون منه والثاني في مطار بيروت. يضاف ذلك إلى تكلفة السفر الباهظة. وعبّر آخرون عن سوء التنظيم لناحية التباعد الاجتماعي. عندها، قام عناصر جهاز أمن المطار بمنع الصحافيين من أخذ التصاريح والتصوير، وجرى دفعهم والتعرض لهم بالضرب، وتكسير معداتهم، ومن ثم طردهم من المطار. وعليه، علت أصوات الصحافيين والصحافيات المتواجدين في المطار، واتخذوا موقفاً بعدم تغطية كلام وزيري الأشغال والنقل ميشال نجّار والصحة العامة حمد حسن.

يقول شعبان أنّ “جهاز أمن المطار منع الصحافيين من التقاط الصور ومن استصراح المسافرين بحجة التعرض لخصوصية العائدين”. وهذا الأمر يعتبر غير منطقي، كون “من لا يريد الظهور أمام الكاميرا يمكنه أن يعترض، بينما كان هناك الكثير من زائري المطار يرغبون بالحديث والشكوى أمام وسائل الإعلام، وأتوا بإرادتهم إلينا”.

ويعتبر شعبان أنّ “منع الصحافيين من استصراح الناس هو تغطية على أخطاء تنظيمية فيما يتعلق بشروط الأمان والتباعد الاجتماعي”. ويلفت إلى أنّ “عناصر جهاز أمن المطار، قاموا  بتوجيه الصحافيين لتغطية كلمة وزير الصحة فقط، علما أنه لا يمكن للصحافي التمييز في عملية نقل الصورة، بل عليه أن ينقل الحقيقة كما هي”. ويُشير إلى أنّ “الحدث الأهم كان عودة المسافرين وليس كلمة الوزير الذي يظهر بشكل مستمر على وسائل الإعلام”.

وأكدّ صحافيون ممن تواجدوا في المطار في ذلك اليوم أنّه تم الاعتداء عليهم ودفعهم وتكسير معدّاتهم، وطردهم من المطار. وهي مشاهد تم توثيقها بالفيديوهات التي نشرها بعضهم  على وسائل التواصل الاجتماعي.

من ناحيتها تعتبر الصحافية دجى داوود أنّ دور وزارة الاعلام في هذا المجال شبه غائب، فلم نسمع عن الوزيرة منال عبد الصمد “سوى تصريحين يتعلقان بالحرية الإعلامية منذ توزيرها، بينما يتم تكريس دور وزارة الإعلام كدور دعائي للسلطة، ويتم حصر دورها كسكرتير لرئاسة مجلس الوزراء، وهذا ليس الدور الذي يجب أن تؤديه وزارة الإعلام”. تُضيف داوود، “هناك الكثير من القضايا التي على الإعلاميين والصحافيين  الإضاءة  عليها، فالإعلام مسيطر عليه من قبل رأس المال، وأوضاع الإعلام مهمشة، في حين أنه يتم منع الإعلاميين من تغطية الصورة الكاملة والحقيقية على الأرض، حتى لا يتم تشويه صورة لبنان، كما يعتقد أطراف السلطة”. وتعتبر داوود أنّنا “أصبحنا في نهج الدولة البوليسية، وهي لم تعد في الخفاء بل أصبحت رسمية وعلنية”. تُضيف، “سكوتنا عن هذه الأساليب يعجل المقصلة على رقابنا جميعاً وبقطع ألسنتنا”. وترى داوود أنّ هذه السلطة “لا تتحرك أمام حادثة اعتداء 8 أشخاص على طفل بينما هي نفسها  التي تتحرك عندما يكتب أحد ما رأيه على وسائل التواصل الاجتماعي ، فيجري استدعاءه وإلزامه  بتوقيع تعهد صمت لمطالبته بحقه بالعدالة والحرية”.

ويؤكد عدد من الصحافيين أن التعرض للصحافيين على الأرض يحصل بطريقة ممنهجة، أي يتم التمييز بين الصحافيين الذين ينقلون صورة تحاكي أهداف السلطة وبين  الّذين ينقلون صورة ناقدة للسلطة.

ويعتبر الصحافي محمد زبيب أنّ الاعتداءات التي تحصل على الصحافيين، تحصل بالتوازي مع تغيير وسائل الإعلام لتموضعاتها. ويرى زبيب، أنّه لا بد من طرح التساؤلات حول صحة وجود حرّية إعلامية في لبنان، فهناك ظروف سياسية أوهمت وجود هذه الحرية بينما الواقع عكس ذلك.

انشر المقال

متوفر من خلال:

جندر ، تحقيقات ، لبنان ، حقوق العمال والنقابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، إعلام



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني