في تشرين الأول من العام 2020، أصدر مجلس النواب اللبناني القانون رقم 191/2020 الذي عدّل أصول المحاكمات الجزائية، لا سيما المادة /47/ منه، من أجل توسيع ضمانات الدفاع للمشتبه فيهم في مرحلة التحقيقات الأولية. وفرض إلزامية حضور محام خاص أو مُكلَّف من قبل إحدى نقابتيْ المحامين في بيروت وطرابلس، بعد أن كان المشتبه فيهم يُحرمون من هذا الحق الأساسي خلال الاستماع إلى أقوالهم من قِبل الضابطة العدلية. وفيما بدا هذا الإصلاح بمثابة خطوة هامّة في اتجاه تكريس الممارسات الفضلى لحقوق الدفاع وضمان نزاهة التحقيقات الجزائية، فإنّ تطبيق أحكامه يواجه صعوبات كبيرة في ظل سوء إدارة المال العام وواقع المؤسسات المعنية بتطبيقه وعدم ترافقه بتطوير نظام المساعدة القانونية.
في العام 2022، أعدّت المفكرة القانونية ورقة بحثية تحت عنوان “الاستعانة مجاناً بمحام خلال التحقيقات الأولية في لبنان: العوائق أمام التنفيذ” تهدف إلى تقييم الصعوبات التي تعيق تنفيذ هذا الحقّ. تبحث الورقة في تعامل الجهات المعنية بمرفق العدالة الجزائية مع الإصلاح التشريعي بعد مرور عامين على إقراره، مع التركيز على دور النيابات العامة وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة ونقابتيْ المحامين في بيروت وطرابلس. وأظهرت الورقة أن استفادة المشتبه فيهم من هذا الحق لا تزال محدودة، لا سيما بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود منهم، بسبب عدم تفعيل آلية استعانة المشتبه فيهم المحتجزين مجاناً بمحام مُكلَّف من قِبل نقابة المحامين.
ننشر تباعاً الأقسام الرئيسية التي تتألّف منها هذه الورقة البحثية بشكل منفصل كي يتمكّن القارئ من الاطّلاع عليها بسهولة. في القسم الأوّل، نرصد الإطار القانوني للحق في المساعدة القانونية المجانية ومسار توسيع ضمانات الدفاع خلال التحقيقات الأولية في لبنان منذ التعديل الشامل لأصول المحاكمات الجزائية في العام 2001 وصولاً إلى الإصلاح التشريعي في العام 2020. وفي القسم الثاني، نبحث في أبرز القصور والثغرات القانونية التي تضمّنها إصلاح العام 2020 والاعتراضات التي رافقت صدوره. وفي القسم الثالث، نعرض الخطوات التنفيذية التي اتخذتها الجهات المعنية بتطبيق القانون من أجل تفعيل آلية الاستعانة مجاناً بمحام مكلَّف من قبل إحدى نقابتيْ المحامين في بيروت وطرابلس.
تجدر الإشارة بداية إلى أن هذه الورقة تقتصر على البحث في إمكانية وصول المشتبه فيهم إلى محام من دون أجر عن طريق نقابة المحامين من دون البحث في إمكانية الوصول إلى محام خاص لصعوبة تقييم هذا الأمر. كما تقتصر على النظر في دور قوى الأمن الداخلي، التي تتمتع بصلاحيات شاملة للتحقيق في الجرائم، ومديرية أمن الدولة في تنفيذ الحق بالاستعانة مجاناً بمحام دون غيرها من الأجهزة الأمنية المولجة بمهام الضابطة العدلية العادية أو العسكرية (الأمن العام والشرطة العسكرية ومخابرات الجيش)، علماً أن مراعاة حقوق المشتبه فيهم يواجه تحديات أكبر أمام هذه الأجهزة. وكنا قد طلبنا مقابلة ممثلين عن الجيش والمديرية العامة للأمن العام للاستماع إليهم في شأن مقاربتهم لحقوق المشتبه فيهم المكرَّسة في الإصلاح القانوني ومدى التزامهم به، إلا أن طلبنا لم يلقَ أيّ جواب لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير.
أكدت النيابة العامة التمييزية وقوى الأمن الداخلي ومديرية أمن الدولة ونقابتيْ المحامين لـ “المفكّرة” أنهم ملزَمون بتطبيق القانون رقم 191/2020 بالرغم من الاعتراضات عليه. وتؤكد قوى الأمن الداخلي ومديرية أمن الدولة أنهما تلتزمان بإعلام المشتبه فيه بحقه بالاتصال والاستعانة بمحام وبالسماح للمحامين الخاصين بحضور التحقيقات الأولية. لكن التدقيق بالخطوات التنفيذية التي اتخذتْها هذه الجهات تشير إلى غياب التنسيق الكافي لتفعيل آلية الاستعانة مجاناً بمحام مكلَّف من قِبل النقابة والاكتفاء باتخاذ الحد الأدنى من الخطوات التنفيذية التي لم تثمرْ بعد إنشاء آلية فعالة.
وقبل المِضيّ في تفصيل الإشكاليات المتعلقة بآلية الاستعانة مجاناً بمحام مكلَّف من قِبل النقابة، نشير إلى أن المقابلات مع النقابتين ورصد “المفكّرة القانونية” تشير إلى بعض الصعوبات المتعلقة بإمكانية المحامين الخاصين الموكلين من قِبل المشتبه فيهم من حضور التحقيقات الأولية، وأبرزها الآتية:
- وجود ممارسة شائعة لدى الضابطة العدلية بِثَنْيِ المشتبه فيه عن طلب الاستعانة بمحام من خلال إيهامه بأن هذا الطلب سوف يُطيل من أمد احتجازه أو يؤشّر إلى ذنبه وارتكابه الجريمة. وغالباً ما يُترجَم هذا التنازل في المحاضر بعبارة “لا يرغب المشتبه فيه بالاستفادة بأيّ من حقوقه”. وما يشجع على هذه الممارسات، هو أن المادة /47/ نصت على وجوب تحديد المشتبه فيه “موقفه” من الاتصال والاستعانة بمحام مرة واحدة في بداية التحقيقات بدون أن يوضح إمكانية العدول عن هذا الموقف في مراحل لاحقة من التحقيق كما أسلفنا. وهو ما يفتح المجال لممارسة الضغوط المباشرة أو غير المباشرة على المشتبه فيه للتنازل عن حقّه بالوصول إلى محام؛
- بعض مراكز التحقيق لا تسمح للمحامي بحضور التحقيقات تلقائياً بل تشترط الحصول على موافقة النائب العام المسبقة الصريحة، مما يفتح المجال للاستنسابية والمماطلة في بعض الأحيان في حين أن القانون لا يمنح النيابة العامة صلاحية منع المحامي من الحضور؛
- في حين أنه غالباً ما يتمكّن المحامون من حضور التحقيقات لدى معظم مخافر وفصائل قوى الأمن الداخلي، إلا أنهم يواجهون صعوبات في بعض المكاتب الخاصة التابعة لها، لا سيما مراكز التحقيق التابعة لشعبة المعلومات ومكتب مكافحة المخدرات. إذ تعمد هذه المكاتب أحياناً إلى منع المحامين من الدخول إليها أو المماطلة وإلزامهم بالانتظار لآماد طويلة، وهي عرقلات غالباً ما تهدف إلى ثنيهم عن حضور التحقيقات الأولية أو الضغط على الموقوفين؛
- لجهة الأجهزة الأمنية الأخرى، غالباً ما يواجه المحامون عرقلة كبيرة للدخول إلى مراكز التحقيق التابعة لمخابرات الجيش ولشعبة المعلومات لدى الأمن العام، تصل إلى حد منعهم من مقابلة المشتبه فيهم وحضور التحقيقات الأولية؛
- إن الأزمة الاقتصادية والمالية الحادّة أثقلتْ طبيعة العمل في مراكز التحقيق، مما ضاعف الضغوط على المحامين وثنى العديد منهم عن حضور التحقيقات نظراً إلى الجهود الكبيرة المطلوبة لتأمين دخولهم إلى مراكز التحقيق ولطول آماد التحقيقات.
إنطلاقاً من انتشار هذه الممارسات، قدمت نقابة طرابلس في 23 شباط 2021، بالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقية من ضمنها “المفكّرة القانونية”، عريضة إلى لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب تطالب فيها بمساءلة وزراء الدفاع والداخلية والعدل حول عدم تطبيق المادة /47/ وقانون تجريم التعذيب رقم 65/2017 ومنع المحامين من حضور التحقيقات الأولية[1]. وتفيد اللجنة لـ “المفكّرة” إلى أنها قامت بمراسلة وزارة العدل والنيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى وقوى الأمن الداخلي للمطالبة بتطبيق التعديلات لأصول التحقيق.
1. خطوات تنفيذية للنيابات العامة
لدى صدور القانون رقم 191/2020، لم تتخذ النيابة العامة التمييزية إجراءات تنفيذية فورية لتوضيح آليات تطبيقه أو لإعطاء التعليمات اللازمة للنيابات العامة التي تعمل تحت سلطتها وللضابطة العدلية التي تعمل تحت رقابتها وفقاً للمادتين /14/ و/15/ من أصول المحاكمات الجزائية. في المقابل، أرسلت النيابة العامة العسكرية في 23 تشرين الأول 2010 (أي في اليوم التالي لنشر القانون) كتاباً إلى مديرية أمن الدولة تعلمها بدخول القانون قيد التنفيذ وبوجوب التعميم و”التقيُّد بمضمونه، نظراً لما ينجم عن مخالفته من بطلان للتحقيقات ومن ملاحقات وعقوبات دون الحاجة لأي إذن مسبق من أي مرجع” طالبة مراجعته في حال وجود حاجة إلى أيّ إيضاح.[2]
في تشرين الثاني 2020، أرسلتْ قوى الأمن الداخلي ملاحظاتها المتعلقة بتطبيق القانون رقم 191/2020 إلى النيابة العامة التمييزية ومشروع التعليمات التنفيذية التي تنوي إصدارها، فوضعت هذه الأخيرة تعليقاتها وطلبت تعديل التعليمات لتتلاءم مع القانون. كما أحالتْ النيابة التمييزية ملاحظات قوى الأمن الداخلي إلى وزارة العدل في 21 كانون الأول 2020 طالبة منها اتخاذ الإجراءات اللازمة لأخذ رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ووزارة المالية لجهة البنود التي طلبت قوى الأمن الداخلي وقف العمل بها، لا سيما في ما يتعلق بإلزامية تسجيل التحقيقات بالصوت والصورة وإلزامية نقل المحتجزين[3] إلى قطعات أمنية أخرى بعد انتهاء التحقيقات. وأفادت النيابة العامة التمييزية أنها لم تتلقَّ أيّ جواب إلى حين تاريخ كتابة هذا التقرير.
بعد خمسة أشهر على صدور القانون، أصدر النائب العام التمييزي في 11 آذار 2021 التعميم المشار إليه أعلاه[4]. وقد طلب فيه من النيابات العامة كافة (الاستئنافية والمالية والعسكرية) “التشدّد في إعمال رقابتهم على أعمال الضابطة العدلية” في معرض إشرافهم على التحقيقات لناحية التطبيق السليم للقانون 191/2020 و”التأكد من قيام موظفي الضابطة العدلية باحترام حقوق المشتبه فيهم” المنصوص عليها في المادة /47/. وقد عدَّد التعميم هذه الحقوق: وفي حين ذكر التعميم الحق بالاتصال بمحام وبالاستعانة بمحام لحضور الاستجواب والحق بمقابلة المحامي بصورة تضمن سرية المحادثة بينهما، إلا أنه لم يذكر صراحة الحق بالاستعانة بمحام مكلَّف من قِبل إحدى نقابتيْ المحامين في حال تعذَّر على المشتبه فيه توكيل محام لأسباب مادية. كما استثنى التعميم إلزامية تسجيل الاستجوابات إلى حين قيام الدولة برصد الالتزامات اللازمة لتأمين التجهيزات التقنية لذلك كما سبق بيانه.
وبخصوص تفعيل آلية الاستعانة مجاناً بمحام، راسلت النيابة العامة التمييزية نقابتيْ المحامين في بيروت وطرابلس في 18 أيار 2021 لتحديد مندوب لتكليف محامين بهدف حضور التحقيقات مع المشتبه فيهم غير القادرين على توكيل محام. وفيما لم تُجبْ بعد نقابة طرابلس على هذا الطلب، أجابت نقابة بيروت في 24 حزيران 2021 بإعلام النيابة بآلية إلكترونية وضعتها قيد التنفيذ لطلب محام من النقابة، وقامت النيابة بتعميم هذه الآلية على النيابات العامة كافة والأجهزة الأمنية المولجة بمهام الضابطة العدلية.
2. جهوزية الأجهزة الأمنية
قوى الأمن الداخلي
تتمتع مديرية قوى الأمن الداخلي التي تقع تحت وصاية وزارة الداخلية والبلديات بصلاحية شاملة للتحقيق في الجرائم،[5] وتقدر أنها تنظم أكثر من 100 ألف محضر عدلي سنوياً. وقد بلغت ميزانيتها في العام 2020 ما يقارب ألف و171 مليار ليرة لبنانية[6].
وفي ملاحظاتها على القانون رقم 191/2020، أكدت المديرية أن ليس لديها الجهوزية اللازمة لتطبيقه من زاويتين:
- تطبيق التعديلات لأصول التحقيق: أكدت المديرية في ملاحظاتها على القانون أن التغييرات التي أدخلها القانون على أصول التحقيق تقتضي إصدار تعليمات جديدة بالتنسيق مع النيابة العامة التمييزية وإجراء دورات تدريب للمحققين، وهو ما يقتضي منحها مهلة لا تقل عن السنة لنفاذ القانون.
بعد عام ونصف العام على صدور القانون، تؤكد المديرية لـ “المفكّرة” أنها أنجزت الخطوات اللازمة لتعديل أصول التحقيق تبعاً للإصلاح القانوني. قامت في آب 2021 بتعديل تعليماتها الداخلية المتعلقة بتنفيذ وظائف الضابطة العدلية من أجل إدخال التعديلات الجديدة على أصول التحقيق[7]. وتؤكد المديرية لـ “المفكّرة” أن التعديلات قد أُدخلت أيضاً ضمن برامج تدريب رتباء التحقيق الذين يخضعون لدورات تدريب مستمرة حول أصول التحقيق. كما أفادت أنها عدَّلت نموذج المحاضر المعتمدة لديها من أجل إضافة النص الجديد للمادة /47/ في الهامش، إلا أنه يتبيَّن أن معظم مراكز التحقيق لا تزال تعتمد النماذج القديمة. ولم تعمد المديرية بعد إلى تعديل اللوحات التي تنص على حقوق المشتبه فيهم والمُعلَّقة في مراكز التحقيق العائدة لها لأسباب لوجستية.
وفي ما يتعلق بالحق بالاستعانة مجاناً بمحام، كررت تعليمات الأمن الداخلي النص القانوني بشكل عام حيث نصت على الآتي: “إذا أبدى المشتبه فيه أو المشكو منه رغبته بتعيين محام، لكنّه لا يمكنه ذلك لأسباب مادية بحتة، عندها يقوم الضابط العدلي بإطلاع السلطة القضائية المشرفة على التحقيق على هذا الأمر فوراً ويدوَّن هذا الإجراء في المحضر، حيث تعمد هذه السلطة إلى تعيين محام له بواسطة مندوب يعيَّن خصيصاً لهذه الغاية من قِبل كل من نقابتيْ المحامين في بيروت وطرابلس، يمكن للضابط العدلي في هذه الحالة البدء بالاستجواب بعد مرور مهلة ساعتين من وقت وتاريخ إطلاع السلطة القضائية المشرفة على التحقيق، وعند حضور المحامي المكلّف ينضم إلى التحقيق من النقطة التي وصل إليها بعد إطلاعه على أقوال موكّله”.
لم تشمل هذه التعليمات الآلية التنفيذية التي وضعتها نقابة محامي بيروت لدى صدور القانون والتي تتطلب من الضابط العدلي التواصل مباشرة مع النقابة رغم تعميمها على قوى الأمن الداخلي وفقاً للنيابة العامة التمييزية. وتفيد المديرية لـ “المفكّرة” أن التزامها بهذا الخصوص يقتصر على إعلام القاضي المشرف على التحقيقات برغبة المشتبه فيه بأن يتم تكليف محام له في حال صرَّح بذلك، وأن مسؤولية المتابعة لتأمين حضور المحامي يعود للسلطة القضائية وليس لها. كما نصت التعليمات على أن مهلة الساعتين لحضور المحامي تبدأ من وقت اتصال الضابط العدلي بالقاضي، وليس من وقت التواصل مع نقابة المحامين.
تؤكد النيابة العامة التمييزية لـ “المفكّرة” أنها أوضحت في جوابها على ملاحظات قوى الأمن الداخلي أنه يعود للضابط العدلي التواصل مباشرة مع النقابة وأن مهلة الساعتين يجب أن تبدأ من توقيت قرار النقابة بتكليف محام وليس من توقيت إعلام النائب العام برغبة المشتبه فيه بتكليف محام له. إلا أن قوى الأمن الداخلي لم تلتزم بتعديل تعليماتها لرتباء التحقيق، كما لم تتابع النيابة للتثبُّت من اتّباع تعليماتها.
- تطبيق تسجيل الاستجوابات: أكدت المديرية في ملاحظاتها على القانون أن تقنية تسجيل الاستجوابات مع مقتضيات الحفظ والأرشفة والحماية تتطلب موارد مادية ولوجستية ضخمة غير متاحة للمديرية بتاريخ نفاذ هذا الموجب لا سيما نظراً إلى الأزمة الاقتصادية والمالية. كما أنها تتطلب تدريب المحققين على استعمال وحفظ هذه التسجيلات وإمكانية الولوج إليها. واعتبرت المديرية أن مهلة الشهرين التي منحها القانون للعمل بإلزامية التسجيل هي مهلة مستحيلة كونها تتوقع أنها تحتاج إلى سنتين لإنجاز التحضيرات في حال توفر التمويل اللازم لها.
تشير المديرية في ملاحظاتها أنها شكلت لجنة لوضع دراسة حول احتياجاتها لتطبيق موجب تسجيل الاستجوابات. وخلصت اللجنة إلى تقدير كلفة إنجاز المشروع بـ 26 مليون و200 ألف دولار أميركي، تشمل كلفة تجهيز 439 غرفة تحقيق بمعدل إشغال 8 ساعات باليوم، وكلفة إنشاء شبكات لربط القطعات ونظام للحفظ والأرشفة (مع مدة حفظ لستة أشهر في القطعة و10 سنوات في النظام المركزي للأرشفة)، بالإضافة إلى 550 ألف دولار سنوياً لكلفة الأقراص المدمجة المطلوب إرفاقها بالمحاضر. انطلاقاً من ذلك، وافقت النيابة العامة التمييزية على طلب المديرية بوقف العمل بإلزامية تسجيل الاستجوابات.
مديرية أمن الدولة
تتمتع المديرية العامة لأمن الدولة التي تخضع لوصاية المجلس الأعلى للدفاع وتتبع إدارياً لرئاسة الحكومة بصلاحية الضابطة العدلية للتحقيق في الجرائم التي تمسّ بأمن الدولة الخارجي والداخلي (كالإرهاب والتجسس)،[8] كما أوكلت السلطات إليها مؤخراً مهام في إطار مكافحة الفساد. وتقدر أنها تنظم نحو 700 محضر عدلي سنوياً. وقد بلغت ميزانيتها في العام 2020 ما يقارب 112 مليار ليرة لبنانية[9].
تفيد مديرية أمن الدولة لـ “المفكّرة” بأنها أدخلت التعديلات القانونية على أصول التحقيق في المديرية في شباط 2021 وقامت بتعميمها على جميع رتباء التحقيق، وأدرجتها ضمن برامج التدريب على أصول التحقيق. كما أنها أصدرت مدونة سلوك في العام 2020 تتضمن وجوب ضمان تطبيق المادة /47/ من أصول المحاكمات الجزائية. وتفيد المديرية بأنها لم تعمد بعد إلى تعديل نماذج المحاضر المعتمدة لديها لتعديل نص المادة /47/ الذي يرد على هامشها، وأنها لم تعلق لوحات تتضمن حقوق المشتبه فيهم في مراكز التحقيق التابعة لها.
لجهة آلية الاستعانة بمحام مجاناً، تفيد المديرية لـ “المفكّرة” بأن تعليماتها لا تتضمن موجب تلاوة الحق بالاستعانة بمحام مجاناً على المشتبه فيه كون النص القانوني لا يشترط ذلك. وترى المديرية أن مسؤوليتها في هذا الخصوص تقتصر على إعلام المشتبه فيه بحقه في الاتصال والاستعانة بمحام، على أنْ تُعلمَه بحقه في الاستعانة مجاناً بمحام في حال صرّح بأنه لا يمكنه توكيل محام على نفقته الخاصة. وفي هذه الحالة تُعلم النائب العام وتتخذ الإجراءات التي يأمر بها هذا الأخير، وأكدت أنها عممت على جميع رتباء التحقيق التابعين لها الآلية الإلكترونية للاستعانة بمحامٍ الصادرة عن نقابة المحامين في بيروت في حزيران 2021، إلا أنها لم تُدخل بعد هذه الآلية في متن تعليماتها الداخلية المتعلقة بمهام الضابطة العدلية. وتفيد المديرية بأنها لم تقدم أيّ طلبات للاستعانة بمحامين من قِبل نقابتيْ المحامين منذ تعديل القانون نظراً إلى عدم تصريح أيّ من المشتبه فيهم برغبته بذلك.
لجهة إمكانية تسجيل التحقيقات بالصوت والصورة، تفيد المديرية بعدم توفّر الميزانية لديها لإنشاء التجهيزات اللازمة، علماً أنّها تستخدم 9 غرف لإجراء التحقيقات. وتؤكد أنها تُعلم النائب العام المشرف على التحقيق بعدم توفّر إمكانية التسجيل وتُدوِّن إشارته بهذا الخصوص على المحضر تفادياً لتعريض محاضرها للإبطال.
3. جهوزية نقابتيْ المحامين
فيما كانت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس منخرطتين في مساعي توسيع ضمانات الدفاع للمشتبه فيهم قبل إقرار القانون رقم 191/2020، ترى النقابتان اليوم أنهما لا تزالان لا تتمتعان بالجهوزية الكافية لتنفيذ التزامهما لجهة تكليف محامين لحضور التحقيقات الأولية خلال مهلة ساعتين. كما يظهر أن التغيير الحاصل في مجالس النقابتين في تشرين الثاني 2021 (وبخاصة تغيُّر النقيبين ملحم خلف ومحمد مراد اللذين كانا واكبا وضع القانون والتزما بتأمين ضرورات تنفيذه) قد انعكس سلباً على سرعة بناء جهوزيتهما إذ لم يُقرّ أيّ من المجلسين لغاية اليوم أيّ خطة لتنفيذ القانون وإنشاء نظام للمساعدة القانونية المجانية خلال التحقيقات الأولية.
اعتبرت النقابتان أن جهوزيتهما لتنفيذ هذه الخدمة العامة بشكل واسع تتطلب على الأقل وجود جهاز إداري أو نظام مناوبة بين المحامين يعمل على مدى 24 ساعة لتلقّي طلبات الضابطة العدلية، وموارد مالية لتغطية انتقال ونفقات المحامين المكلَّفين، بالإضافة إلى تدريب المحامين ووضع أنظمة للمراقبة والتقييم. إلا أن أيّاً من النقابتين لم تضع بعد آلية إدارية واضحة لتنفيذ هذه الخدمة، كما لم تؤمّن الموارد اللازمة لغاية اليوم. في حين تتّجه نقابة طرابلس إلى إدخال هذه الخدمة العامة ضمن خدمات المعونة القضائية، لم تعتمد نقابة بيروت هذا التوجّه بعد بل تعتمد حالياً على محامين متطوعين لحضور التحقيقات الأولية. فضلاً عن ذلك، لا يوجد آلية تعاون وتنسيق واضحة بينهما للعمل على توفر خدماتهما على مجمل الأراضي اللبنانية، لا سيما بالنسبة إلى المشتبه فيهم الذين يتم نقلهم من مركز تحقيق خاضع لصلاحية إحدى النقابتين إلى مركز يخضع لصلاحية الأخرى.
لذا، تنحصر قدرة النقابتين حالياً في تكليف محامين لحضور التحقيقات الأولية على تلبية طلبات المشتبه فيه الذين يتم استدعاؤهم إلى التحقيق بشكل أساسي من دون المحتجزين منهم. وتستند الآلية المعتمدة حالياً من قِبل النقابتين على خط ساخن لتلقّي طلبات تكليف محام لحضور التحقيقات الأولية. رغم أن هذه الأرقام منشورة على المواقع الإلكترونية للنقابتين لم يتم تعميمها على الضابطة العدلية، ولا ذِكرٌ لها في تعليمات قوى الأمن الداخلي أو أمن الدولة، كما لم ترد عليها لغاية الآن أيّ طلبات استعانة من الضابطة العدلية. ويعود اعتماد النقابتين على الخطوط الساخنة انطلاقاً من تجربتهما بتقديم الدعم القانوني للمتظاهرين في إثر اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 حيث قامتا بتكليف محامين لمتابعة قضايا الموقوفين أمام الضابطة العدلية والمحاكم. وتعاونت النقابتان مع محامين متطوعين، لا سيما من “لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين” التي أدارت خطاً ساخناً مخصصاً لهذا الهدف منذ تأسيسها في العام 2015 بالتعاون مع “المفكّرة القانونية”[10]. وتعتمد نقابة طرابلس على الخط الساخن الذي أطلقته في 22 تشرين الأول 2019 لمواكبة الانتهاكات لحقوق المشاركين في الحراك، فساهمت الانتفاضة بتعميم المعرفة المجتمعية بهذا الخط[11]. كما تعتمد نقابة بيروت على الخط الساخن الذي أطلقتْه غرفة العمليات التابعة لها لتلبية طلبات المحامين بعد العام 2020 خلال فترات الإغلاق العام بسبب انتشار فيروس كورونا.
وقبل المضيّ في تفصيل مدى جهوزية النقابتين، تجدر الإشارة إلى أن بعض منظمات المجتمع المدني باشرتْ تقديم خدمات المساعدة القانونية المجانية في مرحلة التحقيقات الأولية في القضايا التي تعنى بها (أجانب، نساء، أحداث…) في الحالات التي يتم التواصل معها من قِبل المشتبه فيهم لدى استدعائهم. وقد أفادت المنظمات المذكورة بعدم وجود تعاون أو تنسيق كافٍ مع نقابة بيروت حول توفير خدمات المساعدة القانونية.
نقابة بيروت
توجهت نقابة بيروت إلى الاعتماد على تكليف محامين متطوعين لحضور التحقيقات الأولية مع المشتبه فيهم. بعد صدور القانون رقم 191/2020، أنشأت النقابة آلية إلكترونية تسمح للمحققين بالتواصل مباشرة مع النقابة لطلب تكليف محام لحضور الاستجوابات مع المشتبه فيه.
تستند آلية النقابة هذه إلى استمارة إلكترونية أنشأها مركز المعلوماتية، وهي متوفرة على الصفحة الرئيسية لموقع النقابة الإلكتروني حيث يمكن الولوج إليها من أيّ جهاز إلكتروني[12]. ووفقاً لهذه الآلية، يتوجب على الضابط العدلي تعبئة هذه الاستمارة، ومن ثم الاتصال بغرفة عمليات النقابة على رقم الخط الساخن 71927333 من أجل الحصول على الرقم المُرمَّز الخاص بطلبه. استناداً إلى هذا الطلب، تقوم النقابة بتكليف محام للانتقال إلى مركز التحقيق، ويتوجب على المحامي المكلف إبراز الرقم المرمز لكي يقوم المسؤول في مركز التحقيق بمطابقته مع الرقم الصادر من غرفة عمليات النقابة وتالياً التثبت من صحة تكليفه. رغم جدية هذه الآلية فإنها ترتكز على جهود عناصر الضابطة العدلية في تعبئة الطلب ومتابعته للحصول على الرقم المرمز، وهو ما قد يعيق حسن تنفيذها، وبخاصة في ظل ممانعة قوى الأمن الداخلي عن القيام بذلك مباشرة.
وعليه، ورغم إبلاغ هذه الآلية إلى النيابة العامة التمييزية في 24 حزيران 2021 رداً على طلب هذه الأخيرة، وتعميمها على الأجهزة الأمنية، فإنها لم تُستخدَم يوماً ولم ترد ضمن تعليمات قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة المعدَّلة.
وفي 25/10/2021، بعد عام من صدور القانون رقم 191/2020، أنشأت نقابة بيروت لجنة خاصة مستقلة عن مركز المعونة القضائية، هي “لجنة متابعة تطبيق المادة /47/ من أصول المحاكمات الجزائية” التي ضمّت 17 محامياً ومحامية لدى إنشائها وقد ارتفع عدد هؤلاء إلى 19 في العام 2022[13]. فتحت النقابة باب التطوع مع اللجنة بموجب تعميم في 3 شباط 2022[14]. وقد تسجل لغاية الآن 124 محامياً متطوعاً. وقد حددت اللجنة مهامها بأمرين: تكليف محامين لحضور التحقيقات الأولية مع المشتبه فيهم الذين يطلبون ذلك، بالإضافة إلى دعم المحامين الخاصين غير المكلفين من النقابة والذين يواجهون صعوبات لتطبيق المادة /47/ ودخول مراكز التحقيق وحضور التحقيقات مع موكليهم.
في ما يتعلق بالمهمة الأولى، وضعت اللجنة مدونة سلوك للمحامين الذين يتم تكليفهم لحضور التحقيقات، وتضمنت منع المحامين المكلفين من التوكُّل لقاء أتعاب عن أيّ شخص تم تكليفه بحضور التحقيقات الأولية معه، على أن يتم إحالته بعد انتهاء التحقيق إلى مركز المعونة القضائية بناء على طلبه. يهدف هذا البند إلى الحد من استغلال خدمة المحامي المكلف من النقابة لأهداف زبائنية، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة. كما ينظم المحامي المكلف تقريراً حول التحقيقات الأولية مع المشتبه فيه ليتم تسليمه للمحامي الذي سيتم تكليفه أو توكيله لاحقاً، بعد مرحلة التحقيقات الأوّلية، إنْ كان محامياً خاصاً موكلاً من قِبل المدعى عليه أو محامياً مكلفاً من قِبل مركز المعونة القضائية. ووضعتْ اللجنة برنامجاً لتدريب المحامين تضمّن تعريفهم على أصول التحقيق وحقوق المشتبه فيهم وإشكاليات تطبيقها كما على مدونة السلوك وآلية عمل اللجنة. وقد عقدتْ النقابة في شهر شباط 2022 محاضرة للمحامين المتدرجين حول المادة /47/ تناولتْ تعريفهم على حقوق المشتبه فيهم خلال التحقيقات الأولية وعلى أعمال اللجنة بشكل عام مع دعوتهم للانضمام إليها.
أما بخصوص آلية الاستعانة مجاناً بمحام، فقد اقترحت اللجنة الاعتماد حصراً على الخط الساخن لتلقّي الطلبات مباشرة من قِبل الضابطة العدلية أو من قِبل المشتبه فيهم الذين يتم استدعاؤهم إلى التحقيق، بعدما تبينت عدم فعالية أو ملاءمة الآلية الإلكترونية. إلا أن رقم الخط الساخن لا يزال غير معمَّم على الأجهزة الأمنية، ولم تستلم اللجنة لغاية اليوم أيّ طلب من الضابطة العدلية أو القضاة لتكليف محام، إنْ كان عبر الخط الساخن أو الاستمارة الإلكترونية. وتالياً، يقتصر عملها حالياً في هذا المجال على تسهيل دخول المحامين الخاصين إلى مراكز التحقيق بناء لطلبهم وعلى تكليف محامين للمشتبه فيهم الراغبين الذين يتم استدعاؤهم إلى التحقيق. وقد وصل عدد المستفيدين من هذه الخدمة إلى 23 مشتبه فيه منذ تشرين الثاني 2021.
وعليه، قدمت اللجنة اقتراحاتها لتفعيل خدمة تكليف المحامين لنقيب المحامين وهي لا تزال بانتظار إقرارها. وقد تضمنت الاقتراحات تكليف موظف من النقابة لإدارة الخط الساخن ومتابعة الأمور الإدارية المتعلقة بالتكليفات، كما والعمل على تأمين محامين من مختلف المناطق كون صلاحية النقابة تشمل جميع المحافظات اللبنانية باستثناء الشمال وعكار. ويبحث مجلس النقابة أيضاً في إمكانية تغطية نفقات انتقال المحامين إلى مراكز التحقيق.
نقابة طرابلس
خلافاً لنقابة بيروت، اتجهت نقابة طرابلس إلى إدخال خدمة تكليف محامين لحضور التحقيقات الأولية ضمن مهام “مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية”. ويعود ذلك إلى قناعة النقابة بضرورة توفّر الجسم الإداري لضمان فعالية وجودة العمل وآليات الرقابة والتقييم، وهو أمر متوفر حالياً في المركز. إذ كما يشير اسمه، لا يقتصر المركز على توفير المعونة القضائية من خلال تكليف محامين لتمثيل المتقاضين أمام المحاكم، بل يتجاوزها ليشمل المساعدة القانونية، وهو يضم حالياً 245 محامياً ومحامية خضعوا لدورات تدريبية متخصصة لا سيما في قضايا حقوق الإنسان. كما يتعاون المركز مع عدد من منظمات المجتمع المدني العاملة بهدف تقديم الخدمات القانونية للفئات المهمشة وتنظيم جلسات توعية قانونية كالمركز اللبناني لحقوق الإنسان ومركز ربط البحوث بالتنمية ومنظمة “إنترسوس”.
وضع مركز المعونة، بالتعاون مع مركز حقوق الإنسان ومركز حقوق السجين في النقابة، اقتراحه لتنفيذ التزامات النقابة بموجب المادة /47/ ورفعه إلى مجلس النقابة حيث لا يزال ينتظر إقراره، إذ يرتبط إقراره بمدى توفر مصادر لتمويله.[15] فالأزمة الاقتصادية كبّلت عمل النقابة والمحامين الذين يواجهون صعوبات كبيرة لتأمين رزقهم وحسن سير أعمالهم. وفي حين رصدتْ نقابة طرابلس موازنة سنوية للمركز بلغت 15 مليون ليرة لبنانية في العام 2019 و10 ملايين في العام 2020، لم ترصد له أيّ موازنة في العام 2021 بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة ولوجود تمويل خارجي خاص بالمركز. ويعمل المركز حالياً بشكل أساسي بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ضمن إطار المشروع الوطني للوصول إلى العدالة بالتعاون مع وزارة العدل. ويأمل المركز أن يدخل برنامج تطبيق المادة /47/ ضمن هذا المشروع.
وقد اقترح المركز إنشاء فريق طوارئ من المحامين يؤمّنون المناوبة في مختلف مناطق الشمال ويكونون على جهوزية لتلبية طلبات المشتبه فيهم ضمن مهلة الساعتين التي أقرها القانون، ويخضعون للتدريب حول حقوق المحتجزين وإجراءات تطبيق المادة /47/ وحضور التحقيقات الأولية. ويأخذ الاقتراح بعين الاعتبار ضرورة وجود محامين متخصصين، لا سيما في قضايا النساء والأحداث، على أن يتم فتح باب التسجيل لانضمام المحامين الراغبين بذلك. ويقترح المركز البدء بمشروع تجريبي يركّز على مراكز التحقيق الأساسية في الشمال، ثم يتوسع في مرحلة ثانية لجميع مراكز التحقيق.
كما تضمّن الاقتراح آلية ترتبط بالخط الساخن 70341600 الذي أطلقه المركز في العام 2019 حيث تتواصل الضابطة العدلية على هذا الخط الساخن ليقوم حينها المركز بتعيين أحد المحامين من فريق الطوارئ. وترى النقابة في هذا الخصوص أن من غير المحبَّذ أنْ يكون تواصل الضابطة العدلية مباشراً مع المحامين المناوبين منعاً لفتح الباب أمام الزبائنية وتحقيق المنفعة الخاصة من خلال هذه الخدمة العامة. كما يقترح المركز تغطية بدل النقل والنفقات للمحامين الذين يستجيبون للطلب حيث من الصعب الاتكال على تطوعهم في ظل الأزمة الاقتصادية. ويقترح المركز أن يقتصر تكليف المحامين على مواكبة المشتبه فيهم في مراكز التحقيق من دون تكليفهم بالمرافعة والمدافعة عنهم بعد انتهاء التحقيق، حيث يقوم المركز بعدها بدراسة مدى توفر شروط منح المعونة القضائية وفقاً لمعاييره المعتادة. كما يشمل الاقتراح تعاون النقابة مع منظمات من المجتمع المدني المعنية بتقديم الخدمات القانونية ونشرها التوعية في المجتمع والمدارس حول حقوق المشتبه فيهم والمحتجزين وحقهم بالاستعانة بمحامٍ من دون أجر. ومن الناحية التقنية، يعمل المركز على توسيع برنامجه الإلكتروني لأقلمته مع خصوصية قضايا المادة /47/.
أما بالنسبة للوضح الحالي، وإنْ كان المركز لا يزال غير قادر على تلبية طلبات الاستعانة بمحاميه خلال مهلة الساعتين، يبقى قادراً على تلبيتها خلال مهلة 24 ساعة. وقد وصل عدد المستفيدين من هذه الخدمة إلى 60 شخصاً منذ بداية العام 2021، معظمهم تم استدعائهم إلى التحقيق على خلفية مشاركتهم في التظاهرات. ويؤكد المركز أنه لم يرده، منذ تعديل القانون في العام 2020 ولغاية كتابة التقرير، أيّ طلبات استعانة من النيابات العامة أو الضابطة العدلية. كما لم يقم المركز بأيّ خطوة في اتجاه تفعيل هذه الآلية لدى النيابة العامة التمييزية أو الضابطة العدلية بسبب عدم جهوزيته التامة لتلبيتها.
[1] النقيب المراد سلّم رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية عريضة لمساءلة الوزراء المعنيين حول عدم تطبيق المادة 47: هدفنا الإنسان وحقوقه والمساهمة في تطبيق القانون، موقف نقابة المحامين في طرابلس، 23/02/2021؛ لور أيّوب، نقابة المحامين في طرابلس تُطلق عريضة لمساءلة الوزراء عن الأجهزة الأمنية، “المفكّرة القانونية”، 10/02/2021 (15 آذار 2022).
[2] كتاب عدد 4191/2020/م تاريخ 23/10/2020 صادر عن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة بالإنابة القاضي فادي عقيقي.
[3] يُراجَع الهامش رقم 40 أعلاه.
[4] تعميم رقم 42/ص/2021 تاريخ 11/03/2021 صادر عن النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان منيف عويدات.
[5] المادة الأولى من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي.
[6] القانون النافذ حكماً رقم 6 تاريخ 05/03/2020 قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020، نُشر في الجريدة الرسمية رقم 10 تاريخ 05/03/2020، ص 104.
[7] مذكرة الخدمة رقم 248/204 ش 4 تاريخ 04/08/2021 التي عدّلت التعليمات رقم 374 تاريخ 12/12/2001 المتعلقة بتنفيذ وظائف الضابطة العدلية في قوى الأمن الداخلي.
[8] المادة 7 من قانون الدفاع الوطني.
[9] قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020، ص 88.
[10] غيدة فرنجية، معارك المادة 47: كيف انتزعت الانتفاضة حقوق الدفاع للمحتجزين؟ 01/10/2020، نُشر في العدد رقم 66 من مجلة “المفكّرة القانونية” – لبنان (15 آذار 2022).
[11] نقابة المحامين في طرابلس :خط ساخن لمواكبة أيّ انتهاكٍ لحقوق المشاركين في الحراك (70341600)، موقع نقابة المحامين في طرابلس، 22/10/2019 (15 آذار 2022).
[12] طلب تكليف محام المادة 47، موقع نقابة المحامين في بيروت، متوفر على الرابط التالي: https://bba24.org/ (15 آذار 2022).
[13] قرار رقم ن.ق.-5/2021 تاريخ 25/10/2021 صادر عن نقيب المحامين ملحم خلف، قرار بتاريخ 21/12/2021 صادر عن نقيب المحامين ناضر كاسبار، صفحة اللجنة متوفرة على موقع نقابة المحامين في بيروت (15 آذار 2022).
[14] تعميم صادر عن أمين سر نقابة المحامين في بيروت في 3 شباط 2022، متوفر على موقع النقابة (15 آذار 2022).
[15] بعد إعداد هذه الورقة، أطلقت نقابة المحامين في طرابلس في 8 حزيران 2022 مشروع تطبيق المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية وفقاً للاقتراح الذي تم تفصليه أعلاه. للمزيد من التفاصيل، بشير مصطفى، نقابة المحامين في طرابلس تطلق مشروع تطبيق المادة 47: الدفاع حقٌ للجميع، “المفكّرة القانونية”، 13/06/2022