بعد زلزال 6 شباط، بدأنا جميعنا تفحصّ جدران بيوتنا وسقوفها والسؤال عن أساسات الأبنية التي نسكن. احتلّنا الخوف على وقع مآسي الناس في تركيا وسوريا، وعلى وقع اهتزاز منازلنا لمدة 40 ثانية. خوف مدعّم بإدراكنا لما تركته فترة الحرب من 1975 ولغاية 1990 من فوضى في عشوائية البناء والتفلّت من معايير السلامة والترخيص، أعقبها 33 عامًا من جمهورية الطائف المطبوعة بعلاقات الزبائنية والرشى والمحسوبيات.
فجأة، استفاقت أسئلتنا المشروعة: هل منازلنا آمنة؟ ما هي القوانين التي تحافظ على سلامة البناء؟ هل هي مطبّقة؟ كيف تُهدّد قرارات تسوية مخالفات البناء التي ارتكبت طيلة 50 عامًا سلامتنا؟ وكيف أوجدت الرشى وتراخيص أعطيت لأسباب انتخابيّة، عشوائيات سكنية عامرة في كل منطقة في لبنان من طرابلس إلى عكار وبعلبك الهرمل وضواحي بيروت الشمالية والجنوبية، عشوائيات بدت فجأة قنابل موقوتة قد تنهار مع أيّ هزة قوية قبل الزلازل، ولا أجوبة عن واقعها. وطبعًا تحيلنا هذه الأسئلة إلى سؤال أساسي آخر وهو كيف عملت السلطة على تسليع السكن؟ وكيف ندفع نحن ثمن غياب سياسات سكنيّة لا تنطلق من السكن كحق؟
لفهم تدرّج لحظ موضوع الزلازل في التشريعات المتعلّقة بالبناء، والاستثناءات التي تتعارض مع هذه التشريعات، وللإجابة عن أسئلة طرحها المواطنون في ظلّ فوضى المعلومات والاستنتاجات التي بلغت حدّ اعتبار أيّ مبنى قديم غير آمن، تواصلت “المفكرة القانونيّة” مع عدد من المهندسين والاختصاصيين الناشطين في هذا المجال، وستخصّص تحقيقًا من قسمين، الأوّل يعرض الإطار القانوني لسلامة المباني والثاني يُجيب عن أسئلة تتعلّق بموضوع السلامة التي طرحها المواطنون بعد الزلزال الأخير.
التشريعات ولحظ الزلازل
في العام 1997 وبعد الهزّة التي ضربت لبنان بقوّة 5.8 على مقياس ريختر (1996) واقتصرت أضرارها على الماديات، صدرتْ ثلاثة مراسيم تشريعية تباعًا تتعلّق بالحماية من أخطار الزلازل والحريق والمصاعد كما توضح الباحثة في التنظيم المدني في الجامعة الأميركيّة المهندسة سهى منيمنة. تشير منيمنة في حديث مع “المفكرة” إلى أنّ هذه المراسيم لم تُطبّق لأسباب عدّة منها معارضة ما ورد في بعضها مع ما ورد في البعض الآخر، وإعطاء مهمة المراقبة لجهات غير مؤهلّة (الدفاع المدني والبلديات) وتضارب الصلاحيات وعدم وضوحها.
بعد هذه المراسيم وتحديدًا في العام 2004، صدر أوّل قانون بناء في لبنان أتى على ذكر السلامة العامة ومقاومة الأبنية للزلازل وهو القانون رقم 646/2004، ليأتي من بعده بأشهر أول مرسوم للسّلامة العامة 14293/2005 الذي فرض على المباني العامة والخاصة التزام المعايير اللازمة لتوفير عناصر السلامة بما فيها مقاومة الزلازل. ومن ثمّ عُدّل بالمرسوم رقم 7964/2012 الذي أكّد مجدّدًا التزام كافة المباني المشيّدة بالمندرجات ذاتها لجهة مقاومة الزلازل مهما بلغ ارتفاع البناء إلّا أنّه فصّل مهمّات التدقيق الفني الذي يرتكز على المباني العالية ابتداءً من ارتفاع 20 مترًا.
وفي التفاصيل، يشرح رئيس جمعية التخفيف من أخطار الزلازل المهندس راشد سركيس أنّ قانون عام 2004 نصّ على أنّه “يمكن، بمرسوم، بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للتنظيم المدني، فرض شروط ومبادئ لدراسة متانة الأبنية ولاستعمال مختلف مواد البناء، وفرض شروط خاصة لحماية الأبنية من أخطار الحريق أو لتحمّل البناء نتائج العوامل الطبيعية من زلازل وسواها، ومنع استعمال بعض المواد في البناء أو فرض شروط إضافية حول إمكانية استعمالها إذا كانت تشكل خطرًا على السلامة العامة والصحة”.
كما أكّد القانون، حسب سركيس، على أنّه إلى حين صدور مراسيم السلامة العامة وتضمنها مواصفات خاصة بالزلازل، “يتوجّب بالنسبة للأبنية التي يزيد عدد طوابقها عن ثلاثة أو يزيد ارتفاعها عن عشرة أمتار فوق سطح الأرض، اعتماد تصميم لمقاومة الهزّات الأرضية، بحيث لا يقلّ العامل الزلزالي (Zone Perimeter Seismic) المستعمل في التحليل والتصميم عن /0.2/ أو ما يعادل (Zone 2 B) من U.B.C.
ولتفصيل التدرّج في معايير السلامة، تشرح منسقة قسم البحوث في استديو أشغال عامة تالا علاء الدين أنّ قانون 2004 لحظ أمرين: الأوّل دور المالك في الحفاظ على الأبنية القائمة وذكّر بموضوع الزلازل ليأتي بعده مرسوم السلامة العامّة 2005 ويحدّد مواصفات السلامة منها المتعلقة بالزلزال متحدثًا عن مواصفات وطنية ستصدر لاحقًا وعلى مراعاة متطلبات السلامة العامّة كما هي معتمدة في دول الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو كندا لحين إصدار مواصفات وطنية، وكذلك تحدث المرسوم عن عامل التسارع الأفقي وعن مكاتب التدقيق الفني.
ويشرح المهندس جوزف مشيلح، نائب نقيب المهندسين ورئيس فرع المهندسين المدنيين الاستشاريين، أنّ مرسوم السلامة العامّة (2013) المتعلق بالأبنية الجديدة أسند التدقيق الفني إلى مكاتب هندسية متخصّصة أنشئت لهذه الغاية بموجب المرسوم نفسه الذي يحدد كيفية إعطاء الاعتماد لهذه المكاتب عبر لجنة الاعتماد وبقرار يصدر عن وزير الأشغال. ويشمل هذا المرسوم التدقيق على الأبنية الجديدة بحدود معيّنة من خلال مهمات عدّة تقوم بها مكاتب التدقيق ومنها التدقيق على المتانة الإنشائية للبناء وعلى مقاومته للزلازل.
تجدر الإشارة، حسب مشيلح، إلى أنّ هذا المرسوم تضمّن جداول تحدّد مساحات الأبنية وأنواعها التي يجب تطبيق مبدأ التدقيق عليها تدرّجًا (حسب فئة الأبنية) على ثلاث سنوات. أما فيما يتعلق بالأبنية القائمة، فقد لحظ المرسوم نفسه في مادته الثامنة أنّه بخصوص تطبيق التدقيق على هذه الأبنية، سيصدر مرسوم ملحق خلال خمس سنوات من صدور مرسوم السلامة العامة للأبنية الجديدة عن وزير الأشغال يحدّد طرق ومواصفات ومعايير مهمات التدقيق على هذه الأبنية القائمة. إلّا أنّ هذا المرسوم لم يصدر حتى تاريخه.
ويُشير مشيلح أيضًا إلى أنّ مسؤولية الدراسات الهندسية والتنفيذ قبل المرسوم أو بعده وفي مطلق الأحوال تبقى على عاتق المهندس المسؤول والمهندسين الأخصائيين الواردة أسماؤهم في ملفّ الترخيص المسجّل قانونًا في إحدى نقابتي المهندسين في لبنان، وأنّ أهم المعايير التي فرضها مرسوم السلامة العامة للأبنية الجديدة من ناحية دراسة مقاومته للزلازل هو اعتماد عامل تسارع أفقي (Accélération horizontale) في الدراسات يعادل 0.25g كحدّ أدنى بينما كانت الدراسات الهندسية السابقة لهذا المرسوم تعتمد عادة عامل تسارع أفقي أدنى.
هل هذه التشريعات كافية؟
تتحدّث تالا علاء الدين عن ثغرات عدة أو ما تسمّيه “خللًا” في قانون البناء ومرسوم السلامة العامة وتعديلاته، أوّلا لجهة تحميل المالك وحده المسؤولية في صيانة البناء القائم وعدم وضوح دور البلدية في هذا الخصوص، مشيرةً إلى أنّ تحميل المالك هذه المسؤولية بالطريقة الواردة في القانون تُعيق السلامة العامة بشكل من الأشكال. إذ إنّ هناك فئة من المالكين لا يملكون كلفة الصيانة، وهناك فئة أخرى ربما ترى من مصلحتها عدم الصيانة لإخلاء السكان، لا سيّما من كان يخضع لقانون الإيجارات القديمة، الأمر الذي يحتّم ضرورة إعادة النظر بهذا الخلل.
وتلفت أيضًا إلى موضوع غياب آليات المراقبة لمعايير السلامة العامة المطبقّة سواء في المباني التي تخضع لتدقيق فني أو لا.
وعلى الرغم من أنّ القانون يحدّد مواصفات مكاتب التدقيق الفني ويضع شروطًا لاعتمادها من وزارة الأشغال العامة، إلّا أنّها تبقى قطاعًا خاصًا كما يرى المهندس وسيم ناغي الذي يعتبر في حديث مع “المفكرة” أنّ المحاصصة دخلت أيضًا في اختيار هذه المكاتب تمامًا كما تدخّلت في كلّ شيء.
وفي الإطار نفسه، يعتبر المهندس مشيلح أنّ التشريعات لحظت إلزامية التدقيق للأبنية الجديدة عبر مكاتب التدقيق الفني وتركت لهذه المكاتب تحديد الآليات الهندسية لتطبيق المهمّات الموكلة إليها وإعطاء التقارير التي تسجل في سجلات نقابة المهندسين. لكن هذه التشريعات لم تكتمل من ناحية لحظ آليات تُتيح التأكّد من أنّ مكاتب التدقيق الفني تقوم بعملها وما حجم المسؤولية التي تتحملها عن التقارير التي تصدر عنها وبخاصة من ناحية فرض التأمين الإلزامي على الأبنية المدقق في دراساتها أو لجهة التأكد من أنّ تنفيذ البناء يتم وفق الدراسات المدقق فيها، بخاصّة أنّ هذه المكاتب لا تقوم بعملية إشراف كامل على التنفيذ. ويضيف أنّ هذه المكاتب تقوم فقط بالتأكّد من مطابقة التنفيذ للدراسات المدققة من خلال بعض الزيارات الميدانية لمواقع التنفيذ وفي مراحل محددة لجهة التأكّد من أنّ البناء نفذ بطريقة تراعي شروط السلامة العامة ومن بينها ما يتعلق بمقاومة الزلازل. ويشرح أنّ لنقابة المهندسين دورٌ ناظم لعمل المهندسين ولمهنة الهندسة في لبنان وهي تقوم بدورها من ناحية التأكد من أنّ الملفات المقدمة أي الرخص وطلبات المباشرة بالتنفيذ والملفات العائدة لها تستوفي الشروط الإدارية الهندسية المطلوبة من ناحية إلزامية وجود مكتب تدقيق يُتابع تطبيق المرسوم وشروط السلامة العامة. أما من ناحية علاقة نقابة المهندسين بمكاتب التدقيق الفني، فتجدر الإشارة حسب مشيلح إلى أنّ نقابة المهندسين هي عضو في لجنة اعتماد المدققين وتقوم بعد صدور مرسوم الاعتماد بموجب قرار وزير الاشغال بتسجيل هذه المكاتب في سجلات الشركات الهندسية العاملة بمهنة الهندسة، وتتأكد إداريًا من أنّ الملفات الهندسية التي تقدم إلى النقابة هي مطابقة لمرسوم السلامة العامة من ناحية إلزامية وجود تقارير لمكاتب التدقيق الفني في دراسات الأبنية التي شملها مرسوم السلامة العامة.
وبعيدًا من مكاتب التدقيق الفني، يرى مشيلح أنّ مراسيم السلامة العامة الأخيرة الصادرة هي بغالبية مضمونها وأهدافها جيّدة، إنما تبقى بحاجة إلى عملية تطوير خاصة لناحية مهمة التدقيق في مقاومة الزلازل التي يجب أن تعمم على كافة الأبنية والمنشآت الهندسية. كما يجب أن تستكمل بمراسيم تحدد كيفية مطابقة الأبنية القائمة لمتطلبات السلامة العامة وإصدار كل المعايير المطلوبة والمواصفات الوطنية المتعلقة بطريقة احتساب الاحتمال التي تفرضها الزلازل على الأبنية وارتباطها بعوامل أخرى غير درجة التسارع الأفقي التي لحظها المرسوم.
ويجب، بحسب مشيلح، أن تكون هذه المعايير مبنية على الدراسات التفصيلية الهندسية بخاصة فيما يتعلق بشكل البناء وأنواع المنظومات الإنشائية، والعوامل المتعلقة بنوع التربة التي يشيّد عليها، وشكلها واختلافها من موقع إلى آخر، وأنواع الأساسات المعتمدة، إضافة طبعًا إلى التحديث المطلوب لعامل التسارع الأفقي واعتماد الواقعية في تحديده استنادًا إلى المعطيات التي تتوافر حول هذا الموضوع.
عشوائيات
مراسيم ورشى انتخابيّة تهدّد السلامة
ترتبط القوانين والمراسيم التي سبق وذكرناها بالأبنيّة المرخصّة، إلّا أنّ هناك العديد من الأبنية غير المرخصة أساسًا أو مخالفة وسوّت أوضاعها مستفيدة من قانون تسوية المخالفات بعيدًا من أخذ السلامة بعين الاعتبار، أو حتى بُنيت برخص بلديّة كانت تُعطى كرشى في مواسم الانتخابات أو غيرها.
وفي هذا الإطار يذكّر مشيلح أنّه وعلى الرغم من عدم صدور المرسوم الذي تحدّث عنه المشرّع في مرسوم السلامة العامة للابنية الجديدة والمتعلّق بمواصفات السلامة العامة في الأبنية القائمة (تلك التي بنيت قبل العام 2013)، يستمر المشرّعون في إصدار قوانين ومراسيم وتعاميم من دون معرفة إمكانية مطابقتها مع السلامة العامة. من هذه القوانين على سبيل المثال لا الحصر قوانين تسوية مخالفات البناء والذي كان آخرها القانون 139 الصادر عام 2019 الذي شمل المخالفات المرتكبة بين 13/9/1971 و31/12/2018 ومُدّد العمل به في موازنة 2023.
ويشرح مشيلح أنّ هذه التشريعات كانت تصدر خلافًا لتوصيات نقابتي المهندسين ولا سيّما في ظلّ غياب مرسوم سلامة الأبنية القائمة. فهذه التسويات وإن اشترطت شكلًا احترام السلامة العامة إنما لم تجتهد بوضع مرسوم يحدد الأطر الهندسية والمفاهيم والمعايير الواجب اعتمادها للتأكّد من مطابقتها لمفهوم السلامة العامة.
ومن القوانين التي يشير إليها مشيلح، القانون 262 الذي يسمح بإضافة طابق على بناء قائم من خارج عامل الاستثمار على الرغم من عدم إصدار المراسيم التطبيقية له والمتعلقة بمتطلبات السلامة العامة للقانون.
من جهته، يتحدّث ناغي عن أبنية “الانتخابات” لا سيّما في المناطق المهمّشة ومنها طرابلس حيث تظهر رشى الانتخابات إمّا على شكل إعطاء رخص بناء من البلدية أو عبر غض النظر عن إضافة غرف جديدة أو تحويل سقوف الإترنيت أو التنك إلى إسمنتية وقد يصل الأمر إلى حد بناء شقق كاملة يستفاد منها إما لتزويج الأبناء أو حتى استثمارها.
ويشرح ناغي أنّ السرعة غالبًا ما تكون السمة الأساسيّة في هكذا بناء “لازم نخلّص قبل نهاية موسم الانتخابات” ما يعني عدم مراعاة على الأرجح شروط السلامة ومن دون أي إشراف هندسي ما يجعلها قنابل موقوتة في حال حدوث هزّة أرضية، وطبعًا غالبًا ما تستفيد هذه المباني من قانون تسوية المخالفات الذي يحوّلها إلى أمر واقع.
تُصوّر السلطة سواء كانت سياسيًا نافذًا أو حزبًا مسيطرًا في منطقة أو بلدية أو ربما شرطيًا أو حتى مجلس نوّاب، هذه الاستثناءات والتشريعات وكأنّها عطاءات تمنّن المواطن بها، ولكن في حقيقة الأمر يدفع المواطن ثمنها مرتين مرّة بتكريس زعامة ما أو بمبلغ بسيط ظنّ حين دفعه أنّه وفّر على نفسه وكسب مسكنًا، ومرّة أخرى وبشكل أكبر عند حصول أيّ حدث يهدّد سلامة مسكنه مثل الهزّات والزلازل.
“الإجراءات انفجرت في وجهنا”
وفي هذا الإطار تشرح أستاذة الدراسات الحضرية والتخطيط في الجامعة الأميركية في بيروت منى فوّاز أنّ هذه التشريعات أو الاستثناءات تأتي لتجرّد القانون من مفهومه وأهدافه وتحوّره، فتتيح على هواها تخطي القانون متى تشاء، لمصلحة ضيّقة بعيدة من مفهوم الحق في السكن. وتشير في حديث مع “المفكّرة” إلى أنّ المواطن دخل في هذه اللعبة مجبرًا لعدم وجود خيارات ولأنّ السياسات العامّة في مختلف القطاعات جعلته عاجزًا عن تصوّر المستقبل فهو يعيش يومه فقط ، يعيش المؤقّت لأنّه المتاح الوحيد.
وتقول فوّاز إنّ هذه الإجراءات “انفجرت في وجهنا” بعد الزلزال وقبله بعد تفجير مرفأ بيروت، فخرجت الناس من منازلها لأنها لا تعرف إن كانت آمنة أم لا، ولا تعرف حتّى لمن توجّه السؤال، واستفاقت على مفهوم السكن والأمان والسلامة والتخطيط المدني.
وتشرح المؤسسة المشاركة والباحثة في “مختبر المدن” أنّه خلال الخمسين سنة الماضية ومع تسليع السكن دخل المواطن بمنافسة مع المصرف والمستثمر ولم تعد المدن مكانا له، وأصبح السكن قطاعا قائما على المضاربة، فتقلّصت المساحة أمام المواطن. وتشير إلى أنّه وعلى سبيل المثال هناك 23% من المساكن في بيروت شاغرة مقابل عائلات تضطر يوميًا للانتقال من مناطق بعيدة قاصدة العاصمة وعائلات تعيش في مساكن لا تتسع لها.
وتلفت فوّاز إلى أنّ مفهوم الحق في السكن والذي من المفترض أنّه مضمون في لبنان بموجب اتفاقيات دوليّة وقّع عليها، لم يترجم إلّا قليلًا في القوانين. فإذا ما قارنّا عدد القوانين المرتبطة بالسكن التي تنظر إليه كحق وتلك التي تنظر إليه من باب الاستثمار نجده قليلًا. وعلى سبيل المثال قانون الإيجارات الجديد وُجد ليحمي حق المالك وليس حق المستأجر كما تشير فوّاز، وكذلك قروض السكن كانت مرتبطة بالاستثمار وليس بالسكن كحق، فهذه القروض دخلت في وقت كان هناك فيه عدد كبير من المساكن الشاغرة خلقت أزمة للمطوّرين العقاريين ولم تكن من باب حاجة الناس إلى السكن. “دائمًا القوانين أو سياسات السكن كانت تأتي من مفهوم اقتصادي من باب الاستثمار وليس من باب السكن كحق وحماية القاطن” تختم فوّاز حديثها لـ “المفكرة”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.