جلسة جديدة في قضية النزاع على ملكية المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI انعقدت بتاريخ 8 تشرين الأول 2018. يذكر أن هذه القضية بدأت فصولا حين ادعت القوات اللبنانية أنها المالكة الحقيقة للقناة المذكورة وأن تحكم الشركة المملوكة من بيار الضاهر فيها هو بمثابة استيلاء على أملاك الغير. الجلسة التي كانت مخصصة للمرافعة كان مصيرها التأجيل، وذلك بعد اعتراض وكيل LBCI المحامي نعوم فرح على قيام وكيل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع النائب جورج عدوان بتقديم مذكرة تعليق على الاستجواب الذي حصل في الجلسة السابقة بتاريخ 22 حزيران 2018.
وبعد أخذ ورد بين الأطراف المتنازعة في هذا الملف تم تأجيل الجلسة خمسة أيام، وحددت نهار الجمعة بتاريخ 12 تشرين الأول 2018. وكان لافتاً تصريح القاضية المنفردة الجزائية فاطمة الجوني رغبتها في إصدار حكمها في هذه القضية بتاريخ 28 شباط 2019.
القاضية جوني للإعلام: لا أريد مساعدة لأصدر الحكم
كان نهاراً عادياً في قصر العدل، جعجع لم يحضر الجلسة، فلا ضرورة للتعزيزات الأمنية التي شهدها القصر في جلسة الاستماع إليه السابقة. كذا، وتم عقد الجلسة في الطابق الأول على خلاف الجلسة السابقة التي اختير فيها قاعة معينة في الطابق الثاني. أمام حضور كثيف للمحامين والوافدين المهتمين في هذه القضية، كررت القاضية جوني، مرة أخرى، موقفها المعبر عن تمتعها بالاستقلالية التامة في عملها، وذلك تعليقا على انخراط عدد من وسائل الإعلام في الدفاع عن هذا الفريق أو ذاك في القضية. وإذ أكدت في بداية الجلسة بأنه “لا واسطة هنا إلا القانون” في معرض رفضها طلب إحدى الصحافيات أخذ صورة فوتوغرافية للمحكمة، عادت وأكدت في آخر الجلسة بأنها لا تتأثر بالتحليلات التي تطلقها بعض وسائل الإعلام في هذا الملف. وتوجهت جوني إلى الصحافيين والصحافيات المتواجدين في قاعة المحكمة بالقول، “أتمنى أن تتركوني أعمل وحدي على الحكم وما بدي مساعدة فيه”. وأضافت، “لدي المعرفة والمراجع القانونية الكافية، وإن احتجت لأي شيء سوف أستعين بالمكتبات وليس بالإعلام”، مؤكدة بأن كلامها ليس موجهاً لكافة الوسائل الإعلامية إنما للبعض منهم.
في هذا السياق، يذكر أن الفترة التي سبقت الجلسة شهدت تسابقاً إعلامياً بين الجهات المتنازعة. وآخر فصول هذه المواجهة الإعلامية، هو فيديوهات متجزئة نشرتها صفحة أنشئت مؤخراً على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك تحمل إسم “LBC Memories“. ويظهر أن الفيديوهات مأخوذة من فيديو مصور لاجتماع حصل بين الضاهر والعاملين في المحطة عام 1989 يبلغهم فيه باستقالته[1]. وفيما تم حذف الفيديوهات عن الصفحة، دأبت محطة الـ LBCI على نشر الفيديو الكامل من مدة ساعة و19 دقيقة دون اجتزاء[2]. وادعت LBCI في تقرير عرضته قبل يوم من الجلسة أنه تم قرصنة أرشيف المحطة وتم التلاعب بالفيديو وعرض مقاطع متجزئة بهدف تشويه الحقيقة، وكان هذا السبب الرئيسي لبثه[3]. الفيديو المذكور يتضمن تصريحات للضاهر يشير فيها إلى عزمه على الاستقالة بعدما فشلت المفاوضات بينه وبين القوات اللبنانية بشأن إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال. وفي تقرير عرضته المحطة في نشرة الأخبار قبيل الجلسة، أشارت إلى أن الفيديو يثبت حصول عدة مفاوضات ما قبل العام 1989 بشأن استمرار ال ـLBC، ومنها “الاستثمار الحر للمحطة”.
اتهامات متعاكسة بالمماطلة
الجلسة التي كانت مخصصة للمرافعة تم تأجيلها بعدما تقدم وكيل حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان بمذكرة تعليق على جلسة الاستماع السابقة. هذا الأمر أثار اعتراضا لدى وكيل الضاهر المحامي نعوم فرح، إذ لفت إلى أنه تقدم بتعليقه على الاستجواب منذ 15 يوماً، فيما تقدمت الجهة المدعية في تعليقها المؤلف من 100 صفحة خلال الجلسة. وأكد فرح بأن ذلك “يستدعي منه طلب استمهال لأجل الاطلاع على ما تتضمنه مذكرة عدوان”. بدورها، حاولت القاضية جوني إقناع فرح بأن يمضي بالمرافعة ويعيد التعليق على المذكرة لاحقاً، فرفض الأمر معتبراً أن تقديم المذكرة غير متوقع حدوثه، قائلاً: “لو أرادت الجهة المدعية المرافعة لما تقدمت بالمذكرة خلال الجلسة”. ومن جهته، رد عدوان “نحن أيضاً تبلغنا تعليق الجهة المدعى عليها اليوم ومع ذلك لا نطلب الاستمهال”. وأضاف: “في الجلسة الأخيرة، كنا واضحين بأننا سنترافع”، مشيراً إلى أنه “قانوناً لا يوجد ما يمنع أي جهة من تقديم أوراق إلى المحكمة حتى آخر يوم قبل الحكم”. من ثم لفت عدوان إلى أنه تغيب عن اجتماع اللجنة النيابية المحددة كل نهار اثنين لأجل الجلسة”. أمام هذا الجدال، أدلت القاضية جوني بأنها قررت يوم الحكم، وهو بتاريخ 28 شباط، وأضافت “إن تبين أية أمور جديدة في الملف، فمن الممكن أن أتوجه إلى فتح المحاكمة من جديد”. لذا، رد عدوان بأنه لا مانع لديه من استمهال فرح للمرافعة إن كان موعد إصدار الحكم لن يتغير، الأمر الذي أكدته القاضية جوني في ردها عليه.
على هامش الجلسة
رأى فرح في تصريح أمام الصحافيين بعد الانتهاء من الجلسة بأن “حزب القوات اللبنانية كان قد تقدم بدعاوى أمام قضاء العجلة لتعيين حارس قضائي، وهم منذ سنة لا يحضرون جلسات فيتم التأجيل، غير أننا نطلب المواجهة منذ 10 سنوات والقوات هي من ترفض”. لذا اعتبر أن “المماطلة والتأجيل هي من طرف الحزب القوات وليس من طرفهم”. وأضاف “لو حصلت المواجهة في العام 2008 (فترة بدء المحاكمة) لكانت انتهت من وقتها، ونحن اليوم نستعمل الوسائل القانونية للدفاع عن موكلينا، وذلك سعياً لكف التعقبات عن الضاهر وLBCI أي بمعنى آخر إعلان براءتهما وبراءة الشركات الأخرى المدعى عليها”.
من جهته، صرح رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال بيار الضاهر بأن “المحاكمة الفعلية بدأت هذا العام، والقاضية جوني صححت الخطأ الذي ارتكبه قاضي التحقيق فادي عنيسي سابقاً، إذ استمع لجعجع بصفته شاهداً لا مدعياً”. لذا، اعتبر الضاهر أن ما يميز فتح الملف من قبل القاضية جوني، بعد مرور 10 سنوات على بدء المحاكمة، هو أنه تمت ضمانة المواجهة بين الأفرقاء المتنازعين في جلسة الاستجواب السابقة. وأكد الضاهر تعليقاً على إفادة جعجع خلال الاستجواب “تبين أنها مليئة بالتناقضات، حيث أنني انتظرت من الدكتور جعجع أن يكون أمينا بالنسبة لتاريخه وللوقائع التي حصلت”. وشدد الضاهر على أن وكيله سيبرز في مرافعته التناقضات والمغالطات التي ظهرت في إفادة جعجع في الجلسة السابقة، ومنها الفيديو الذي نشرته الـ LBCI. وهنا لفت الضاهر إلى أنه “لم يتم نشر الفيديو حتى اليوم، بسبب أننا كنا مهما قلنا للقاضي عنيسي لم يكن يريد الاستماع”.
كما علق الضاهر على إصرار الجهة المدعية على تمسكها بملكية LBC للقوات اللبنانية بالقول، “جعجع يعلم أنه لدي وثائق بالأوراق وبالفيديو تدحض كل شيء قاله آخر عشر سنوات”. وأضاف ولو كان كلام جعجع أم كلام وكيله عدوان صحيحاً لكنا انتهينا من هذا الملف منذ 11 عاماً”.
من ناحيته، أدلى عدوان بأن “الظنين بيار الضاهر خائف من أن يُجرّم فلجأ إلى التأجيل”. ومن جهة موازية، اعتبر بأن “الـ LBC هي ملك للناس، والشهداء، والمعوّقين، وتم إنشاؤها بفضل تضحيات الشباب والعاملين فيها”. كذا وأشار إلى ما معناه أن المؤسسة هي “ملك مجتمع استخدمها لمحاربة التوطين في زمن الوصاية”، ولا يمكن أن تتخلى عنها القوات بهذه السهولة. من ثم راح عدوان يعطي أمثلة متصورة قائلاً: “تصوروا أن يأتي أحد يسأل رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد سنوات عن رخصة ملكية حركة أمل لتلفزيون الـ NBN“، أو أن يسأل أحد بعد 20 عاماً السيد حسن نصرالله عن ملكية حزب الله لتلفزيون المنار”. وفي معرض إجابته عن سبب عدم حضور جعجع الجلسة، قال “جعجع لا يحضر الجلسة فهو رئيس حزب بل يحضر وكلاؤه، فتخيلوا أن ينزل بري أو نصرالله إلى المحكمة للدفاع عن ملكية NBN أو المنار”.
وكان تصريحاً لافتاً لعدوان حول تأخر البت في هذا الملف لمدة 11 سنة، إذ قال بأن الظنين استفاد من يعض الأمور في أصول المحاكمات التي تتيح له تقديم الأوراق” أي لتأجيل البت في الملف. ومن هذا المنطلق، صرح بأنه “في لجنة الإدارة والعدل النيابية التي أرأسها يتم دراسة هذا الأمر”، محدداً أنها ليس بسبب هذه الدعوى بل لأن ذلك أمر شائع. لذا أدلى بأنه “سيتم تعديل هذه الأمور بسبب أن المدعى عليه يقوم بالمماطلة لسنوات ليظهر الحق بعد أن يكون الي ضرب ضرب والي هرب هرب”.
[1] هذا هو بيار الضاهر…. حتى لا تضيع الحقيقة في التشويه… “صار بدا”، https://goo.gl/5Chc7j.
[2] القوات تجتزئ الحقيقة وتتلاعب بها… ماذا قال بيار الضاهر عام 1989 بالحقيقة وبكل شفافية، https://goo.gl/HCCY92.
[3] حرب القراصنة بين “الشيخ” بيار و”القوات”، الأخبار في 24 آب 2018 https://goo.gl/j3KBx4.