“
في إطار الحملة التي تشنها أجهزة الدولة المصرية ضد البناء المخالف على الأراضي المملوكة للدولة، استيقظ أهالي جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة، والتي تُعد مساكن غير رسمية (عشوائية)، يوم الأحد 16-07-2017 على عمليات هدم لمنازلهم لإخلائها بالقوة من الجزيرة، تنفيذاً لقرارات إزالة التعديات على أراضي الدولة. أدّى ذلك إلى حدوث اشتباكات عنيفة بين الأهالي وقوات الشرطة المعاونة للحملة والتي أسفرت عن مقتل مواطن والقبض على 17 من أهالي الجزيرة وإصابة العديد منهم. ترجع أحداث الواقعة لمؤتمر[1] لجنة استرداد أراضي ومستحقات الدولة الذي انعقد قبل يومين من الحادثة المذكورة بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي أكد على ضرورة استرداد الجزر النيلية التي يسكنها مواطنون حيث أنه من المفترض أن تكون هذه الجزر خالية من السكان. وقد أشار إلى أن جزيرة الوراق يسكن فيها 2250 أسرة تقوم بالصرف في مياه النيل، مما يكلف الدولة مصاريف باهظة لتحلية المياه. وعلى الرغم من ترويج الدولة في وسائل الاعلام لخطاب الحرص على مصالح سكان العشوائيات، وحقهم في التمتع بمسكن آمن مزود بالمرافق الأساسية والخدمية، إلا أن الخطوات الإجرائية لعمليات الإخلاء تبين نقيض ذلك. فقد جاء تنفيذ قرار الإخلاء لسكان جزيرة الوراق ليعصف بكافة الحقوق الدستورية والقانونية للأهالي، حيث بدأت عمليات الإخلاء دون سابق إنذار للأهالي بهدم منازلهم من دون إمهالهم فرصة لنقل أغراضهم الشخصية، أو توفير مساكن بديلة تأويهم وتحميهم من التشريد، وتعويض مالي مناسب عن الضرر الواقع عليهم.
من الجدير بالإشارة إلى أن حالة جزيرة الوراق لم تكن الأولى من نوعها التي شهدت أحداث عنف لإخلائها، فنذكر على سبيل المثال محاولة الدولة في عام 2007 إجبار أهالي جزيرة القرصاية على إخلاء الجزيرة عن طريق القمع والعنف؛ ثم تجديد هذه المحاولات في عام 2013 بقوات من الشرطة العسكرية مما أدى إلى مقتل مواطن واعتقال العديد من الأهالي. إن استخدام العنف الممنهج ضد الفئات المهمشة وأسلوب التهديد والاعتقال العشوائي لسكان هذه المناطق يسلط الضوء على سياسات الدولة فى التعامل مع قضية العشوائيات، ومدى إدراكها للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية الملقاة على عاتق الطبقات الأدنى، بالإضافة إلى ماهية الإطار التشريعي المنظم لوجود العشوائيات ولعمليات الإزالة ومدى كفالة القانون لحقوق المواطنين في التعويض عن الأضرار الواقعة عليهم. الجدير بالذكر أن الدولة المصرية تنوي تحويل وسط القاهرة إلى مركز سياحي واستثماري برؤوس أموال أجنبية وخليجية ليجذب شرائح اجتماعية مختلفة ضمن مشروع القاهرة 2050 الذي بدأ الحديث عنه والسعي إلى تنفيذه منذُ عام 2007، وهو ما يعني أن هناك الآلاف من المواطنيين ممن يقطنون المساكن غير الرسمية يواجهون خطر التشريد وفقدان مصادر دخلهم.
بدايات التكوين لمناطق الصفيح
تمثل قضية العشوائيات أبزر نتائج سياسات الدولة التهميشية على مدار عشرات السنين. وهي تعكس انحيازاتها السياسية الدائمة تجاة المستثمرين والأغنياء على حساب الطبقات الفقيرة. كانت السبعينات نقطة تحول هامة في التاريخ المعاصر حيث أدت سياسات الانفتاح الاقتصادي إلى تمركز رؤوس المال بالعاصمة وتدهور قطاع الزراعة والصناعة في المحافظات والمدن الأخرى. وقد دفع هذا الأمر سكان هذه المناطق إلى النزوح في اتجاه العاصمة بحثاً عن فرص عمل، وبالتالي عن مسكن بالقرب من مقرات عملهم. وفي ظلّ انعدام خطط الإسكان الاجتماعي للطبقات الفقيرة وتركزها على تطلعات الطبقات العليا وحاجات لأصحاب الأعمال بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، لجأ بعض المواطنون إلى استغلال أراضي بمواقع مركزية كمأوى لأسرهم[2]، مكونين تجمعات سكنية من الصفيح والأسمنت، مثل جزيرة الوراق وجزيرة الدهب ومنطقة رملة بولاق وغيرها[3]، بلا تخطيط من الدولة وبمرافق بناها سكان المناطق المذكورة. وهي ما أُطلق عليها لفظ “المساكن الغير آمنة”[4]. كان بناء هذه المناطق والسكن فيها يتم على مرأى ومسمع من أجهزة الدولة لعدم قدرتها على توفير حلول بديلة لأزمة السكن وغياب قيمة اقتصادية حقيقية لتلك الأراضي المهجورة آنذاك. أدى الزحف الهادئ للعامة[5] إلى توسع تلك المناطق بشكل انسيابي في وقت اتجهت فيه موارد الدولة إلى الاستثمار خارج حيز المدينة التقليدية. فانعكست سياسات الدولة النيو ليبرالية في منتصف التسعينات على القطاع العقاري بشكل خاص، فظهر ذلك بوضوح في إنشاء مشاريع المجتمعات العمرانية للأغنياء مجهزة بكافة المرافق الأساسية والترفيهية والمنتجعات الفاخرة على حساب الطبقات الأدنى من الفقراء والمهمشين التي حُرمت من الحصول على مساكن بسعر معقول. وبعد عقود من الاستثمار خارج العاصمة، بدأت الدولة، في أواخر عصر مبارك، التفكير في تحويل العاصمة القديمة إلى منطقة سياحية ومركز لتداول الاستثمارات الضخمة بأموال أجنبية. وفي سبيل تحقيق ذلك، بدأت في التخطيط لإخلاء المناطق العشوائية والترويج بأنها غير آمنة على سكانها وتأوي بداخلها المجرمين والارهابيين دون النظر إلى أوضاع السكان القانونية ودون توفير سكن بديل لهم. ولكن أدت ثورة يناير إلى توقف مشروع تطوير القاهرة[6]، بسبب الضغط الشعبي واحتجاجات السكان المستمرة اعتراضاً على ترك بيئتهم التي يعيشون بها لمواجهة مصير غامض. إلى جانب ذلك، ومع ثورة 2011، أدركت الدولة المصرية خطورة وجود المباني الإدارية وسط العاصمة وضرورة نقلها خارج القاهرة، بسبب ما تكبدته من خسارة فى تأمينها خلال فترة الثورة، بالإضافة إلى ضرورة تطويرها تكنولوجياً لتناسب العصر الحديث. وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة الحالية، إلا أن الدولة أعلنت عن إنشاء عاصمة إدارية جديدة خارج حدود القاهرة، بالإضافة إلى سعيها الجدي إلى تنفيذ مشروع القاهرة 2050. وبالتالي، قامت الحكومة بزيادة الضرائب على المواطنين بالإضافة إلى إخلاء السكان من الجزر النيلية والمناطق الاستراتيجية بالعاصمة الحالية لجذب الاستثمارات الخليجية عليها. كل هذه السياسات تجعلنا نسلط الضوء على الإطار التشريعي المنظم لوجود وإخلاء العشوائيات ومدى أحقية المواطنين فى التعويض عن اجراءات إخلائهم.
بين الفراغ التشريعي والعبارات المطاطية، تربح السلطة التنفيذية
توضح السياسات سالفة الذكر انحياز الدولة للطبقات العليا والمستثمرين، على حساب الطبقات الأدنى؛ دون المحافظة على التوازن الطبقي داخل المجتمع. ونجد أن تلك الانحيازات تنعكس بشكل رئيسي على التشريعات المنظمة لوجود المواطنين على تلك الأراضي منذُ عقود وكذلك الإطار التشريعي الذي يتم من خلاله إخلاؤهم بطريقة عنيفة.
فمن الجدير بالذكر أنه لا يوجد تشريعات واضحة تنظم إخلاء المواطنين من منطقة ما لأهداف قد تعتبرها الدولة “للصالح العام” وأن أجهزة الدولة التنفيذية تستخدم بسوء نية حيل قانونية لتهجير وإخلاء السكان من مناطقهم بما يخدم مصالح رجال الأعمال. ففي حالة جزيرة الوراق[7] على سبيل المثال، تدعي السلطة التنفيذية بعد مرور عقود من تواجد المواطنين بشكل دائم على الأرض أن تلك الجزر لا يجوز وجود سكان عليها لكونها محمية طبيعية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر عام [8]1998، وأن قرار مجلس الوزراء ينص على منع أي مواطن من البناء على مسافة 30 متر من ضفاف نهر النيل[9]. إلا أن الدولة تكيل بمكيالين في ما يخص تطبيق هذا القرار؛ حيث تغض البصر عن النوادي النيلية التابعة للهيئات القضائية والجيش والشرطة التي تحجب رؤية نهر النيل على المواطنين وتصرف جميع مخلفاتها بمياه النيل. وإعلان الدولة أن المواطنين ليس لهم حق التواجد على هذه الأرض يُعد حُجة عليها حيث أنها أبرمت في وقت سابق عقود انتفاع مع سكان هذه المناطق وجرت العادة على تجديدها[10]. بالإضافة إلى أنه في عام 2001، صدر قرار مجلس الوزراء[11] بمنع إخلاء أي مبنى من المباني المقامة على جزيرتي القرصاية والوراق، وتشجيع المواطنيين على ضرورة تسجيل تلك الأراضي بالشهر العقاري، بالإضافة إلى أن المحافظة قامت بإدخال كافة المرافق من مياة وكهرباء ومدارس ومكاتب بريد في تلك الجزر.
وفي عام 2007، ودون أي سند قانوني، قررت محافظة الجيزة عدم تجديد عقود الانتفاع المبرمة مع سكان جزيرة القرصاية، إلا أن السكان قاموا بالطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري التي حكمت في عام 2008 بإلغاء القرار مستندة على قيام السكان بالوفاء بالتزاماتهم المادية[12]. وتجددت المحاولات مرة أخرى في عام 2013، حيث اقتحمت قوات الجيش الجزيرة لإخلائها بحجة أنها منطقة استراتيجية عسكرية لتأمين العاصمة. ومن ناحية أخرى، استهدفت الدولة إخلاء عشوائيات حي رملة بولاق المعروفة بعشوائيات النايل تاورز، فأصدرت في عام 2011 قرار[13] استيلاء مؤقتا على الأراضي بهدف تخصيصها للاستثمارات الخاصة مستندة إلى المادة الثانية[14] من قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وهو ما يعد إنحرافا من السلطة التنفيذية في تطبيق القانون، وتسخيره لمصالحها. بالإضافة إلى ذلك، لم تعلم الحكومة السكان بقرار الإخلاء. كما لم توفر لهم بدائل سكنية أو تصرف لهم تعويضات مالية عن تلك ممتلكاتهم وفقاً لنصوص[15] قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. كل هذه الحيل القانونية جاءت لتهدر معها الحق الدستوري في سكن ملائم وحظر التهجير القسري للمواطنين، المنصوص عليهما فى المواد 63 و78 من الدستور المصري[16]، ويخالف أيضاً كافة المعاهدات الدولية والمواثيق الضامنة للحق فى السكن والتي وقعت عليها مصر[17]. فقانون “نزع الملكية للمنفعة العامة” يفتقر إلى خطوط اجرائية واضحة لحالات التهجير والتعويض عنها؛ سواء كان هذا التعويض عينيا أو ماديا، بالإضافة إلى غياب مواد في القانون تفرض عقوبات رادعة لمنع العنف من قبل رجال السلطة العامة أثناء عملية الإخلاء. كل هذه الممارسات من قبل السلطة التنفيذية تستدعي النظر إلى موقف السلطة القضائية من قضية العشوئيات ومن الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة التنفيذية في هذا الصدد.
بين النيابة العامة ومجلس الدولة: كيف يتصدى القضاء لعمليات الإخلاء القسري؟
لتوضيح موقف القضاء من قضية العشوائيات وعمليات الإخلاء، علينا أن نراجع تعامل النيابة العامة والهيئات القضائية المختلفة مع أحداث العنف التي تواكب عمليات الإخلاء وأحكام المحاكم في القضايا المحالة إليها في هذا الصدد. فكما أشرنا، شهدت جزيرة الوراق اشتباكات بين سكانها وبين قوات الشرطة المعاونة لحملة الإزالة مما أدى إلى مقتل مواطن والقبض على سبعة عشر منهم. ادّعت أقسام الشرطة ومديرية الأمن عدم معرفة أماكن احتجازهم لمدة 24 ساعة، بعدها عُرضوا على النيابة العامة، ووُجهت إليهم تهم الاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله وحمل سلاح بدون ترخيص، وقطع طريق، والتجمهر. وقد أكد المتهمون أمام النيابة أنهم تعرضوا للضرب داخل سجن الجيزة بالكيلو 10.5.[18] ولكن لم تلتفت النيابة لهذه الادعاءات، فىي حين أنها لم توجه إلى أي من الضباط ممن كانوا برفقة الحملة تهم قتل مواطن وإصابة العديد بإصابات بالغة. الجدير بالذكر أن النيابة العامة تستخدم هذه التهم لحبس المتهمين احتياطياً، وهي ورقة الضغط التي تستخدمها الأجهزة التنفيذية لحث أهالي المحبوسين للتنازل عن الأراضي مقابل إخلاء سبيل ذويهم. ويدلل هذا الأمر على استخدام النيابة العامة كأداة لتخويف السكان وحثهم على ترك الجزيرة؛ وانحياز النيابة بشكل واضح للسلطة التنفيذية على حساب حماية حقوق المواطنين. وقد تكرر الأمر مع سكان جزيرة القرصاية، حين اقتحمت قوات الشرطة والجيش الجزيرة بالسلاح في محاولة لترهيب الأهالي وتخويفهم مما أدّى إلى مقتل صياد والقبض على العديد من الأهالي وإجبارهم على التوقيع على تنازل عن الأراضي لصالح الدولة[19]. كما تم تقديمهم للمحاكمة أمام القضاء العسكري بتهم التعدي على ضباط الجيش أثناء القيام بإنفاذ القانون، والتعدي على أراضي مملوكة للقوات المسلحة؛ أي أن السلطة استخدمت القانون الحالي الذي يسمح بإحالة مدنيين للقضاء العسكري لتخويف السكان وإجبارهم على الخروج من أرضهم.
على جانب آخر، لايمكن إغفال دور مجلس الدولة في تأصيل اتجاه مختلف داخل المنظومة القضائية ينصف ويحمي بقدر ضئيل قاطني هذه المناطق في نضالهم المستمر ضد محاولات طردهم. فقد اعتنق مجلس الدولة المصري في أحكامه نظرية مجلس الدولة الفرنسي “الموازنة بين المنافع والأضرار” [20]، من حيث رفض استعمال القوي العسكرية لإخلاء الأراضي واعتبار هذا من شأنه تكدير الأمن العام[21]. فقد أكد مجلس الدولة المصري على ضرورة الحفاظ على أملاك الدولة والعمل على استغلالها وفقاً للخطط العملية والاقتصادية، إلا أن طرد آلاف الأشخاص يمثل خطراً أكبر على حياتهم بفقدان مأواهم وتشريدهم وفقدان مصادر دخلهم، وهو ما يهدد الأمن والسلام الاجتماعي. علاوة على ذلك، ناقش مجلس الدولة في أحكامه المتعلقة بعمليات الإخلاء إشكالية قانونية أخرى تتعلق بمفهوم سيادة القانون فى محاولة لحفظ حقوق المواطنين؛ حيث أن السلطة التنفيذية تنحرف في الغاية والهدف من النصوص القانونية بما يخدم مصالحها الاقتصادية ومصالح المستثمرين تحت مظلة سيادة القانون. فقد سلط المجلس الضوء على أن الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين لا بد أن تكون جديرة بالحماية ولها الأولوية على اعتبارات وملائمات الصالح العام.
ويدلل ما سبق على وجود تيار مختلف داخل السلطة القضائية أكثر راديكالية فى تفسير القوانين لتحقيق التوازن الاجتماعي والحفاظ على ماهية القانون وأسباب وجوده. ولكن على الرغم من صدور أحكام من القضاء الإداري تنصف سكان هذه المناطق، إلا أن السلطة التنفيذية لم تنفذ تلك الأحكام. فعلى سبيل المثال، حصل أهالي القرصاية في عام 2008 على حكم قضائي[22] يوجب تجديد عقود الانتفاع الخاصة بأرضهم بعدما كانت المحافظة قررت عدم تجديد عقودهم مرة أخرى رغم وفائهم بكافة المستحقات المالية. إلا أن السلطة التنفيذية حاولت مرة أخرى الالتفاف على هذا الحكم بالقول أن جزيرة القرصاية أرض تابعة للقوات المسلحة وتعتبر منطقة استراتيجية عسكرية وبالتالي يدخل قرار إخلائها ضمن أعمال السيادة التي لا يجوز الطعن عليها. وقد ردّ مجلس الدولة عليها فى حكمه بأن (المُشرع لم يوضح تعريفاً لهذه الأعمال، ولا يوجد معيار جامع مانع لها، وأن المُشرع ترك للقضاء سلطة تقرير الوصف القانوني للعمل المعروض عليه إذا كان يدخل ضمن أعمال السيادة من عدمه).
الخلاصة: تأثير سياسات تغيير المدينة على المجتمع
أدى التراكم الهادئ لاستخدام السياسات النيو ليبرالية إلى إحداث تغييرات جذرية في مفهوم المدينة وشكل علاقات الأفراد داخل الطبقة الواحدة والطبقات المختلفة داخل المجتمع ككل. فقد بدأ الأغنياء هجر أحيائهم في مراكز المدينة من أجل السكن المسيج فى أحياء أكثر جاذبية، على حساب الطبقات الأدنى من الفقراء والمهمشين التي حُرمت من الحصول على مساكن بسعر معقول فى مناطق آدمية. لقد أدى إهدار مبدأ تكافؤ الفرص[23] إلى تفكيك الترابط الطبقي داخل الأحياء المختلفة والقائم على علاقات تبادلية فى شتى المجالات سواء المهنية أو التجارية أو الحرفية. فعلى سبيل المثال، اعتمد الأغنياء على الأسواق التجارية الضخمة فى تغطية احتياجتهم اليومية مما أدى إلى انهيار المشروعات الصغيرة لمحدودي الدخل وأصحاب الحرف. هذا التنوع كان يخدم قطاعات واسعة من الاحتياجات الأساسية للأحياء المختلفة مما يولّد حالة من الانسجام والاكتفاء، ويوفر لمحدودي الدخل بيئة مناسبة للعمل. إلى جانب ذلك، يرفض سكان العشوائيات إخلاء أراضيهم لعدم وجود بدائل عملية؛ وحتى في حال توفيرها، فإن سياسات العزل الطبقي تقلل من وسائل انتاجهم وإمكانيات الإنتاج المعيشي.
للاطلاع على النسخة باللغة الانكليزية للمقال، انقر/ي هنا
[1] حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي فى مؤتمر لجنة استرداد اراضي وممتلكات الدولة بتاريخ 7/06/2017.
[2] راجع مايك ديفيز، “كوكب العشوائيات”، إصدار المشروع القومي للترجمة، السنة 2013.
[3] هنالك العديد من المناطق التى تعد من العشوئيات أو مناطق غير رسمية أمثلة أخري: منشية ناصر، عزبة خيرالله، القرافة( مدافن المماليك)، عزبة الهجانة، حكر أبو دومة.
[4] راجع المرجع المذكور سابقا رقم 2.
[5] لفظ مأخوذ عن عالم الأجتماع آصف بايات- راجع كتاب كوكب العشوئيات تأليف مايك ديفيز أصدار المشروع القومي للترجمة السنة 2013.
[6] القاهرة 2050 تحت رعاية جمال مبارك نجل الرئيس السابق حسني مبارك.
[7] جزيرة تقع بين ضفتي نهر النيل بمحافظة الجيزة يوجد عليها ما يقرب من 2500 أسرة من أصحاب المهن البسيطة.
[8] قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بشأن اعتبار الجزر الواقعة داخل مجري نهر النيل محميات طبيعية.
[9] راجع المادة 8 من قرار مجلس الوزراء رقم 1383 لسنة 2005 بشأن حماية نهر النيل وشواطئه بتاريخ 30-8-2005.
[10] حكم محكمة القضاء الأداري فى الدعوي رقم 782 لسنة 62ق بتاريخ 16/11/2008.
[11] قرار مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001 بشأن عدم إجازة إخلاء أي مبني من المباني السكنية المقامة فى جزيرتي الدهب والوراق بمحافظة الجيزة.
[12] راجع المرجع رقم 9.
[13] قرار محافظ القاهرة رقم 8993 لسنة 2011 بشأن إصدار قرار استيلاء مؤقت للأرض الواقعة بها عشوئيات نايل تورز حي بولاق أبو العلا.
[14] المادة الثانية من القانون رقم10 لسنة 1990 بشأن نزع العقارات للمنفعة العامة تنص على: “يعد من أعمال منفعة العامة فى تطبيق أحكام هذا القانون: أولاً: أنشاء الطرق والشوارع والميادين أو توسيعها أو تعديلها، أو تمديدها أو إنشاء أحياء جديدة. ثانياً: مشروعات المياة والصرف الصحي ثالثاً: مشروعات الري والصرف رابعاً: مشروعات الطاقة خامساً: إنشاء الكباري والمجازات السطحية (المنزلقات) والممرات السفلية أو تعديلها سادساً: مشروعات النقل والموصلات سابعاً: أغراض التخطيط العمراني وتحسين المرافق العامة ثامناً: ما يعد من أعمال المنفعة العامة فى أي قانون أخر…….”
[15]المواد 5-6-7 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
[16] المادة 63 من الدستور المصري تنص على “يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنيين بجميع صورة وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة تسقط بالتقادم”، كما تنص المادة 78 على أن “تكفل الدولة للمواطنيين الحق فى المسكن الملائم والأمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الانسانية ويحقق العدالة الاجتماعية…..”.
[17] مثل المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الأقتصادية والاجتماعية، والتعليق رقم 4 لسنة 1991 بشأنها الصادر من لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
[18] مدي مصر تجديد حبس8 من معتقلى الوراق، وعرض 19 أخرين على النيابة بتاريخ 19- 07-2017.
[19]العسكر حديث أحدي الصيادين، فيديو منشور عن المصري اليوم بأسم القرصاية 13 عاماً فى مواجهة.
[20] قضية “فيل نوفل ايست” 28-5-1971″ حيث صدر قرار من وزير الاسكان الفرنسي بإنشاء مدينة سكنية للطلاب تسع ما يقارب من 20 ألف ساكن مما يستدعي إزالة حوالي 100 منزل من المنازل الموجودة في تلك المنطقة. الأمر الذي حدى بالمحكمة الإدارية العليا الفرنسية بإلغاء هذا القرار تغليبا لمصلحة سكان تلك البيوت وصيانة أمنهم الاجتماعي وحماية لهم من التشرد على إنشاء مدينة سكنية جديدة.
[21] يراجع فى ذلك حكم محكمة القضاء الاداري 782 لسنة 62ق الخاص بجزيرة القرصاية الصادر في 6-11-2008.
[22] المرجع السابق.
[23] المادة 9 من الدستور تنص على “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنيين، دون تمييز”.
“