أهم النقاشات في أول جلسة علنيّة للجنة برلمانية: “استقلالية القضاء” شأن عامّ يناقش فوق الطاولة وليس تحتها

أهم النقاشات في أول جلسة علنيّة للجنة برلمانية: “استقلالية القضاء” شأن عامّ يناقش فوق الطاولة وليس تحتها

انعقدت بتاريخ 1/11/2022 جلسة للجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل، للبحث في اقتراحيْ القانون المتعلّقيْن باستقلالية القضاء الإداري وأصول المحاكمات فيه، المقدّمين تباعا من النائب أسامة سعد والنائب جورج عدوان. الأبرز في هذه الجلسة كانت صفتها العلنية التي كسرت عقودا من اجتماعات اللجان السرية، وذلك بمبادرة من رئيس اللجنة الفرعية النائب جورج عقيص استجابة لمطلب “ائتلاف استقلال القضاء”. إذ ذاك، وبالإضافة إلى النواب عقيص وأسامة سعد وأشرف بيضون، حضر عدد من الصحافيين المتخصصين، بالإضافة إلى ممثلين عن ائتلاف استقلال القضاء ونادي قضاة لبنان ومجلس شورى الدولة ووزارة العدل. وعملا بمبدأ العلانية، ننشر هنا أهمّ النقاشات التي استمرّت داخل اللجنة طوال ساعة ونصف، والتي بقيت رغم أهميّتها عموميّة. واللافت أنّ مبدأ علانية جلسات النقاش حظي بقسط منه.   

العلانية التزاما بالديمقراطية؟  

كما بينّا أعلاه، استجاب رئيس اللجنة الفرعية النائب جورج عقيص لمطلب ائتلاف استقلال القضاء برفع السريّة عن مداولات اللجنة، عملا بالمادة 34 من النظام الداخلي التي تجيز له ذلك. وعليه، تم دعوة المرصد البرلماني للمفكرة القانونية وبعض الإعلاميين المتخصصين بالشأن القضائي وقد سمح لهم بنقل ما يجري داخلها من مداولات. وقد ذكّر عقيص بتقديمه اقتراحيْن متعلّقيْن بجعل جلسات اللجان علنية من دون أن يناقشا حتى، متعهدا أن يعمل ما بوسعه ضمن ما يتيحه النظام الداخلي الحالي لضمان القدر الأكبر من الشفافية عملا بقناعاته. 

ويلحظ أن المفكرة القانونية كانت اشترطت من أجل تلبية دعوة لجنة الإدارة والعدل لمناقشة قانون استقلالية القضاء العدلي أن تتم علانية، وقد رفض رئيس اللجنة جورج عدوان آنذاك طلبها مما أبعدها عن المناقشات التي استمرت داخلها قرابة سنتين. كما أن ائتلاف استقلال القضاء عاد وأكد في بيانه حول بدء مناقشة قانون استقلالية القضاء الإداري على أهمية أن تحصل المناقشات بصورة علنية. 

نأمل أن ينسحب ذلك على اللجان الدائمة والفرعية الأخرى في المجلس النيابي، تمهيدا لتعديل النظام الداخلي وفرض علنية الجلسات، إعلاءً لحقّ المجتمع بالاطّلاع على العمل التشريعي وإغناءً له. كما نؤكّد على الموقف الدائم للمفكرة القانونية وائتلاف استقلال القضاء بعدم حضور أي جلسة لجان نُدعهى إليها إلّا في حال كانت علنية.

المناقشات حول موضوع العلنية: 

رغم طابعها الديمقراطي، لم تمرّ مسألة علانية الجلسة من دون اعتراضات. ففي حين أعلن ممثل مجلس شورى الدولة القاضي المتقاعد سميح مدّاح أنّ من حقّ اللجنة دعوة من تشاء إلى النقاش، إلّا أنّ ذلك لا يجب أن يحرّرها من مبدأ السرية الملزم قانونا، معتبرا ضمنا أن إعلان علنية الجلسة يتعارض مع النظام الداخلي. إلّا أنّ الاطّلاع على المادة 34 من النظام الداخلي تشير بوضوح إلى أنّ “جلسات اللجان وأعمالها ومحاضرها ووقائع المناقشة والتصويت سرية ما لم تقرر اللجنة خلاف ذلك”، ما يُفيد بإمكانية جعل الجلسات علنية خلافا لما ألمح إليه القاضي مدّاح. 

تولّى إذ ذاك المحامي نزار صاغية من ائتلاف استقلال القضاء إلى قراءة المادة المذكورة والتي تُشير صراحة إلى إمكانية عقد اللجان جلسات علنية في حال قرّرت ذلك. وقد خلص للقول بأن مسألة العلانية التي نناقشها ليست مسألة قانونية طالما أن النظام الداخلي يسمح بها، إنما قبل كل شيء مسألة رؤيتنا للعمل التشريعي وشفافيته وللديمقراطية بشكل أعمّ. 

وهذا ما عاد وأكد عليه رئيس اللجنة جورج عقيص الذي صرح أن اللجنة مارست صلاحيتها بتطبيق المادة 34 من النظام الداخلي برفع السرية عن مداولاتها. وقد تابع أن ثمة ضرورة لردم الهوة بين المجتمع والمجلس النيابي وزيادة الثقة بينهما، وأنّه شخصيا منخرط في ذلك عبر جعل الجلسات علنية. كما أردف أن ما حصل في اقتراح استقلالية القضاء العدلي يزيد من إصراره على العلنية. وقد استغرب عقيص في هذا الصدد كيف تكون جلسات الهيئة العامة التي تناقش مواضيع خطيرة في بعض الأحيان علنية، بينما جلسات اللجان التي تُناقش مشاريع واقتراحات قوانين سرية.

في الاتجاه نفسه، أعلن النائب أسامة سعد دعم مبدأ علنية الجلسات، حيث اعتبر أنّ استقلالية القضاء هي موضوع رأي عام وغير محصور بأعضاء اللجان، بخاصة أنّ أحد أبرز مطالب المتظاهرين في 17 تشرين 2019 هو استقلالية القضاء، معتبرا أنّ العلنية والصراحة ووضع الأمور فوق الطاولة وليس تحتها هو ما يطمئن الناس.

كما تحدّثت الإعلامية ليال بو موسى عن أهمّية أن تكون اللجان علنية، حيث اعتبرت أنّ ذلك يُغيّر نظرتها كإعلامية للعمل التشريعي، وهي النظرة التي ستنقلها إلى الرأي العام الذي يجب أن يطّلع عليه، طالما أنّ علنية اللجان تُسهّل نقل الصورة بوضوح إلى المجتمع على عكس السرية التي تُجبر الإعلامي على استقاء أخباره من مصادر قد لا تكون دقيقة.

مشاركة ائتلاف استقلالية القضاء في المناقشات

أمر آخر تم تسجيله في بداية الجلسة وهو التزام رئيس اللجنة النائب جورج عقيص بدعوة ائتلاف استقلال القضاء كطرف أساسي في مناقشة قانون استقلالية القضاء الإداري إلى جانب نادي قضاة لبنان ومجلس شورى الدولة ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ووزارة العدل. وقد التزم ممثلو الائتلاف بالحضور طالما أن جلسات اللجنة علنية.   

تطورات قانون القضاء العدلي: وزير العدل يصادر المبادرة النيابية 

في مستهلّ النقاش، أعلم رئيس اللجنة الفرعية جورج عقيص الحاضرين بآخر تطوّرات قانون استقلالية القضاء العدلي، وتحديدا لجهة الملاحظات التي وجّهها وزير العدل في الحكومة المستقيلة هنري خوري بشأنه. وقد صرح عقيص أنه خلافا لما كان يفترض أن يحصل، لم يرسل الوزير خوري ملاحظاته إلى المجلس النيابي إنما إلى مجلس الوزراء. وعليه، لم يمكنه حتى الآن الاطلاع على مضمونها. وإذ كشف صاغية أن الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء محمود مكية أكد له أن وزير العدل أرسل مسودة مشروع قانون في هذا الخصوص، أشار عقيص أنه لم يتمكن من التحقق من هذه المسألة بعد. 

وسأل صاغية عما سيكون موقف اللجنة والنواب من تصرف الوزير خوري لجهة مصادرته المبادرة النيابية من خلال الاحتفاظ بالملف لأشهر عديدة وإخلاله بمبدأ التعاون مع المجلس النيابي، مذكرا أن الوزير كان أمهل بناء على طلبه من الهيئة العامة للمجلس شهرا واحدا لإبداء ملاحظاته منذ شباط 2022.   

إذ ذاك، أجاب النائب عقيص أنّ الموقف يجب أن يصدر بالتسلسل من المجلس النيابي عبر رئيسه ومن ثمّ هيئة مكتبه وصولا إلى اللجان النيابية، ليؤكّد أمين سرّ اللجنة (أحد موظفي مجلس النواب) أنّ المجلس النيابي قد أرسل عددا من الكتب إلى الوزير لسؤاله عن مصير الملاحظات من دون أن يتلقّى أي جواب. أمّا النائب أشرف بيضون، فأشار أنّ السؤال طرح على وزير العدل مرات عدة وكان الأخير يعزو التأخير إلى مجلس القضاء الأعلى.

بالمقابل، عزت ممثلة وزير العدل في الاجتماع، القاضية ندين رزق، تأخر الوزير إلى ظروف العدلية والوزارة تبعا للأزمة، مشيرةً إلى أنّ الوزارة تلقت ملاحظات من أمانة رئاسة مجلس الوزراء على ملاحظاتها، الأمر الذي تسبب بمزيد من التأخير. بالمقابل، لم تقدّم القاضية رزق أي معطى لتبرير إرسال الملاحظات إلى مجلس الوزراء بدل مجلس النواب.

وكان ائتلاف استقلال القضاء أصدر بيانا ندّد فيه بسلوكيات وزير العدل، وبخاصة لجهة مصادرته المبادرة النيابية.

وإلى ذلك، أفاد عقيص أنه اطّلع بصورة غير رسمية على ملاحظات مجلس القضاء الأعلى على اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي والتي أرسلها وزير العدل مرفقة بملاحظاته إلى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء. وقد أوضح أنها في مجملها إيجابية، حيث نصت على (1) وجوب الاكتفاء بقائمة الترشيحات التي يرفعها مجلس القضاء الأعلى للحكومة لملء المراكز العليا (رئيس محكمة التمييز والنائب العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش) من دون أن يكون لوزير العدل إضافة أسماء إليها، وذلك للحدّ من إمكانية التدخل السياسي في التعيينات، و(2) اعتبار التشكيلات القضائية التي يضعها مجلس القضاء الأعلى نافذة وملزمة من دون حاجة لإصدار مرسوم، وبخاصة أن المرسوم تحول أداة لتسييس مجمل المراكز القضائية، و(3) تعديل شروط انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى في اتجاه تقسيم القضاة إلى هيئات ناخبة ثلاث، كل منها تنتخب ممثليها (2 عن التمييز والاستئناف و1 عن المحاكم الابتدائية) على أن يختار المنتخبون قاضيين إضافيين. و(4) وجوب تعديل الاقتراح في اتجاه منح السلطة القضائية الاستقلالية المالية. 

وقد طلب عقيص من المحامي كريم ضاهر من ائتلاف استقلال القضاء تقديم اقتراح بشأن تعزيز الاستقلالية المالية للقضاء. وإذ أيد نادي قضاة لبنان أغلب ملاحظات مجلس القضاء الأعلى، توقّف عند مسألة تقسيم القضاة إلى فئات تنتخب كل منها ممثلا عنها أو أكثر معتبرة أنها استعادة لتجربة انتخابات ممثلي محكمة التمييز التي فشلت فشلا ذريعا. وعاد نادي قضاة لبنان إلى المطالبة بأن يكون جميع أعضاء المجلس منتخبين.

أمد مناقشة القانون موقوف على لوجستيات؟ 

خلال الجلسة، أُثار صاغية من ائتلاف استقلال القضاء مخاوف من أن يلقى اقتراح قانون استقلالية القضاء الإداري نفس مصير اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي، الذي مرّت أربع سنوات على تقديمه ولم يُنجز بعد، مطالبا بوضع خطة زمنية واقعية لإنجاز درس الاقتراح خلال مدة معقولة. فاقتراح استقلالية القضاء الإداري قُدّم في آذار 2021، ولم تبدأ لجنة الإدارة والعدل بدرسه إلّا في تموز 2022 أي بعد حوالي السنة وأربعة أشهر على تقديمه.

وقد أجاب النائب عقيص على هذه المخاوف بالتشديد على الصعوبات اللوجستية، حيث أن موظفي المجلس النيابي لا يحضرون إليه إلّا لمرّة وحيدة في الأسبوع وأن الطاقة الكهربائية غير متوفرة بعد الساعة الثانية بعد الظهر وأن القاعات المتوفرة خلال أوقات تواجد الموظفين وتوفر الكهرباء محدودة ويتعين تاليا على مجمل لجان المجلس الدائمة والفرعية تقاسمها. وعليه، وعد عقيص بوضع خطة زمنية فور إيجاد حلول للعراقيل اللوجستية.

وخلال الجلسة، أثيرت مسألة أخرى وهي مدى تأثير التأخير الحاصل في إنجاز اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي على هذا الاقتراح، يحيث يفترض أن يسير كل الاقتراحان معا ضمانا لتضمينهما المعايير نفسها وبخاصة بما يتصل بضمانات استقلالية القضاء.

وقد علق رئيس نادي القضاة فيصل مكي على هذا الأمر معتبرا أن المماطلة تشكل إحدى أهم وسائل تعطيل الإصلاحات، مطالبا بدوره بتسريع النقاشات حول قانون استقلالية القضاء الإداري من دون ربطه بمآل اقتراح القضاء العدلي.

ختاما، يجدر التذكير بأن المهلة المحددة للّجان النيابية لإنجاز دراسة الاقتراحات المحالة إليها هي شهر واحد وفق ما نصّت عليه المادة 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وهي مهلة تعمد غالبية اللجان إلى تجاوزها لأسباب كثيرة، بعضها لوجستي وفق ما أشار إليه النائب عقيص، وفق ما أثبه تقرير المرصد البرلماني عن أعمال المجلس النيابي لولاية 2018 -2022.

نقاشات عامة بشأن المعايير المعتمدة في الاقتراح

كما ذكرنا في المقدّمة، اقتصر النقاش في مضمون الاقتراحيْن على بعض المعايير العامة الواجب اتّباعها في القانون من دون الغوص في التفاصيل الإجرائية. ومن أبرز هذه النقاشات الآتية:

استقلالية القاضي التزام ذاتي أم نتاج ضمانات قانونية؟ 

أعادت مسألة انتخاب القضاة ممثلين عنهم في مجلس القضاء الإداري طرح مسألة غالبا ما تعود إلى النقاش العام في معرض التساؤل حول ضرورات الإصلاح القانوني وهي فيما إذا كانت استقلالية القضاء تنبع من ذاته ومناعته الشخصية أم أنها تتأتى عن ضمانات قانونية لها. 

ففي معرض مناقشته مسألة انتخاب أعضاء في مجلس القضاء الإداري من قبل القضاة، تساءل القاضي مدّاح عمّا إذا كانت الانتخابات تضمن استقلالية القضاء في حين أن هذه الاستقلالية ملازمة لشخصية القاضي. وهذا ما أعاد النائب بيضون طرحه معتبرا أنّ الاستقلالية تبدأ من التربية، وأنّه على الرغم من كلّ الضغوطات على القضاة، يوجد قضاة مستقلّون حاليا بينما هنالك قضاة يتلقّون التعليمات. 

ردا على ذلك، عبّر رئيس النادي فيصل مكّي عن رأي مخالف مفاده أنّه في كل مرّة تطرح فيها قوانين لضمان استقلالية القضاء، يتم الحديث عن الاستقلالية في النفوس قبل النصوص، وهو أمر يُقال دائما كحجة للتهرّب من إقرار النصوص المتعلّقة بالاستقلالية. بدوره، شدد صاغية على الضمانات القانونية للاستقلالية، فمنعة القاضي أو حصانته الذاتية على أهميتها لا تضمن له تعيينه في المراكز القضائية الهامة، والتي تبقى عموما حكرا على القضاة المقربين من القوى السياسية الحاكمة. وتابع أنه تبعا لذلك، تصبح مسألة استقلالية القضاء شرطا لتولي القضاة الجيدين والمستقلين مناصب تتناسب مع مواصفاتهم الذاتية. 

أما بخصوص مسألة الانتخابات بحدّ ذاتها، فقد أشار القاضي مدّاح أنّه كممثل لمجلس الشورى، يرى أنّ مبدأ الانتخاب الكلّي لا يؤدّي إلى الاستقلالية بل على العكس قد يُحرج استقلالية القاضي، معتبرا أنّ الاستقلالية لا تعني وجود جزرٍ مستقلّة بل أنّ السلطات يجب أن تتعاون فيما بينها. لذلك، طرح القاضي مدّاح اعتماد الطريقة المدمجة في مجلس القضاء الأعلى ما بين 1) وجود أعضاء حكميين، 2) تعيين القضاة، 3) منتخبين (وهو الأمر الذي يتطابق مع اقتراح القانون الذي قدمه النائب جورج عدوان حيث لا يتجاوز عدد المنتخبين 2 من 10). 

من جهته، تساءل النائب أشرف بيضون عن مفاعيل توسيع قاعدة الانتخاب داخل القضاء، مشددا على أن أسئلته هي مجرد تساؤلات يطرحها تفاديا للانتقال من “تحت الدلفة لتحت المزراب” ومن دون أن يحسم خياراته بشأنها. وقد بدا واضحا أن تخوفه ينبع من حصول تدخلات خارجية (أجنبية) في الانتخابات القضائية، بحيث يؤدي اللجوء إليها بحجة حصر نفوذ القوى السياسية الداخلية على القضاء (وهذه هي الدلفة) إلى تعزيز نفوذ هذه القوى السياسية الأجنبية عليه (وهذا هو المزراب). 

تعليقا على ذلك، ذكر النائب عقيص أنّ الانتخاب هو أحد أهم المعايير العالمية لاستقلالية القضاء ويجب السماح بانتخاب (الأكثرية) من قضاة المجلس الأعلى مع الإبقاء على أقلّية معيّنة، على أن يتم النقاش بعددهم وطريقة الانتخاب والتعيين. وهذا ما أثنى عليه صاغية من ائتلاف استقلال القضاء مذكرا أن انتخاب القضاة ممثلين عنهم في مجلسهم ليس المعيار الوحيد ولا الضمانة الوحيدة لاستقلال القضاء، بل إحدى الضمانات التي يقتضي إضافتها إلى عدد آخر من الضمانات التي يؤمل منها الانتقال من ثقافة التدخل بالقضاء إلى ثقافة استقلاليته. كما ذكر أن النظام الحالي الذي يقوم على تعيين أعضاء مجلس القضاء من السلطة التنفيذية والذي يحصل فعليا وفق قاعدة المحاصصة ثبتت مدى خطورته على استتباع القضاء وتسييسه، فلا ننسى عند الحديث عن انتخاب أعضاء المجلس من القضاة ومخاطره، المساوئ المتحققة من نظام تحكم السلطة التنفيذية بتعيينات أعضاء المجلس.   

من جهة أخرى، صرح ممثل نادي القضاة مكّي أن النادي قدّم اقتراحا بأن يكون جميع أعضاء مجلس القضاء الإداري منتخبين. وقد طلب عقيص من ائتلاف استقلال القضاء إبداء ملاحظاته بهذا الشأن. من جهتها، أفادت ممثلة وزارة العدل ندين رزق بأنّ الوزير الخوري موافق على مبدأ الانتخاب في حال تمّ السير به. 

الهيئة الموسعة للقضاة

تطرّق ممثل مجلس شورى الدولة القاضي مدّاح إلى اقتراح إضافة أعضاء من غير القضاة في المجلس الأعلى للقضاء الإداري بحسب اقتراح النائب أسامة سعد، وهم أستاذيْن من كلّيات الحقوق وممثليْن عن نقاتيْ المحامين في بيروت وطرابلس. وقد عبّر مدّاح عن خشيته من أن يكون هناك شريكا في الحوكمة القضائية من دون أن يكون عضوا فيها وتأثيرات ذلك، معتبرا هذا التوجه بمثابة إسقاط للقواعد العامة وهو أمر لم يحصل في أي زمان من قبل. وقد أشار ختاما إلى إمكانية وجود هؤلاء في هيئات استشارية لكنّه يرفض مطلقا مشاركتهم في اتّخاذ القرارات.

بالمقابل، وبعدما ذكّر صاغية بأن انضمام أعضاء من خارج القضاء إلى مجلس القضاء يشكل أحد معايير استقلالية القضاء وأنه يعمل به في أغلب الدول الديمقراطية، أكد بأنّ اقتراح سعد يراعي الهواجس القضائية إزاء انضمام غير قضاة إلى مجلسهم، بحيث يميّز بين الهيئة المحصورة بالقضاة والتي تتولى أخذ القرارات حول المسارات القضائية مراعاة لحساسية القضاء والهيئة الموسّعة والتي تُعنى بالمرفق القضائي الذي هو شأن عام. وإذ سجل وجوب الاستماع إلى نادي القضاة وهواجسهم بهذا الشأن، أمل أن ينتهي الاقتراح إلى فتح طاقة لتجربة التفاعل بين المهن القانونية داخل هذا المجلس. 

من جهته، وإذ وافق عقيص على ضرورة مناقشة هذه المسألة انطلاقا من مسبّباتها المحقّة، تساءل عن مفعول انضمام ممثلين عن الجامعيين والمحامين إلى المجلس، وفيما إذا كان ذلك يؤدي إلى إضعاف المجلس أم إلى تقويته من خلال تعزيز اهتمام المهن القانونية في تنظيم القضاء؟

الخدمات الاستشارية للقضاة الإداريين لدى الوزارات والإدارات العامة

ختاما، تطرّقت الصحافية ليال بو موسى إلى موضوع الخدمات الاستشارية التي يقدّمها قضاة للوزارات والإدارات العامة لقاء بدلات شهرية عالية، معتبرة أنّه يجب منع ذلك لأنه مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات، وهو الأمر الوارد بالفعل في اقتراح النائب أسامة سعد. وقد ردّ القاضي مدّاح على ذلك معتبرا أنّ ما قالته بو موسى يشكّل تعرّضا للقضاء.

يمكنكم قراءة النص باللغة الانكليزية عبر الضغط هنا

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، تشريعات وقوانين ، إقتراح قانون ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني